صعوبات محتملة أمام توصية بعثة تقصي الحقائق بنشر قوة لحماية المدنيين في السودان

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دورية في منطقة أبيي.: موقع الامم المتحدة

الثلاثاء 10/ سبتمبر/ 2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري

اثارت التوصية الواردة في تقرير بعثة تقصي الحقائق الدولية التابعة للأمم المتحدة بنشر قوة لحماية المدنيين نقاشا كبيرا خلال الايام الماضية.

وأعادت التوصية، الجدل، حول التدخل الدولي لتوفير الحماية للسودانيين، الذي كانت تطالب به بعض القوى المدنية والسياسية المعارضة للحكومة السودانية، بينما يرفضه الجيش والدعم السريع.

وكانت الحكومة السودانية رفضت السماح للبعثة الدخول للسودان ومقابلة الضحايا.

لكن اللجنة التقت بحوالي 182 شخصا من الضحايا في دول مجاورة للسودان.

مجرد توصية
إلا أن الخبير القانوني ومدير مركز الخرطوم لحقوق الإنسان د. أحمد المفتي وصف ما طالبت به البعثة بأنه مجرد توصية غير ملزمة.

وأشار، في مقابلة مع دبنقا، إلى أن هذا الامر من سلطات مجلس الأمن الدولي، بموجب الفصل السابع فقط، والتي تتطلب اجتياز عقبة “الفيتو” الروسي والصيني.

يذكر أن روسيا والصين هما من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التي لها حق الاعتراض “الفيتو” على أي قرار يطرح للتصويت في المجلس.

واستبعد المفتي موافقة الصين وروسيا، وأرجع ذلك لأن البلدين علي رأس قائمة الدول التي يمكن أن تمد السودان بما يحتاجه من أسلحة في الحرب الحالية.

ولمح أيضا إلى أنهما قد يستخدمان الفيتو، لسبب آخر، وهو رفض اعتبار الولايات المتحدة قطبا واحدا في العالم، وذلك لما بينهما والولايات المتحدة من تدهور في العلاقات في الوقت الراهن.

وقلل المفتي، وهو وكيل سابق لوزارة العدل، من أثر البعثة المقترحة، مشيرا إلى بعثة حفظ السلام السابقة في إقليم دارفور.

وتابع قائلا إن تأثير تلك البعثة لم يحس به أحد بسبب ضعفها “للدرجة التي كانت تطلب من القوات المسلحة السودانية حمايتها، من الحركات المسلحة، علي الرغم من ان مهمتها، كانت حماية المدنيين”، حسبما قال.

وأشار المفتي إلى تعقيد الوضع الحالي واندلاع القتال بين قوات تقدر بمئات الآلاف وتمدد القتال إلى مناطق متعددة، مرجحا بذلك أن نشر قوة جديدة قد يكون أمرا مستحيلا.

“يمكن البناء عليه”

لكن عضو المكتب التنفيذي لمجموعة محامي الطواريء، محمد عبد المتعال جودة، وصف التقرير بأنه “مبدئي ويمكن البناء عليه”.

وقال لراديو دبنقا إن التقرير احتوى على الكثير من الفظائع والحالات الموثقة.

وتابع قائلا إن هناك حاجة لهذه البعثة لمواصلة أعمالها وتمديد أجلها، وهو ما دعوا إليه في مجموعة محامي الطوارىء.

وأشار جودة إلى انضمام أجسام عديدة إلى الحملة الوطنية للتجديد لبعثة تقصي الحقائق.

وكان مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة قد أصدر قراراً في أكتوبر 2023 بتشكيل بعثة دولية لتقصي الحقائق بشان الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب.

‎ودعا جودة أعضاء مجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولي أن يستوعبوا هذه الرسالة الصادرة من بعثة تقصي الحقائق، محذراً من مغبة التخلي عن السودانيين في هذا التوقيت،

وأشار إلى أن البعثة لم تستطع مواصلة عملها بتفويض أوسع، مناشدًا المجتمع الدولي والدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان بالوقوف مع السودان ومع المدنيين في السودان لوقف الفظائع التي ترتكب بحقهم.

“صراع مصالح”

لكن أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعات السودانية، دكتور عبد الناصر علي الفكي، اعتبر أن توصية البعثة ستخضع كالعادة لصراع مصالح القوى في مجلس الأمن الدولي.

وأضاف لراديو دبنقا أن “هذه إشكالية مستدامة تتكرر في مؤسسات الأمم المتحدة بحسب مصالح الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والتي لديها حق النقض (الفيتو)”.

وتابع قائلا إن تجاوز تلك المعضلة يتوقف على إمكانية وصول تلك الدول إلى تسوية تراعي مصالحها جميعا.

واعتبر الفكي أن الصراع السوداني ‎يقع ضمن صراع الموارد والموانئ في جنوب الصحراء ومنطقة القرن الإفريقي نسبة للوضع الجيواستراتيجي للسودان بين الغرب والشرق، مستبعدًا أن تجد القضية السودانية اهتمامًا وأولوية في الصراع الدولي.

‎وحدد أستاذ علم الاجتماع السياسي، أوجه الصراع في السودان، وقال إنَّ الصراع تشعب من العمل العسكري إلى الإثني والتحالفات الاجتماعية على أسس عرقية والتي صارت تتغير بسرعة مذهلة.

وحذر من أن هذا التوجه يهدد أي قوة دولية، متوقعًا أن تتعرض البعثة نفسها إلى التهديد فتصبح هي في حاجة إلى الحماية.

ولم يستبعد أن تصير القوة المقترحة، في حال إجازة التوصية، جزءًا من الصراع الداخلي”.

وشدد على ضرورة أن تتخطى الإرادة الوطنية أطراف الحرب ومصالحها الإقليمية والدولية، مضيفا أن “على القوى المدنية جميعها أن تتفق على حشد الجهد المحلي الوطني بالضغط على استعادة السلام والأمن المجتمعي على المستوى القاعدي”.

وقال الفكي إن المواطن السوداني هو الخاسر الأكبر والأوحد والمتضرر من هذه الحرب لأنه يواجه القتل والمرض والجوع وانعدام الأمن الإنساني والحماية، واضاف أن “بعثة تقصي الحقائق اذا تم التجديد لها مرة أخرى عليها أن تكون أكثر قبولًا واتساعاً حتى تؤدي مهمتها بصورة أفضل وتستفيد من أخطائها السابقة حيث كانت تميل إلى أحد اطراف الحرب العسكرية والمدنية”.

وحذر من أن انحياز البعثة أو الميل إلى طرف من الأطراف سيعيق عملها كبعثة أممية ويفقدها مهنيتها.

“معسكرين”

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية البروفيسور حسن حاج علي أن مجلس الامن قد يواجه صعوبات في تمرير توصية بعثة تقصي الحقائق، وأرجع ذلك إلى أن المجلس منقسم إلى معسكرين أحدهما غربي تقوده الولايات المتحدة الاميركية، والآخر بقيادة الصين وروسيا، اللتين ترفضان التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وقال حاج علي إن بعثة الأمم المتحدة بدلاً من إدانة القصف المدفعي من قبل قوات الدعم السريع على المدنيين في الفاشر بشمال دارفور ومدينة ام درمان، فإنها تطالب بالتدخل في السودان تحت البند السابع لحماية المدنيين، معرباً عن اعتقاده بان الأمر ليس بهذه السهولة نسبة للانقسام داخل مجلس الأمن.

Welcome

Install
×