مبعوث أمريكي “جديد” للبحث عن خارطة طريق للنزاع في السودان..!!
أمستردام: الأربعاء 28 فبراير 2024 : راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
قبل أن تكمل الحرب في السودان عامها الأول، سارعت الإدارة الأمريكية بالتدخل بكل ثقلها وذلك بالدفع بمبعوث جديد مهامه بالطبع معلومة، بداية من وقف العدائيات بصورة عاجلة ووقف شامل لإطلاق النار لمنع وقوع كارثة إنسانية، السماح لدخول الإغاثة عبر إحياء منبر جدة بالمملكة العربية السعودية، ثم الدخول في مفاوضات تجمع كل القوى السياسية وأطراف القتال للوصول لحل شامل وسلام دائم.
درجة عالية من التفاؤل على بعض منصات التواصل الاجتماعي بنجاح مهمة المبعوث الأمريكي، وسط ترحيب حكومي، ورؤية بعض المحللين باحتمال حدوث تغيير على الأرض، باعتبار أن المبعوث الأمريكي الجديد جاء في اللحظة الحاسمة بعد أن توسعت الحرب في عدد من الولايات الآمنة والمخاوف من أن تتحول لحرب أهلية شاملة، مع دعوات الاستنفار والتسليح الشعبي على أساس جهوي وديني، ثم تهديد الأمن والسلم الدوليين بتمدد الصرع لدول الجوار.
انتقادات لعدم تعيين مبعوث رئاسي
المبعوث الأمريكي الجديد توم بريلو تنتظره مهمة صعبة للغاية خاصة في أعقاب فشل بلاده كوسيط مباشر بين طرفي القتال عبر منبر جدة، ولم تنجح حتى في إلزام طرفي الصراع بما وقعاه من اتفاق وقف لإطلاق نار ولو لليلة احدة، مع عدم فاعلية العقوبات كخطوة نحو تجفيف منابع التمويل ولمزيد من الضغط على الطرفين ، وسط تعنت طرفي الصراع الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو وإصرار كل طرف على إنهاء وجود الآخر.
في غضون ذلك قلل أعضاء في الكونغرس من أهمية تعيين إدارة بايدن عضو الكونغرس السابق توم بيريلو مبعوثا خاصا للسودان. ووجهوا انتقادات لإدارة بايدن لعدم الاهتمام بالملف وعدم تعيين مبعوث رئاسي دائم.
أما الأوضاع على الأرض فتزداد سوءً على كل رأس ساعة مع ارتفاع أعداد الضحايا وسقوط عشرات الآلف وملايين المشردين ما بين لاجئين لدول الجوار ونازحين في الولايات، وما لا يقل عن 25 مليون مواطن مهددين بمجاعة وشيكة فضلًا عن ارتفاع الوفيات وسط الأطفال حسب تقديرات منظمات دولية.
ترحيب حكومي
وفي أول رد فعل رسمي على قرار تعيين مبعوث أمريكي بادرت الحكومة السودانية بالترحيب بالمبعوث الأمريكي الجديد على لسان نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار عبر تغريدة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي “X” يسعدني تعيين السيد توم بيرييلو مبعوثا خاصاً للولايات المتحدة إلى السودان، كجزء من مساعي الولايات المتحدة للمساهمة في صنع السلام في السودان والتوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية يؤدي إلى إنهاء الحرب في السودان وتحقيق تسوية شاملة”.
وقال عقار نحن في حكومة السودان سنكون على استعداد للمشاركة بشكل إيجابي مع المبعوث الخاص، على أمل أن يكون المبعوث الخاص حساساً ومراعياً للمساعي السابقة التي فشلت وكانت بعيدة عن تحقيق النتائج وأدت إلى تفاقم الوضع.
وأكد عقار على أن السودان يستحق السلام الذي يلبي تطلعات الشعب السوداني، ويجب أن يكون السلام شاملاً بحق ولا يستبعد أياً من المكونات السودانية، ويجب أن تكون أي تسوية سياسية شاملة وتحافظ على الوحدة الوطنية للبلاد.
