تشكيل حكومة لن يعطي شرعية لأي طرف
أمستردام: 10 يناير 2025: راديو دبنقا
بدأ النزاع حول شرعية السلطة الحاكمة في بورتسودان يأخذ أبعادا جديدة بعد أن كشف الفريق عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة، عن الشروع في إجراء تعديلات في الوثيقة الدستورية لتأخذ في الاعتبار تطورات الأوضاع السياسية في مرحلة ما بعد حرب 15 أبريل 2025، وفي غياب قوى الحرية والتغيير، وهي الطرف الثاني الرئيسي الموقع على الوثيقة الدستورية بجانب القوات المسلحة في أغسطس 2019.
ولا تخفي دوائر الحكم في بورتسودان وحلفائها من القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا نيتها في تشكيل حكومة جديدة يقودها تكنوقراط وتتولى إدارة شؤون البلاد إلى حين انتهاء الحرب والاتفاق على ترتيبات الحكم في مرحلة انتقالية تسبق تنظيم انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب ممثليه.
ويبدو أن خطوات حكومة بورتسودان تسابق تلك التي أعلنت عنها الجبهة الثورية، أحد الفصائل المنضوية تحت لواء تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم)، لنزع الشرعية عن حكومة بورتسودان وتشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وبالتنسيق معها. ورغم إعلان تنسيقية (تقدم) بعد اجتماعها الأخير في كمبالا عن إحالة الخلاف بشأن تشكيل الحكومة الموازية إلى اللجنة السياسية لحسمه، إلا أن الجبهة الثورية تبدو مصممة على تشكيل الحكومة حتى وإن أدى ذلك إلى خروجها من التنسيقية.
لا توجد شرعية ليتم نزعها
واعتبر الأستاذ المعز حضرة، المحامي والخبير القانوني، في حديث لبرنامج ملفات سودانية يذاع مساء السبت أن الحديث عن نزع الشرعية يعطي الانطباع بأن هناك شرعية أصلا موجودة وأن هناك من يسعى لنزعها. لكن الواقع يقول إنه ومنذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 لا توجد شرعية في السودان. ووصف الانقلاب الذي نفذه البرهان باسم القوات المسلحة وحميدتي باسم قوات الدعم السريع بالجريمة لأنه كان تقويضا للنظام الدستوري الموجود في ذلك الوقت.
وأضاف الخبير القانوني أن الحرب جاءت في 15 أبريل 2023 ولم تكن هناك أصلا شرعية في الدولة السودانية حتى يمكن نزعها. وأن الحديث في الوقت الراهن يجب أن يركز على كشف الغطاء عن عدم شرعية النظام الموجود منذ 25 أكتوبر 2021 وأن هذا النظام لا يتمتع بأي شرعية قانونية أو دستورية وبالتالي لا نحتاج لنزع شرعيته.
واستطرد الأستاذ المعز حضرة قائلا أن الفريق عبد الفتاح البرهان لا يملك الحق الآن دستوريا في تعديل الوثيقة الدستورية أو يضيف بنود أو يحذف بنود وأن كل هذه الأفعال سواء أن كانت في الماضي أو المستقبل هي غير دستورية وغير قانونية وبالتالي ليس لديه مشروعية للقيام بها على أساس العمل الانقلابي الذي قام به في أكتوبر 2021. وأن كل ما يجري الحديث عنه في بورتسودان من تعديلات للوثيقة الدستورية لتمثيل المرأة وغير ذلك من المبررات لن يكون كافيا لتجميل الخرق الدستوري الذي حدث.
الحكومة الموازية تفتقد للشرعية
واستبعد الخبير القانوني في حديث لبرنامج ملفات سودانية يذاع مساء السبت، استبعد أن يوفر مشروع تشكيل حكومة موازية في مناطق الدعم السريع أو أي مناطق أخرى شرعية لمن ينون القيام بذلك. فالأساس في الشرعية التي كانت موجودة في السودان وبموجب الوثيقة الدستورية للعام 2016 هو ثورة ديسمبر التي أعطت لأطراف الوثيقة مشروعيتهم. وشدد على أنه ليست هناك جهة يمكن أن توفر الشرعية سواء في معسكر الجيش أو في معسكر الدعم السريع خصوصا وأن فقدان الشرعية جاء كنتيجة لتقويض الطرفين للترتيبات الدستورية.
وتسأل الأستاذ المعز حضرة المحامي عن السند القانوني والدستوري لهذه الحكومة الموازية بالنظر إلى أن الحكومة التي تم تشكيلها في العام 2029 استندت على الوثيقة الدستورية المتفق عليها. وفي غياب الأساس الدستوري فإن أي حكومة تكون في أي منطقة من المناطق ستكون فاقدة للشرعية ولا يمكنها تأسيس حكم دستوري، وما بني على باطل فهو باطل.
واعتبر الخبير القانوني أن الوثيقة الدستورية قد مزقت وماتت وشبعت موتا وأن إضافة نصوص هنا وهناك لن تعيد هذه الوثيقة إلى الحياة مرة أخرى. ومضى قائلا إن هناك فراغ دستوري كامل، لا توجد دولة ولا توجد مؤسسات وهناك شخص واحد في حكومة الأمر الواقع في بورتسودان يصدر القرارات ولا توجد أي جهة قانونية، مثل المحكمة العليا والمحكمة الدستورية، للطعن أمامها بشأن هذه القرارات. وحتى قانون القوات المسلحة لا يعطي الفريق عبد الفتاح البرهان الحق في إصدار هذه القرارات التي تعتبر باطلة.