محادثات جنيف بين اختبار المبعوثين واستجابة المتحاربين.. المجاعة تلوح في الأفق
السبت ١٣/ يوليو/2024م: راديو دبنقا
بدأت الأطراف الدولية في التحرك العاجل نحو انقاذ الكارثة الإنسانية في السودان بعد تصنيف الوضع الإنساني بأنه الأسواء في العالم، مع صعوبة وصول الإغاثة للمتضررين وتوسع دائرة الحرب لتشمل مناطق كانت آمن وتشكل ملاذًا للفارين من الحرب، ماينذر بأن المجاعة تلوح في الأفق في كل ولايات السودان.
وفي أول سانحة واختبار حقيقي للمبعوثيين الدوليين رمضان العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسلام في السودان، وتوم بريللو المبعوث الأمركي للسودان، تجرى محادثات غير مباشرة بين طرفي الحرب، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لفتح مسارات الإغاثة
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في تصريحات سابقة على منصة الأمم المتحدة، إنه تمت دعوة الوفدين لبدء مناقشات مع المبعوث الشخصي اليوم. وحث المتحدث، في مؤتمره الصحفي اليومي، الوفدين السودانيين على الارتقاء إلى مستوى التحدي والانخراط في مناقشات بناءة مع المبعوث الشخصي من أجل مصلحة الشعب السوداني.
تجريف الطرق:
اعتبر الصحفي والمحلل السياسي الفاتح وديدي أن محادثات جنيف بين طرفي الحرب، حول القضايا الإنسانية، بمثابة تجريف للطريق وعملية بناء ثقة بالكامل وقال إنها تعبيد للدروب ويمكن تسيمتها بعملية تزييت للمفاصل المتيبسة.
واضعًا في الاعتبار، في حديثه لـ”راديو دبنقا” جهود الميسرين خلال المحادثات منصبة حولها بقيادة رمطان العمامرة، المبعوث الخاص الأمين العام للأمم المتحدة وتوم بريللو، المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، وأن المحادثات تعمل على الجانب الإنساني بصورة أكبر ومأمول إنها أقرب لوصفها حجر في بركة ساكنة.
هذه المباحثات أعلنت عنها ثلاث جهات: سفيرة أمريكا في الامم المتحدة ليندا غرينفيلد والمتحدث باسم الأمين العام الأمم المتحدة، استيفن دوجاريك ، كما تحدثت عنها المتحدثة بإسم الأمم المتحدة في جنيف الخميس.
ومن المهم التذكير بالحديث الذي أدلى به دوجاريك الخميس، حول بعض دواعي السرية المفروضة وحديثه عن التوقعات وحينما سئل عن المفاوضات رد بأنهم يحاولون توفير ما يشبه غرفة أكسجين أي غرفة عناية مخصصة بعيدًا عن أي مؤثرات خارجية.
أول سانحة:
وقال الكاتب الصحفي الفاتح وديدي إنَّ الغرض من ذلك وضع جدار من السرية لكي لايتسور الناس حائط التوقعات ويذهبون خلفه، واعتبر أن المفاوضات مساحة لإذابة الجليد وكسر الحواجز مشيرًا إلى إنها أول سانحة لترجمة ما وصفه بالزخم الدولي بعد فشل دعوات متلاحقة وعديدة في فترات سابقة ومناشدات إقليمية كثيرة، ممثلة في الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيقاد” وزيارات مبعوثين لحث الأطراف المتقاتلة للذهاب إلى منبر جدة السعودية أو العاصمة البحرينية المنامة للدخول في مفاوضات تنهي الحرب وتوقف المآساة الإنسانية في البلاد.
وأوضح وديدي أن المقصود بتلك المناشدات الإقليمية والدولية، الجمع بين الاطراف المتحاربة، مشيرًا إلى أن جنيف بمثابة فرصة أولية، وقال دائماً نفس المقاربة التي يتعامل بها المجتمع الدولي في التركيزعلى الجانب الإنساني أولاً، باعتبار أنه المآساة أو الكارثة الناجمة عن الحرب وهي الهم الأول والكبير للمجتمع الإنساني والدولي.
ونوه بأن الكارثة نجم عنها مايربو عن عشرة ملايين نازح ولاجئي خارج السودان وعشرات الآلف من القتلى والمفقودين، ومجاعة تلوح في الأفق، وقال أيضًا إنَّ الحرب خلفت الكوارث التي لايمكن تعدادها واعتبر أن الحرب خلفت مآساة غير أن المآساة الأكبر التي ستترأى بعد نهاية الحرب.
وقال: “أيضًا ستتكشف بعد الحرب حجم الخسائر والأضرار وأعداد الضحايا سيتم تجميعها بشكل أكبر وستترأى بصورة أوضح بخلاف البنية التحتية المدمرة، وغيرها من المآساة التي خلفتها وستخلفها الحرب”، وتابع قائلاً: “هي الهم الأكبر في الوقت الحالي ولذلك المفاوضات تبدأ بالجانب الإنساني”.
تصريحات البرهان:
وحول مدى تأثير تصريحات رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان عن رفضه التفاوض مع قوات الدعم السريع، على المحادثات الجارية في جنيف، أرجع الكاتب الصحفي الفاتح وديدي، تصريحات البرهان إلى أنها تأتي بتأثير وبمضاغطات الداخل.
وقال: أنه أعلن عن موقفه وهو يقع تحت تأثير كتلة كبيرة، مقاربتها الأولى والأخيرة الذهاب بالحرب إلى مداها الأقصى، حتى لو نجم عنها خسائر مثل التي حدثت الآن وحتى لو تضاعفت لاتشكل فرقًا بالنسبة لهم حتى ذهاب آخر جندي.
وقال وديدي لـ”راديو دبنقا”: الوضع لتلك الكتلة ترجمة الحرب بالنسبة لها إلى انتصار نهائي لكنه لايلوح في الأفق والاوضاع على الأرض، تحكي عن انسحابات متوالية وخسران للأرض لكن في ذات الوقت الخطاب الساري في الأعلام هي عبارة عن انتصارات. ورأى أن المسألة برمتها لاتمضي كما يشتهي أنصار وداعمي فرضية موالاة الحرب.
واعتبر الكاتب الصحفي أن البرهان يقع تحت ضغط الداخل بالاستمرار في الحرب، أما ضغط الخارج يطالبه بالذهاب بالسلمية لأبعد مدى، وقال: إنَّ المطلوب، خطاب موجه للداخل وهو ما يقوم به في عطبرة والحاميات التي يزورها بالمضي قدمًا في الحرب.
واضاف وديدي أنه ليس هنالك خيار سوى الرضوخ للعملية السلمية. وتابع قائلاً” حتى لو بتفاصيلها الأولية ولاحقا يبرر لها بأي خطاب بالنسبة لأنصاره”، وأردف: “إنَّه فعليا ابتدر حملات إعلامية بهدف تليين موقف مناصريه الذين يحثوه الذهاب بالحرب لآخر الأشواط”.