تغييرات على الأرض تسبق مقدم المبعوث
برأي الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد عبد السيد أن هذا المبعوث الذي استجابت الإدارة الأمريكية لغالب شروطه ومن بينها رفع تقاريره لوزير الخارجية مباشرة يعني أنه على إطلاع كافٍ بملف الازمة، ويقول عبدالسيد لـ”راديو دبنقا” إن هذا المبعوث لو لم يكن واثقًا من الوصول إلى نتائج إيجابية لما كلف الخزينة أموالًا طائلة ويرى أن أمثال هذا المبعوث لديهم خيارات، وعلي علاقات بقادة حاليًا في أفريقيا وقطع، عبدالسيد، بالقول” ستلاحظ ان تغييرات الأوضاع علي الأرض سارت بوتيرة متسارعة وعنيفة استباقًا لمقدمه”.
وفي رده على أسباب فشل الإدارة الأمريكية كوسيط في منبر جدة ومن ثم اتخاذ قرار بإرسال مبعوث خاص، عزا عبدالسيد الفشل إلى ما سماه بالعامل الثالث، وتابع كانت مواقف شمس الدين الكباشي تنبئ بأنه يمثل الضباط المعارضين للحرب، ولكن واضح أن أوراق الضغط بيد المؤتمر الوطني كانت أقوى. وتفاديًا لذلك فهو يرى أن المبعوث الجديد بني خبراته على مشكلات شبيهة ولن يسمح بانهيارها أو بالفشل، وتابع: فقد كانت من شروطه حرية اختيار مساعديه.
ويشير إلى أن الأموال التي انفقتها الولايات المتحدة الأمريكية لإحداث تغيير جوهري في السودان كانت ضخمة من بينها مفاوضات “نيفاشا” التي جرت بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان.
ويقول الكاتب الصحفي محمد عبد السيد أن الغربيين لا يبخسون زملاؤهم، لذا سيبدأ من حيث انتهت الوساطة، ويعتقد أن الوقت ضيق وأمريكا كلها ستكون مشغولة بانتخابات التجديد النصفي للنواب والشيوخ والرئاسة. ويرى بشيء من الحذر أن القادم مجهول في كل المستويات. ويقول لذا لابد أن يصل لنتيجة ليس من أدواتها التدخل العسكري. ولكن إذا انزلق السودان نحو احتضان إرهابيين فعندها سيكون التدخل الإقليمي حاضرًا.
السودان ليس ضمن الأولويات الامريكية
أما الصحفي والمحلل السياسي ناصف صلاح الدين فيقول إنَّ الحقيقة التي يجب أن ندركها، هي أن السودان ليس لديه أي أولوية في السياسة الأمريكية، خاصة في عهد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، ويقول في حديثه لـ”راديو دبنقا” إنَّ كثير من المراقبين الأمريكيين يوجهون انتقادات للسياسة الأمريكية تجاه السودان لاتسامها بالفوضى والعشوائية وغياب المنهجية الثابتة، على عكس ما كان يحدث في عهد الرئيسان الأمريكيان السابقان جورج بوش الابن وباراك أوباما، كان لديهما مبعوثين شخصيين في السودان، ما يعكس أنه في ذلك الوقت كان هنالك أولوية قصوى ممنوحة للاستجابة للأزمات في السودان.
وقلل أعضاء في الكونغرس، الأربعاء، في بيان مشترك من أهمية تعيين إدارة بايدن بشكل مؤقت عضو الكونغرس السابق توم بيريلو مبعوثا خاصا للسودان.
ويشير ناصف إلى أن تعيين المبعوث الأمريكي الشخصي الحالي، توم بريلو، ما كان له أن يتم لولا ضغط من الكونغرس الأمريكي بمعاونة من جماعات اللوبي من تحالف انقاذ دارفور، ويعزي ذلك إلى إنَّه لولا المذابح التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مدينة الجنينة وأردمتا بولاية غرب دارفور، بحق إثنية المساليت في يونيو من العام الماضي، ويؤكد بأنه ما كان سيكون هنالك أي شكل من أشكال الضغوط على الإدارة الأمريكية لتعيين مبعوث.
