سد مروي: احتراق مفاعل على الخط الناقل إلى المرخيات بسبب قصف بمسيرة

مروي

حريق في محول بسد مروي بسبب القصف بمسيرة-13 يناير 2025-وسائل التواصل

أمستردام: 13 يناير 2025: راديو دبنقا

للمرة الثانية خلال أسبوع، تعرضت محولات الكهرباء في سد مروي لخسائر جراء هجوم بالمسيرات في الساعات الأولى من صباح اليوم. وفي 8 يناير الحالي، هاجم سرب من المسيرات مقر الفرقة 19 مشاة التابعة للجيش السوداني في مدينة مروي. وتصدت لها المضادات الأرضية للقوات المسلحة مما أدى لسقوط واحدة منها على أحد محولات الكهرباء في سد مروي الأمر الذي تسبب في انقطاع الكهرباء عن مدينتي مروي والدبة.

وفي صباح اليوم، عاودت المسيرات هجومها على المدينة في الساعات الأولى من الصباح. اتهم الجيش السوداني، اليوم الاثنين، قوات الدعم السريع بتنفيذ هجوم بطائرات مسيرة استهدف سد مروي شمال البلاد، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة.

وقال الصحفي مصطفى عمر من الولاية الشمالية لراديو دبنقا إن التيار الكهربائي انقطع عن جميع مدن ومحليات الولاية الشمالية منذ الساعة السابعة صباحاً مشيراً إلى استمرار انقطاع الكهرباء مع محاولات لإصلاح الأعطاب.

وفي ولاية نهر النيل أفاد أحد مواطني عطبرة بنهر النيل راديو دبنقا بأن التيار الكهربائي انقطع منذ الساعة الثالثة صباحاً ولم يتم إعادته حتى الآن، مما أثر بشكل كبير على الحياة اليومية في المدينة.

وأشار المصدر إلى أن الأسواق في المدينة تعاني من شلل شبه كامل، بينما ما زالت المخابز تعمل لكنها قد تواجه صعوبات كبيرة إذا استمر انقطاع الكهرباء لفترة أطول، ما يهدد بتفاقم الأزمة المعيشية للسكان.

الجيش يتهم الدعم السريع

واتهم بيان صادر عن قيادة الفرقة 19 مشاة التابعة للجيش السوداني قوات الدعم السريع بتنفيذ الهجوم وذلك “في إطار حملتها الممنهجة لاستهداف المواقع العسكرية والمنشآت الحيوية والمشاريع التنموية للبلاد، وبعد الهزائم المتتالية التي ألحقتها قواتنا المسلحة بها في كل المحاور، استهدفت المليشيا كهرباء سد مروي بعدد من المسيرات”. واعترف البيان بحدوث خسائر، لكنه لم يحدد حجم وطبيعة هذه الخسائر.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر اندلاع حريق في المحطة التحويلية للكهرباء، وهي المحطة الناقلة للكهرباء من السد إلى الشبكة القومية التي تغذي عددا من الولايات السودانية بالطاقة الكهربائية. ورصد راديو دبنقا انقطاعا في خدمات الكهرباء في عدد من المدن ومن بينها مروي وبورتسودان، وأم درمان، وعطبرة ودنقلا.

الدعم السريع يرفض التعليق

ورغم توجيه الجيش الاتهام مباشرة لقوات الدعم السريع، إلا أن الأخيرة واصلت تحفظها عن إصدار أي بيانات تعلن فيها عن مسؤوليتها عن تنفيذ هجمات بالمسيرات. وظلت قوات الدعم السريع وفي عدد من الهجمات السابقة في مدن مثل عطبرة وشندي تتهم فصائل مؤيدة للحكومة في بورتسودان باستخدام المسيرات في تصفية الحسابات فيما بينها.

وظلت قوات الدعم السريع تستهدف مطار مدينة مروي بالمسيرات بشكل متقطع، لكن الهجوم الأكبر كان في 28 نوفمبر 2024 حين استخدمت 16 مسيرة في الهجوم على المطار. والمطارات المدنية والعسكرية في مروي وعطبرة ووادي سيدنا تظل هدفا رئيسيا لمسيرات الدعم السريع بالنظر إلى الدور المحوري الذي يلعبه طيران الجيش في ترجيح كفة القوات المسلحة في الفترة الأخيرة.

