مستقبل السودان السياسي بعد الحرب.. هل سيعود العسكر للثكنات؟

مطار الخرطوم

حريق بمطار الخرطوم - 16 ابريل 2023 - المصدر(:فيسبوك

صحفيون وكتاب وشعراء سودانيون أبدوا قلقهم وتخوفهم من انهيار الدولة السودانية جراء الحرب الدائرة الان بين الجيش والدعم السريع. ظهر ذلك من خلال رسائل عديدة تم تبادلها في وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر مقالات نشرت على مواقع سودانية تهتم بالرأي مثل موقع سودانايل.

راديو دبنقا أجرى استبيانا مصغر وسط مجموعاته المغلقة على تطبيق الواتساب التي تضم أكثر من ألف واربعمائة عضو، وعلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالردايو. يدور الاستبيان حول توقعات المواطنين لمصير الجيش والدعم السريع بعد نهاية الحرب. هل سيتم دمجهما في جيش واحد، أم سينتصر طرف ويقصي الطرف الآخر من المشهد؟ وهل ستؤدي هذه الحرب بعد نهايتها لتنظيف الجيش السوداني من عناصر الإسلاميين المنظمين داخل الجيش ليتحول لجيش قومي بالفعل.

أظهرت توقعات المشاركين على تطبيق الواتساب أن النسبة الأكبر من المشاركين وتبلغ 44% تتوقع أن تتم عملية دمج للجيش والدعم السريع لتكوين جيش قومي موحد سيكون الضمانة للاستقرار في المستقبل.

النسبة التالية في حجم التمثيل المئوي وقدرها 28% تقول بأن كل الاحتمالات المطروحة غير واردة وهناك سيناريوهات أخرى كثيرة خارج تصورات الدمج أو انتصار أحد الطرفين واقصاء الاخر.

اما في استبيان الفيسبوك فنرى ذات التوجه تقريبا اذ تتوقع نسبة 57 بالمائة من المشاركين دمج القوتين وتكوين جيش قومي واحد.

على هذه الخلفية استضاف راديو دبنقا في برنامج “من جهة أخرى” اثنين من العسكريين، ضباط سابقين بالقوات المسلحة، وسألهما عن توقعاتهما بشأن الجيش والدعم السريع مقروءة مع مخاوف الاستقرار مستقبلا بناء على نتيجة هذه الحرب.

منير عثمان ابوبكر – ضابط بالمعاش

لغم في خاصرة الوطن

يقول الضابط السابق منير عثمان ابوبكر الذي عمل في عدة وحدات من القوات الخاصة وسلاح المظلات، أنهم في ذلك الوقت كانوا يعلمون كضباط وكعساكر أن الدعم السريع هو عبارة عن لغم في خاصرة الوطن، على حد تعبيره، ولكنهم اختلفوا في قراءة درجة خطورة هذه القوات على تهديد الأمن القومي واستقرار السودان.

ومضى للقول بأن السيناريو الجاري الآن هو أكثر السيناريوهات ظلاما والتي لم يكن يجرؤ أحد على التكهن بها من العسكريين والمدنيين على السواء، واستدرك بالقول: باستثناء قلة قليلة من كوادر النظام السابق الذي يسعون لخلط الأوراق واصفا بأن وضعية الحرب الحالية هي نتيجة انتهازية عرفت بها هذه الفئة من كوادر الإسلاميين المنظمين.

صوت منير عثمان

تشظي

وتوقع منير بانتهاء هذه الحرب ، انتصار القوات المسلحة السودانية، وانه سيحدث نوع من الاتفاق بعد نهاية الحرب مع قوات الدعم السريع. وأوضح أن هذه القوات ستتفتت وتتشظي، وأن الاتفاق الذي سيحدث سيكون مع الفصائل المعتدلة الساعية للسلام والاستقرار داخل قوات الدعم السريع. وأضاف بأنه مهما حدث فإن افراد هذه القوات هم سودانيين وليس لهم ذنب في هذه الحرب التي فرضت عليهم.

وأوضح الضابط المتقاعد منير عثمان أبوبكر لراديو دبنقا، إن التشظي الذي سيحدث لقوات الدعم السريع كنتيجة لهذه الحرب سيكون من أكبر المخاطر التي ستهدد السلام والاستقرار وزرع ما أسماه ببذرة التمرد في دارفور وتنتهج نفس نهج الحركات المسلحة في دارفور. ولكنه توقع بأنه في حالة حدوث هذا السيناريو فإن احتواء الوضع سيكون سهلا نسبيا، أو ليس بالأمر العسير كما قال.

وتمنى الضابط المتقاعد في حديثه أن ترضخ هذه القوات لصوت العقل، وأن يضعوا السلاح وينضموا للقوات المسلحة في هذه الحرب، التي وصفها بأن المنتصر فيها خسران على أية حال.

