صورة تكشف عن تضرر جسر جبل أولياء - ارشفية-مواقع التواصل الاجتماعي

أمستردام: 12 سبتمبر 2024: راديو دبنقا

خلال الأيام الثلاث الماضية، تداولت حسابات موالية للقوات المسلحة على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن قيام طيران الجيش بقصف تمركزات لقوات الدعم السريع في منطقة جبل أولياء، وأنه نجح خلال هذه الغارات في تدمير الجسر الذي يربط بين جانبي الخزان. واحتفت هذه الحسابات بهذه العملية باعتبارها تسمح بقطع الامدادات البشرية عن قوات الدعم السريع والتي تأتي من مناطق غرب السودان، وكذلك الامدادات الغذائية والعسكرية للقوات المتواجدة في الخرطوم وشرق النيل والخرطوم بحري.

وتزامن ذلك مع نشر منصة “واكب”، وهي منصة إخبارية موالية للقوات المسلحة، بتاريخ 11 سبتمبر صورة التقطت بواسطة القمر الصناعي مصدرها شركة BlueBell لصور الأقمار الصناعية، قيل عنها أنها صورة حديثة لخزان جبل أولياء بدون تحديد تاريخ التقاطها، لكن الصورة لا تظهر أي أثر لتدمير أو خسائر على الجسر.

وعندما قارن فريق دبنقا للتحقق هذه الصورة مع صورة بالقمر الصناعي ملتقطة عبر منصة “قوقل إيرث” يتضح أن الجزء المتأثر هو في الجانب الغربي من الجسر حيث أصيبت الرافعة التي تقوم بفتح البوابات وسقطت في الاتجاه الجنوبي من السد. وعند تعليقه على ذلك، يقول خبير في مجال السدود تحدث إليه راديو دبنقا، وطلب عدم الكشف عن هويته، أن الرافعة كما يبدو من الصور سقطت ولم تتدمر وبالتالي لن يكون من الصعب إعادتها للعمل.

تغيير موقع الجسر

في نوفمبر 2023، تعرض جسر خزان جبل أولياء، وهو جسر يمكن فتحه للسماح بعبور السفن النهرية، تعرض لهجوم لم يؤد إلى تدميره بالكامل، بل أدى إلى فصل الجزء الذي يربط بينه والطرف الشرقي للخزان. ولأهمية الجسر الاستراتيجية، سارعت قوات الدعم السريع إلى صيانة الجسر وإعادة تشغيله.

وتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ذلك الوقت الاتهامات بتدمير جسر خزان جبل أولياء على النيل الأبيض الذي يربط بين الخرطوم وام درمان ويقع على بعد 44 كيلومتر جنوب العاصمة السودانية.

وقال خبير سوداني في مجال السدود، طلب عدم الكشف عن هويته، إن ما حدث حينها لم يكن تدميرا للجسر، بل تم رفع الجزء المتحرك في الجسر الحديدي الذي يستخدم لتمكين السفن النيلية من العبور وذلك بغرض منع مرور قوات الدعم السريع وأن ذلك لم يؤثر على هيكل السد.

وعند مقارنة فريق دبنقا للتحقق صور نشرت عبر منصة “قوقل ايرث” تم التقاطها في أبريل 2023، أي في الأيام الأولى للحرب، وأخرى التقطت في مايو 2024 بعد عام من اندلاع الحرب، نلاحظ أن الجسر تمت صيانته وأعيد تركيبه في موقع يقع على بعد عدة أمتار من موقعه السابق على الطرف الغربي للخزان. وتم فتح مسار جديد للسيارات المنطقة الوسطى التي تمتد من الجنوب إلى الشمال الأمر الذي يسمح بمرور السيارات الصغيرة والشاحنات المتوسطة بدون حدوث مخاطر تؤدي لانهيار الجسر من جديد.

أهمية منطقة جبل أولياء

تعتبر منطقة جبل أولياء الواقعة على بعد 44 كيلومتر جنوب الخرطوم على الضفة الشرقية للنيل الأبيض من المواقع العسكرية الحيوية للجيش السوداني. حيث توجد في هذه المنطقة قاعدة النجومي الجوية التي تعتبر واحدة من أهم أربع قواعد جوية بالبلاد. كما تُعد حامية جبل أولياء من أقدم الحاميات العسكرية للجيش السوداني بالخرطوم. ومن موقعها الاستراتيجي المذكور عُهد إليها حراسة البوابة الجنوبية للخرطوم.

تبعاً لذلك، فإن السيطرة على المنطقة تعني التحكُّم بشكل كبير في جزء مهم من المداخل الجنوبية للعاصمة السودانية. والمتابع لمجريات الصراع يجد أن احتدام المعارك حول المنطقة اشتعل بشراسة بعد وقت قصير من الدمار الذي لحق بجسر شمبات الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان نوفمبر الماضي.

ونجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على كل المنشئات العسكرية في المنطقة ما أتاح لها تحييد القاعدة الجوية الرئيسية لطائرات الهيلوكوبتر والثالثة من حيث الأهمية في ولاية الخرطوم بعد قاعدة الخرطوم الجوية (مطار الخرطوم) وقاعدة وادي سيدنا الجوية (أمدرمان).