من جانبها قالت مجموعة محامي الطوارئ، في بيان اطلع عليه راديو دبنقا، إن القصف بمسيرة تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن ولايات البحر الأحمر وكسلا ونهر النيل، بالإضافة إلى محلية كرري بولاية الخرطوم.  ونتيجة لهذه الهجمات، انقطعت الخدمات الأساسية عن مئات الآلاف من المدنيين في أنحاء البلاد، ما أدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية.

وأدانت المجموعة الهجمات وحمّلت قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن تعمد استهداف منشآت مدنية حيوية، كما  اعتبرت الهجوم انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف البنية التحتية المدنية الضرورية للحياة اليومية. وفقًا لاتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، تُعتبر المنشآت الحيوية، مثل محطات الكهرباء، أهدافًا محمية يجب عدم استهدافها أثناء النزاعات المسلحة، إلا إذا كانت تُستخدم مباشرة لأغراض عسكرية.

طبيعة الخسائر

اتصل فريق التحقق براديو دبنقا بأحد المهندسين العاملين في محطة كهرباء مروي وسأله عن طبيعة الخسائر وحجمها. أكد المهندس، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن المسيرة سقطت على أحد المفاعلات Reactor على الخطين الناقلين رقم 76 و 77 مما أدى إلى تعطل واحد من الخطوط التي تربط بين المحطة التحويلية لسد مروي ومحطة المرخيات في شمال أمدرمان. ,ان المحطة التحويلية التي تعرضت للهجوم هي التي تجاور السد مباشرة على الضفة الغربية للنيل.

وأوضح المهندس أن الحريق أثر كذلك على أجهزة التحكم، لكن المحولات الرئيسية للشبكة لم تتأثر، وربما يتم إصلاح الخسائر بشكل سريع خلال الساعات القادمة. بالمقابل، سيظل أحد الخطوط الناقلة الرئيسية والرابط بين سد مروي والمرخيات متوقفا عن العمل لحين استبدال المفاعل الذي تعرض للحريق.

ونوه المهندس الكهربائي إلى أن الخرطوم ستكون أكثر منطقة تتأثر بذلك بالنظر إلى أن مثل هذا المفاعل غير متوفر في السودان ويفترض استيراده من الخارج وهو الأمر الذي قد يأخذ بعض الوقت.

وحول خسائر الهجوم الذي شنته المسيرات في يوم 8 يناير، أوضح المهندس أن ذلك الهجوم أصاب المحطة التحويلية داخل مدينة مروي بالقرب من مقر الفرقة 16 مشاة وبالتالي كان تأثيره محدودا وانحصر في مدينتي مروي والدبة وعدد من القرى القريبة منها.

انتاج الكهرباء من سد مروي

وفي رده على سؤال فريق دبنقا للتحقق حول عن أهمية سد مروي في انتاج وتوزيع الكهرباء في مختلف أنحاء السودان، قال المهندس العامل في محطة كهرباء مروي، والذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن سد مروي مجهز بعشرة وحدات لإنتاج الكهرباء تنتج كل منها 125 ميقاواط.

وأضاف بدأ تشغيل وحدات انتاج الكهرباء في العام 2009 بوحدتين وتوالى تشغيل الوحدات حتى وصل انتاج الكهرباء إلى 1250 ميقاواط، وهي تمثل الطاقة الإنتاجية القصوى. ونوه إلى أن الفترة الحالية والتي تكون فيها مستويات مياه النيل في حدودها العليا هي الفترة التي يصل فيها انتاج الكهرباء إلى الحد الأعلى بالنظر إلى أن انتاج الكهرباء يصل أعلى معدلاته عندما تتراوح مناسيب المياه ما بين 285 متر كحد أدنى و300 متر كحد أقصى.

