غياب الامن على الطرق يهدد صادرات المحاصيل بدارفور وكردفان
يشكو منتجو ومصدرو المحاصيل بأسواق كردفان ودارفور من إشكاليات عديدة تجابه عملية الصادر في هذا الموسم الذي يتوقع ان يبدأ في الفترة من 20 اكتوبر إلى الأول من نوفمبر عام 2023م، أهمها انعدام الأمن في الطريق الرابط بين مناطق الإنتاج وأسواق التصدير، و ارتفاع التكاليف، وانعدام السيولة، وارتفاع سعر صرف الدولار، وعزوف الشركات المصدرة عن شراء المحاصيل.
الموقف الان:
يقول علي جانو، وهو تاجر بسوق محاصيل مدينة الأبيض بولاية شمال كردفانلراديو دبنقا، إن انتاج هذا العام لمحاصيل الصادر مبشر في ولايات دارفور وكردفان. ويضيف جانو إن أبرز المحاصيل التي تصدر الي الخارج هو الفول السوداني “النقاوة”، حيث يجلب الخام من مناطق الإنتاج ثم يتم اعداده وتعبئته في جولات زنة (50) كيلو قبل تصديره إلى الخارج، كما تشمل محاصيل الصادر السمسم الذي ينتج في مناطق أم روابه والرهد وتندلتي التي باتت مهددة بسبب سيطرة الدعم السريع عليها، إضافة إلى محصولي الكركدى والصمغ العربي الذي شارف على دخول الأسواق خلال الفترة القادمة.
وقال علي جانو، إن مدينة الأبيض أصبحت أكبر منطقة انتاج وبورصة محاصيل في السودان عقب اندلاع الحرب في 15 ابريل 2023م، وأوضح إن ولاية الخرطوم وخاصة مدينة ام درمان كانت أكبر أماكن تسويق واستهلاك المحاصيل الزراعية، خاصة الفول السوداني “النقاوة”، الكركدي، الصمغ العربي والسمسم. وتوقع جانو زيادة تكاليف المنتجات بسبب تزايد ارتفاع تكلفة النقل عبر كوستي إضافات للجبايات والإتاوات التي تفرض نقل المحاصيل مما سيؤدى إلى الإضرار بالمصدرين والمنتجين (المزارعين) على حد سواء، مشيراً إلى إن أسعار المحاصيل شهدت هبوطاً ملحوظاً في بداية الحرب إلا أنها عاودت الارتفاع مجدداً. وكشف جانو عن معاناة حقيقية يواجها المصدرون في الأبيض، مشيراً إلى توفر المحاصيل بكميات كبيرة مع عزوف واضح للمستثمرين عن شراء المحاصيل بسبب عدم الاستقرار الأمني
اغلاق طريق الصادرات
وكانت القوات المسلحة قد أعلنت اغلاق طريق الصادرات بارا الخرطوم القومي في الرابع والعشرين من يوليو الماضي عقب مواجهات دامية بين مجموعة قبلية والدعم السريع بمحلية جبرة الشيخ بولاية شمال كردفان وهو الطريق الأقصر والاقل كلفة لنقل المنتجات الزراعية والحيوانية من إقليمي دارفور وكردفان للخرطوم ومن ثم لبورتسودان.
واتهمت القوات المسلحة في بيان قوات الدعم السريع باستخدامه في نقل منهوبات المواطنين من العاصمة وادخال (المرتزقة) الى البلاد عبر الحدود الغربية للبلاد. وأوضحت أنها ستتعامل مع كل أنواع المتحركات على هذا الطريق كأهداف عسكرية للتدمير، وطالب البيان المواطنين باستخدام طريق الأبيض كوستي الخرطوم بدلاً عن طريق الصادرات بارا الخرطوم.
تدني أسعار الصادر
يشكو منتجو (مزارعو) محاصيل الصادر من تدني الأسعار في هذا الموسم مقارنة بالموسم الماضي مع غياب واضح لشركات التصدير. وقال المزارع ادم الرضى احمد في ولاية شرق دارفور لراديو دبنقا إن مناطق الضعين، ياسين، ابوكارينكا وعديلة اشهر المناطق التي تنتج محاصيل الصادر وأهمها الفول السوداني والصمغ العربي والكركدى وأوضح أن سعر قنطار الفول السوداني المقشور يتراوح بين 300- 350 ألف بينما تراوح سعره في الموسم السابق بين 500-600 الف، وكشف عن عدم وجود مستثمرين لشراء المنتجات الجديدة خلال الموسم الحالي، وعزا ذلك لانعدام الأمن في الطرق التي تربط مناطق الإنتاج بأسواق التصدير وتعرض القوافل التجارية إلى عمليات نهب واسعة النطاق وذكر أن الذين يعملون الان في تصدير المنتجات هم أبناء المنطقة وأن أي شاحنة تصدير يضطر لدفع (3) مليارات على الأقل لعبور الشحنة من ولايات دارفور إلى ولاية الجزيرة ونبه إلى الخاسر الأكبر في العملية هم صغار المنتجين الذين تتضاءل مكاسبهم من الإنتاج بسبب ارتفاع تكاليف النقل.
