لم يستبين الانقلابيون النصح الا ضحي الغد

انطلقت مليونية 8 مارس هادرة في العاصمة والأقاليم وخارج السودان دعما وتاكيدا لاستمرارية نضال المرأة السودانية من أجل اسقاط الانقلاب العسكري وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وانتزاع حقوق المرأة كاملة غير منقوصة، انطلقت المليونية رغم الاعتقالات الاستباقية التي قامت بها قوات الأمن مساء الأثنين وبعد خروج المواكب الدعائية من أحياء العاصمة والولايات الداعية الي مواكب 8 مارس، واغلاق الكبارى مثل : كبرى المك نمر . الخ ، وحظر التجمعات وسط الخرطوم..

تاج السر عثمان

 

 بقلم: تاج السر عثمان

 

1
انطلقت مليونية 8 مارس هادرة في العاصمة والأقاليم وخارج السودان دعما وتاكيدا لاستمرارية نضال المرأة السودانية من أجل اسقاط الانقلاب العسكري وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وانتزاع حقوق المرأة كاملة غير منقوصة، انطلقت المليونية رغم الاعتقالات الاستباقية التي قامت بها قوات الأمن مساء الأثنين وبعد خروج المواكب الدعائية من أحياء العاصمة والولايات الداعية الي مواكب 8 مارس، واغلاق الكبارى مثل : كبرى المك نمر . الخ ، وحظر التجمعات وسط الخرطوم..
جاءت الدعوات للخروج من الاتحاد النسائي السوداني، لجان المقاومة ،تجمع المهنيين ،القوى السياسية والمدنية ،الأجسام المطلبية ،وكافة الفعاليات الثورية للمشاركة في الموكب ، هذا اضافة للبيان المشترك ( الميثاق الثوري ) الصادر من أكثر من 16 لجنة مقاومة في العاصمة والأقاليم الذي أكد استمرار نضال المرأة السودانية.
جاءت المليونية باشكال مختلفة في العاصمة والأقاليم، كما في المنصات والمخاطبات في باشدار وبحري المؤسسة، وشرق النيل، وأم مبدة ، وأم درمان ، زيارة منزل الشهيدة عوضية عجبنا، ومواكب المرأة النازحة الخ، وتوجه البعض للقصر الجمهوري الذي تم وصول محيطه رغم القمع الوحشي بالرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية والبمبان ، مما أدي لتسجيل 94 اصابة حسب بيان رابطة الأطباء الاشتراكيين 8 مارس بالقنابل الصوتية والبمبان والرصاص المطاطي في مناطق مختلفة من الجسم ( الوجه، الراس ، الكتف ، الصدر)، ومازال الحصر جاريا، اضافة للدهس بالدفارات والتاتشرات والمصفحات وحملات الاعتقال ، واقتحام مستشفي الخرطوم التعليمي واعتقال عدد من الثوار ، واطلاق القنابل الصوتية داخله، فضلا عن نهب ممتلكات المواطنين ( موبايلات، أموال، الخ)، مما يؤكد انها عصابات منفلتة لاقانون يحكمها، واصبحت البلد “حاميها حراميها”، اضافة لمحاولات الدهس لترس الشمال بعد إعادته كما حدث في “حفير مشو”، واستمرار احداث العنف في دارفور كما حدث في جبل مون مما أدي لوفاة (16) شخص ، واصابة (16)، واستمرار عمليات النهب في دارفور.هذا اضافة لخروج الثوار في الاقاليم في أكثر من 16 مدينة مثل: مدني ، سنار ، الدمازين ، القضارف ، كسلا، بووتسودان . الخ
2
جاءت المليونية ايضا ردا علي حديث حميدتي بعد وصوله من روسيا عن “عبثية” المظاهرات ، فالعبث والخطورة هو تصريحه أنه لا يمانع من قيام قاعدة عسكرية لروسيا، مما أدي لاستنكار داخلي كبير وخارجي لذلك كما في القلق الأمريكي ، ورفض مصر والسعودية لوجود قاعدة روسية علي البحر الأحمر.الخ ، و حكم مليشيات الدعم السريع التي تنهب ذهب وثروات السودان وتهريبها لروسيا، كما اعلنت صحيفة “التلغراف” البريطانية : أن بوتين حضر نفسه للعقوبات بتهريبه لمئات الأطنان من ذهب السودان خلال الأعوام الماضية ، وحصنت نفسها بالذهب أكثر من الدولار الأمريكي منذ العام 2020 حنى ارتفع رصيدها الي 630 مليار دولار إعتبارا من الشهر الماضي!!، فروسيا تهرب مئات الأطنان من الذهب بطائرات صغيرة من المطارات العسكرية المنتشرة عبر البلاد ، ويقدر ما يتم تهريبه حوالي 30 طن الي روسيا كل عام من السودان ، رغم أنه من المستحيل حصر الحجم الحقيقي للعملية ( التلغراف : 3 مارس 2022)، كل ذلك مقابل الثراء والسلاح والحماية في مجلس الأمن ليرتكب المزيد من المجازر، اضافة لا متناع السودان عن إدانة الغزو الروسي لاوكرانيا ، مما يعني في هذه الحالة تأييد الغزو، فلا حياد وتهاون أمام غزو دولة لأخري في انتهاك للمواثيق والأعراف الدولية، وهذا ليس غريبا علي دولة مليشيات الجنجويد والكيزان وجيوش حركات جوبا ، في حين أن شعب السودان يعاني من البؤس والمسغبة ، مما يتطلب التحقيق في ذلك وتقديم المجرمين للعدالة في جرائم لا تسقط بالتقادم.
