غياب المعلم والمقررات: امتحانات الشهادة السودانية في مواجهة أزمات الحرب

طلاب يؤدون امتحانات الشهادة السودانية: مصدر الصورة وكالة السودان للأنباء

طلاب يؤدون امتحانات الشهادة السودانية: مصدر الصورة وكالة السودان للأنباء

كمبالا: 2 ديسمبر 2024: راديو دبنقا

تقرير: سارة تاج السر

مع اقتراب موعد امتحانات الشهادة السودانية المقررة نهاية ديسمبر الجاري، تتزايد حدة القلق بين الطلاب وأسرهم، الذين يواجهون أوضاعاً معيشية وتعليمية قاسية تتراوح بين النزوح وفقدان المقررات الدراسية وغياب المعلمين، مما يضعهم في مأزق يهدد مستقبلهم التعليمي.

قرار وزارة التربية والتعليم بالمضي قدماً في إجراء الامتحانات أثار جدلاً واسعاً بين من يرى ضرورة استمرار العملية التعليمية بأي ثمن، ومن يطالب بتأجيل الامتحانات لحين تحقيق استقرار أمني وتعليمي يضمن بيئة مناسبة للطلاب.

أجرى “راديو دبنقا” استطلاعًا لآراء الطلاب وأولياء الأمور في ولاية النيل الأبيض حول استعداداتهم لهذه الامتحانات في ظل التحديات الأمنية واللوجستية الناتجة عن النزاع المستمر منذ 20 شهراً.

الحرب دمرت فرصنا في التحصيل

فادي علي، طالب يعمل على عربة “درداقة” لإعالة أسرته، عبّر عن حزنه الشديد لإعلان موعد الامتحانات في ظل هذه الظروف، وقال لـ (راديو دبنقا):”لا أملك وقتاً للمذاكرة، وأعيش وسط ضغوط نفسية ومالية لا تسمح لي بالاستعداد للامتحانات.” وأضاف لراديو دبنقا “المدارس غير مهيأة، والظروف الأمنية والمعيشية تجعل من الصعب التفكير في الجلوس للامتحانات.”

انقطاع الكهرباء يزيد معاناتي

أما إباء عبد الهادي، الطالبة التي نزحت من الخرطوم إلى مدينة الدويم، فأكدت في حديثها مع “راديو دبنقا” أنها لم تتمكن من الحصول على المقررات الدراسية، كما أنها لا تملك وقتاً كافياً للمراجعة. وأشارت إلى محاولتها تنزيل المقررات من الإنترنت، لكن انقطاع الكهرباء وعدم استقرار شبكات الاتصال حالا دون ذلك. وأوضحت أن الحرب جعلت التحصيل الأكاديمي صعباً، حيث انقطعت عن الدراسة لأكثر من عام ونصف، ما أفقدها الكثير مما تعلمته سابقاً.

أولياء الأمور

منال أحمد، ولية أمر لطالبتين، تحدثت عن التحديات التي تواجه الأسر في دعم أبنائها خلال هذه الفترة، وأشارت إلى فقدان المدارس لقدرتها التعليمية بسبب امتلائها بالنازحين، وعدم صلاحية أثاثها المكتبي مثل الطاولات والكراسي وحتى النوافذ الخشبية، التي اُستخدمت كوقود من قبل الوافدين.

وقالت منال لـ(راديو دبنقا) إن “الفصول انتهت تماماً وأصبحت غير صالحة لتحوي طلاباً قادرين على التركيز في دراستهم والاستعداد للامتحان.” وأضافت أن “البيئة المدرسية تشكل عاملاً مهماً لاستقرار الطالب النفسي، ولكن حالياً هذا العامل مفقود تماماً.”

وكشفت منال عن معاناة أخرى تواجه الممتحنين، وهي غياب الوسائل التعليمية الأساسية مثل الكتب والمقررات الدراسية، مما دفعهم إلى اللجوء للإنترنت لتحميل المواد. لكنها أوضحت أن الطلاب يصطدمون بعقبات أخرى، مثل انقطاع الكهرباء المتواصل وارتفاع تكلفة الوصول إلى الإنترنت.

وأشارت الى أن الطالب الذي يتمكن من شحن هاتفه بالطاقة الشمسية يحتاج إلى موارد مالية للوصول إلى الشبكة، إذ تبلغ تكلفة الساعة على الإنترنت ألف جنيه لتنزيل المقررات. هذا العبء الإضافي جعل التحصيل الأكاديمي شبه مستحيل، وفقاً لـمنال.

الأثر النفسي وغياب المعلم

تطرقت منال إلى أهمية وجود المعلم في حياة الطالب كمرجع أساسي للمواد الدراسية، حيث يمنح وجوده شعوراً بالأمان والاستقرار النفسي. وأكدت أن الطلاب حالياً يواجهون الصعوبات بمفردهم، مما يزيد من الضغط عليهم. وطالبت ولية أمر الطالبتين بضرورة تهيئة مراكز الامتحانات لتكون صالحة ولو بنسبة 75% على الأقل، لضمان تعزيز مثابرة الطلاب وزيادة فرص نجاحهم.

واعتبرت أن ارتباط الطالب بمكان دراسته يساعده على استرجاع المعلومات بشكل أفضل، بينما البيئة المنفرة، حسب وصفها، التي سيجلس فيها الطلاب الآن لن تساعدهم على التركيز أو تحقيق النجاح المطلوب.

خطوة مهمة

على الرغم من هذه التحديات، يرى البعض ضرورة إجراء الامتحانات. عضو مجلس الآباء بمحلية الدويم، أحمد محمد علي، أعلن تأييده لعقد امتحانات الشهادة في موعدها المقرر نهاية ديسمبر، رغم التحديات التي تواجه الطلاب والأسر. وقال في مقابلته مع (راديو دبنقا) إن “توقف التعليم يساهم في إطالة أمد الأزمة، ويجب على الأسر دعم أبنائها لإتمام الامتحانات رغم الظروف الصعبة.”  وتابع قائلا “مع أن القرار جاء متأخراً، إلا أنه خطوة مهمة لإعادة التعليم إلى مساره الطبيعي.”

تحضيرات الولاية

في المقابل أكدت وزارة التربية والتعليم بولاية النيل الأبيض أن امتحانات الشهادة السودانية ستُعقد في الجامعات، نظراً لاستمرار وجود النازحين في المدارس. وأكد مصدر بالوزارة الولائية، فضّل حجب هويته، في تصريح لـ”راديو دبنقا”، أن الوزارة تعمل على تنظيم الامتحانات بشكل يضمن مشاركة أكبر عدد من الطلاب. وأوضح أن ولاية النيل الأبيض ستكون مركزاً لاستقبال طلاب من ولايات دارفور، وأن عدد الطلاب المسجلين سيُعلن رسمياً في الثامن من ديسمبر، بعد إغلاق باب التسجيل.

وأعلن المصدر أن معلمي الولاية أبدوا التزاماً كاملاً بالمشاركة في تنظيم الامتحانات من المراحل التحضيرية وحتى إعلان النتائج، لضمان سير العملية رغم التحديات الأمنية واللوجستية.

وكانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت في وقت سابق الجدول الزمني لامتحانات الشهادة السودانية لعام 2024، حيث ستنطلق امتحانات الدفعة المؤجلة 2023 يوم السبت الموافق 28 ديسمبر 2024، وتستمر حتى الأربعاء 8 يناير 2025. ومن المقرر أن تُجرى امتحانات دفعة 2024 بعد مرور ثلاثة أشهر على انتهاء الامتحانات المؤجلة، وذلك في فبراير 2025.

Welcome

Install
×