جبايات باهظة وطرق غير آمنة
ربط عدد من تجار الصادر نجاح الموسم الحالي في أسواق الأبيض بتوفر الامن على الطرق، ويقول عبد الرحمن عبدالله لراديو دبنقا إن شركات التصدير لا تستطيع العمل والمغامرة بأموال طائلة لشراء المحاصيل في ظل وضع وصفه بغير الآمن مع الحصار المضروب على المدينة من كافة الاتجاهات بجانب النظام المالي المنهار واضاف قائلا “راس المال جبان”.
من جهته، يؤكد علي جانو إن المصدرين توقعوا أن ينتعش سوق الأبيض خلال الموسم الحالي ولكن الحصار المفروض على المدينة بواسطة الدعم السريع أثر بشكل كبير على السوق، وذلك بسبب الرسوم الباهظة التي تقدر بالمليارات التي تفرضها قوات الدعم السريع على الشاحنات القادمة من مناطق الإنتاج في ولايات دارفور وكردفان الي الأبيض، وكذلك على الشاحنات المتجهة الي مناطق التصدير في مواني بورتسودان، حيث تسيطر الدعم السريع على الطريق الرابط بين مدينتي الأبيض وكوستي الذى يمثل المسار الجديد للصادر، هذا إلى جانب انعدام الأمن في الطرقات الذى قال إنه يمثل مصدر تهديد للمستثمرين من عدم وصول المنتجات الي وجهاتها المحددة.
وكشف على جانو في حديثه لراديو دبنقا، عن رسوم غير قانونية تقدر بملايين الجنيهات يدفعها التجار نظير عبور شاحنات الصادر عبر المناطق المختلفة، إضافة إلى الرسوم القانونية التي تفرضها السلطات على التجار. وأوضح إن شحنة العربة القادمة من منطقة عديلة بولاية شرق دارفور إلى الأبيض تضطر لسداد حوالي (2) مليار جنيه لنقاط العبور غير القانونية على الطريق. تقيم مجموعات تتبع للإدارات الاهلية نقاط تتحصل منها الجبايات في الطريق بين الأبيض والنهود، كما تفرض قوات الدعم السريع رسوما باهظة تقدر بآلاف الجنيهات عن كل شحنة بضائع في الطرق التي تسيطر عليها سواء بين الأبيض والدبيبات بجنوب كردفان او بين الأبيض وكوستي. وذكر جانو إن أسعار المحاصيل في مناطق الإنتاج معقولة ولكن المزارعون يتضررون بسبب الاتاوات التي تدفع على الطرق وقال “مثلا طن الفول السوداني المقشور في منطقة عديلة يبلغ سعره (500) ألف جنيه سوداني، بينما يبلغ سعرها في مدينة الأبيض مليار ونص واصفا ذلك بالمعادلة الصعبة.
ظهور أسواق إقليمية منافسة
كشف علي جانو عن هروب عدد كبير من الشركات العاملة في تصدير المحاصيل إلى السنغال، نيجيريا، تشاد، اثيوبيا، وغامبيا، وعزا ذلك لعوامل عديدة أهمها غياب الأمن في السودان بسبب الحرب الدائرة، وسهولة الإجراءات في تلك الدول وقلة التكاليف المفروضة على الشركات مقارنة بالسودان. ويشير علي جانو إلى مخاوف وسط المستثمرين من عدم تسلمهم المنتجات في الأوقات المحددة، إضافة إلى تأثر البنوك في البلاد بالأوضاع الحالية التي قال انها تعيق عملية تحويل اموال الشركات من بورت سودان إلى الأبيض.
مطالب وحلول
أجمع عدد من ممثلي شركات الصادر على ضرورة توفير الأمن في المقام الأول، ويرى التاجر عبد الرحمن عبدالله لراديو دبنقا إن المنتجات المصدرة هي عصب الاقتصاد السوداني، وعلى الطرفين المتصارعين القوات المسلحة والدعم السريع مراعاة مصالح الوطن والمواطنين وتوفير الأمن لنقل الصادرات، كما طالب قوات الدعم السريع بفرض رسوم ثابتة ومعلومة في المناطق التي تسيطر عليها.
من جهته، طالب على جانو بتأمين الطرق التي تربط مناطق الإنتاج وأسواق الاعداد والتصدير، سواءا بواسطة القوات المسلحة في المناطق التي تسيطر عليها او بواسطة قوات الدعم السريع في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وذلك باعتبارأن المواطن لا علاقة له بالحرب الدائرة وبالتالي يجب ان لا يدفع فاتورتها. وقال بالإمكان الجلوس مع الأجهزة الرسمية في الدولة ومناقشة القضايا الخاصة بالصادر وإيجاد الحلول بينما يتعذر ذلك مع قوات الدعم السريع التي قال انها قوة متمردة بحسب تصنيف الحكومة، حيث تسيطر على أغلب الطرق في ولايتي شمال وغرب كردفان وهي من أهم ولايات إنتاج محاصيل الصادر، كما إن السلطات الرسمية ترفض التعامل مع الدعم السريع. وأشار إلى أن قوات الدعم السريع تقوم بتفويج العربات من ام روابه إلى مدينة الأبيض ولكن هناك مناطق تنشط فيها مجموعة متفلتة تنهب القوافل التجارية تحت تهديد السلاح.