ذاكرة الثورة و المطر ../ قصة قصيرة
إرتفع صوت الرصاص فى ذاك النهار الصيفي ملعلعا كيفما أراد له مزاج الجنود الذين يضغطون على الزناد منفردا وحين يثقلون سباباتهم عليها لتتساقط أغلفة الرصاص على الأرض فى تتابع يزيد إرتطامها من وهن ذرات الرمال التى إحتضنت دماء الشهداء فى أسى ونواح ، إستدعت رباط جأشها فأكتست ملامح وجهها الأسمر بتقاطيعه الدقيقة كنبتة نعناع تداعب ما سقطت عليها من أشعة شمس لا تزال تغازل الصباح الحضور البهي ، بينها وسنون العمر ما تناقص بثلاثة أعوام من عمر السلطة المستبدة التى أسقطهتها ثورة الشعب بعد ثلاثة عقود ،كفيها كانتا توحي بأنهما لا تصلحان الإ للإمساك بريشة تلوين أو مبضع يعرف يضمد الجراح فى مهارة و إقتدار و يجبر الوجع أن يتئد على مهل ، أنهم يبيعون الكراهية فى سوق الثورة ،على أرصفتها افترشوا العبارات تحت سمع وبصر السماء ، يا لشارع الثورة الذى عمدته الهتافات التى ارتقت لتعانق السحاب فتضامن معها هطولا بلل شالات الصبيات و هامات الشباب الأسمر المحيا فأبطل مفعول الغاز المسيل للدموع الذى إستهدف ذرات الأوكسجين بسم النترات ، كأنه كان حلماً داعب الذاكرة بالإنعتاق ثم توارى ليطل زبد الزيف سارحاً كالطحالب فى كل الأمكنة .