تصاعد حدة القتال في أمدرمان .. سباق على خطوط الإمداد

تجددت المعارك العنيفة بين الجيش والدعم السريع في أجزاء واسعة من أمدرمان وبحري صباح الثلاثاء. وهاجمت قوات الدعم السريع مقر الإحتياطي المركزي بأمدرمان من ثلاثة محاور، كما دارت إشتباكات عنيفة لساعات عبر شارع النص والشنقيطي والامتداد، وسط أنباء غير مؤكدة عن سيطرة الدعم السريع على مقر الاحتياطي بأمدرمان.

وقالت قوات الدعم السريع، صباح الثلاثاء، إنها اسقطت طائرة حربية من طراز (ميغ) تابعة للجيش في منطقة بحري ونشرت فيديوهات لحطام الطائرة التي كانت تتصاعد منها أعمدة الدخان وفيديو لاستجواب الطيارين اللذان قفزا منها بالمظلات. واتهم البيان الطيران الحربي بقصف عدد من الأحياء السكنية في بأمدرمان خاصة في أمبدة مما أدى لسقوط قتلى وجرحى. فيما اكد بيان للجيش انه اسقط طائرة مسيرة تابعة للدعم السريع في الخرطوم بحري.

وأشار شهود عيان إلى إشتباكات عنيفه بين الجيش و الدعم السريع بالأسلحة الثقيله بأمدرمان القديمة بالقرب من حي المسالمة وحي العمدة بالقرب من أمبده الحارة ١٨.

وتزايدت وتيرة المعارك في أمدرمان منذ نهاية الاسبوع الماضي حيث أعلنت القوات المسلحة السيطرة على محلية كرري في أمدرمان كما استطاعت التقدم لنقاط سيطرة الدعم السريع، ولكن شهود عيان أكدوا تراجع الجيش يوم الاثنين إلى حدود سيطرته السابقة.

وكان الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش والمسئول عن إدارة المعركة في أمدرمان، قد اعلن الأسبوع الماضي أن العمليات العسكرية ستؤدي إلى انهاء التمرد في أمدرمان. وأكد إنهم سينتقلون إلى الخرطوم والخرطوم بحري بعد الفراغ من تنظيف أمدرمان.

إضعاف خطوط امداد الدعم السريع

وقال الخبير العسكري العميد متقاعد عبد القادر اسماعيل، في مقابلة مع راديو دبنقا، إن تركيز الجيش على أمدرمان مؤخراً يأتي في إطار إغلاق أو إضعاف خطوط امداد الدعم السريع القادمة من غرب السودان التي تمثل مطقة امداد الدعم السريع، واعتبرها المرحلة الأولى قبل الانطلاق إلى بقية المراحل.

وأوضح إن 80 في المائة من إمداد الدعم السريع البشري والآليات يأتي من الاتجاه الغربي عبر غرب أمدرمان من دارفور وعبر الحدود من دول الجوار، وأضاف “ولو تم تنظيف أمدرمان بشكل كامل فإن ذلك سيؤدي إلى طول خطوط الإمداد الخاصة بالدعم السريع إلى الخرطوم وبحري، وبالتالي ضعف أداءها العسكري.”

وقال إن خطوط الإمداد ينبغي أن تكون قصيرة ومترابطة من أجل وصول الأفراد والأسلحة والصيانة وقطع الغيار، وإن طول وضعف خطوط الإمداد سيؤدي إلى تعقيد أوضاع الدعم السريع.

مساعي لعزل القوات

ويسعى الجيش لعزل قوات الدعم السريع في المدن الثلاثة عبر تكثيف الهجوم على الجسور التي تربط بينها، ونشر مقربون من الجيش أنباء عن سيطرته على كبري جبل اولياء الذي يربط بين الخرطوم وأمدرمان، وتنبع أهمية الجسر بالنسبة للدعم السريع لأنه يربط بين بين معسكر طيبة جنوب الخرطوم والصالحة في أمدرمان.

وتسيطر الدعم السريع على كبري شمبات الذي يربط بين بحري وأمدرمان بينما يتقاسم الجيش والدعم السريع السيطرة على مدخلي كبري الحلفايا الذي يربط أيضاً بين بحري وأمدرمان ويمثل الجسران خط الامداد الرئيسي بين أمدرمان وبحري.

