د. أحمد بابكر: الصادق المهدي والمؤتمر الوطني ومسرحيات الاستغفال المكشوف ..

منذ فترة ليست بالقصيرة يمارس النظام بمعية حليفه الاستراتيجي ومبعوثه الخاص (المعارض) السيد الصادق المهدي، مسرحيات لتعزيز دور الاخير وأولاده …

د. احمد بابكر(كالات)

بقلم: د. أحمد بابكر

 

منذ فترة ليست بالقصيرة يمارس النظام بمعية حليفه الاستراتيجي ومبعوثه الخاص (المعارض) السيد الصادق المهدي، مسرحيات لتعزيز دور الاخير وأولاده وإضفاء صفة المعارضين عليهم للقيام بأدوار مختلفة ومنسجمة، مهمتها إفشال أي محاولة لإسقاط النظام .

وقد برع الرجل طوال مسيرته الممتدة في إجادة هذه الأدوار، وذلك من خلال قدرته المهولة في صناعة المواقف الملتبسة والتي تعمل بشكل مركزي على تفتيت المعارضة لصالح ذهابها وجلوسها مع النظام فيما يعرف بالحوار.
الملاحظ أن مهمة الرجل الأساسية أصبحت هي التنسيق مع النظام والمجتمع الدولي لاستقطاب المنظومات المعارضة لصالح ما يعرف بالاندغام في النظام عبر مصطلحات فضفاضة مثل الحل السياسي الشامل (اسم الدلع للهبوط والانبطاح الناعم ).

لذلك أصبح يمارس مهمته من خلال آلية الخروج والدخول في تهتدون، وتفلحون ووو… إلخ.

وأخيراً أطل علينا بما أسماه العودة الغانمة، وأعتقد أن المقصود بالغانمة هو ثمرة جهوده الحثيثة التي بذلها منذ أن قبض عليه وهو يحمل خطابه الذي يدعو فيه قادة الإنقلاب للحوار، وبعدها تم تكليفه بتفتيت التجمع الوطني الديمقراطي عبر خروجه في تهتدون.

فهو يعلن بذلك أن جهوده قد كللت بالنجاح في إضفاء شرعية على خطوته الأساسية وهي الاندغام في النظام بمباركة دولية مستصحباً معه بعض قادة الحركات المسلحة التي فقدت قواتها وقوتها، وأصبح قادتها مجبرين أن يلتحقوا بالإمام الذي مارس انتهازيته واغتنم الفرصة التاريخيّة باستغلال ضعفهم بعد أن أصبحوا مجرد قوى اسفيرية.

في المقابل كان على النظام والقوى الإقليمية أن تصنع من المهدي مناضلاً في عيون أنصاره وعيون الشعب السوداني والذي سيأتي للخرطوم فاتحاً لانتزاع حقوق الشعب السوداني المغتصبة (بالحوار).

ومن خلال هذا المنطق والتفكير تم نسج وتأليف كثير من المسرحيات لمحاولة استغفال الشعب السوداني، في توجه يؤكد عدم تقديرهم له ولتضحياته. فالرجل بعد إفشاله لهبة سبتمبر بمعاونة المؤتمر الشعبي وقوى البطش الانقاذية اشترك في حوار الوثبة الشهير والذي جاء كردة فعل لهبة سبتمبر المجيدة ولامتصاص آثارها وتداعياتها، ووضح من ذلك اللقاء الذي زينه (الإمام) الصادق المهدي بمعية أحزاب الفكة، أن هذا الأمر يحتاج لاستقطاب القوى المعارضة، ولذلك كان خروجه حيث التقى بأعضاء الجبهة الثورية وكان إعلان باريس والذي تحدث عن الحل السياسي الشامل بصورة ضبابية، وذلك كمقدمة لتكوين مايعرف بنداء السودان والذي كان أكثر وضوحاً في استناده على أرضية قرارات الآلية الأفريقية وخاصة القرار (456) وفحواه إقامة تسوية سياسية بين المعارضة ونظام الحركة الإسلامية الحليف الإستراتيجي للصادق المهدي. كما وصف هذه العلاقة في أحد تصريحاته الكثيرة إبان الديمقراطية الثالثة والذي كان عنصراً أساسياً في تقويضها.
ومهمة الصادق المهدي الأساسية بالتنسيق مع النظام والمجتمع الدولي من تكوين تحالف نداء السودان هي:
1.
استقطاب كل القوى السياسية المعارضة المدنية والعسكرية للتسوية مع النظام.
2.
تفتيت تحالف قوى الإجماع الوطني، وهو التحالف الذي تقوم استراتيجيته على إسقاط هذا النظام وإقامة بديل جذري يشكل قطيعة مع كل أسباب الفشل منذ 56، وذلك من خلال استقطاب بعض أطرافه التي ليس لها مشروع وطني بقدر ماتحكمهم مشاريعهم الذاتية، وقد نجح في ذلك إلى حد ما، لولا أن تداركت قوى الإجماع تآمر هذه القوى وفصلتها من التحالف.

3.تشكيل منظومة سياسية تحافظ على جوهر سياسات ونهج نظام الإنقاذ وكذلك المحافظة على ملامح سودان مابعد الاستقلال لاستمرار عملية النهب الاستعماري بشكل موسع وكذلك الحفاظ على مصالح وامتيازات الشرائح التي صنعها الاستعمار لقيادة البلاد وهذا مايهم الصادق المهدي، فهو يسعى بشكل مستميت للحفاظ على مصالح وامتيازات أسرته الطبقية والاجتماعية والسياسية، لأن أي ثورة تقود إلى تغيير جذري سوف تطيح بآمال وامتيازات هذه الأسرة، مما يهدد بإخراجهم تماماً من دائرة الفعل والتأثير السياسي، بل أكثر من ذلك ربما سيفقدون هيمنتهم على حزب الأمة، والذي ربما ستقوده بشكل كامل قيادات من غمار الشعب تعمل على تحقيق أهداف أهلهم الذين ارهقهم التخلف والجهل والمسغبة، وليس كما هو حاصل الآن من استغلال هذه الجماهير الكادحة لصالح إمتيازات أسرة وبعض المرتبطين معها.

عودة المنصورة وفصل جديد في عملية محاولة استغفال الشعب السوداني:

لإضافة كارزما مفقودة، تم إضافة وإضفاء لقب على الدكتورة مريم الصادق المهدي، فاطلقوا عليها المنصورة، وعبره تم تمريرها بمواقف بطولية مصنوعة، ليتم ترسيخها كقيادية في حزب الأمة ومناضلة شعبية، عموماً هذا أمر يخص أعضاء حزب الأمة، لكن مسرحيتها الأخيرة التي ارتبطت بعودتها تجاوزت فيها كل قواعد احترام عقول الناس، حيث بدأت إرهاصات العودة بخطاب هتافي انتحاري بطولي ولكنه ساذج ومضحك حيث قالت لن يستطيع إنس ولاجن أن يمنعها من العودة للوطن.
طبعاً مثل هذا التصريح يعطي احساس بأن هناك حصار جوي وبحري لمنع عودة بنت الصادق المهدي، وإنها إذا حاولت العودة ربما يتم استخدام السلاح النووي لمنعها من دخول البلاد.
طبعا الجميع كان يعرف أن هذا نوع من التهريج لإضفاء بطولة مزيفة تعطي زخماً للعودة، فقط الذين لم يكتشفوا هذا الاستغفال، هم مجموعة أدمنت الاستغفال، وهم على استعداد لتصديق كل مايقوله الإمام الصادق وبنته الدكتورة مريم.
وإمعاناً في عدم احترامها لجماهير الأنصار القليلة التي كانت تتمنى أن تكتحل أعينها برؤية السيدة المنصورة، (وبعد أن تم استقبالها استقبالاً رئاسياً كامل الدسم في الصالة الرئاسية)، تجاهلت المستقبلين وركبت السيارة الرئاسية لتقلها لمنزلها، ليطل علينا تصريح أكثر سذاجة بأن المنصورة اختطفت من المطار لمنزلها بالصافية.
نتمنى من النظام أن يعوض هذه الأسرة الملكية خيراً عند عودة الإمام بعمل أي شيء يهيل عليه قبس من بطولة زائفة.

والله المستعان.

 

Welcome

Install
×