مستقبل الديمقراطية في السودان بعد نهاية الحرب

صورة لنازحين فارين من الحرب - الفاشر - -راديو دبنقا ـ أرشيف

أثارت التصريحات التي أدلى بها السفير الأمريكي في الخرطوم، والتي يقول فيها بأن طرفي النزاع في الحرب الحالية لا يصلحان لحكم السودان، اثارت ردود فعل متفاوتة.

الخلاصة التي توصل اليها السفير، بغض النظر عن أحقيته في اصدار مثل هذا الحكم من عدمه، تعزز المخاوف من أن انتصار الجيش أو الدعم السريع في هذه الحرب لا يبشر بعودة البلاد نحو عملية التحول الديمقراطي.

على هذه الخلفية أجرى راديو دبنقا استطلاعا عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالردايو، وأيضا وسط المشاركين في مجموعات الواتساب المغلقة الخاصة بالراديو.

يقول سؤال الاستطلاع: هل تؤيد الجيش أو الدعم السريع في هذه الحرب؟

ظهر من نتائج الاستبيان، ونشير هنا إلى أن النتائج لا تمثل آراء الشعب السوداني كافة بشكل أمين، نسبة للعدد المحدود من المشاركين في الاستبيان والذي لا يتجاوز الثلاثة الاف مشارك في أحسن الحالات.

اصطفاف خلف أحد الطرفين

ظهر من خلال النتائج على منصة تويتر ان هناك اصطفافا واضحا خلف أحد الطرفين في هذه الحرب. 47 بالمائة من المشاركين أفادوا بأنهم يدعمون أحد الطرفين. مقابل 52 بالمائة قالوا بأنهم لا يؤيدون أي من الطرفين.

تقول الفرضية التي انطلقنا منها لإجراء هذا الاستبيان إن الوقوف خلف أحد الطرفين يعني في النهاية اضعاف فرصة استعادة الديمقراطية بعد انتهاء الحرب. وذلك لأن تجارب الثلاث سنوات الماضية منذ اندلاع ثورة ديسمبر كشفت عن عمليات العرقلة الكثيرة التي نفذها الجيش والدعم السريع سويا من أجل تعطيل عملية التحول الديمقراطي وبناء المؤسسات على أساس معافى.

وكانت قمة الاتفاق فض اعتصام القيادة وازهاق أرواح المئات ان لم نقل الالاف من الشباب المسالمين، الجريمة التي لم يتم التوصل للمسئولين عنها جنائيا، والأسباب معروفة للجميع.

مرافعات ودفوعات

بالنظر للمرافعات المطروحة من أنصار الفريقين على المنابر الاليكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي يقول أنصار الجيش انهم يؤيدونه لأنه الجيش الرسمي للدولة وهو جيش منضبط يمكن تنظيفه من الإسلاميين كي يصير جيشا قوميا يمثل السيادة والإرادة الحقيقية للشعب السوداني.

فيما يقول أنصار الدعم السريع إن الدعم السريع وبحكم مشاعر العداء تجاهه وصغر حاضنته السياسية القبلية، فإنه لا يستطيع الحلم بالتحكم في الأمور بشكل كامل وحكم كافة البلاد بمفرده. لهذا تبنى مسألة استعادة الديمقراطية وانشاء دولة القانون والمؤسسات التي ينادي بها الجميع تقريبا، فيما عدا فلول النظام الذين يحلمون باستعادة دولتهم المنهارة.

إضافة للاستبيان شارك العديد من أصدقاء ومتابعي الردايو في الحلقة الخاصة بهذا الموضوع من برنامج من جهة أخرى الذي أجري الاستبيان.

الحلم بنهاية الحرب

ظهر من خلال المساهمات إن الشعب بالداخل والذين يرزحون تحت ثقل الحرب ونيرانها والذين يعانون شح الماء والدواء والغذاء، لا يسألون سؤال استعادة الديمقراطية. النجاة من نيران الحرب والعشم في نهايتها هو الهم الأكبر والشغل الشاغل للناس، بحيث يبدو سؤال الديمقراطية واستعادتها ضرب من ضروب الترف.