ويؤكد على أن مسألة تعيين مبعوث كثرة المناقشات حولها ووقع الاختيار على توم بيرلو منذ أواخر ديسمبر من العام الماضي. لكن كان هنالك انقسام في الإدارة الأمريكية حول وتعيين مبعوث ويشير إلى أن نائبة وزير الخارجية الأمريكية فكتوريا نولاند كانت ترى أنه لا يوجد داعٍ لتعيين مبعوث طالما أن السفير الأمريكي جون غودفري يلعب دور فعال ويقوم بدور المبعوث وخاصة أن المبعوث الأمريكي في القرن الإفريقي مايك همر يقوم بمساعدته.
وقال أعضاء الكونغرس في البيان: “يجب ألا يُنظر إلى التعيين المؤقت لمبعوث خاص إلى السودان، بعد 10 أشهر من الحرب، على أنه اعتراف من إدارة بايدن بأهمية هذه الأزمة. بل يظهر فشلًا آخر في تعاملها مع الأزمة.”
شروط المبعوث الجديد
ويشير الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إلى أن هنالك سبب آخر أعاق تأخير تعيين بريلو على الرغم من اختياره تم قبل شهرين، يتعلق بأنه كان قد قدم عددًا من المطالب واشترط أنه لكي يقبل بهذا المنصب، أن يمنحوه صلاحية تعيين الموظفين واحتياجات السفر الخاصة به، وأن يكون لديه خط مباشر مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لكن مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية مولي في، عارضت هذه المطالب، لكن تم توافق على أن المبعوث الأمريكي يقدم تقاريره الأولية لمولي في، وأن يكون لديه خط مباشر كما طلب مع وزير الخارجية انتوني بلينكن لكن في الحالات الخاصة فقط.
على الرغم من كل هذا الجدل، يعتقد ناصف في حديثه لـ”راديو دبنقا” أن القضية ليست في تعيين مبعوث من عدمه، بقدر ما تتعلق بالسياسة التي سيتبعها المبعوث الأمريكي الجديد توم بريلو، ويفسر حديثه في هذا السياق بأن المشرعين الأمريكيين في الكونغرس يعتقدون أن الإدارة الأمريكية لا تنحصر مهامها فقط في أن تختار وتعين مبعوثًا أمريكيًا، إنما السياسات المتبعة وهندسة العلاقة مع السودان وحل الأزمات الموجودة.
عدم فاعلية العقوبات
ويؤكد ناصف بأن هذا الانقسام أيضًا موجود داخل الإدارة الأمريكية لأن كثير من الأمريكان يعتقدون أن الطريقة التي تتبعها الإدارة الأمريكية، بالتعامل بنهج العقوبات لا تؤدي إلى نتائج فعالة مثل ما كان في الماضي، والتحايل على العقوبات صارت سمة متبعة ومجربة مثل حالة إيران وروسيا، ما عادت العقوبات لها أي فعالية، ومن رأس المعترضين على هذه الطريقة هي مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية.
أعضاء الكونغرس الذين وجهوا انتقادات لإدارة بايدن، شددوا على أن لهذه الحرب عواقب كبيرة على السودانيين الأبرياء وعلى المنطقة بأسرها. وأشاروا إلى أن الكونغرس دعا إلى تعيين مبعوث خاص يتبع إلى الرئيس مباشرة فور بدء الحرب، بحسب البيان.
