الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الهيئة القيادية لتنسيقية تقدم _ مصدر الصورة صفحة تقدم بالفيس بوك


أمستردام: 12 ديسمبر 2024: راديو دبنقا
هل يقود الخلاف بشأن تشكيل الحكومة البديلة والصيغة الأمثل لنزع الشرعية عن حكومة بورتسودان إلى انقسام تنسيقية القُوَى الديمقراطية المدنية “تقدم”؟ هذا السؤال فرض نفسه بقوة منذ نهاية اجتماعات الهيئة القيادية لتقدم الذي انعقد في كمبالا في الفترة
من 3 إلى 6 ديسمبر 2024 الحالي. ورغم اتفاق طرفي الخلاف داخل “تقدم” على إحالة الأمر برمته للجنة السياسية لتبت فيه بشكل يحفظ وحدة التنسيقية، فإنه من الواضح أن طرفي الخلاف فشلا في الاحتفاظ بخلافتهما داخل أروقة “تقدم” وخرجا بخلافهما إلى العلن ليزيد الأمر تعقيدا جديدا لواقع سمته الرئيسية التعقيد.

ثلاث محاور للخلاف
يمكن تلخيص الخلاف في ثلاث محاور، أولها يتعلق بنزع الشرعية عن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان. حيث يرى الطرف المعارض لمقترح الحكومة البديلة ألّا شرعية محلية أو دولية لأي حكومة في السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 وأن التعامل مع الحكومة في بورتسودان يتم على أساس أنها حكومة أمر واقع. لكن الطرف الآخر يرى أن الحكومة في بورتسودان أضحت تتمتع بكل امتيازات الشرعية وبالتالي لا بد من نزع هذه الشرعية عنها عبر حكومة تجد الاعتراف داخليا وخارجيا.
المحور الثاني للخلاف يتعلق بصيغة الحكومة التي يفترض تشكيلها، حيث يدعو مؤيدو المقترح إلى تشكيل حكومة سلام تكون مهمتها تقديم الخدمات للمواطن في كل بقاع السودان وتعمل على إحلال السلام في ظل حصر حكومة بورتسودان للخدمات في الولايات التي تسيطر عليها ورفضها للانخراط في أي عملية سلمية، بينما ظلت قوات الدعم السريع تبدي استعدادها للتفاوض والانخراط في أي عملية سلمية. بالمقابل، يشدد معارضي المقترح على أن مثل هذه الحكومة البديلة لا يمكن أن تمارس سلطاتها إلا في المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش وبالتالي هي ستكون جزءا من مخطط تقسيم السودان بين طرفي الحرب، وأن “تقدم” لا يمكن أن تلعب دورا في إحلال السلام طالما أنها انحازت لأحد طرفي الحرب. ثالث محاور الخلاف يتعلق بمقر هذه الحكومة، حيث يرى معارضي المقترح أن ممارسة الحكومة البديلة لمهامها في مناطق الدعم السريع سيجعلها تحت سطوته، ثم أن تجربة الإدارات المدنية في مناطق الدعم السريع أوضحت استحالة العمل باستقلالية عن قواته، بالإضافة إلى أن المقترح ويخرج “تقدم” عن حيادها المعلن لتنحاز إلى أحد طرفي الحرب بوضوح.
بينما يرى الطرف المؤيد للاقتراح أن الدعم السريع متواجد في أكثر من 12 ولاية وأن هذه الولايات لا توجد فيها قوات للجيش إلا في جزر معزولة تجعل ممارسة حكومة بورتسودان لسلطاتها عليها مستحيلة لذا فإنّ وجود حكومة بديلة في هذه المناطق أمر ضروري لا ينبغي تركه لقوات الدعم السريع.

