حرب السودان: الأولوية لحماية المدنيين في مناطق النزاع
أمستردام: 14 مايو 2024: راديو دبنقا
أعاد الحصار المفروض على الفاشر طرح قضية حماية المدنيين بقوة وفي تزامن مع صدور تقرير منظمة “هيومان رايتس ووتش” بشأن الأوضاع في مدينة الجنينة في الفترة من أبريل إلى نوفمبر 2023 والذي دعا بقوة إلى توفير الحماية للمدنيين في مناطق القتال.
وأكد الدكتور عبد السلام سيد أحمد، رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان، أن القانون الإنساني الدولي يركز على قضية حماية المدنيين وبما في ذلك المقاتلين الذين يلقون سلاحهم أو يصابوا في المعارك أو الذين يستسلمون حيث يمنع استهدافهم باي حال من الأحوال. ونوه الخبير القانوني في حديث لبرنامج ملفات سودانية يبث يوم غدا الأربعاء إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة تتحدث عن حماية المدنيين في كل الأوقات وحماية الأعيان المدنية والتمييز ما بين الأهداف المدنية والعسكرية. كما تنص الاتفاقية على توفير ممرات آمنة أو مناطق تجمع بالنسبة للمدنيين في حال اشتداد المعارك.
ضرورة توفير الحماية للمدنيين في الفاشر
وشدد الدكتور عبد السلام سيد أحمد على أن منطقة مثل الفاشر مكتظة بالنازحين كان يفترض أن يحدث اتفاق بين مختلف الأطراف على ألا يتم استهداف المدنيين. بل كان من المتوقع ألا تستهدف مدينة مثل الفاشر باعتبار أنها تأوي عدد كبير من النازحين والقادمين من مناطق أخرى وألا تكون مسرحا للمعارك. واعتبر أن الإشكال في هذه الحرب ومنذ بدايتها ومنذ توقيع اتفاق جدة في 15 مايو 2023 والذي التزم فيه الطرفان بحماية المدنيين وهذا لم يحدث. وأضاف أن غالبية الضحايا كانوا من المدنيين في هذه الحرب ومنذ بدايتها وأن الاستهداف يتم بصورة أساسية من الطرفين ضد المدنيين.
معركة الدعم السريع في المناطق المدنية
وأشار رئيس المرصد السوداني لحقوق الإنسان في حديثه لبرنامج ملفات سودانية أن قوات الدعم السريع، وكما هو واضح من اتساع المعارك التي تخوضها والمناطق التي دخلوها، تستهدف المدنيين بصورة واضحة ومباشرة وبدون أي تقييد بأدنى الالتزامات والواجبات وفق القانون الإنساني الدولي أو المعايير الإنسانية العادية التي يمليها الوجدان السليم والضمير. كما أن قوات الدعم السريع ومنذ بداية الحرب تدير المعركة في المناطق المدنية.
الجيش تخلى عن واجبه في حماية المدنيين
واتهم الدكتور عبد السلام سيد أحمد القوات المسلحة بالتخلي في غالب الأحيان عن واجبها في حماية المدنيين وهو الأمر الذي حدث في أكثر من منطقة وخير مثال لذلك كل المناطق التي بدأ منها الدعم السريع التوغل في شرق النيل حتى الوصول إلى ولاية الجزيرة، وبما في ذلك القرى وغيرها، حيث لم تقم القوات المسلحة بواجبها في حماية المواطنين. ومضى قائلا أن القوات المسلحة تقوم بعمليات قصف عشوائي بالمسيرات أو المدفعية أو الطائرات ولا تميز في العادة ما بين الأهداف المدنية وغيرها وتقصف مناطق آهلة بالسكان لحد كبير.
الإفلات من العقاب سبب رئيسي في استمرار الانتهاكات
وحول قضية العدالة والإفلات من العقاب، نوه الدكتور عبد السلام سيد أحمد في حديثه لبرنامج ملفات سودانية الذي يذاع يوم غدا الأربعاء إلى أن تقرير هيومان رايتس ووتش أشار إلى أن ما حدث في الجنينة وفي ولاية غرب دارفور هو استعادة للمشهد الذي حدث قبل عشرين عاما من الآن. ويعني ذلك أن الجناة الذين ارتكبوا الفظائع في عامي 2003 و 2004 ما زالوا طلقاء ولم يحاسبوا إلا بالنذر اليسير ولم تتم مساءلتهم ومحاسبتهم على تلك الجرائم.
لابد من تحرك المؤسسات العدلية الدولية
وشدد الخبير القانوني أنه لو كان الأشخاص الذين وجهت لهم الاتهامات من قبل المحكمة الجنائية الدولية قد تم تقديمهم للمحاكمة في لاهاي وبغض النظر عن النتيجة، حتى لو حوكموا بالبراءة، كان ذلك يمكن أن يشكل نوع من الكابح لم يحدث الآن. وأضاف أن المساءلة أمر مطلوب وأن مجلس حقوق الإنسان شكل لجنة لتقصي الحقائق في بداية أكتوبر الماضي بالنسبة للحرب السودانية الراهنة، وقد باشرت اللجنة أعمالها في بداية هذا العام. ورغم وجود بطء في أعمالها، لكن اللجنة يفترض أن تقدم تقريرها لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/أكتوبر القادم وبعد ذلك للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولاية الجنائية الدولية على دارفور مستمرة
وذكر الدكتور عبد السلام سيد أحمد بأن المحكمة الجنائية الدولية ما زال لديها ولاية على إقليم دارفور، وبالتالي فإن الأحداث التي شهدتها ولاية غرب دارفور تدخل في إطار ولاية المحكمة الجنائية الدولية. كل ذلك يمكن أن يتبلور في توجيه الاتهام لشخصيات معينة مسؤولة مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة بحكم التسلسل الهرمي عن الفظائع والانتهاكات التي حدثت في هذه الحرب. وذلك سيفتح الباب لاستعادة العدالة مرة أخرى وقدر من الانصاف للضحايا وعدم الإفلات من العقاب للجناة.