جنود من القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح يتمركزون بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور - المصدر صفحة القوات المشتركة على الفيسبوك

كمبالا/امستردام: 9 يوليو 2024: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو: فاطمة بريمة

ما بين اختطاف واعتقال واعتداءات من جميع اطراف الحرب واحكام بالإدانة وصلت إلى الاعدام، هكذا صارت حال النساء في السودان بعد حرب 15 ابريل، ففي الاسبوع الماضي تم اعتقال امرأتين احداهما ناشطة في مجال حقوق الانسان بمدينتي الفاشر عاصمة شمال دارفور بواسطة استخبارات حركة تحرير السودان بقيادة مناوي، والثانية عضو في الحزب الشيوعي بمدينة شندي بولاية نهر النيل جرى اعتقالها بواسطة الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة، اضافة إلى حالات لا حصر لها تمكن برنامج كنداكات وميارم الذي يبثه راديو دبنقا من توثيق بعضها، من بينها ثلاثة فتيات تم اعتقالهن في ولاية نهر النيل بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب، ووجهت لهن تهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع، وقبل ان يخضعن لمحاكمة توفيت احداهن داخل المعتقل بينما أدينت الثانية وصدر حكم بالإعدام في حقها، وتمت تبرأة الثالثة.

اعتقالات عطبرة
في تفاصيل تلك الاعتقالات وهي التي برزت للعلن فقد اعتقلت الاستخبارات العسكرية في اغسطس من العام الماضي السيدتين “انعام خيري، وسلمى حسن” نزحن من الخرطوم إلى مدينة عطبرة هرباً من جحيم الحرب هناك، حيث تم القبض عليهن ووضعهن في الحبس بواسطة الاستخبارات العسكرية إلى ان توفيت “انعام” داخل سجن عطبرة في اواخر شهر نوفمبر 2023م اي بعد أكثر من 5 أشهر من الاعتقال دون محاكمة، بينما خضعت كل من “سلمى” للمحاكمة وتمت تبرأتها في مايو الماضي أي بعد اكثر من 8 اشهر من الحبس، وتقول هيئة محامي دارفور ان المتهمة سلمى حسن نالت براءاتها المستحقة بعد ان فشلت النيابة العامة ممثلة الاتهام في تقديم اي بينة ضدها.
وتقول القانونية “افراح الخير” ان عدد البلاغات التي دونت في مواجهة السيدتين كانت تحت المواد 50/ 51 من القانون الجنائي لسنة 1991 المعنية بجرائم تقويض النظام الدستوري، واثارة الحرب ضد الدولة.

وتروى الخير تفاصيل تلك البلاغات بقولها “في البداية لم تكن سلمى متهمة، لكن بعد وفاة والدة زوجها “انعام خيري” داخل السجن تم إلحاقها في البلاغ كمتهمة اساسية، وتم تقديمها لمحاكمة وتمت تبرأتها من التهمة الموجهة إليها تحت المادة 51 من القانون الجنائي “اثارة الحرب ضد الدولة” بعد قضاء اكثر من ثمانية أشهر ما بين سجن عطبرة ومكتب مباحث عطبرة. فيما اشارت إلى ان هناك متهمة تدعى آية مصطفى خير الله أدانتها المحكمة واصدرت حكماً بحقها بالإعدام شنقاً حتى الموت، وذكرت أفراح الخير ان هيئة الدفاع عن المدانة استأنفت الحكم ولم يصدر اي قرار من محكمة الاستئناف حتى الآن، لكن راديو دبنقا لم يتمكن من الوصول إلى المزيد من المعلومات حول طبيعة التهمة التي وجهت لآية وملابسات اعتقالها.

حكم غريب
تقول المحامية “افراح الخير” ان البلاغ الذي تم تدوينه في مواجهة المتهمة “آية مصطفى” كان بلاغاً كيدياً بواسطة “عمتها” والدة زوجها، وأوضحت ان “آية” كانت نزحت مع عمتها في الاشهر الاولى للحرب إلى مدينة عطبرة، وكانت بينهما مشاكل عائلية، فبلغت والدة الزوج الشرطة عن آية، وعندما تم القبض عليها بواسطة شرطة المباحث، وتم تفتيشها في قسم الشرطة تم استرداد صور قديمة من تلفونها تعود إلى العام 2019، كانت ترتدي فيها الزي الرسمي لقوات الدعم السريع و”الكدمول” واشارت إلى ان شقيقها كان شاهداً واورد في افادته بأنه وآية أخذا زي الدعم السريع والكدمول من ابن جيرانهم وتصورا به في العام 2019، وأضافت “ومعلوم انه إلى 14 ابريل 2023م كان الدعم السريع وزيه غير مجرمة او محرمة قانوناً”.
وذكرت المحامية افراح الخير بأنه على هذا الاساس صدر حكم بالإعدام بحق “آية مصطفى” واشارت إلى انه حسب البينات الموجودة انها لا ترقي لإدانتها بالتهمة التي وجهت لها ولا الحكم الذي صدر في مواجهتها واضافت: هذا حكم غريب جداً وغير عادل لجهة ان البينات التي قدمت امام المحكمة وصدر بموجبها الحكم لا ترقى للتهمة، ونبهت إلى أنه تم استئناف الحكم ولم يصدر قرار الاستئناف.