وأمام كل تلك الحيثيات، يطرح الصحفي والمحلل السياسي ناصف صلاح الدين في حديثه لـ”راديو دبنقا” مجموعة تساؤلات، بقوله: هل يستطيع توم بريلو أن يقدم رؤية مختلفة، وهل هنالك أي وسائل أخرى يعتقد أنه يمكن أن يقدمها للدفع لإنهاء هذا الصراع الذي حصد عشرات الآلف من السودانيين، ويضيف: هل هو قادر على تقديم منهج ورؤية مغايرة..؟
يعتقد أن هذا هو التحدي الذي سيواجهه بريلو ويقول هل سيتمكن من الضغط على حلفاء السودان الذين يقدمون الدعم بالسلاح للطرفين المتحاربين، أم أن الإدارة الأمريكية ستنتظر الطرفين حتى ينهكا من القتال مثل ما حدث في الحرب في جنوب السودان، وكل طرف يعتقد أنه لن يحقق انتصارًا عندما يجهد الطرفان سيدفع بريلو، بورقة التفاوض التي سيقبلها الاثنان هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.
مبعوث أشبه بالناصح:
أما الكاتب الصحفي محمد القاضي إبراهيم وفي رده على سؤال عدم الاهتمام الأمريكي بالملف السوداني ففي الحالات العادية كانت لديها مبعوثين فلماذا دفعت بهذا المبعوث في هذا التوقيت، قال القاضي في حديثه لـ”راديو دبنقا” إنّ أمر تعيين المبعوثين الخاصين لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية هو أمر راسخ وراتب في السياسة الخارجية الأمريكية ويمكن القول أن مهام هؤلاء المبعوثين مزدوجة فهو من جهة أشبه بالناصح الذي ينصح الرئيس لاتخاذ القرار المناسب في الشأن المختص والذي تم تعيين المبعوث بشأنه.
ويرى أنه من جهة أخرى يمكن أن يكون وسيط بين أطراف القضية موضع الاهتمام الأمريكي وقد يتفاوت مدى الاهتمام الأمريكي، القضية التي استدعت تعيين مبعوثين خاصين والشأن السوداني من الشؤون الراتبة والأساسية لدى الإدارة الأمريكية التي تطلبت تعيين مبعوثين خاصين على مدى سنوات طويلة، خاصة في الآونة الأخيرة، ما بعد قيام الثورة وأحد هؤلاء المبعوثين يكون قد فشل في منع وقوع انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، الذي كان يعقد اجتماعًا مع رئيس مجلس السيادة حتى وقت متأخر من الليل وبمجرد مغادرته وقع الانقلاب.
المبعوث وانقلاب البرهان
ويرى محمد القاضي أنه يمكن القول بأن هنالك ضعف أو تراجع في النفوذ الأمريكي الدبلوماسي تحديدًا في انفاذ سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وأنها كانت داعمة وبقوة لما بعد الثورة وعمليات التحول الديمقراطي ويدلل على حديثه بأنها قامت برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأعادت السودان إلى مفتاح التبادل المصرفي وغيرها من المشاريع الداعمة للسياسة السودانية ولأوضاع التحول الديمقراطي في السودان والخروج من الحقبة الإنقاذية التي قيدت السودان وجعلته في عزلة دولية.
ويعتقد القاضي أن الولايات المتحدة الآن أثناء الحرب لم تتوقف عن الانخراط في الشأن السوداني عبر منبر جدة أو حتى اتضح لاحقاً عبر منبر المنامة بالمشاركة عبر وسائل أخرى، منها المخابرات الأمريكية كانت جزء من هذا اللقاء، الذي انعقد بين نائب عضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين الكباشي ونائب قائد قوات الدعم السريع، الفريق عبدالرحيم دقلو.
