بنكك يهيمن على المعاملات المالية بالرغم من زيادة الرسوم
امستردام الثلاثاء 7/ مايو/2024
تصاعدت الانتقادات لقرار بنك الخرطوم بزيادة رسوم التحويل عبر تطبيق بنكك من 20 إلى 110 جنيهات وبنسبة بلغت أكثر من 500%. وأوضحت مديرة بنك الخرطوم، لمياء كمال، في بيان تحصل عليه راديو دبنقا أن البنك قرر زيادة رسوم التحويل من 20 إلى 100 جنيه، وقللت من حجم الزيادة بالنظر إلى أنها مرتبطة بعملية التحويل وليس المبالغ المحولة. وافادت مسؤولة بنك الخرطوم أن ديوان الضرائب فرض أيضا عشرة جنيهات على كل معاملة عبر تطبيق “بنكك” وهي دمغه وليس للبنك سلطان عليها.
لا بديل لبنكك
واستطلع راديو دبنقا رأي عدد من المواطنين حول استخدامهم لتطبيق بنكك في معاملاتهم اليومية. يقول عبد العظيم الحسن، رب اسرة يقيم في مدينة كوستي حاليا بعد أن نزح من منطقة جبرة في جنوب الخرطوم أن حياتهم أصبحت تعتمد بالكامل على تطبيق بنكك حيث يقوم إخوته المقيمين خارج السودان بتحويل دعمهم المالي له شهريا عبر تطبيق بنكك بعد أن قامت الشركة التي يعمل فيها بوقف مرتبه بعد اندلاع الحرب بشهرين. كما أن الأوضاع الأمنية المنفلتة في البلاد وعدم تواجد أي قوى أمنية لحماية المواطن تحول استخدام المبالغ النقدية خوفا من نهبها وبالتالي يلجأ عبد العظيم وأسرته لاستخدام تطبيق بنكك.
اضطررنا لزيادة رسوم التحويل
وبرر بنك الخرطوم الزيادة الكبيرة بالتدهور السريع في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم بجانب زيادة كلفة التشغيل خاصة الوقود لضمان استمرار التيار الكهربائي ولضمان عدم توقف النظام عن العمل. وأضافت إدارة بنك الخرطوم أن جزءا من الزيادة سيذهب لمقابلة خدمات الانظمة والتي تدفع لجهات خارجية بالعملة الأجنبية. وأكدت ليمياء كمال أن بنك الخرطوم كان يتحمل جزءا من التكلفة خلال فترة الحرب لضمان استمرار الخدمة للمتعاملين معه مما مكنه من الاستمرار رغم الظروف المعقدة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عام.
تزايدت أهمية التطبيقات المصرفية في العمليات المالية في السنوات الأخيرة في ظل ثورة الاتصالات وتغطية شبكات الهاتف الجوال لمناطق واسعة من السودان. وتعاظمت أهمية التطبيقات المصرفية بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، حيث أصبحت التطبيقات المصرفية هي الوسيلة الوحيدة للمبادلات المالية بين جميع أنحاء السودان بغض النظر عن الجهة التي تسيطر عليها. ويستخدم السودانيون بشكل واسع هذه التطبيقات في مختلف العمليات المالية سواء أن كانت تجارية أو شخصية. حيث يستخدم التطبيق في دفع الفواتير والخدمات الحكومية وتحويل المبالغ المالية ودفع قيمة السلع والخدمات.
ماذا كنا سنفعل بدون بنكك؟
أما سلوى الحسن، المعلمة في مدينة دنقلا، فتقول إن تطبيق بنكك أصبح الوسيلة الوحيدة المتاحة لتلقي المرتبات بالنسبة للعاملين في الدولة وذلك عندما تقرر الحكومة دفعها، كما أن المحلات التجارية أصبحت تقبل دفع المبالغ الصغيرة عبر التطبيق. ولم يغير عودة بعض المصارف للعمل في مناطق سيطرة الجيش هذه المعادلة الجديدة بسبب تفادي المواطن لاستخدام المبالغ النقدية. وأضافت سلوى لا أدري كيف ستكون حياتنا في ظل الحرب لو لم يكن هناك تطبيق بنكك. من جانبه، ذكر الصادق الأمين من مقر إقامته في نيالا أنه لم يعد هناك بديل لتطبيق بنكك في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وتوقفت فيها المصارف عن العمل بالكامل حيث يتجمع المواطنون في محلات الاتصالات عبر شبكة ستار لينك من أجل تلقي التحويلات التي تصلهم من ذويهم داخل وخارج السودان.