الحكومة البديلة ستقود لتفتيت وحدة السودان
وكشف الناطق الرسمي وعضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، جعفر حسن، أن الاجتماع الأخير “لتقدم” في كمبالا خصص يوما كاملا للقضايا السياسية وفي مقدمتها قضية شرعية حكومة بورتسودان واستخدام هذه الشرعية في تفتيت الدولة السودانية والتمييز بين السودانيين. وأضاف الناطق الرسمي باسم تقدم في حديث لراديو دبنقا بأن النقاش دار حول كيفية نزع الشرعية من حكومة الأمر الواقع في بورتسودان وصيغ تنفيذ ذلك، وتم طرح العديد من المقترحات في هذا الجانب من بينها تكوين جبهة مدنية عريضة، التقدم نحو عملية سياسية بمائدة مستديرة. وكان واحد من الخيارات التي طرحت خلال الاجتماع هو أن يتم نزع الشرعية عن حكومة بورتسودان عن طريق تشكيل حكومة والحق المقترح بمبررات عدّة. وأكد جعفر حسن أن مناقشات واسعة قد جرت بشأن هذا المقترح وظهر خلال ذلك وجهة نظر أخرى تقول بأن هذه الحكومة سيتم تشكيلها إما في المنفى، وهنا لن تكون ذات جدوى لعدم قدرتها على العمل على الأرض ولعدم امتلاكها لقوة لإنفاذ القانون وإدارة المؤسسات. أما في حال تشكيل الحكومة في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الجيش والتي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وأن هذا الخيار سيقود بدوره إلى تفتيت وحدة السودان. ونوه القيادي بتنسيقية تقدم في حديث لراديو دبنقا إلى أن هناك اتفاق بين الطرفين على فكرة نزع الشرعية، لكن لم يتم الاتفاق في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية على فكرة قيام حكومة ولذلك لم تضمن الفكرة في البيان الختامي أو الرؤية السياسية الصادران عن اجتماع الهيئة القيادية.

حكومة للسلام وتقديم الخدمات
من جانبه، أكد عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية والقيادي بالجبهة الثورية، أحمد تقد، أن موضوع تشكيل حكومة سلام والإجراءات المطلوبة لسحب السلطة المختطفة من مجموعة بورتسودان ظل يتداول منذ وقت طويل في أروقة “تقدم” وكل المهتمين بالشأن العام السوداني. ونوه إلى أن المؤتمر التأسيسي لتقدم اتخذ قرار بالإجماع ينص على أن حكومة الأمر الواقع حكومة غير شرعية ومنذ انقلاب أكتوبر 2021. وأوضح القيادي بالجبهة الثورية في حديث لراديو دبنقا إلى أنه على خلفية هذا القرار طرح السؤال حول من الذي يمثل الشرعية السودانية. والطبيعي أن الشرعية تذهب للشعب ولثورة ديسمبر المجيدة مع استصحاب كل التغيرات السياسية التي طرأت بعد انقلاب 21 أكتوبر بما فيها الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023.
ومضى القيادي بتنسيقية “تقدم” قائلا إن القرار كان أن الجهة التي تمثل الثورة والشرعية هي حكومة الثورة ورئيس وزراء حكومة الثورة ما يفترض أن تتقدم هذه المجموعة وتتخذ قرارا سياسيا بشأن استعادة الشرعية وتمثيل الشعب السوداني ومنازعة شرعية حكومة مجموعة بورتسودان في الدوائر الخارجية وتمثيل الشعب السوداني خارجيا وكذلك داخليا في مجابهة قضايا الحرب والسلام.
واعتبر أحمد تقد في حديث لراديو دبنقا أن هناك تيار عريض في داخل “تقدم” يعتقد بأن الوقت قد حان لاتخاذ قرار شجاع وتبني خطوات عملية لتشكيل حكومة بالنظر إلى أنها أصبحت تمثل ضرورة. وأشار إلى أن الحرب خلقت واقعا جديدا وأن مجموعة بورتسودان تمارس السيادة والسيطرة على 6 ولايات، بينما هناك أراضي شاسعة وملايين السودانيين في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع محرمون من الخدمات الأساسية ومن المنافذ التي تسمح بمرور العون الإنساني. وفي ظل رفض حكومة بورتسودان للدخول في أي مفاوضات سلام ورغم مواقف الدعم السريع ورغبته الواضحة في تحقيق السلام والاستقرار عبر وقف الحرب وفتح البلاد أمام الانتقال السياسي، خلص أحمد تقد إلى أنه قد جاء الوقت لاتخاذ قرار شجاع بتشكيل حكومة سلام لمجابهة التحديات التي تواجه الشعب السوداني في تحقيق السلام وتقديم الخدمات الضرورية للشعب السوداني آلاما وجراحا لا توصف ولكن المصاب لن يموت! لن تموت إرادة الحرية والكرامة والسلام العادل في ظل دولة مدنية ديمقراطية.

Welcome

Install
×