بطء التحقيقات
اشارت المحامية افراح الخير إلى ان التحقيق مع المتهمات الثلاث كان يتم بواسطة شرطة المباحث، حيث يقضين أكثر من اسبوع او عشرة ايام في مباني شرطة المباحث، ومن ثم يتم اخطار النيابة العامة بوجودهن، وذكرت بهذه الطريقة قضين تلك الأشهر إلى ان توفيت المتهمة انعام بعد خمسة أشهر من الحبس، لكنها أشارت إلى أنه لم ترد لهيئة الدفاع عنهن اي معلومات عن تعرضهن للتعذيب اثناء التحقيق.

في انتظار الاعدام
في قضية أخرى ألقت الاجهزة الأمنية على شابتين وشقيقهما عند بوابة مدينة عطبرة التي نزحوا إليها من الخرطوم، وعندهم اخضاعهم للتفتيش تم العثور على رصاصة بندقية “قناصة” داخل شنطة احدى الفتاتين تسمى “الدر” اضافة إلى فاتورة باسم الدعم السريع.
وبحسب المحامية افراح الخير فإن “الدر” كانت تعمل في مستوصف بمنطقة الحاج يوسف ببحري التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، وكانت القوات تجلب الأدوية إلى المستوصف وتأخذ منه، رغم انه مستوصف يمتلكه احد مواطني الحاج يوسف ليست له علاقة بالدعم السريع، وذلك بحكم التواجد الفعلي للدعم السريع في المنطقة، وأي فاتورة تخرج من المستوصف كانت تطلع باسم الدعم السريع- على حد افادة المحامية افراح الخير- واشارت إلى انه رغم مضي أشهر من اعتقال الدر الا ان بلاغها لا زال قيد المحاكمة وقيد الجلسات في محكمة جنايات عطبرة.
لكنها أشارت إلى انها لاحظت ان المتهمات في كل هذه البلاغات فتيات تقل اعمارهن عن 25 سنة، وجميعهن ينتمين لقبيلة واحدة، وأضافت: هذا يطرح سؤالاً لماذا المتهمات فتيات في هذه السن ولماذا قبيلة معينة؟
في الفاشر
داهمت قوة من مجهولة قوامها 6 مسلحين يستقلون سيارة مسلحة بالدوشكا الناشطة في حقوق الانسان سهام حسن قبل مغيب شمس 9 يونيو 2024 في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور منزل، واقتحم قائد القوة ومعه احد الافراد المنزل، ولم تكن “سهام” وقتها موجودة في المنزل، لكنهم قالوا لأسرتها انهم لن يغادروا حتى تأتي سهام.
فاضطرت الاسرة إلى ارسال واحدة من بنات الجيران للبحث عن سهام التي ذهب لتعزية أحدى الأسر في الحي، تقول سهام عندما كانت في بيت العزاء اخبروها بأن هناك قوة عسكرية في بيتها، وأن قائدها قال اذا لم تأت فانهم لن يغادروا المنزل.
تقول سهام لبرنامج كنداكات وميارم “خرجت مسرعة إلى المنزل وعندما اقتربت عرفت انها قوة جاءت للقبض علي لكني لم ادر إلى اي جهة ينتمون، وتضيف “وجدت قائدهم يقف بالقرب من السيارة واول ما سلمت عليه، طوالي قال لي اركبي، وعندما سألته من انتم؟ رفض ان يجاوبني، ودفعني للركوب في السيارة، ووضعني في المنتصف، واول ما تحركت السيارة قام بربط وجهي بقماش واقتادوني لجهة مجهولة.
وأضافت “وصلنا الوجهة التي اقتدوني إليها وعندما تم فك القماش عن وجهي وجدت نفسي في المقر السابق لبعثة “يوناميد” وادخلوني في مكتب استخبارات قضيت فيه اليوم الاول، وفي الصباح اخرجوني للجلوس في ظل الشجر.”
وتروي سهام “في اليوم الرابع جاءني قائد الاستخبارات ويدعى بخيت واخرج لي ورقة وهو يشير اليها قائلاً “هنا الموت، وهنا السجن، وهنا العذاب وما دايرين كذب” وبعدها قال لي انت عندك تواصل مع “عباس كتر” وهو احد قادة الدعم السريع من قبيلة الزغاوة، وانك اتصلتي عليه يوم السبت في وقت الظهيرة، فضحكت وقلت ليه معليش “عباس كتر” لا صديقي في الفيسبوك لا عندي معه تواصل في الواتساب، ويوم السبت الذي تتحدث عنه انا لم ادخل شبكة اتصال استارلينك بسبب ان كل اجهزة الاتصالات القريبة من منزلي تم اغلاقها في اليوم السابق الجمعة بواسطة القائد “ادم كسوفو”.