العامل الداخلي هو الأهم
ويمضي الكاتب الصحفي محمد القاضي للقول بأنه واضح ما رشح من أن منبر جدة سيعاود الانعقاد في أول مارس مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لم تكن بعيدة وهي راعي أساسي لهذا الملف ويرى أن تعيين مبعوث أمر يدخل في هذه السياسة الداعمة وهي قائمة على الدبلوماسية والتفاوض، ليست سياسة قائمة على التدخل المباشر كما عهدنا الولايات المتحدة بالتدخل المباشر العسكري أو عبر المخابرات CIA في تغيير الأنظمة. ويقول إنَّ هذا الأمر عائد للتحولات في النظام الدولي الجديد. ويضيف بقوله: لذلك يظل دور الولايات المتحدة القائم على تقديم الحوافز وربما الضغوطات أو ما يسمى بسياسة العصا وهي القائمة على الحصار بفرض عزلة دولية على الدولة، هذا أقصى ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة وليس التدخل المباشر لكن يعتقد أن سياسة الولايات المتحدة في الوقت الحالي تسهل بين الأطراف للوصول لسلام.
غير أن الكاتب الصحفي محمد القاضي إبراهيم يعول على العامل الداخلي في تحقيق السلام أكثر من التعويل على المجتمع الدولي، ويقول في هذا السياق: يظل العامل الداخلي هو العامل الأهم في مسألة التوصل لسلام ما بين الأطراف المتصارعة خاصة لدى جانب الدعم السريع منفتح على العالم الخارجي في التوصل لاتفاق سلام، بينما يرى أن جانب الجيش واضح أن هنالك ارتباك في مسألة السياسة الخارجية والانفتاح على الوسطاء وذلك بالانتقال من منبر جدة، إلى منبر المنامة، إلى منبر الإيقاد ثم رفض الإيقاد فرفض التدخلات الإفريقية واضح من ذلك الاضطراب ربما لتعدد مراكز اتخاذ القرار لدى الجيش.
مقاربة جديدة مع أزمة قديمة
وعلى ذات السياق أعتبر الصحفي الفاتح وديدي تعيين الدبلوماسي الأمريكي هو ابتدار لمقاربة أمريكية جديدة للتعاطي مع الملف السوداني بعد فشل ذريع منيت به هذه السياسات ، منذ العام 2019 وما قبله.
ويقول وديدي لـ”راديو دبنقا” واضح أنه كانت هنالك تصورات لإدارة الأزمة ولم تحقق غاياتها خصوصا أنه الملف السوداني كان يدار من على البعد داخل إدارة تتبع للخارجية الأمريكية، وكان في نزاع واستقطاب داخل الادارات الأمريكية ويرى أنه مؤخرا توصلوا إلى قرار بأن يدار عبر البيت الأبيض ويكون في نفاذ ووصول مباشر للرئيس والإدارة الأمريكية عبر مبعوث مباشر، دون الاشكالات البيروقراطية المعتادة، والتي بسببها مني الملف بإخفاقات كبيرة.
ويرى أن الولايات المتحدة كان قد شابها اضطرابات كبيرة في تعاملها مع الملف السوداني، ويقول إن الأصابع تشير إلى أن كل هذا الخذلان كان سببه عدم وضوح الرؤية، خصوصاً أن السودان في وقت الانتقال كان يحتاج لعمليات إسناد حقيقية تتمثل في إزالة رهق الديون و تقديم دعم حقيقي لكن الولايات المتحدة كانت بعيدة ومشغولة بملفات أخرى.
سباق عالمي
ومن زاوية أخرى يعتقد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الفاتح وديدي في حديثه لـ”راديو دبنقا” أن السباق العالمي والإقليمي وتراكم الملفات أصبح تقاطعها كبير وبائن، خصوصاً أن هنالك أزمات مرحلة ومشكلات بالنسبة للولايات المتحدة بما فيها ملفات، مثل القاعدة الروسية التي كانت مزمعة، الوجود الإيراني الذي أسفر عن نفسه مجددًا، وفي الأول والأخير ملف التطبيع مع إسرائيل، كلها ذات صلة بالاهتمام الأمريكي ولكن لم تجد الاهتمام الكافي. ويضيف على ذلك بالإشارة إلى الأزمات الموجودة في الساحل والصراع الغربي والذي يسميه البعض بشبهة حرب عالمية ثالثة تكاد تندلع في المنطقة، عقابيل الحرب الباردة والاستقطاب الحاد.