ظهر نوع من الانقسام أيضا وسط المشاركين في البرنامج. فريق يرى أن الدعم السريع لا يمكنه فرض الديمقراطية بفوهة البندقية وأن الامر يتم بالتراضي والحوار والاجماع الشعبي العريض بالاحتكام للديمقراطية لتداول السلطة وحل الخلافات وإدارة الصراع الحادث داخل المجتمع.

وقال البعض بأن الطرفين اجرما في حق الشعب السوداني ويجب اخضاعهم للمحاكمة بعد انتهاء الحرب.

إضافة للمؤيدين للجيش باعتبار أن الوقوف خلف الجيش مسألة بدهية بغض النظر عن اختطاف الجيش من قبل تنظيم الإسلاميين خلال سنوات الطويلة.

واستضاف برنامج من جهة أخرى أيضا الصحفي والمحلل السياسي محمد موسى حريكة للحديث حول إمكانيات التحول الديمقراطي بعد نهاية الحرب.

التاريخ يكتبه المنتصرون

ويحذر حريكة في بداية حديثه لراديو دبنقا بأن تصور الواقع السياسي والاجتماعي بعد الحرب واجاء أي تكهنات بشأن مستقبل التحول الديمقراطي أمر شائك ومعقد. وإذا كان التاريخ يكتبه المنتصرون فلنا ان نتصور حال الجيش والدعم السريع. الجيش قيادته إسلامية ونظام الإسلاميين المتخيل طبيعته استبدادية وشمولية. في حالة انتصاره سنرجع لدولة المشروع الحضاري الشرسة الخارجة من جحيم الحرب.

بالنسبة للدعم السريع، بحسب حريكة، فإنه لا يملك أي مشروع سياسي أو مانفيستو. والحوار مع حريكة جرى قبل ان يخرج الدعم السريع بتصوره المستقبلي لحل المشكل المكون من عشر نقاط.

ويشير حريكة إلى أن الحديث عن الاتفاق الاطاري كمدخل للحل يجب أن يأخذ في اعتباره بأن هذا الاتفاق مرحلي يخص الانتقال ولا يمثل تصورا سياسيا بحاله. والدعم السريع في حالة خروجه من الحرب منتصرا فلا بد له بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها، لا بد أن يبحث لنفسه عن دور، وربما يكون غاية التطلع والتفاؤل اكتفائه بهيكلة الجيش ودمج الدعم السريع في الجيش.

ولكن الخلاصة كما يوضح محمد موسى حريكة هي أن الطرفين لا يمكن أن نتوهم انهم ديمقراطيون. من جانب آخر حتى القوى المدنية المنادية بالديمقراطية هي عبارة عن كتل متناحرة فيما بينها. مشيرا إلى ضرورة حدوث تنازلات من جميع الأطراف لإقامة نظام ديمقراطي مسنود بقوى سياسية وحزبية.

انقسام الى دويلات

ويزيد الأمر سوء في هذه الحالة أن الحرب ساهمت في خلخلة البنى الاجتماعية والحزبية الهشة في أساسها. كما أن الصحفيين والكتاب والمفكرين وقادة الرأي وقع الكثر منهم في فخ الحرب وحدث نوع من التراص القبلي كبديل عن الحزب والفكرة السياسية.

في الختام يقول حريكة بأن خيط الأمل مربوط بانتهاء الحرب عاجلا. مضيفا أن هذه الحرب متحورة وتأخذ كل يوم شكلا جديدا في بدايتها كان الموضوع السعي نحو السلطة وانتهى الامر بالتمترس خلف القبيلة والحصن بالمدن.

وحذر من أن الامر يسير في وجهة حدوث نوع من القابلية لانقسام البلاد شمال وشرق في مقابل باقي الأجزاء، وإذا استمرت الحرب ربما انقسم الوطن لدويلات، وحينها يكون همنا الأكبر هو تحقيق السلام واستعادة الوحدة بشكل عاجل ويكون لحظتها قمة الفال هو البحث عن الديمقراطية.

Welcome

Install
×