د. الهادي إدريس: “حكومة سلام” لمنع تقسيم السودان
أمستردام: 1 يناير 2024: راديو دبنقا
رغم أن تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) قررت إحالة مشروع تشكيل حكومة بديلة إلى الآلية السياسية، إلا أن موضوع تشكيلها ما زال يثير الجدل بين مؤيدي إقامتها من أجل مواجهة سياسة تقسيم البلاد، والتمييز بين مواطنيها التي تتهم بممارستها الحكومة في بورتسودان، وبين رافضي المشروع باعتباره يؤسس لتقسيم فعلي للبلاد من خلال وجود سلطتين في بلد واحد يتنازعان المسؤولية.
برنامج ملفات سودانية التقى بالدكتور الهادي إدريس، رئيس الجبهة الثورية ونائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، وأحد داعمي مشروع الحكومة البديلة وحاورته حول رؤيته لهذا المشروع وتداعياته وحدة السودان وعلى وحدة القوى المدنية المناهضة للحرب.
حكومة بورتسودان فاقدة للشرعية
أعتبر الدكتور الهادي إدريس، أنه ومنذ حدوث انقلاب 25 أكتوبر 2021 على الحكومة المدنية لم تعد هناك شرعية للحكم في السودان. ونوه إلى أن الاتحاد الأفريقي جمد عضوية السودان وأصبح العالم يتعامل مع الحكومة باعتبارها حكومة أمر واقع.
وشدّد رئيس الجبهة الثورية على أن حرب 15 أبريل قد أنهت ودمرت النظام الدستوري بالكامل ولم يعد هناك وجود في مركز السلطة الذي تمثله العاصمة الخرطوم. وأضاف أنه بعد الحرب لم تعد هناك حكومة لها شرعية، لكن توجد دولة اسمها السودان، فيها مواطنين سودانيين يحملون الجنسية السودانية، هذه الدولة لا توجد فيها سلطة أو حكومة يمكنها التحدث باسم الشعب السوداني.
وأشار نائب رئيس تنسيقية “تقدم” إلى أنهم ظلوا يكررون المطالبة لطرفي الحرب بالذهاب إلى التفاوض من أجل إيقاف الحرب والتأسيس لسلطة شرعية تكون قادرة على تقديم الخدمات للشعب وتحفظ السودان كدولة. كل هذه الدعوات بالذهاب إلى التفاوض لم تقد إلى أي نتيجة حتى الأن، وقد فشل منبر جدة ومفاوضات جنيف بسبب تعنت الحركة الإسلامية التي تمثلها سلطة الأمر الواقع الموجودة في بورتسودان.
خطوات حثيثة نحو تقسيم السودان
ووصف الدكتور الهادي إدريس، في حديث لبرنامج ملفات سودانية يذاع الأربعاء 1 يناير، تعاطي الدعم السريع، كطرف ثاني، مع هذه الدعوات بالإيجابي عبر إرسال وفد عنه، لكن الطرف الآخر ظل يرفض. وفي ظل هذا الرفض ظلت حكومة بورتسودان تعمل على تأسيس مشروعية هي لا تمتلكها ومن ثم باشروا انطلاقا من بورتسودان إجراءات تقود حقيقة إلى تقسيم السودان.
وضرب رئيس الجبهة الثورية مثلا بإجراء امتحانات الشهادة في مناطق وحرمان مناطق أخرى من هذا الحق، وتساءل أين سيذهب هؤلاء الطلاب بعد ذلك بالنظر إلى أن غالبية مقار كل الجامعات الكبيرة والتي تستوعب أعداد كبيرة من الطلاب تتواجد في خارج مناطق سيطرة الجيش. واعتبر ذلك تسيساً مرفوضاً لقضايا التعليم.
وتطرق نائب رئيس تنسيقية “تقدم” إلى قضية تغيير العملة، معتبرا أن ذلك تأسيس لنظام مالي في جزء من السودان وتم التعامل مع الجزء الآخر وكأنه خارج السودان. ويمكن تفسير ذلك على أنه دعوة للسودانيين خارج مناطق سيطرة الجيش على إقامة نظام مالي خاص بهم وهو أيضا خطوة في اتجاه تقسيم البلاد. وحتى في موضوع إصدار الأوراق الثبوتية سواء أن كانت الجنسية أو الرقم الوطني أو قسائم الزواج وغيرها، هناك سودانيين محرومين حاليا من هذه الخدمات بينما سودانيين آخرين يتمتعون بهذه الخدمات.
الحركة الإسلامية عراب تقسيم السودان
واستطرد الدكتور الهادي إدريس، في حديث لبرنامج ملفات سودانية، قائلا إن ما يعرف “بالوجوه الغريبة” أصبح يمنع دخول مواطنين سودانيين من مناطق محددة إلى بعض مناطق البلاد وإلا تعرضوا للاعتقال والتعذيب. ووصف كل هذه الإجراءات بالتعسفية التي تمضي فيها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان بغرض تقسيم البلاد. وهذا أمر ليس بالجديد على الحركة الإسلامية التي سبق لها وأن قسمت البلاد بانفصال جنوب السودان، لأن هم الحركة الإسلامية هو البقاء في السلطة حتى ولو في رقعة صغيرة من البلاد.
وخلص رئيس الجبهة الثورية إلى أنه لمنع كل ذلك، رأينا أنه لا بد من تأسيس سلطة حقيقية تمثل الشعب السوداني ولذلك نحن نتحدث عن حكومة السلام في كل أنحاء السودان وليس حكومة منفى. هذه الحكومة تعالج كل هذه المشاكل وتقدم الخدمات الضرورية للمواطنين وتخاطب العالم بشأن قضية القصف بالطيران الذي تستهدف به حكومة الأمر الواقع جزء من المواطنين وبسبب تواجدهم في مناطق سيطرة الدعم السريع التي انسحب منها الجيش وهرب تاركا المواطنين لمصيرهم.