توتي وأمبدة تحت الحصار.. وفيات وأوضاع مأساوية
(غادرت جزيرة توتي إلى حي الثورة بأمدرمان قبل عشرة أيام بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي، وشح الإمداد المائي، عدم توفر الأدوية الرئيسية، ومخزوني الغذائي شارف على النفاد مع تقييد دخول السلع الغذائية والبضائع) يقول عصام (فضل حجب اسمه الحقيق واستعاض عن بالاسم المستعار)لراديو دبنقا.
ويؤكد عصام (إن الأوضاع في المنطقة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم مع صعوبة الوصول إلى من تبقى في المنطقة بسبب ضعف شبكة الاتصالات والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي).
وكشفت مجموعة محامو الطوارئ عن تلقيها بلاغات يوم الاثنين بوفاة ثلاثة مرضى في جزيرة توتي بالخرطوم جراء استمرار الحصار عليها بواسطة الدعم السريع، كما أشارت لاستمرار الحصار على أحياء الكلاكلة وامبدة بواسطة الجيش.
وأكد محامو الطوارئ في بيان إن قوات الدعم السريع تحاصر توتي منذ الأيام الأولى للحرب، حيث تغلق جسر توتي وهو الطريق البري الوحيد الذي يربط الجزيرة بمدن العاصمة، وتقيد حركة مرور الاشخاص والسلع الاستهلاكية والادوية المنقذة للحياة الأمر الذي أدى لتجويع المواطنين ووفاة بعضهم نتيجة انعدام الرعاية الصحية ونقص الدواء والغذاء.
ويقول عصام إن قوات الدعم السريع تفرض أحياناً قيوداً على حركة المواطنين وعبورهم للجسر الرئيسي الذي يربطهم بالخرطوم وتشترط الحصول على إذن مسبق محدد بقيد زمني من قائد المجموعة التي ترتكز في الجسر.
وفاة ثلاثة مرضى
وأشارت مجموعة محامو الطوارئ في بيانها إلى تلقيها بلاغات بوفاة ثلاثة مدنيين في توتي لعدم توفر العلاج من بينهم طفلة تعاني من السكري توفيت نتيجة انعدام الانسولين المخلوط، ونبهت المجموعة إلى استمرار معاناة المواطنين بسبب انقطاع الكهرباء لمدة شهرين، وانقطاع الإمداد المائي مما دفع المواطنين لشرب المياه غير الصالحة مع تفشي الملاريا والإسهالات مع خروج المركز الصحي عن الخدمة، بالإضافة لشح الرصيد وصعوبة الاتصالات.
وقال عصام إن عدد كبير من المواطنين اضطروا لمغادرة توتي إلى مناطق في أمدرمان وولايات أخرى.
وتقع جزيرة توتي ضمن مناطق سيطر الدعم السريع وتجاوز عدد من المؤسسات الحيوية المتاخمة لشارع النيل مثل القصر الجمهوري ومباني الوزارات.
وحمّل محامو الطوارئ قوات الدعم السريع كامل المسئولية عن الوضع الانساني الكارثي الذي يعيشه مواطنو جزيرة توتي، كما طالبت المجموعة المجتمع الدولي للوقوف على هذه الانتهاكات والتي تخالف القانون الدولي الإنساني والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية و أن تدفع باتجاه تقديم المساعدة الانسانية عبر اللجنة الدولية للصليب الاحمر بالسودان مبينة أن الوضع بجزيرة توتي مأساوي و في غاية الخطورة.
الكلاكلة.. منع دخول السلع
ورصد محامو الطوارئ أيضاً محاصرة الجيش لأحياء الكلاكلة، القريبة من مقر سلاح المدرعات الذي زل يتعرض لهجمات متكررة من قوات الدعم السريع منذ اسابيع، ومنع دخول أي سلعة استهلاكية قادمة من جبل أولياء إليها، كما يعمل ارتكاز القوات بمستشفى الأمل على الشارع الرئيسي القادم من كوستي إلى الخرطوم على مصادرة كل المواد الاستهلاكية مع التحري المشدد مع من يحمل هذه السلع الأمر الذي يقوده لتركها لهم والمغادرة.
وغادر عدد كبير من سكان الكلاكلة منازلهم في وقت سابق بسبب تزايد حدة العمليات العسكرية، وأعلن الجيش خلال الأسبوع الجاري إنه تمكن من الوصول إلى سوق اللفة بالكلاكلة.
أمبدة.. حصار مزدوج
من جهة أخرى يقول محمد وهو من سكان أمبدة لراديو دبنقا إن ارتكازات الجيش في المناطق التي تفصل بين أحياء محليتي كرري و أمبدة تفرض قيود مشددة على دخول السلع إلى الحي خاصة الخضروات بينما تفرض قوات الدعم السريع مبالغ مالية نظير عبور اللوم .
واشار محامو الطوارئ في بيان سابق إلى محاولات من القوات المسلحة لحصار محلية أمبدة في أمدرمان بنشر عدد من الارتكازات داخل محلية كرري وفي مناطق التماس بينها وبين محلية امبدة لتقييد وتجفيف حركة مرور السلع والمواد الغذائية من محلية كرري الى محلية امبدة التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وأفاد شهود عيان يقيمون في محلية كرري ان القوات المسلحة تنشر عدد من الارتكازات في “سوق صابرين” و”محطة ود البشرى” و”محطة حميدان “و”محطة الرومي ” بالمحلية وتعمل هذه الارتكازات بمصادرة بضائع التجار من السلع التموينية المتوجهة الى محلية امبدة كليا او جزئيا، وأشار محامو الطوارئ إلى أنهم استمعوا الى إفادات عدد من التجار أكدوا ان بعض ضباط وضباط صف القوات المسلحة يطلبون من بعض التجار مبالغ مالية مقابل السماح بمرور البضائع.
ويقول محمد لراديو دبنقا إن عدد كبير من سكان الحي نزحوا إلى الثورات بينما بقي معظمهم في المنطقة في ظل استمرار القصف الجوي والمدفعي.
مخالفة للقانون الدولي الإنساني
وأكد محامو الطوارئ إن القانون الدولي الإنساني يحظر تجويع المدنيين وحرمانهم من الغذاء كأحد أساليب الحرب المحرمة دولياً بما يخالف مبدأ التمييز الوارد في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 (المادة 54(1) من البروتوكول الإضافي الأول المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني) كما يحظر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التجويع المتعمد للمدنيين في المادة 8 (2) (ب)(25) ) . .
ويستنكر محامو الطوارئ هذا السلوك الذي وصفه بالمجرم دولياً والذي ظل ينتهجه طرفي الحرب منذ اندلاع الصراع المسلح، وجدد دعوة قيادة الطرفين إلى أن مخالفة القانون الدولي الإنساني وارتكاب المزيد من الجرائم التي يتم توثيقها لن تسقط المسؤولية عنها بالتقادم ولن ينجح أحد في الإفلات من العقاب.
وقالت إن الحصار المفروض على المدنيين يعد من الانتهاكات الخطيرة التي يجرمها القانون الدولي الانساني بتجويع المواطنين وتهجيرهم قسراً تارة بالتجويع والقصف المتبادل.