هذا اضافة لخطورة استمرار تحالف روسيا وحميدتي والإمارات لنهب الذهب واستمرار تصدير الرجال للسعودية لحرب اليمن ، وارتباط روسيا بحميدتي عن طريق “فاغنر” ، وتسلحه من روسيا وحصوله علي طائرات “الدرون”
تفاقمت الأزمة الاقتصادية والمعيشية والمالية، وارتفاع سعر صرف الدولار الي 580 جنيها ، فبعد أكثر من أربعة أشهر علي الانقلاب تتدهور الأوضاع الي الأسوأ ، كما في الزيادات في اسعار الوقود المستمرة ، والاتصالات والانترنت، والكهرباء والدقيق ، والضرائب والخدمات والجمارك ، وعجز البنك الزراعي عن الوفاء بحاجات تمويل القطاع الزراعي مما يهدد بالمجاعة ، اضافة لتكرار الأزمات السابقة وحلولها الفاشلة مثل : تكوين لجنة عليا للطوارئ الاقتصادية برئاسة محمد حمدان دقلو، فضلا عن تراجع الإنتاج ، والانفاق الكبير علي الواردات لتلبية احتياجات البلاد في عجز للميزان التجاري يتجاوز 4 مليار دولار ، وتناقص تحويلات المغتربين ، وتوقف المساعدات الخارجية ( المساعدات قُدرت بأكثر من 2 مليار دولار) ، بسبب الانقلاب العسكري. كما قال محافظ بنك السودان الي أن الأموال التي كانت موجودة في بنك السودان قبل الانقلاب 2 مليار دولار و400 مليون دولار ، و25 طن من الذهب ، فاين ذهبت تلك الأموال؟، فبينما قال جبريل: أنه سلم البرهان مليار وستمائة مليون دولار ، يقول البرهان كل القروش صرفها جبريل، مما يتطلب التقصي لمعرفة اين ذهبت ؟.
اضافة لتصاعد المطالب بزيادة الأجور كما في تهديد اساتذة الجامعات بالاضراب ، والعاملين في التخطيط العمراني، ولجنة المعلمين التي اعلنت الاضراب اعتبارا من الخميس 10 فبراير، واضراب عمال الري المصري،. الخ ، والاحتجاجات وسط الأطباء لاقتحام المستشفيات، وزيادة اسعار الخدمات الصحية كما في مستشفي ابراهيم مالك بعد اقالة د.علي شاكر من إدارة المستشفي بسبب رفضه للزيادة في اسعار الخدمات الصحية وافتتاحه لمجمع الشهيدة ست النفور التشخيصي. الخ، وخاصة بعد عودة حكم البشير في ابشع صوره كما في القمع الوحشي للمواكب والاصابات بالرصاص، وتدهور التيار الكهربائي والقطع لساعات طويلة، وتلوث مياه الشرب ، وزيادة أسعار الغاز، وعودة صفوف الوقود ،وتهريب الذهب علنا،وتزايد عمليات النهب المسلح ، والقمع والاعتقالات والتعذيب الوحشي للمعتقلين، ورفض المنسقية العامة للنازحين لمخطط الحكومة لتمدد مستوطنين أجانب في دارفور، واقرار والي الخرطوم بخروج الخبز عن دائرة الدعم، فضلا عن اشارة برنامج الغذاء لنقص النمو الذي يهدد المخزون.
3
من الجانب الآخرتتزايد الضغوط الخارجية للتسوية بهدف إعادة إنتاج الشراكة مع العسكر، ودعوة حميدتي للعودة للتفاوض، وقيام ورش العمل المختلفة من منظمات المجتمع المدني لتسويغ التسوية التي تعيد إنتاج الأزمة بديلا للديمقراطية المستدامة والحل الجذري الذي يخاطب قضايا البلاد والحل الشامل والعادل ، بديلا للشراكة مع العسكر واتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات وانقلب قادته علي الثورة ، باشكال مختلفة، وقطع الطريق أمام التغيير الجذري، بعد التدهور الكبير الذي احدثه الانقلاب في الحياة السياسية والاقتصادية وعلاقات السودان الخارجية، كما في استنكار سفراء ورؤساء بعثاث اوربية لمصادرة حرية التعبير والتجمع السلمي، ورفض أمريكا والاتحاد الاوربي و القاهرة والرياض لقيام قاعدة عسكرية في البحر الأحمر.
داخليا تفاقمت أزمة الشراكة كما في الصراع علي السلطة بين القوى التي شاركت في الانقلاب ، كما في المؤتمر الصحفي لمجموعة الحرية والتغيير( الميثاق) السبت 5 مارس التي رفضت سيطرة المكون العسكري علي السلطة في محاولة للهروب من المركب الغارقة، والخلاف الذي طفح علي السطح بين جبريل والبرهان حول أموال بنك السودان المنهوبة.
4
وأخيرا مما سبق يتضح الفشل الذريع للانقلابيين الذين لم يستبينوا النصح الا ضحى الغد ، والذين تحول انقلابهم من من” اربعة “طويلة” الي “واحد طويلة” والذي سار في نفس سياساتها مما أدي لاستمرارتدهور الوضع الاقتصادي ومعاش الناس، والفشل حتى في تكوين الحكومة، وتكرار ما حدث في الايام الأخيرة للبشير من فشل للاجراءات للجم ارتفاع الدولار والأسعار، وفشل القمع في وقف الاحتجاجات، واصبح الانقلاب علي قاب قوسين أو أدني من السقوط ، مما يتطلب المزيد من التنظيم ، وتوحيد المواثيق والوحدة لاسقاط الانقلاب، ومواصلة التراكم النضالي الجارى حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، والخروج من الحلقة الشريرة للانقلابات العسكرية ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها.

Welcome

Install
×