الخطوط الناقلة للكهرباء

وترتبط المحطة التحويلية مع الشبكة القومية الناقلة للكهرباء بأربعة خطوط رئيسية. الخط الشمالي وتبلغ قوته 220 كيلوفولت ويغطي المناطق الممتدة من مروي وحتى وادي حلفا حيث يقترن بشبكة الكهرباء المصرية. الخط الثاني قوته 500 كيلوفولت ويمتد حتى مدينة عطبرة ومنها ينقسم إلى خطين الأول إلى بورتسودان في ولاية البحر الأحمر والثاني إلى المرخيات في شمال أمدرمان وقوة كل منهما 220 كيلوفولت. أخيرا، هناك خطان ناقلان بقوة 500 كيلوفولت يمتدان من المحطة التحويلية لسد مروي إلى محطة المرخيات في شمال أمدرمان.

أهمية سد مروي

سد مروي خـزان صخري مغطى بالخرسانة على ضفتي النهر بمساحة 8,3 كيلومتر مكعب، وتمتد بحيرة الخزان بطول 174 كيلومتراً وارتفاع 300 متر عن سطح البحر. وصمم السد بغرض انتاج الكهرباء ويقع على مجرى نهر النيل في الولاية الشمالية بالسودان على بعد 40 كيلومترا من 351 كيلومتر من الخرطوم و600 كيلومتر من ميناء بورتسودان. اكتمل بناء السد في 3 مارس 2009، ويبلغ إجمالي طوله 9.2 كيلومتر فيما يصل ارتفاعه إلى 67 متر.

وبجانب مهمته الرئيسية في انتاج الكهرباء، ينظم السد مناسيب المياه في مجرى النيل الرئيسي، كما ساعد السد في توسيع نطاق استصلاح الأراضي الزراعية في هذه المنطقة والذي لم يكن يتجاوز ضفاف النيل ليمتد إلى مساحات أوسع بفضل كميات المياه المخزنة في بحيرة السد.

الأهمية الاستراتيجية لمدينة مروي

مدينة مروي من المدن ذات التاريخ الموغل في القدم وارتبطت بها الحضارات السودانية القديمة وهي تقع شمال السودان ويوجد بها مقر الفرقة 19 مشاة، كما يوجد بها مطار مدني تم بناءه بالتزامن مع بناء السد وهو يعتبر من المطارات الاستراتيجية باعتباره المطار المساند لمطار الخرطوم في حالات الطوارئ.

ويستوعب المطار المدني منشآت عسكرية جوية مساندة للمطار العسكري الأول الموجود بالخرطوم، وقاعدة تمركز بديلة في حال توقف قاعدة وادي سيدنا العسكرية عن العمل. وكان تواجد وحدات من القوات الجوية المصرية أحد الأسباب المباشرة لاندلاع حرب 15 أبريل 2023 بعد أن قامت قوات الدعم السريع بالسيطرة على مطار مروي حتى لا يستخدم في ضرب قواتها.

خسائر ضخمة في قطاع الكهرباء

الخسائر في محطة سد مروي ليست الوحيدة التي تعرض لها قطاع الكهرباء. وفقا لإفادات مهندس الكهرباء العامل في محطة مروي فإن هناك محطات رئيسة تعرضت لخسائر حيث تعاني محطة انتاج الكهرباء في الروصيرص من تعطل أحد محولاتها الرئيسية بسبب عطل فني. كما تأثرت المحطة التحويلية في سنجة والتي تربط محطة “ام دباكر” بالشبكة القومية في الروصيرص ولم يتم إصلاح الخسائر التي حدثت فيها حتى الآن بسبب الأوضاع الأمنية.، بينما تعمل محطة تشغيل واحدة فقط في محطة التوليد الحراري في ام دباكر من أصل 4 محطات تشغيل تبلغ الطاقة الإنتاجية لأي منها 125 ميقاوط، أي أن المحطة تعمل بربع طاقتها التشغيلية.

وأكد المهندس الكهربائي أن هناك خسائر كبيرة تعرضت لها شبكة التوزيع داخل المدن والقرى والخطوط الناقلة بينها الأمر الذي يتطلب مراجعة شاملة للشبكة متى ما سمحت الظروف الأمنية بذلك لتقدير حجم الخسائر والاحتياجات من المعدات والأجهزة والكوادر والدعم اللوجستي المطلوب لإعادة تشغيلها كما كانت عليه في فترة ما قبل الحرب.

Welcome

Install
×