تصدع وانهيار الجسور يضاعف معاناة المواطنين
أمستردام: 13 أغسطس 2024: راديو دبنقا
لم يسبق أن شهد السودان وتحديدا ولايات دارفور الكبرى والولاية الشمالية وولاية نهر النيل وولايات شرق السودان الثلاث أمطارا وسيولا مثل هذا العام، ويربط الخبراء بظاهرة التغير المناخي في العالم والمرتبط بارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، أو ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري.
أدت الأمطار والسيول والفيضانات التي صحبتها لتدمير آلاف المنازل والمنشئات العامة والخاصة، كما تسببت في مقتل العشرات من المواطنين وجرح الآلاف وتشريد مئات الألاف بعد أن غمرت المياه المناطق التي يعيشون فيها.
ويشكو المواطنون من تأخر الجهات المعنية، من حكومية وغيرها، في تقديم المساعدات العاجلة مثل خيم الإيواء وتوفير المساعدات الغذائية والمياه النظيفة بجانب الأدوية والمعينات الطبية لمقابلة الأوضاع الطارئة.
كما يخشى سكان المناطق المتضررة من أن يؤدي تراكم مياه الأمطار لانتشار الأمراض المعدية وخصوصا الكوليرا التي سجلت حالات لها في معسكرات النازحين حول الفاشر وفي ولاية كسلا.
لكن الظاهرة الملفتة في الخريف الاستثنائي هذا العام وما صاحبه من سيول وفيضانات، هي دون شك تسببها في تدمير كامل أو جزئي لعدد من الجسور مما جعلها غير صالحة للاستخدام، وأنعكس ذلك على أوضاع السكان في المناطق التي حدثت فيها خصوصا في ظل صعوبة الامدادات وسوء الطرق في فصل الخريف.
كبري وادي باري
تغريدة لمنظمة أطباء بلا حدود على حسابها على منصة اكس بتاريخ 12 أغسطس 2024 أعلنت عن “انهيار جسر حيوي يربط بين ولايات غرب ووسط وجنوب دارفور بسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة الأسبوع الماضي. كان هذا الطريق الأمن الوحيد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى وسط وجنوب دارفور. هذا يضيف عقبة رئيسية أخرى أمام جهودنا في إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى باقي أنحاء السودان”.
وكان رئيس الإدارة المدنية بولاية غرب دارفور، تجاني الطاهر كرشوم، قد نوه إلى أن انجراف الطريق الرابط بين ولايتي غرب ووسط دارفور بمنطقة مورني بسبب السيول والفيضانات أضر كثيرا بحياة المواطنين. وخلال زيارته لتفقد الجسر، أكد تجاني طاهر كرشوم أن حجم الضرر كبير مما أدى إلى توقف الحركة التجارية والسفر إلى ولايات دارفور الأخرى وفاقم معاناة المواطنين.
وشدد المسؤول الولائي على أن الوضع يتطلب تدخل عاجل لإصلاح الطريق وأن حكومته ستبذل جهدها لإيجاد طريق بديل لحين إصلاح جسر وادي باري. وناشد رئيس الإدارة المدنية المواطنين والمنظمات بالمسارعة للمساهمة في إعادة تأهيل الطريق حتى تنساب الحركة التجارية ويسهل دخول المساعدات الإنسانية لإغاثة المحتاجين.
وفي تفسيره لأسباب انهيار الجسر وانجراف الطريق، نوه المهندس عبد الله محمد عبد الله إلى أن ما حدث أمر طبيعي بسبب عدم صيانة الجسر والطريق لأكثر من عشرة سنوات بالرغم من أهميته الاستراتيجية، وأشار إلى أن الجسر لم يتعرض لضرر مخيف ويمكن صيانته في حال توفرت الاحتياجات المطلوبة.
جسر أزوم
يقع جسر أزوم على وادي باري إلى الغرب من مدينة زالنجي في الطريق الرابط مع مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور. ويعتبر جسر أزوم أحد الجسور الاستراتيجية التي تربط بين ولايات دارفور الكبرى الخمسة وطريق هام لنقل البضائع والمسافرين. وأدت الأمطار الغزيرة والسيول إلى تدمير جزئي لجسر أزوم.