وحول استطالة أمد الحرب وعدم حسمها من قبل القوات المسلحة في وقت محدود كما وعدت، أوضح منير بأن للعسكر تقديرات أخرى غير تقديرات المدنيين وعلى رأسها تحجيم الخسائر وسط المدنيين والاضرار بالبنية التحتية، وأيضا الخسائر وسط قوات الدعم السريع.

أما عن مستقبل الديمقراطية بعد نهاية الحرب، وإن كانت القوات المسلحة ستسلم السلطة للمدنيين، يؤكد الضابط المتقاعد بأنه على قناعة بأن زملائه في القوات المسلحة منذ بداية الثورة عملوا بجدية من أجل نقل السلطة للمدنيين. وأنه بعد نهاية الحرب الحالية ستدرك قيادة القوات المسلحة بأن استمرارها في الحكم مستحيل.

وتوقع أيضا بأنه ستكون هناك فترة انتقالية من عامين سيتم بعدها اجراء انتخابات حرة نزيهة بإشراف دولي ستفضي الى قيام حكومة مدنية كاملة.. وأوضح أيضا ان عملية التسليم والتسلم ستتم باتفاق شبيه بالاتفاق الاطاري السابق وبتوفير نوع من الخروج الأمن للعسكريين وترتيب نوع من العفو عن الأخطاء التي ارتكبوها في فترة قبل بداية الحرب.

فوضى بلا نهاية

كما تحدث راديو دبنقا أيضا للرائد طيار معاش عروة حمدان زايد الذي وصف ما يجري الآن بأنه قمة الفوضى. والذي يرى من ناحية مبدئية إن الجيش والدعم السريع بشكلهما الراهن ما كان يجب أن يوجدوا على المشهد، مشيرا للخراب الذي احدثه الإسلاميون في تركيبة القوات المسلحة.

وأضاف عروة بأن الفوضى الحالية لا نهاية قريبة لها في الأفق حسب قراءته للأوضاع وما ستؤول إليه مستقبلا. وأوضح بأن الجيش المحترم يجب أن يولد من حكومة محترمة في بلد محترم. بهذا فإن سيناريو المستقبل يعتمد على إرادة المواطنين الجماعية وكيف يرون مستقبلهم ومستقبل البلد. مشيرا إلى أن الوضع الطبيعي هي أن يدعم المواطن جيشه الوطني. وعدم حدوث هذا الأمر بشكل حاسم وفاعل أدى لتأخر اعلان انتصار الجيش.

وبسؤاله عن كيفية الدعم الذي كان من المفترض أن يقدمه الشعب أجاب عروة بأن جميع الشباب الحاليين والخريجين والعاملين في مختلف المرافق في الدولة تلقوا تدريبا عسكريا في الخدمة الوطنية. ولكن يمكن تلمس وقوف الكثيرين موقف المتفرج من الحرب الجارية الآن والاصوات التي تحمل الجيش نفسه مسئولية خلق الدعم السريع والسماح له بالتمدد والتسلح.

صوت عروة حمدان – ضابط متقاعد

امكانية الحسم

ولفت النظر في حديثه لراديو دبنقا إلى أن سلاح الطيران والمدفعية بعيدة المدى وحدهما لا يستطيعان حسم المعركة لصالح القوات المسلحة.

وأبدى الرائد طيار معاش عروة حمدان حزنه وأسفه لما يحدث الآن من اقتتال في العاصمة الخرطوم، مقرا بأن مثل هذه الحرب ظلت تجري منذ وقت طويل في الجنوب وفي دارفور واقاليم كردفان والنيل الأزرق، ولكن العاصمة الخرطوم هي للجميع ويعيش فيها الجميع ويتضرر الجميع من رحى الحرب الدائرة فيها الان.

أما عن مستقبل الاستقرار في السودان بعد نهاية هذه الحرب، وإذا ما كان الجيش مستعدا لتسليم مقاليد الحكم لحكومة مدنية ويخرج من المشهد السياسي، أبدى الطيار المتقاعد ثقته ويقينه في مقدرة الشعب السوداني وارادته الجماعية. وحذر في ذات الوقت من تدخل الأحزاب السياسية في المؤسسة العسكرية مستقبلا. وأوضح في هذا المقام بأن أول ما يتعلمه الطالب الحربي في الكلية بأن يبتعد عن أي عمل أو نشاط سياسي حزبي أثناء مسيرة حياته العسكرية، ولكن الشاهد، والحديث لعروة، إن الأحزاب السياسية كلها مدت يدها باستمرار للتأثير على الطلبة الحربيين منذ بداية حياتهم المهنية، وللتأثير على المؤسسة العسكرية ككل لصالح أجندة الحزب ورغباته.

Welcome

Install
×