محاولات استعادة عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي، دور مصري أم تطورات إقليمية؟
امستردام: الثلاثاء 15/ 10/2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
دعا مجلس السلم والأمن الإفريقي، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي لإعادة فتح مكتب الاتصال التابع للاتحاد في العاصمة الإدارية المؤقة بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، مقر الحكومة السودانية الحالي.
ورحب المجلس باستعداد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبدالفتاح البرهان لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.
وأكد المجلس، في بيان في التاسع من اكتوبر الحالي، بشأن النظر في تقرير البعثة الميدانية إلى مصر وبورتسودان في بداية أكتوبر الجاري، الحاجة إلى المزيد من التواصل بين الاتحاد الأفريقي والسلطات السودانية وأصحاب المصلحة؛ بشأن تعليق أنشطة السودان في الاتحاد الافريقي وأعرب عن تطلعه إلى إجراء مناقشات غير رسمية بين المجلس وممثلي حكومة جمهورية السودان.
وحث البيان الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاقيات التي توصل لها طرفا الحرب في إعلان جدة فيما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والانسحاب من المنازل والمباني المدنية.
وشهدت بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة، خلال الأيام القليلة الماضية تحركات دبلوماسية واسعة، حيث زارها وفد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي في الثالث من اكتوبر الحالي.
وعقب ذلك زيارة وزير الخارجية الجيبوتي مبعوثاً من رئيس بلاده رئيس الدورة الحالية للإيقاد، يوم الاثنين الماضي.
وبحثت الزيارتان استعادة السودان لعضويته في المنظمتين الإفريقيتين، مما يشير إلى حدوث تطورات وتغيير في المواقف من قبل المنظمتين قابلها تجاوب من طرف الحكومة السودانية.
وعلى الفور سارعت وزارة الخارجية السودانية لإصدار بيان، ترحيبًا ببيان مجلس السلم والأمن الأفريقي الصادر بتاريخ 9 أكتوبر 2024 وما تضمنه من توجهات وصفتها بالإيجابية والمقترحات البناءة.
وعبرت الحكومة في بيانها، الذي تحصل عليه راديو دبنقا، عن اتفاقها مع الأولويات التي حددها بيان مجلس السلم والأمن، خاصة التنفيذ الكامل لإعلان جدة، وإخلاء منازل المواطنين، وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية، ومطالبته لقوات الدعم السريع بالرفع الفوري للحصار عن الفاشر وإدانته للفظائع التي ترتكبها ضد المدنيين.
جاء ذلك بعد إسبوع من تولي جمهورية مصر العربية لرئاسة مجلس السلم والأمن الإفريقي وإجراء اتصالات مع الحكومة السودانية.
ووفقا لبعض المراقبين، فقد برز خلال هذه التحركات تأثير الموقف المصري الرسمي الداعم للحكومة السودانية، وذلك عبر رئاستها للدورة الحالية لمجلس السلم والأمن التي ستنتهي بعد أقل من إسبوعين.
ويرى استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، بروفسير حسن حاج علي، أن الدور المصري مهم في التحول الذي طرأ في مواقف الاتحاد الإفريقي، لكنه اعتبره غير كاف لوحده.
وقال حاج علي لراديو دبنقا إنه “لابد أن نقرأ التحول المصري مقروناً بالتحولات التي طرأت في الإقليم بصورة عامة، خاصة التحالف الثلاثي الجديد الذي نشأ في أسمرا، خلال القمة الأخيرة بين رؤساء إريتريا ومصر والصومال، وأيضًا التحولات التي طرأت داخلياً في السودان والتي عززت الدور المصري الذي كان دون شك مهما، لكن لم يكن كافيًا للتحول الذي طرأ فيه موقف الاتحاد الإفريقي من السودان”.
واعتبر حاج علي أن القمة الثلاثية التي عقدت في أسمرا مؤخرًا، وضمت رؤساء مصر والصومال واريتريا، كانت تسهدف عزل إثيوبيا كما هو واضح من مخرجاتها.
وأشار إلى أن هذه الدول لديها خلافات مع اثيوبيا أدت إلى توتر العلاقات معها.
واعرب عن اعتقاده بأن التطورات في المنطقة دفعت إثيوبيا، في وقت سابق، إلى تحسين علاقاتها مع السودان وكينيا.
وتابع قائلًا “هنالك كثير من البيانات التي رحبت باللاجئين السودانيين في إثيوبيا، والزيارة التي قام بها الرئيس الإثيوبي أبي أحمد إلى السودان”.
وأكد أن هذه مؤشرات على تحول إثيوبي إيجابي مع الحكومة السودانية واعتبر أنها مهدت الطريق أمام تحركات مجلس السلم والأمن الإفريقي ومنظمة الإيقاد.
ولم يستبعد أن تضفي هذه التطورات المزيد من الشرعية للحكومة السودانية بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وأرجع حاج علي التغيرات في المواقف الإقليمية للمنظمتين الإفريقيتين، الاتحاد الإفريقي و والمنظمة الإفريقية للتنمية “إيغاد”، إلى تغييرات طرأت على مستويين، داخلي وخارجي، حسب وصفه.
ورأى أن التغيرات الداخلية تمثلت في التقدم العسكري الذي حققه الجيش السوداني مؤخرًا، وتحرك القوات المشتركة الموالية للجيش واستلامها لعدد من المواقع في دارفور.
وقال إنَّ ذلك يشير إلى أن الدعم السريع يعيش انتكاسات كبيرة، حسب وصفه، مما ساعد على أن يعيد عدد من الدول نظرته للتعامل مع الأوضاع في السودان.
واعتبر حاج علي أن هذه التطورات هي التي مهدت لزيارة وفد مجلس الأمن والسلم الإفريقي وللنظر في إعادة عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي.
وتابع قائلا إن الأمر لا يقف عند الاتحاد الإفريقي فقط بل يشمل منظمة الإيغاد أيضا، معتبراً أن ديناميكيات المنظمتين واحدة والأطراف الفاعلة فيهما واحدة كذلك.
وأشار حاج علي إلى أن التطورات التي طرأت داخليًا وخارجيًا مهدت لعودة السودان قريباً للاتحاد الإفريقي.
واعرب عن اعتقاده بأن هناك أطرافا كانت متمنعة ولاتريد أن تستمع لصوت الحكومة السودانية.
وقال إنَّ زيارات وفد مجلس السلم والأمن والإفريقي الأخيرة وزيارة وزير الخارجية الجيوبتي إلى السودان مبعوثًا من الرئيس الجيبوتي، الرئيس الحالي لمنظمة الإيقاد، يعكس التطور الذي طرأ على موقف المنظمتين فيما يلي عضوية السودان في المنظمتين ودور السودان المرتقب.