وأضافت “في ذاك اليوم السبت انا كنت في مستشفى السلاح الطبي من الساعة السابعة صباحا حتى الخامسة مساءً برفقة جيراني الجرحى الذين سقطت عليهم دانة في منزلهم، وعندما عدت إلى منزلي عند الساعة 5:30 لم اخرج منزلي وليس بيدي اي تلفون، تقول “بعدها أمرني بالخروج لأنه لم يجد أي دليل ولم يسألني مرة أخرى” وتقول سهام تم التحقيق معي بعد ذلك عن عمل لجنة الطوارئ الانسانية بالولاية، التي أعمل فيها مقررة، وتضيف “سألني دفنتو كم جثة، والالغام كنتو بتزيلوها كيف.؟ وبالتالي خرجوا من موضوعهم اتضح انهم بيعتقلوا الناس ساكت فقط عشان يخوفوهم”.

اعتقلتني حركة مناوي
قطعت سهام بأن القوة التي اعتقلتها تابعة لحركة تحرير السودان التي يقودها حاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي، واشارت إلى ان قائد القوة التي اعتقلتها يدعى “ربكوا” تابع لاستخبارات الحركة و”انور” الذي وضع القيود “الكلابش” على يديها تابع لحركة مناوي، والذي مارس عليها عملية الجلد في المعتقل يسمى “اسرائيل” تابع لحركة مناوي، وتابعت “كل الذين انتهكوا حقوقي تابعين لحركة مناوي، لذلك حركة مناوي هي التي اعتقلتني وليست القوة المشتركة، وأضافت “هؤلاء هم الذين سأفتح البلاغ والاجراءات الرسمية ضدهم، لأنهم اقتادوني لمدة 9 ايام ولا احد يعلم مكاني فهذا مر خطير” وكانت حركة مناوي قد نفت صلتها باعتقال سهام حسن وقالت ان الجهة التي اعتقلتها هي القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح.

معتقلات ممتلئة
في الاثناء كشفت احدي الناشطات بمدينة الفاشر عن وجود اعداد كبيرة من المعتقلين في سجون المدينة، وقالت الناشطة التي حجبنا اسمها لأسباب امنية ان الموجودين في سجونهم في مقر يوناميد وسجن وحراسات الشرطة كثيرون، وأشارت إلى انها علمت بوجود معتقلين في “حاويات” وآخرين في حبس انفرادي داخل مقر يوناميد، وذكرت ان هذه المعتقلات مخفية تماماً عن الناس، وأضافت “أنا اشك في ان الاستخبارات العسكرية عندها علم بهذه السجون والمعتقلات وأعداد المعتقلين فيها”.
ودعت الناشطة الحقوقية المنظمات الدولية والحقوقية والمجتمع المدني السوداني والحكومة السودانية وهيئة محامي دارفور واللجنة التسييرية لنقابة المحاميين بالسودان إلى زيارة مواقع الاعتقالات التابعة للحركات في المقر السابق لبعثة “يوناميد” ليقفوا بأنفسهم على أعداد المحبوسين واحوالهم في هذه السجون، وما هي القضايا التي اعتقلوا بموجبها، وقالت ان هناك نساء قضين شهر وشهرين وحتى الآن هن في تلك المعتقلات، لذلك لابد ان يكون هناك تدخل عاجل ولجنة تقصي حقائق حول هذه المعتقلات وما يحدث فيها.
عموماً هذا جانب من الانتهاكات التي يتعرض لها النساء بواسطة الاجهزة العدلية “النيابة والمحاكم” والعسكرية أطراف الحرب “القوات المسلحة، الشرطة، وحركات الكفاح المسلح، وقوات الدعم السريع”.

Welcome

Install
×