شرق السودان.. دعوات لجبر الضرر وسط انتشار للسلاح وخلافات مستمرة
بورتسودان: 16 مايو 2024: راديو دبنقا
ينتظم ولايات شرق السودان حراكاً مجتمعياً واسعاً يهدف للسلم الأهلي، وجبر الضرر لضحايا الأحداث القبلية التي دارت خلال الأعوام الماضية. يتزامن هذا الحراك مع استمرار معسكرات التدريب لحركات عسكرية من شرق السودان في دولة إرتريا المجاورة مع تواصل عمليات التسليح و”التمليش”، كما تشهد تخوم شرق السودان بولاية القضارف في الفاو انخفاضاً لوتيرة المعارك مع الدعم السريع الذي يسيطر على ولاية الجزيرة في ظل استمرار استهداف مناطق متعددة في الولاية بالمسيرات الانتحارية، وذلك وسط استمرار للخلافات بين عدد من المكونات السياسية والمجتمعية.
توجيهات من البرهان
وجه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، يوم الأربعاء، خلال لقائه ببورتسودان، وفد مبادرة أبناء البجا للسلم المجتمعي ، بحسب ما اورده إعلام مجلس السيادة، باعتماد المبادرة ضمن مؤسسات الدولة الداعمة لعملية السلم المجتمعي بالتنسيق مع مفوضية السلام ووزارة الحكم الاتحادي، داعياً لتوسيعها لتشمل بقية مكونات شرق السودان.
وانطلقت المبادرة في أكتوبر من العام الماضي حيث جمعت بين ناظري قبائل الهدندوة والبني عامر في لقاء نادر بعد قطيعة استمرت لأعوام على خلفية الصراعات القبلية التي اندلعت في شرق السودان. ووقع على وثيقة تعزيز السلم المجتمعي التي طرحتها المبادرة عدد من النظار ووكلائهم، ونصت على نبذ خطاب الكراهية وجبر الضرر.
صندوق لجبر الضرر
ووجه البرهان، أمس الأربعاء، بتفعيل لجان حصر الأضرار بالولايات ورفع التكلفة الإجمالية لها، بجانب تفعيل دور اللجنة العليا للتعويضات تحت إشراف المفوضية ووزارة المالية. وتعهد البرهان بتقديم الدفعة الأولى للتعويضات بالتنسيق مع المفوضية.
وكانت ولايات شرق السودان شهدت سلسلة من الصراعات القبلية الدامية خلال الأعوام الماضية أدت لمقتل وإصابة المئات وتسببت في خسائر مادية تقدر بمليارات الجنيهات جراء احراق واتلاف المحلات التجارية والممتلكات.
وأوصت ورشة جبر الضرر التي نظمتها مبادرة أبناء البجا،و انعقدت الأسبوع الماضي في مدينة أركويت بولاية البحر الأحمر بمشاركة عدد من النظار ، بإنشاء صندوق لجبر الأضرار المادية بتمويل من الحكومة والقطاع الخاص ورجال الأعمال من جميع الولايات خاصة شرق السودان.
وقال حمد كرار مقرر المبادرة، في مقابلة مع راديو دبنقا، إن الهدف من التوصية بإنشاء الصندوق يتمثل في تثبيت حقوق المتضررين. وقال إن رجل الأعمال المعروف أشرف الكاردينال أعلن التزامه بسداد التعويضات للمتضررين ، وقال كرار إن الأضرار محصورة بلجان قضائية وغرف تجارية.
وكان مواطنون من شرق السودان خاصة في مناطق عقيق وجنوب طوكر أعلنوا، في وقت سابق، رفضهم الاستثمارات التي طرحهتها شركات الكاردينال على طول ساحل البحر الأحمر، مشيرين إلى عدم مشاورتهم في المشروعات، مطالبين بتخصيصها لمشروعات تنموية تفيد المواطنين.
استدامة السلم الأهلي
ونص البيان الختامي لورشة جبر الضرر على التوصية بوضع خطط لاستدامة السلم الأهلي، و اشراك الشباب في مشروعات السلم المجتمعي، والاستفادة من تجربتي خشم القربة والقضارف في هذا المجال، ووضع لوائح للتعويضات وجبر الضرر ، والمطالبة بإصدار قرار رئاسي بتكليف مالك عقار بمتابعة المبادرة، و تفعيل لجنة التعويضات السابق برئاسة وزير المالية ، و نظار القبائل في اللجنة العليا.
ووجه البرهان بالإسراع في عقد المؤتمر العام للمبادرة، وأكد حمد كرار لراديو دبنقا إن المؤتمر العام للمبادرة سينعقد في وقت لاحق بعد أن تفرغ المبادرة من عقد ثلاثة مؤتمرات في ولايات الشرق الثلاثة.