وأكد مواطنون إن الدعم السريع ما زال يسيطر على المربعات وصالحة وأحياء أمدرمان القديمة والعرضة وامبدات والدوحة والمنصورة وحي النخيل.

خطوط إمداد داخلية

وبالمقابل يرى مرقبون إن الدعم السريع يهدف لقطع خط الإمداد بين قاعدة كرري العسكرية والمهندسين، وأكدوا إن محور المعارك الحالية يتمثل في الطريق الفاصل بين محلية كرري وامدرمان الذي يمتد من طلمبة النحلة شارع الوادي شرقا مرورا بصينية الرباط وتقاطع الشنقيطي الي تقاطع القوصي غربا، وإن الجيش يسيطر الجيش مسيطر شمالاً وإن الدعم يسيطر جنوبا.

وأكدوا إنه في حال صحة سقوط الاحتياطي بأمدرمان في يد الدعم السريع فإنه سيمثل تقدماً عسكرياً كبير له.

تبادل السيطرة

وأكد الناشط محمد خليفة، في صفحته على فيسبوك، إن محلية كرري ظلت تحت سيطرة الجيش ومنذ اليوم الثاني في الحرب، وإن قوات الدعم السريع كانت ترتكز في حدود كلية التربية جامعة الخرطوم، وحدائق أمدرمان الكبري.

وأكد إن قوات الجيش تقدمت جنوبا نحو مناطق سيطرة الدعم السريع يوم الأحد، في القسم الشمالي واستاد ودنوباوي و تمشيط كلية التربية وما حولها، كما تم تنظيف كامل المنطقة قبل أن يتراجع الجيش يوم الاثنين إلى حدود سيطرته الأولى.

وقال أذا تمكن الجيش من السيطرة على حي العرب وحي العمدة والمسالمة والسوق الشعبي والمنطقة الصناعية، فإنه سيتمكن من فتح مدخل نحو امبدة وأحياء أمدرمان القديمة.

معارك لفترة أطول

وتوقع الخبير العسكري العميد متقاعد عبد القادر اسماعيل استمرار المعارك بين الجيش والدعم السريع لفترة أطول مؤدية لأضرار كبيرة وسط المدنيين وممتلكاتهم والبنية التحتية لأن المعركة تدور في المناطق السكنية. وقد تؤدي.

وقال إن مساحة الخرطوم تبلغ 27 الف كيلومتر مربع وهي مأهولة بالسكان والبنيات التحتية، وإن حسم المعركة وتنظيف الولاية بشكل كامل يحتاج لأعداد كبيرة جدا من المشاة. وأشار إلى إمكانية تقسيم المدينة لمربعات وفقاً للاحداثيات وتنظيفها ولكن في الحرب الدائرة الخرطوم لا يمكن حماية المربعات التي تم تنظيفها خاصة في ظل سهولة حركة قوات الدعم السريع عبر التاتشرات وحمل اسلحة سهلة النقل. وأشار إلى عدم امكانية تغطية جميع المساحات لعدم توفر العدد الكافي من الجنود.

ودعا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في خطابه بمناسبة عيدالأضحى المبارك، جميع الشباب وكل من يستطيع الدفاع أن لا يتردد أو يتأخر بالإنضمام للوحدات العسكرية لنيل للدفاع عن بقاء الدولة السودانية.

وكشف الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، في بيان يوم الاثنين، عن توجيه قيادات الفرق والمناطق العسكرية باستقبال وتجهيز المقاتلين وعليهم التوجه لأقرب قيادة أو وحدة عسكرية، وذلك في لإطار إنفاذ نداء البرهان للشباب وكل من يستطيع مشاركة القوات المسلحة.

حرب خاصة

وأكد الخبير العسكري عبد القادر اسماعيل إن حرب المدن أشبه بحرب الغابات وهي تندرج في إطار الحروب الخاصة التي يطول أمدها ولا يكون فيها منتصر أو مهزوم في وقت وجيز.

وأشار إلى تجارب خلال الحرب اللبنانبة والسورية والعراقية تقوم على دك المدن ذات الأغلبية معارضة بالمدفعية والطيران وحسم المعركة خلال يوم أو يومين، وأكد إن هذا النموذج غير وارد في السودان.

وأكد عدم امكانية حسم المعركة بسهولة في المناطق السكنية وتوقع أن تستمر المعركة لوقت أطول وتسبب أضرار بشرية ومادية كبيرة.