واتاحت سيطرة الدعم السريع على منطقة جبل أولياء لقواته التقدم جنوبا والاستيلاء على مدينة القطينة وصولا إلى الأطراف الشمالية لمدينة الدويم، كما أنها سمحت له بقطع طرق الإمداد الخاصة بالقوات المسلحة عبر الطريقين المتجهين من الخرطوم إلى ولاية النيل الأبض على الضفة الشرقية والغربية للنيل الأبيض.

ومن المعروف أن القوات المسلحة تسيطر على الجانب الغربي من الجسور الثلاث التي تربط مدينة أمدرمان بكل من الخرطوم بحري (كبري الحلفاية) والخرطوم (كبري النيل الأبيض وكبري الفتيحاب) وبالتالي لم يتبق أمام قوات الدعم السريع سوى الجسر الذي يربط بين طرفي خزان جبل أولياء للعبور بين الضفة الشرقية والغربية للنيل الأبيض.

أهمية موقع خزان جبل أولياء

خزان جبل أولياء

خزان جبل الاولياء هو سد حجري على نهر النيل الأبيض بالسودان، يقع على بعد 44 كيلومتر جنوب العاصمة الخرطوم أنشيء في عام 1937 وظل تحت الإشراف الفني والإداري للحكومة المصرية التي قامت ببنائه في السودان وفق اتفاقية بقبول قيام خزان سنار حتى تحفظ حقها في مياه النيل دون أي تدخل من حكومة الحكم الثنائي أو الحكومات الوطنية.

ويبلغ الطول الإجمالي للسد 5030 متر، وارتفاعه 381.5 متر فوق مستوى البحر، و22 مترا من القاع وحتى أعلى جسم السد، ومدعوم بسد ترابي من الناحية الشرقية يبلغ طوله 1650 متر وبطاقة تخزينية لبحيرة السد تصل إلى 3.5 مليار متر مكعب من الماء. ورغم دوره الكبير في تنظيم جريان مياه النيل الأبيض والنيل، إلا أن مستويات التبخر العالية من بحيرة السد ظلت مصدرا للتساؤلات حول جدواه اليوم.

جسر جبل أولياء يتكون من جزئين، جزء متحرك يتم فتحه لمرور السفن النيلية، ولا يؤثر على هيكل الخزان في حال تم تدميره أو إحداث خسائر فيه وهو الجزء الذي تعرض للسقوط في شهر نوفمبر الماضي. الجزء الثاني من الجسر هو جسر ثابت على امتداد هيكل الخزان وبعض معداته من توربينات وغيره وبه السد البنائي الذي يرتكز عليه الجسر ذاته. وجهز الخزان بعدد ٤٠ بوابة وعدد ٢ توربينة لتوليد الكهرباء في كل بوابة.

وظلت سلطات الري المصرية تحتفظ بوجود دائم في هذا الخزان حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي بعد أن طلبت حكومة الفريق عمر البشير حينها من مصر إغلاق بعثات الري التابعة لها في السودان إثر محاولة اغتيال الرئيس محمد حسني مبارك في أديس أبابا.

إدارة الخزان في زمن الحرب

سادت الكثير من المخاوف بعد سيطرة الدعم السريع بشأن إدارة الخزان من الناحية الفنية في ظل غياب المهندسين المتخصصين وتأثيرات ذلك على مناسيب المياه واحتمالات أن يتسبب ذلك في حال لم يتم اتباع النهج السليم في كوارث بشرية وبيئية سواء في المناطق الواقعة شمال أو جنوب الخزان.

وعندا سأل راديو دبنقا الخبير في مجال السدود الذي طلب عدم الكشف عن هويته أجاب بأنه من الواضح أن السد تمت إدارته في الفترة من شهر نوفمبر 2023 إلى سبتمبر 2024 على نفس النسق الذي كان يدار به في السابق. حيث تم فتح البوابات في شهري مارس وأبريل لتفريغ الخزان وتخفيض مناسيب المياه، ومن ثم أعيد قفل البوابات في الأول من يوليو كالمعتاد لإعادة ملء الخزان.

فريق دبنقا للتحقق راجع موقع Global Water Watch المتخصص في رصد عمل الخزانات والسدود على مستوى العالم. واتضح من المعلومات والرسومات البيانية الموجودة على الموقع أنه لم يحدث اختلاف في طرق إدارة السد وبالتالي في مناسيب المياه في بحيرة الخزان. ويمكن مراجعة ذلك على الرابط التالي:  https://www.globalwaterwatch.earth/reservoir/90625

مخاطر محدودة على الخزان

بعد مرور عام ونصف على اندلاع الحرب، ورغم أن منطقة جبل أولياء وخزان جبل أولياء بما لهما من أهمية استراتيجية ظلتا موضوع تنازع ومنطقة قتال بين طرفي الحرب، إلا أن ذلك لم يؤثر إلا بشكل محدود على خزان جبل أولياء سواء من ناحية البنيات الأساسية للسد وهياكله والجسر والطريق الذي يمر عبره أو من ناحية إدارته الفنية لجهة التحكم في تدفقات المياه عبره.

Welcome

Install
×