وأشار حمد كرار لراديو دبنقا إن الورشة الأخرى التي انعقدت بالتزامن مع ورشة جبر الضرر تمثلت في ورشة الحكم والإدارة أوصت بثبيت الحكم الفيدرالي لشرق السودان أسوة بالنيل الأزرق ودارفور.
انتقادات للمبادرة
وفي الأثناء، أعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة جناح أدروب في بيان رفضه للمبادرة والورش واعتبرها محاولة لإشعال نار الفتنة في الشرق بإشراف من قيادات أمنية وسياسية لم يسمها.
ووصف المبادرة بأنها تعمل بإيعاز من بعض إسلاميي الأجهزة الأمنية وتوجيه مفوضية السلام لتمرير ما وصفه بالصفقة واعتبر قضية جبر الضرر ” رشوة مالية لإسكات بعض أسر الضحايا والمتضررين. ومحاولة لشراء الذمم” كما اعتبر ذلك محاولة لقطع الطريق لنيل اهل الشرق حقوقهم التاريخية والترميز التضليلي لبعض الأشخاص لتحقيق مكاسب سياسية.
ولكن حمد كرار مقرر مبادة أبناء البجا وصف الجهات التي قاطعت الورشة بأنها واجهات سياسية مبيناً إن المبادرة تستهدف الإدارة الأهلية ورموز المجتمع التي حدث بينها صراع، واتهم الجهات المناوئة للورشة بأنها كانت تتكسب من الصراعات القبلية.وأشار إلى مشاركة 360 شخص في الورشة بواقع 120 مشارك من كل ولاية جرى ترشيحهم عبر الإدارة الأهلية.
مطالبات
وفي ذات السياق، طالب عدد من النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق قضائية محايدة وشفافة للتحقيق في الأحداث القبلية التي أدت لمقتل مواطنيت ونهب واتلاف ممتلكات، وتوجيه اتهام رسمي للمتسببين في صناعة الفتنة وخطاب الكراهية ، وتشكيل محاكم خاصة للنظر في قوائم المتهمين بالقضايا الجنائية وخطاب الكراهية كما طالبوا بتشكيل لجان مجتمعية لعمليات جبر الضرر وتعويض المتضررين.
تسليح و”تمليش“
ويتزامن الحراك المجتمعي مع زيادة لوتيرة التسليح و”التمليش” حيث تواصل عدد من الحركات تدريب قواتها في دولة إرتريا ومن بينها قوات تحرير شرق السودان بقيادة إبراهيم عبد الله الشهير بإبراهيم دنيا، وقوات الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة بقيادة الأمين داوود، وقات مؤتمر البجا القومي بقيادة موسى محمد أحمد وقوات أخرى يشرف عليها شيخ خلاوى همشكوريب سليمان علي بيتاي.
ونشرت تلك الحركات إعلانات في وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد قوات جديدة لإلحاقها بمعسكرات التدريب.
وعقدت قوات تحرير السودان خلال الأسبوع الجاري مؤتمرها الأول وخرجت بتوصيات نشرتها على صفحتها في فيسبوك أهمها عدم السماح بزعزعة الاستقرار في شرق السودان الذي يمثل المأوى لكل المواطنين المتأثرين من ويلات الحرب، وشددت على النضال بكل الوسائل لتحرير إنسان شرق السودان من التهميش والاضطهاد السياسي والاجتماعي والثقافي.
وأوضحت إن حرب الخامس عشر من أبريل أفرزت واقعاً جديداً نتاج للسلسلة الطويلة من الممارسات والسياسات الخاطئة والكارثية التي انتهت بهذه الحرب ومحورها الاساسي السلطة لا كرامه ولا ديمقراطية.
وأكدت ضرورة ضمان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لإنسان شرق السودان والتنسيق بين كافة الأجسام لقطع الطريق أمام من يسعي لتفتيت الشرق ووحدة أهله لخدمة أجندات خاصة بشتى الطرق.
من جهة أخرى كشفت مصادر عسكرية أن جبهات القتال في الفاو بين الجيش والحركات المسلحة من جهة والدعم السريع هدوءاً حذراً منذ أيام، في حين أعلنت قوات تحالف أحزاب وحركات شرق السودان بقيادة شيبة ضرار وصولها إلى مناطق العمليات في الفاو بينما واصلت الطائرات المسيرة استهداف مناطق مختلفة في ولاية القضارف وتتصدى لها المضادات الأرضية والجوية، وشهدت القضارف يوم الأربعاء أطلاق من المضادات الأرضية في مواجهة إحدى المسيرات.