زيادة معدلات الأمطار في السودان مرتبط بالتغير المناخي
أمستردام: 6 أغسطس 2024: راديو دبنقا
أصدرت وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للإرصاد الجوية في 31 يوليو الماضي تحذيرا بشأن توقعات بهطول أمطار غزيرة جدا خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس. استند التحذير إلى توقعات المركز الإقليمي لتوقعات وتطبيقات المناخ التابع لمنظمة الإيقاد والذي يوجد مقره في جوبا، عاصمة جنوب السودان.
وشهدت مناطق واسعة من السودان منذ بداية شهر أغسطس الحالي هطول أمطار غزيرة جدا مصحوبة بسيول مفاجئة وارتفاع لمستويات المياه في الأنهار والخيران والأودية مما أدى إلى فيضانات واسعة وإحداث أضرارا واسعة في الممتلكات وانقطاع الطرق وخسائر في الأرواح في بعض المناطق.
وهطلت الأمطار بغزارة ولايات كسلا والقضارف وجنوب ولاية البحر الأحمر بالإضافة إلى ولاية الجزيرة وولاية الخرطوم وجنوب ووسط ولاية النيل الأبيض والمناطق الجنوبية من ولايتي الشمالية ونهر النيل. كما تأثرت المناطق الشمالية والوسطى والغربية من ولاية شمال كردفان بالإضافة إلى المناطق الشمالية من ولاية غرب دارفور بهطول الأمطار الغزيرة.
ونوهت الهيئة العامة للإرصاد إلى أخطار فيضان نهر القاش في نفس الفترة نتيجة للأمطار الغزيرة في الهضبة الاريترية. ونصحت السلطات في الولايات المعنية برفع درجة الاستعداد لمواجهة الأثار الكارثية للأمطار الغزيرة وطالبت المواطنين بالابتعاد عن المناطق المنخفضة ومجاري الأودية والخيران وتجنب عبورها ومتابعة النشرات الجوية والالتزام بتوجيهات الدفاع المدني والسلطات المحلية.
ظاهرة “النينيو”
وفي رده على سؤال لبرنامج ملفات سودانية يذاع يوم الأربعاء 7 أغسطس 2024 حول أسباب هطول الأمطار بغزارة ما جعل البعض يصف فصل الخريف الحالي بأنه غير عادي، أكد الأستاذ ساري الحاج، المتخصص في تقييم الأثر البيئي من جامعة “ترير” في المانيا، أكد أن كثافة هطول الأمطار كانت عالية جدا في فصل الخريف الحالي. ونوه إلى أن هطول الأمطار في السودان سبقه هطول الأمطار بغزارة في كافة مناطق القرن الأفريقي منذ بداية شهر أبريل الماضي وتواصلت حتى شهر أغسطس الحالي ويتواقع أن تستمر حتى نهاية الشهر الجاري.
واعتبر الأستاذ ساري الحاج أن تزايد معدلات هطول الأمطار مرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيره على التغير المناخي. ومنذ شهر يونيو 2023، توقع الخبراء وصول ظاهرة “النينيو”، وهي ظاهرة طبيعية تحدث منذ ألاف السنين، لكن زيادة معدلات الاحتباس الحراري جعلت منها واحدة من أكثر الظواهر تأثيرا على هطول الأمطار في الفترة الأخيرة. وتصل ظاهرة “النينيو” إلى ذروتها في 25 ديسمبر، أي في فترة أعياد الميلاد وهي مرتبطة بزيادة درجة حرارة المياه في المحيط الهادي، في السواحل الغربية للأكوادور والبيرو.
أثر الفراشة
وأشار المتخصص في تقييم الأثر البيئي في حديث لبرنامج ملفات سودانية يذاع يوم الأربعاء 7 أغسطس 2024 إلى أن الأوضاع في الكرة الأرضية يسيطر عليها نظام بيئي واحد مرتبط ببعضه، أو ما يعرف بأثر الفراشة، حيث تؤثر الظواهر التي تحدث في أقصى جنوب الكرة الأرضية على مناطق أخرى في الشمال والعكس صحيح. فالذي يحدث أن زيادة درجة الحرارة في المحيط الهادي يمتد تأثيرها إلى المحيط الهندي والتي يقع القرن الأفريقي في الجزء الغربي منه.
وقال الأستاذ ساري الحاج أن هذه الظاهرة تؤدي إلى زيادة معدلات الأمطار في شبه القارة الهندية ومناطق خط الاستواء وتمتد حتى القرن الأفريقي حيث ترتفع درجة الحرارة في المناطق الساحلية مما يخلق أجواء ذات رطوبة عالية تتيح تكوين السحب الممطرة، وهذا بالضبط ما يطلق عليه العلماء ظاهرة “النينيو” التي تعود بشكل متواتر مرة كل عامين إلى سبعة أعوام.
ومضى قائلا إن أخر مرة رصدت فيها هذه الظاهرة في منطقة القرن الأفريقي كانت في العام 2016 والذي شهد هطول أمطار غزيرة وفيضانات في السودان وخصوصا في شرق السودان.
واعتبر المتخصص في تقييم الأثر البيئي أن هذه الظاهرة وفي العام الحالي تزيد السودانيين وهنا على وهن، لأنها تزامنت للأسف مع استمرار الحرب والاقتتال والنزوح الكبير إلى مناطق شرق السودان، ما حول موسم الخريف هذه العام إلى أزمة للسودانيين.
التصحر والهجرة المناخية
وعن مؤشرات تأثر السودان بظاهرة التغير المناخي، قال الأستاذ ساري الحاج في حديث لبرنامج ملفات سودانية يذاع يوم الأربعاء 7 أغسطس 2024 إن أولى هذه المؤشرات هو زيادة الرقعة الصحراوية وشبه الصحراوية في السودان وزحف الصحاري إلى الجنوب لتغطي مناطق كانت تعتبر جزء من حزامي السافانا الغنية والفقيرة، يضاف إلى ذلك زيادة سنوات الجفاف. كما يمكن رصد تأثيرات هذه الظاهرة في بروز أنماط مختلفة من الهجرة إلى السودان من منطقة “الساحل” جنوب الصحراء الكبرى (النيجر ومالي ) باعتبار أن التغير المناخي لا يعترف بالحدود السياسية ويقود إلى ما يعرف “بالهجرات المناخية” التي تفوق الهجرات الناتجة عن الحروب والنزاعات، وتتوقع الأمم المتحدة أن يصل عدد المهاجرين المناخيين في العام 2025 إلى مليار و 200 مليون شخص.
ارتفاع أسعار السلع الغذائية
وأكد الأستاذ ساري الحاج أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية هو واحد من النتائج المباشرة للتغيير المناخي حيث يتأثر انتاج المحاصيل كنتيجة لغمرها بمياه الأمطار والفيضانات أو بسبب الجفاف الذي يؤدي إلى تقليص المساحات المزروعة. أخيرا، يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة في فصل الصيف وبما يفوق المعدلات المعتادة والطبيعية.