ورغم أن الجسر أصيب بالأضرار قبل أيام قليلة، إلا أن التداعيات السلبية لذلك انعكست على حياة المواطنين. حيث ارتفعت أسعار السلع والمواد الاستهلاكية الرئيسية في ظل المخاوف من صعوبة وصول إمدادات تجارية جديدة بسبب عدم صلاحية الطرق البديلة في فصل الخريف.
وأشار عبد الكريم يعقوب، رئيس معسكر الحميدية، بمدينة زالنجي إلى أن الأسواق شهدت ارتفاعا كبيرا في أسعار الجازولين الذي وصل سعر الجركانة سعة 4 جالون إلى 120 ألف جنيه. وبالنتيجة، ارتفع سعر طحن العيش إلى 2500 جنيه، ورطل الملح إلى 2500 جنيه، رطل السكر إلى 2250 جنيه وميت العيش (الذرة) 11 ألف جنيه.
ونبه المواطنون في المنطقة إلى ضرورة الإسراع في إصلاح الجسر وإلا فإن تكاليف المعيشة ستصل إلى مستويات غير مسبوقة في ظل توقف الامدادات. كما أن تعطل جسر أزوم سيعوق وصول مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية لمناطق واسعة في وسط وجنوب دارفور وحتى في بعض مناطق ولاية شمال دارفور الواقعة جنوب الفاشر.
جسر الدبب جنوب المجلد
تسببت الأمطار الغزيرة في ولاية غرب كردفان في يوم 12 أغسطس 2024 في انهيار الجسر الذي يربط بين منطقتي “الدبب” والمجلد ويقع على بعد 4 كيلومتر إلى الجنوب من مدينة المجلد وعلى الطريق الرئيسي الذي يربط ما بين المجلد وسوق النعام في جنوب السودان. وبسبب توقف الإمدادات من النهود، والتي كانت تعتبر المورد الرئيسي للسلع والمواد الغذائية لمدينة المجلد، اعتمد تجار وسكان المجلد على استيراد احتياجاتهم من دولة جنوب السودان.
ورغم توفر الكثير من السلع في أسواق المجلد، إلا أن مجرد انهيار هذا الجسر الحيوي أدى خلال ساعات إلى اختفاء العديد من السلع وظهورها من جديد بأسعار مرتفعة. حيث وصل سعر جوال الدخن إلى 330 ألف جنيه، جوال الذرة إلى 200 ألف جنيه، جوال السكر إلى 180 ألف جنيه، جوال الأرز والعدس زنة 25 كيلوجرام إلى 100 ألف جنيه.
ويطرح التجار خيار العودة لشراء السلع من أسواق النهود، لكن ذلك يعني أن ترتفع الأسعار بصورة أكبر بسبب الاتاوات التي تفرضها قوات الدعم السريع والعديد من المجموعات المتفلتة على حركة الشاحنات التجارية، بجانب التهديدات الأمنية مما يزيد تكلفة إيصال البضائع من النهود إلى المجلد. أم الطريق البديل إلى سوق النعام عن طريق بليلة، فهو طريق طويل يزيد من تكلفة النقل ومن الزمن الضروري لإيصال البضائع عبر الحدود حتى مدينة المجلد.
كبري خور أبو دوم
يقع كبري خور أبو دوم إلى الشمال مدينة مروي على مجرى خور أبو دوم وعلى الطريق الرئيسي الذي يمر من مدينة عطبرة شمالا على الضفة الشرقية لنهر النيل. وقد اجتاحت مياه الفيضانات والسيول الجسر مرتين خلال أسبوع واحد الأمر الذي قاد إلى تصدع الجسر وخروجه من الخدمة.
وأدت السيول إلى قطع الطريق القومي الأمر الذي سيترك تداعيات كبيرة على حركة نقل البضائع والمسافرين في كل مناطق الولاية الشمالية وولاية نهر النيل الواقعة إلى الشمال من مدينة مروي. وتبادل المغردون عدد من مقاطع الفيديو التي تصور التصدعات التي أصابت جسر أبو دوم.
ورغم زيارته للمنطقة وتفقد الخسائر، إلا أن والي الولاية الشمالية، عابدين عوض، لم يعلن عن أي خطوات عملية لإصلاح الجسر الحيوي واكتفى بمناشد الحكومة الاتحادية والمنظمات الدولية بضرورة التدخل العاجل من أجل مواجهة التداعيات السلبية للأمطار والسيول والفيضانات وإن كان قد نوه إلى أن حكومته تعمل على إعداد خطة لإعادة الإعمار.