هيمنة بنك الخرطوم
ورغم وجود عدد من التطبيقات المصرفية الأخرى ظل تطبيق بنكك الخاص ببنك الخرطوم يسيطر على الجزء الأكبر من العمليات المالية في البلاد في فترتي ما قبل الحرب وما بعدها. ويفسر الخبراء المصرفيون هيمنة بنك الخرطوم على هذا القطاع بعدد من العوامل ومن بينها الوضع المالي الصلب للبنك المملوك بنسبة كبيرة لعدد من المصارف الإمارتية وفي مقدمتها مصرف دبي الإسلامي. كما يمتلك بنك الخرطوم أوسع شبكة من الفروع والمراسلين تغطي كل أنحاء السودان بالنظر إلى أنه البنك الأقدم في السودان حيث تم تأسيسه في العام 1913. وأخيرا، استفاد بنك الخرطوم من أسبقيته في دخول هذا المجال ونجح في استقطاب العملاء والحفاظ عليهم لسنوات طويلة دون وجود منافسة جدية من مصارف أخرى رغم محاولات بعضها مثل بنك فيصل الإسلامي وبنك أمدرمان الوطني.
وكشف بنك الخرطوم أن ما يزيد عن 50 مليون عملية مصرفية تمت عبر تطبيق بنكك في العام الأول للحرب بالرغم من مضاعفة رسوم التحويل في الشهور الأولى للحرب من 10 إلى 20 جنيه. وظهرت أهمية التطبيقات المصرفية بوضوح خلال فترة انقطاع شبكات الاتصالات والتي أدت لتوقف العمليات المالية عبر التطبيقات المالية الأمر الذي قاد لشل العمليات المصرفية إلا في المناطق التي تستخدم شبكات ستار لينك أو الانترنت الأرضي.
وتدخلت الحكومة منذ بداية الحرب لتحديد سقف أقصى للتحويلات لوقف المضاربات في العملات الأجنبية لتفادي تدهور سعر الجنيه السوداني، لكن هذا الإجراء لم يؤد إلى وقف انخفاض سعر الجنيه السوداني في مقابل العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار الأمريكي والريال السعودي والدرهم الإماراتي.
في قطاع الأعمال والتجارة، يهيمن تطبيق بنكك على جزء كبير من العمليات والصفقات التجارية والمالية. صحيح أن المدخل لاتساع نطاق استخدام التطبيقات المصرفية كان تراجع الثقة في الشيكات بعد انتشار ظاهرة “الشيكات المرتدة لعدم وجود رصيد”. ولكن سرعة تنفيذ العمليات المالية والمصرفية وظهورها في حساب العميل في نفس اللحظة دفعت قطاع الأعمال إلى تبني صيغة الدفع بالتطبيقات المصرفية. وقد عززت ظروف الحرب هذا الوضع في ظل إغلاق الكثير من المصارف لأبوابها ما يتعذر معها إصدار الشيكات المصرفية المعتمدة أو التحويلات من النافذة المصرفية ما أجبر التجار على استخدام تطبيق بنكك.
بنك مشترك سودداني-إماراتي
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن بنك الخرطوم كان مصرفا حكوميا سودانيا بنسبة 99% حتى العام 2005، بينما يمتلك رجال أعمال سودانيون نسبة 1% المتبقية. في ذلك الوقت قررت وزارة المالية بالتشاور مع بنك السودان المركزي بيع حصة تبلغ 60% من أسهم البنك لبنك دبي الإسلامي ووقع على الاتفاق عن الجانب السوداني، الدكتور صابر محمد حسن، محافظ بنك السودان، وعن الجانب الإماراتي، عارف الكوهجي نائب رئيس تنفيذي لمجموعة الاستثمار وتمويل الشركات في بنك دبي الإسلامي ممثلاً للبنك.
في العام 2007، وبعد إكمال عملية اندماج بنك الخرطوم وبنك الإمارات السودان، انخفضت حصة بنك دبي الإسلامي إلى 28%، فيما احتفظ بنك السودان بنسبة 10% من أسهم البنك. وتوزعت حصة الـ 60% الباقية بين كبار مساهمي بنك الإمارات والسودان بما فيهم مصرف الشارقة الإسلامي ومصرف أبو ظبي الإسلامي.