صورة تجمع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان العمامرة والمبعوث الأمريكي توم بريللو ـ مصدر الصورة ـ مواقع التواصل الاجتماعي

لندن: 13 اغسطس 2024: راديو دبنقا
رصد: عمر عبد العزيز

شهدت الساعات الأربع والعشرين الماضية، منذ منتصف نهار الاثنين بتوقيت السودان حتى موعد إعداد هذا التقرير منتصف نهار الثلاثاء تسارعا كبيرا في التصريحات والتصريحات المضادة من قبل طرفي الحرب في السودان بشأن الموقف من مفاوضات جنيف المرتقبة يوم غد الأربعاء.

وكانت الإدارة الأمريكية قد حددت يوم الأربعاء الرابع عشر من اغسطس موعدا لانطلاق المفاوضات برعاية سعودية سويسرية، بعد طول انتظار وتعثر في ملف التفاوض.

لكن يبدو أن هذه التصريحات الأخيرة من قبل الجانب الحكومي قد اغلقت الباب تماما أمام انطلاق مفاوضات جنيف في هذا الموعد، على الرغم من أن مفاجآت اللحظة الأخيرة قد تفلح في جمع الطرفين.

“جدة كلمة السر”

بدأت سلسلة تلك التصريحات من العاصمة الرواندية كيغالي، التي زارها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يوم الاثنين، حيث أكد أن الحكومة تعاملت بإيجابية مع كل المبادرات المطروحة لحل الأزمة. لكنه اتهم قوات الدعم السريع بالتعنت والامتناع عن تنفيذ الالتزامات التي نص عليها إعلان جدة الموقع في 11 مايو أيار 2023.

وظل الحديث عن عدم تنفيذ الدعم السريع لالتزاماته بموجب إعلان جدة هو العقبة التي تحول دون عودة التفاوض بين الجانبين لأشهر طويلة مضت. ونقلت وسائل إعلام عربية وسودانية عن البرهان قوله إن “السلام لا بد أن يكون سلاما عادلا يحقق العزة والكرامة للشعب السوداني”، مما فسره بعض المراقبين بأنه إشارة إلى ضرورة خروج قوات الدعم من منازل المواطنين.

“الطرف الآخر”
بعد ساعات معدودة من تصريحات البرهان، اطل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في خطاب مصور ليجدد موافقته على الدعوة الأمريكية للتوجه إلى مفاوضات جنيف.

حديث حميدتي الذي جاء قبل اقل من ثمانية وأربعين ساعة على الموعد المفترض لانطلاق المفاوضات، والذي بثته صفحة الدعم السريع على موقع “اكس”، اعتبره البعض محاولة لإحراج الجيش وحكومة الأمر الواقع أمام الولايات المتحدة والوسطاء.

لم يكتف حميدتي بذلك، بل دعا “الطرف الآخر”، في إشارة إلى الجيش، للاستجابة لنداء السلام، مضيفا أنه يتقدم بهذا النداء بكل شجاعة رغم انتصار الدعم السريع في ميدان القتال، حسب وصفه.

وإضافة إلى مفاوضات جنيف، اشتمل الخطاب على نقاط أخرى مثل الإعلان عن تشكيل قوة خاصة لحماية المدنيين “لتوفير الامان للناس وعودتهم وبقائهم في منازلهم معززين مكرمين”، في إشارة ربما إلى مساهمة الدعم السريع في عودة المواطنين إلى ديارهم من دون الإقرار بأنهم من احتلوها.

“من رواندا مجددا”
الحكومة السودانية، عادت إلى بث تصريحات من رواندا مجددا، لكنها كانت هذه المرة على لسان سفيرها في كيغالي. وبثت صفحة وكالة السودان للأنباء على موقع “يوتيوب” تصريحا مصورا للسفير قال فيه أن البرهان شدد، خلال لقاء مع الرئيس الرواندي، على عدم قبول الحكومة مشاركة أي دولة ساهمت في العدوان على السودان في أي جهد تفاوضي، وذلك في إشارة على ما يبدو إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

وكانت الحكومة السودانية عددت أربع تحفظات على الدعوة الأمريكية لها للمشاركة في مفاوضات جنيف، بينها الإصرار على مشاركة دولة الإمارات كمراقب.

ووفقا لبيان تلاه وزير الإعلام المكلف جراهام عبد القادر في تلفزيون السودان يوم الأحد الماضي، فإن التحفظات الثلاثة الأخرى هي أن الوفد الأمريكي لم يلتزم بدفع الدعم السريع للالتزام بإعلان جدة، وعدم تقديم مبررات لإنشاء منبر جديد، وما وصفه باعتماد الوفد الأمريكي على معلومات غير دقيقة لتقييم الموقف في السودان.

“خارطة طريق”
وفي تصريح أخير، لكنه لن يكون آخر التصريحات الحكومية في هذا الملف بالطبع، اكد عضو مجلس السيادة الانتقالي، مساعد القائد العام للجيش الفريق إبراهيم جابر تمسك الحكومة باتفاق جدة الموقع بين الجيش والدعم السريع وضرورة تنفيذ الالتزامات الواردة فيه.

جاء ذلك خلال لقاءات جمعت جابر بالقائمين بالأعمال، الروسي والصيني والقطري، كل على حدة حسبما نقلت عنه صفحة وكالة السودان للأنباء على موقع يوتيوب. وأضاف جابر أن السودان على استعداد لإعداد خارطة طريق لتنفيذ اتفاق جدة “ومن ثم مناقشة رؤية السودان لاستئناف اي محادثات من شأنها الوصول إلى سلام”، وفقا لوكالة السودان للأنباء.

ويبدو من مجمل التصريحات الحكومية التي شهدتها الساعات الأربع والعشرون الماضية أن تنفيذ اتفاق جدة سيظل هو العقبة التي تقف حائلا أمام عودة الوفد الحكومي إلى أي طاولة تفاوض مقترحة، مما يعني استمرار القتال من دون أفق واضح أو ضوء في نهاية النفق.

ربما لا يفهم الكثير من النازحين واللاجئين تعقيدات السياسة ودروبها الوعرة والمتعرجة، لكنهم يعلمون أن مستقبلهم وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية صارت معلقة بتلك المواقف التي يعلنها هذا الطرف أو ذاك قبولا للتفاوض او رفضا له.

Welcome

Install
×