مخاوف من عودة التنظيمات الإرهابية للسودان بسبب الحرب
فيما تدخل الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وحليفتها السابقة قوات الدعم السريع شهرها الرابع تتزايد المخاوف في السودان وخارجه من ان تؤدي الفوضى التي تصاحب الحرب وانفراط الامن في اجزاء واسعة من البلاد إلى تشجيع التنظيمات الإسلامية الإرهابية المتطرفة لنقل نشاطها للسودان.
يمثل انتشار السلاح والغياب التام لأجهزة الشرطة والامن والمخابرات والشلل الذي أصابها في مناطق العمليات العسكرية وخارجها، بيئة صالحة وخصبة لنشأة ونمو التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
حدود مفتوحة وفوضى عارمة
ومما يدعو للقلق البالغ أن العديد من التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة والتنظيمات المحلية الموالية لها أو المرتبطة بها تنشط في منطقة الساحل وجنوب الصحراء الكبرى في دول مثل مالي والنيجر وجنوبي ليبيا والجزائر واضافة لجماعة بوكو حرام التي تنشط في نيجريا والنيجر وتشاد والكاميرون. ويعتبر انهيار الامن وتوسع الحرب في إقليم دارفور الكبرى فرصة لكل هذه التنظيمات لنقل نشاطها للسودان ولاستفادة من فوضى انتشار السلاح فيه.
يقول دكتور عبد الرحمن عيسى ناشط ومحلل سياسي ان السودان من أكثر الدول التي تتيح بيئة خصبة للجماعات المتطرفة وانتشارها لجهة خضوع الدولة لحكم الاسلاميون لفترة طويلة فضلا عن ان الحرب الدائرة الان والتي يتهم الاسلاميون بتأجيجها.
واشار في حديثه مع راديو وتلفزيون دبنقا إلى ان حدود السودان الواسعة غير المراقبة تشجع على دخول الجماعات المتطرفة هذا الى جانب خلايا كانت موجودة أصلا بالداخل. ويقدر عيسى ان ظهور الحركات المتطرفة امر غاية الخطورة وكارثي وهذا سبب إضافي لتكرار مناشدة طرفي الحرب للجنوح للسلم والعمل على وقف القتال بالتوصل لحل متفاوض عليه بغية اغلاق الباب امام الجماعات المتطرفة.
من جهته أكد السياسي والمحلل الاستاذ الامين الصديق الشريف الهندي ان الحرب الدائرة الان هي حرب مفروضة على السودان والمنطقة بهدف السيطرة على موارد السودان والقارة الافريقية وقال الهندي في حديثه مع راديو وتلفزيون دبنقا:
“انها حرب نفوذ اقليمي شبيه بحرب اليمن حيث يقف خلفها ذات الحلف الاقليمي الذي يمثل قوة امبريالية واستعمارية، واضاف انه لا يتوقع ظهور متطرفين بالمعنى المعروف، ورجح ان تؤدي الحرب لنشوء حركات تحررية وثورية تشبه الثورة الفيتنامية”.
ظروف ملائمة لعودة الارهاب
وفي الاثناء يرى الصحفي والاعلامي احمد جمعة ادريس شاروهان ان البيئة الان في ظل الحرب بين الجيش والدعم السريع باتت بيئة خصبة للإرهاب عبر هجرة جماعات العنف والتطرف التي تتخذ من بعض الدول الافريقية مأوى لها وأضاف في حديثه لراديو وتلفزيون دبنقا إن الظروف السياسية والامنية اصبحت الان تدفع التنظيمات المتطرفة لمعاودة نشاطها داخل السودان، لافتا إلى تقارير تشير إلى ان تيار الاخوان المسلمين أو الحركة الإسلامية بمختلف مسمياتها قد شاركت او ايدت الجيش في الحرب الدائرة، ان حالة السيولة الامنية تتيح للجماعات المتطرفة للتحشيد بالسودان. الذي كان معبرا للحركات المتطرفة والجماعات الإسلامية.
وفي المقابل قالت الناشطة سلمى شرف الدين إن مخاطر استمرار الحرب اقليميا ودوليا تطفو على السطع مع احتدام الصراع بين القوات المسلحة وميلشيا الجنجويد وتضاؤل فرص الوصول الى سلام، وأضافت ان ما يرجح ذلك اتساع حدود السودان وتعدد الدول المحادة المتأثرة بالأحداث بالبلاد.
وأشارت في حديثها مع راديو وتلفزيون دبنقا للاهتمام الدولي بالمسألة السودانية خوفا من اتساع رقعة الحرب وامكانية ظهور جماعات متطرفة في ثالت أكبر دول افريقيا. واضافت ان المركز الأوربي لدراسات مكافحة الارهاب يرى ان البيئة الآن ملائمة لعودة تنظيم القاعدة لمعاودة نشاطه واحياء خلاياه خاصة وان له جذور ونشاطات سابقة في السودان في الاعوام المنصرمة، فضلا عن المخاوف من حركة الشباب في الصومال هذا الى جانب مخاوف الانزلاق في حرب قبلية بين مكونات المجتمع السوداني.
ومما يذكر أن نظام الرئيس المعزول البشير 1989 إلى 1919 قد تعاون في عقوده الأولى مع العديد من التنظيمات الإسلامية المتطرفة مثل “الجماعة الإسلامية” وتنظيم الجهاد المصري التي تورطت في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في اديس ابابا عام 1995 واستضاف السعودي أسامة بن لادن الذي أسس تنظيم القاعدة في أفغانستان لاحقا. وعاد نظام البشير للتخلي عن التنظيمات والتضييق عليها وابعاد قادتها من السودان تحت ضغوط دولية وإقليمية هائلة.