مركز هولندي للمياه يحذر من المخاطر المتزايدة التي تواجهها السدود السودانية
أمستردام/الأربعاء 18 سبتمبر: راديو دبنقا
حذر باحثون في مجال التنبؤ بالفيضانات من مركز دلفت الهولندي للمياه، من المخاطر المتزايدة التي تواجهها السدود السودانية، خاصة التي تقع في مناطق سيطرة الدعم السريع، بما في ذلك خزان جبل أولياء جنوب العاصمة الخرطوم.
وفي مقالة. علمية بعنوان “السدود في خطر متزايد نتيجة لتغير المناخ والصراعات” أوضح الأستاذ المشارك في إدارة مخاطر الفيضانات بمركز دلفت، ميخا فيرنر، ووزير الري والموارد المائية السابق والأستاذ المشارك بالمركز ياسر عباس محمد، ، أن خزان جبل أولياء أصبح مهجورًا وبواباته لا تعمل بشكل فعال، و مع صعوبة تنسيق عمليات التحكم في الفيضانات بسبب نزوح الموظفين وتحديات الاتصالات.
وشددت المقالة على أن التشغيل المنسق للسدود أمر بالغ الأهمية، خاصة في ظل استمرار الرياح الموسمية التي أدت إلى انهيار سد أربعات في وقت سابق.
وأكد الباحثان أن انهيار أي سد رئيسي سيكون كارثيًا، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان. وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت هذه السدود مهددة بانهيار وشيك، إلا أن الخطر الإضافي يشكل مصدر قلق بالغ.
البيانات الهيدرولوجية والمناخية غير المحدثة
تناولت الورقة أسباب انهيار سد أربعات، وأشارت إلى أن هطول الأمطار الموسمية الغزيرة تجاوز قدرة قنوات التصريف، مما يُعد أحد الأسباب المحتملة التي أدت إلى انهياره.
كما أشارت إلى أن العاصفة “دانيال”، وهي إعصار البحر الابيض المتوسط، تسببت في انهيار السدود فوق مدينة درنة الليبية.
وذكر الباحثان انه ورغم أن السدود تُصمم لتحمل الفيضانات الشديدة، فإن هناك دائمًا احتمال لحدوث فيضانات تفوق قدرة السدود، مما يؤدي إلى انهيارها. ونبها الى أن تغير المناخ يزيد من احتمالات فشل السدود، خاصة وأن 65% من السدود المسجلة في قاعدة بيانات “GRAND” لعام 2017 يزيد عمرها عن 50 عامًا. وأغلب هذه السدود لم تُصمم بناءً على بيانات مناخية وهيدرولوجية حديثة. فمثلا على سبيل المثل، بعض المناطق في القارة الإفريقية، تعاني من نقص في البيانات الهيدرولوجية، ومع تفاقم تأثيرات تغير المناخ، تزداد الفيضانات في الشدة والتكرار. وفي كثير من الحالات، قد لا تتمكن قنوات تصريف السدود من التعامل مع هذه الزيادة، مما يزيد من احتمالات الفشل وحدوث فيضانات كارثية. وأكد الباحثان أن تكييف السدود لمواجهة هذه التحديات، من خلال تحسين قنوات التصريف أو إيقاف تشغيلها، مكلف جدًا ويستغرق وقتًا طويلًا.
الصراع وعدم الاستقرار
في سياق آخر، تطرقت الورقة إلى تأثير الصراعات على استقرار السدود. و أشارت إلى أن التهديدات التي تواجهها، لا تقتصر على المناخ فقط، بل تتفاقم في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة أو تعاني من انعدام الصيانة. على سبيل المثال، تسبب تخريب سد كاخوفكا في أوكرانيا في دمار واسع. كما توقف العمل على صيانة سد الموصل في العراق خلال سيطرة تنظيم داعش، مما أثار مخاوف من انهيار أكبر سد في البلاد.
وفي السودان، زاد الوضع تعقيدًا حيث تخلى المشغلون عن سد جبل أولياء بسبب وقوعه في منطقة تسيطر عليها قوات متمردة. هذا الوضع يزيد من احتمالية حدوث انهيارات أخرى تؤدي إلى كوارث.
تزايد الحاجة إلى الاستثمار والاهتمام بالسدود
وأكدت الورقة أن انهيار السدود يمكن أن يكون له عواقب كارثية، موضحة أن سدودًا صغيرة مثل أربعات ودرنة تسببت بالفعل في أضرار كبيرة، في حين أن 73% من سدود العالم أكبر بكثير. ومع تزايد خطر الانهيار نتيجة تغير المناخ، فإن الحاجة إلى الاستثمار والاهتمام المتزايد بصيانة السدود تصبح أكثر إلحاحًا.
ودعا فيرنر وعباس، الى بذل جهود مكثفة لتجنب الانهيارات المستقبلية والمآسي التي قد تنجم عنها، خاصة في ظل استمرار الصراعات وعدم الاستقرار في مناطق متعددة حول العالم.
بالمقابل سادت الكثير من المخاوف بعد سيطرة الدعم السريع بشأن واحتمالات أن يتسبب ذلك في حال لم يتم اتباع النهج السليم في كوارث بشرية وبيئية سواء في المناطق الواقعة شمال أو جنوب الخزان.
وكان راديو دبنقا قد سأل في وقت سابق خبير في مجال السدود، عن إدارة خزان جبل اولياء، من الناحية الفنية في ظل غياب المهندسين المتخصصين وتأثيرات ذلك على مناسيب المياه، بعد سيطرة الدعم السريع على المنطقة، فذكر أن السد تمت إدارته في الفترة من شهر نوفمبر 2023 إلى سبتمبر 2024 على نفس النسق الذي كان يدار به في السابق. حيث تم فتح البوابات في شهري مارس وأبريل لتفريغ الخزان وتخفيض مناسيب المياه، ومن ثم أعيد قفل البوابات في الأول من يوليو كالمعتاد لإعادة ملء الخزان.
وبالتالي فان التنازع لم يؤثر إلا بشكل محدود على خزان جبل أولياء سواء من ناحية البنيات الأساسية للسد وهياكله والجسر والطريق الذي يمر عبره أو من ناحية إدارته الفنية لجهة التحكم في تدفقات المياه عبره.
فريق دبنقا للتحقق راجع موقع Global Water Watch المتخصص في رصد عمل الخزانات والسدود على مستوى العالم. واتضح من المعلومات والرسومات البيانية الموجودة على الموقع أنه لم يحدث اختلاف في طرق إدارة السد وبالتالي في مناسيب المياه في بحيرة الخزان. ويمكن مراجعة ذلك على الرابط التالي: https://www.globalwaterwatch.earth/reservoir/90625