ويشير إلى أن كل هذا الأزمات جعلت الإدارة الأمريكية تتعامل مع الملف السوداني بجدية هذه المرة، وابتعاث السيد توم بيرلو، وهو خبير في شؤون المنطقة وذو باع في الملف الدبلوماسي ويقول إنَّ هذه كلها ستكون نقاط لصالحه وتعينه نفسه قد يشكل نقطة فارقة في ملف التعاطي الأمريكي مع الأزمة السودانية خصوصًا بعد العقيدات الأخيرة.
باب مفتوح في اليت الأبيض
ويعتبر وديدي أن مهام المبعوث مزدوجة ويقول إنَّ فكرة الممثل الرسمي هو ذراع مساعد للخارجية والبيت الأبيض ومنها يكون لديهم حضور دائم يعني باختصار، باب مفتوح في البيت الأبيض، ويعزي ذلك إلى أن الملف كان يدار ببيروقراطية حتى إنزال العقوبات وما يتم تداوله من حديث عن العصا والجزرة كانت تدار بنفس البطء.
ويرى لمعالجة كل ذلك فإنَّ الوسيط مهمته أنه يسرِّع لكن لن يحسم مقاربة ما مثلًا أن يقول إنه سنتخذ أسلوب الجزرة أو العصا أو المحفزات وغيره، وهذه الأشياء لا تتقاطع وحتى وجوده كوسيط أملته الحقائق على الأرض والوقائع، فليس هنالك فرصة لتهور أو للشكل الناجز الذي يتحدث عنه البعض.
الملف السوداني ليس حاسما
الملف السوداني ليس حاسمًا في السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية، كما يقول وديدي، ويرى أنها التفاتة كبيرة في مثل هذه اللحظات لأن الملف كان شبه مطوي وبعيد عن أعين البيت الأبيض كان يتم النظر إليه من على البعد، ويعتقد هذه المرة تعزيز لفرض الحضور الأمريكي في الملف، حتى في شأن الوساطة سيدفع به وسيكون قريب وفي الموضوعات الأخرى، مثل العقوبات وغيره، ويقول لابد من التذكير بأن العقوبات ملف يدار عن طريق الكونجرس وهذه أيضًا من أسباب البطء ودورة اتخاذ القرار تأخذ وقت طويل.
ويمضي الكاتب الصحفي والمحلل السياسي للقول بأنه لكي تكون هنالك مسألة ناجزة في الملف تفتح البوابات للمبعوث لكي يرفع الرسائل من وإلى ويتابع الملف عن كثب، ويكون هنالك حضور دائم وعين مبصرة للأوضاع في السودان ممثلة في شخص المبعوث، لأن الدورة الماضية يكون هنالك مبعوث لديه علاقة بالإدارة الإفريقية بالخارجية وحتى تأخذ القرارات دورتها تكون الأوضاع قد ساءت، فالمبعوث يقرب ويعزز التواصل.
انتقادات أعضاء الكونغرس
وأعرب أعضاء بالكونغرس عن الأسف لأن الإدارة، بعد كل هذه الأشهر، لم تعين مبعوثًا رئاسيًا دائمًا. وشددوا في بيانهم على أهمية أن يمثل السودان أولوية أعلى لوزير الخارجية بلينكن وللرئيس بايدن.
وأعربوا عن الأمل في أن يساعد هذا التعيين في إعادة ضبط السياسة الأمريكية تجاه السودان وأن يمنح المبعوث السلطات الكافية لإعادة ضبط السياسة الأمريكية تجاه السودان.
وحمل البيان توقيعات السيناتور جيم ريش (جمهوري من أيداهو)، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والنائب مايكل مكول (جمهوري من تكساس)، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، والسيناتور تيم سكوت (جمهوري من كارولاينا الجنوبية)، العضو البارز في اللجنة الفرعية لإفريقيا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والنائب جون جيمس (جمهوري من ميتشيغان)، رئيس اللجنة الفرعية لإفريقيا في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب.