دراسة تدعو لدعم الموسم الزراعي وتؤكد استحالة سد المجتمع الدولي للاحتياجات الإنسانية للسودانيين (1ـ2)
امستردام:11/ يوليو/2024م: راديو دبنقا
عرض: سليمان سري
دعت دراسة حول العون الإساني الأسرة الدولية إلى التفكير في انجاح الموسم الزراعي المقبل 2024م، والمواسم التي تليه في القطاع الزراعي المطري التقليدي ودعم الزراعة المروية، مشيرة إلى استحالة أن تسد الأمم المتحدة والمنظمات، احتياجات إنسانية لأكثر من 40 مليون مواطن، واعتبرت أن الكارثة الإنسانية في السودان حالة نادرة تواجهها الأسرة الدولية، بحرب الخامس عشر من أبريل 2023م، وأشارت إلى أن كثير من النزاعات والكوارث الإنسانية تظل محصورة في نطاقات جغرافية محددة في بلد ما ويتضرر منها جزء من السكان وليس جميعهم. وأوصت الدراسة بتشكيل أربعة آليات لتسهيل تقديم العون الأنساني.
رفع الوعي:
وقال مقدم الدراسة الخبير في فض المنازعات وبناء السلام إبراهيم موسى زريبة: إنَّ المعالجات في كارثة السودان تبدأ من رفع وعي المجتمع المدني ومنظمات العون الانساني المحلية والدولية بفداحة الكارثة، إضافة إلى تنوير المانحين والسكان المتضررين من الحرب والقيادات المجتمعية المحلية بفداحة الكارثة ومطلوبات التصدي لها ورفع قدرات أطراف الحرب وتبصيرهم بالالتزامات والمبادئ الحاكمة للعون الإنساني وضرورة امتثالهم لها .
ورأى زريبة في الدراسة التي حصل عليها “راديو دبنقا ” بعنوان ” العون الانساني للسودان، التحديات والفرص”، إن الواقع المظلم الذي يواجهه كل السكان المدنيين في السودان يستدعي تدخلات عاجلة لتقديم العون الانساني، مشيراً إلى أن هذا التدخل يحتاج الى دور أقوى من المجتمع المدني السوداني وشبكاته القانونية والإنسانية إلى جانب القوى السياسية والتواصل مع المانحين والمجتمع الدولي لتقديم العون الإنساني والضغط على الأطراف المتحاربة لتحسين بيئة العمل الإنساني.
ودعا زريبة إلى إلى دعم الأنشطة الاقتصادية وحمايتها وانعاش الظروف المعيشية ودعم قيام المشروعات الإنتاجية وتقديم الخدمات الاساسية للسكان ، ورأى أن إحلال وبناء السلام هما الأفضل والأمثل والنهائي للكارثة الانسانية في السودان .
معوقات:
وأوضح الخبير في فض النزاعات إبراهيم زريبة في دراسته أن تقديم المعونات الإنسانية يواجه الكثير من المعوقات مثل الإعتداءات المتكررة على القوافل وإغلاق الطرق نتيجة لتوسع الرقعة الجغرافية للحرب إلى جانب القيود الإدارية وما وصفه بالبيروقراطية التي تعيق المنظمات من الوصول إلى المتضررين.
وقال “تلك المعوقات تتعارض مع القانون الدولي الإنساني والمبادئ الحاكمة لتقديم العون الانساني”، مشدداً على ضرورة التدخل العاجل من الأسرة الدولية لتلبية الاحتياجات الملحة للمتضررين من الحرب ودعم الأنشطة الاقتصادية كالزراعة وتأمين التجارة والرعي مع المنظمات الدولية.
مؤكداً أن حرب الخامس عشر من ابريل 2023م، قد أعاقت كل الانشطة الاقتصادية في الزراعة والتجارة والاستيراد والتصدير، والقطاعين العام والخاص والمهن الحرة مما افقدهم موارد رزقهم وأصبحوا في حاجة لتقديم العون الانساني .
نازحين قدامى:
وأشارت الدراسة إلى أن شريحة النازحين القدامى من حرب إقليم دارفور التي اندلعت في العام 2003 قد وصلت نحو “2.5 ” مليون شخص وفي اقليم النيل الازرق “739 ألف” شخصًا إلى جانب أعداد مماثلة في جبال النوبة.
وقال زريبة ” كلهم يعانون بشكل استثنائي نتيجة خروج المنظمات التي كانت تقدم لهم الغذاء والخدمات وطنية كانت أم اجنبية “، منوهاً إلى أن النازحين فقدوا الحقوق الأساسية التي نصت عليها اتفاقيات السلام السابقة والتي لم تنفذ إلى جانب الحقوق التي نصت عليها “الاستراتيجية للحلول المتكاملة للنازحين واللاجئين” والتي أجيزت في مارس 2023م، جراء غياب الدولة والحكومة التي وقعت على اتفاقيات السلام .
وقال زريبة إن تمدد الحرب إلى ولاية الجزيرة واصبحت على تخوم ولاية القضارف وهما من الولايات الأكثر انتاجا للغذاء، وهو ما ألقي بآثار سالبة على كل السودان، مشيراً إلى أن المعوقات في تدفق الاغاثة عبر ميناء بورتسودان وعدم توفر طرق بديلة لإيصال الاغاثة قد جعل الأوضاع كارثية.
وقال ” لقد أدت الحرب المطولة في دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة إضافة للحرب الحالية إلى إفقار شريحة كبيرة من الرعاة الرحل وهم ايضاً في حاجة إلى تقديم العون الإنساني مثلهم مثل سائر شرائح الشعب السوداني”، معتبراً أن الواقع الذي افرزته الحرب يؤكد على أن جملة سكان السودان في حاجة للغذاء وأن الأمر لم يعد يقتصر على النازحين أو المهجرين القدامى أو الجدد.
وتابع ” لن تستطيع الأمم المتحدة ولا دول العالم مجتمعة توفير لما يقارب 40 مليون نسمة يواجهون خطر المجاعة والأمم الأمم المتحدة استطاعت أن توفر 16% من احتياجات السودان للعون الانساني”.
وعدَّ مقدم الدراسة إبراهيم زريبة أن تزامن الحرب مع المجاعة قد يفضي إلى “حالة الطوارئ المعقدة “، وقال “هي حالة تتزامن فيها النزاعات المسلحة مع كوارث إنسانية أخرى”.
توصيات
واعتبر مقدم الدراسة، الخبير في فض النزاعات وبناء السلام إبراهيم موسى زريبة، أن الآلية الأولى تتمثل في تشكيل اللجنة الخاصة بالعون الإنساني، حال تم توقيع اتفاق لوقف العدائيات فان مثل هذه اللجنة تكون مشتركة بين الأطراف مع تمثيل الأطراف الدولية المعنية بالشأن الانساني مثل الأمم المتحدة ودولتي الوساطة. وحددت الدراسة مهة اللجنة في تنسيق الأنشطة المتعلقة بالعون الانساني والإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية.
واعتبرت الدراسة التي جاءت تحت عنوان “العون الإنساني.. الفرص والتحديات” أن الآلية الثانية تتمثل في اللجان الانسانية الفرعية تشكلها لجنة العون الانساني في مواقع التوزيع تمثل فيها المجتمعات المتضررة لتقوم بعملية التوزيع.
بينما أوضحت الدراسة أن الآلية الثالثة تتمثل في فرق تقييم الاحتياجات المشتركة تقوم بمسح الاحتياجات الميدانية الفعلية لمتضرري الحرب، في مناطق سيطرة الأطراف مهمتها القيام بتقييم شامل لاحتياجات المواطنين، أو الاعتماد على بعض المنظمات الوطنية المتفق حولها لإجراء تلك التقييمات التي قد تشمل حصر الاحتياجات وترتيب الأولويات وتحديد المخاطر التي قد تعيق تقديم العون الإنساني.
وتمثلت الآلية الرابعة في تشكيل الهيئات الادارية المختصة بالعون الانساني في مناطق سيطرة الأطراف، بهدف تيسير عملية تقديم العون الإنساني لضحايا الحرب, تنسق اللجنة الانسانية أعمالها مع الجهات الادارية المعنية بالعون الانساني في مناطق سيطرة الاطراف مثل: مفوضية العون الانساني، الوكالة السودانية للاغاثة والعمليات الإنسانية في مناطق سيطرة الدعم السريع, الهيئة العامة للعمل الانساني والمنظمات في أماكن سيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد النور وأي أجسام إدارية يتم إنشاؤها في مناطق سيطرة أطراف أخرى حاملة للسلاح, على أن تتبع تلك الهيئات إجراءات إدارية مرنة تشجع على تقديم المساعدات الانسانية وتوفر البيئة المواتية لعمل المنظمات.
تدخلات:
من أهم التوصيات الواجب الالتزام بها لتشكيل الآليات أعلاه، هو الوصول إلى اتفاق وقف عدائيات لأغراض إنسانية بين الاطراف المتحاربة، وجميع الأطراف الأخرى الحاملة للسلاح والتي لها مناطق سيطرة واضحة يكون نطاقه كافة أرجاء السودان.
واعتبر الباحث مقدم الورقة إبراهيم زريبة أن اتفاق وقف العدائيات هو خطوة ضرورية لبناء الثقة ويمهد لعملية سياسية شاملة تنطلق في منبر جدة بشكل متزامن، تشارك فيها القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح والمجتمع المدني، وتحدد فيه ملامح المرحلة الانتقالية (مرحلة التأسيس)، وكيفية ادارتها ومهامها وطولها.
ورأى بأن العملية السياسية تتزامن مع مفاوضات عسكرية تنتهي باتفاق وقف اطلاق نار دائم وتضع المبادئ والأسس اللازمة لإعادة تأسيس وبناء الجيش الوطني المهني الجديد بالاضافة لإعادة تأسيس وبناء أجهزة الشرطة والمخابرات العامة.
ودعا إلى أن يشمل اتفاق وقف العدائيات خطة عمل مشتركة لتقديم العون الانساني ويتم تنفيذها بشكل فوري. لكنه استدرك بأنه في حالة تعذر الوصول إلى اتفاق مشترك لوقف العدائيات لأغراض انسانية، اقترح أن توقع الأطراف منفردة مع الأمم المتحدة والتوصل إلى التزامات واضحة ناحية حماية وتسهيل وصول المساعدات الانسانية للمتضررين.
ودعا زريبة إلى أهمية التفكير في انجاح الموسم الزراعي المقبل 2024م، والمواسم التي تليه في القطاع الزراعي المطري التقليدي, ودعم الزراعة المروية بتوفير التقاوي ومدخلات الانتاج الزراعي الأخرى والمبيدات لمكافحة الآفات الزراعية والجراد الصحراوي بالإضافة الى توفير الغذاء والحماية للمزارعين. منوهًا إلى أنه ليس من السهل على الأسرة الدولية منظمات ودول أن تقدم الاغاثة والمعونات الانسانية لكل الشعب السوداني الذي يفوق تعداده الثمانية وأربعين مليون نسمة.
دعم الأنشطة:
كما طالب بضرورة التفكير في دعم قيام الانشطة الاقتصادية الأخرى وسبل كسب العيش للمواطنين لأن الموارد المتاحة للأمم المتحدة والمانحين حاليًا تغطي فقط 16% من احتياجات السودان للمعونات الانسانية بالداخل، والتي قدرت بشكل مجمل بحوالي (2.7) مليار دولار، في المؤتمر الدولي الإنساني الذي انعقد بباريس في 15 أبريل 2024م، ورأى أنه من المستحيل مجابهة المجاعة المحدقة والكارثة الانسانية في السودان بهذا التمويل المحدود.
وأصى مقدم الدراسة التي حصل عليها “راديو دبنقا” إلى الاستمرار في حشد الموارد من أجل السودان، ورأى أن تبادر دولتي الوساطة والمراقبون والفاعلون المهتمون بالشان السوداني بدعوة الأسرة الدولية, دولآ ومنظمات, لحشد الموارد من أجل انقاذ الشعب السوداني بتقديم العون الانساني له كما وتسهم الأطراف المحتربة أيضًا في مناشدة الأسرة الدولية لانقاذ الشعب السوداني من خطر المجاعة المحدق.
وطالب بأن تقوم دولتي الوساطة السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بدعوة الأسرة الدولية إلى ما سماه بعقد “مؤتمرمانحين إنساني” يستند على مخرجات وتقييمات مؤتمر باريس المذكور أعلاه لاحتياجات العون الانساني للسودان.
شراكات غير مسيسة:
وأكد مقدم الورقة الخبير في فض المنازعات وبناء السلام ابراهيم زريبة على تهيئة البيئة لعمل المنظمات الوطنية والمنظمات المحلية المختصة بالشأن الانساني. ونصح بتطوير شراكات جديدة مع جهات دولية جديدة غير مسيسة دولًا كانت أو منظمات لتقديم العون الانساني لمتضرري الحرب في السودان، مشيرًا إلى تجارب سابقة مثل تجربة الكويت واعمار شرق السودان والنرويج وجنوب السودان.
ونادت التوصيات بحسب الدراسة بتشجيع برنامج العودة الطوعية للنازحين بتوفير الحد الأدني من الخدمات في أماكن العودة ودعمهم في ممارسة الانشطة التقليدية مثل الزراعة والحرف المدرة للدخل، منوهًا إلى الاسرة الدولية لن تستطيع تلبية حاجة السودان للمعونات الإنسانية والخدمات.
وأوصت الدراسة بمعالجة الوضع الإنساني للرحَّل، وطالبت بالقيام بترتيبات العون الانساني فيما يتعلق بالأمن والإعاشة والتنقل الآمن للرحَّل، خاصة فيما يتعلق بوجودهم أو تحركاتهم عبر المناطق المتأثرة بالنزاع.
وأكدت على الاتفاق على تدابير تمكن الهيئات العاملة في مجال العون الانساني من تقديم المعونات الانسانية، وذلك بالسماح الفوري وتسهيل حركة الملاحة الجوية لطيران الأمم المتحدة لنقل المعونات الإنسانية والأفراد العاملين في مجال العون الإنساني بتشغيل المطارات الولائية في كل انحاء السودان.
كما نصحت بالسماح الفوري وتسهيل استخدام الطرق البرية المتاحة والبديلة لإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة تأهيل الطرق واستخدام الطرق القادمة من دول الجوار مثل مصر, ليبيا, تشاد, جنوب السودان, بالكيفية التي تتفق عليها الأطراف وتعتمدها ” اللجنة الخاصة للمساعدات الانسانية”.
وشددت التوصيات على أن الأطراف ملزمة بموجب القانون الدولي الانساني بضمان العبور السلس للإغاثة الإنسانية وحرية تنقل العاملين في مجال العون الإنساني، على أن تتعهد الأطراف بأن لا تتخذ من عمليات العون الإنساني وسيلة لتحقيق مصالح أو أفضيلة عسكرية بأي شكل من الأشكال، مثل نقل الذخائر والعتاد العسكري أو استغلالها للعمل الاستخباري. اليات الرقابة المشتركة شاملة الامم المتحدة والوسطاء.