تلاميذ بأحدي مدارس ولاية غرب دارفور - أرشيف دبنقا

أمستردام – كمبالا، الإثنين 16 سبتمبر: راديو دبنقا

في مدرستي القرية 6 عرب بمحلية نهر عطبرة، يجلس قرابة 1000 تلميذ في فصول متهالكة مسقوفة بالزنك المثقوب وجدران متصدعة، ودورات مياه متشققة توشك على الانهيار، يعانون من الاكتظاظ ونقص المقاعد، و قلة عدد المعلمين

معاناة الطلاب والمعلمين
وبعد مرور عام ونصف على اندلاع الحرب، يعاني الطلاب والمعلمون على حد سواء من تدهور البنية التحتية وعدم توفر المناهج، وانقطاع الرواتب، مما جعل البيئة المدرسية طاردة وغير مهيأة، فضلا عن أن الاوضاع الاقتصادية الصعبة، أجبرت العديد من أولياء الأمور على اخراج أبنائهم من المدارس، والدفع بهم إلى سوق العمل للمساعدة في تحمل الأعباء المعيشية، مما يسهم في تفاقم مشكلة التسرب.

المدرستان اللتان استقبلتا أعداداً كبيرة من الناجين من الحرب، خاصة بعد سقوط مدني وسنجة في يد قوات الدعم السريع، لم تشهدا صيانة على مدى السنوات الأربع الماضية.

وبعد إصرار حكومة الامر الواقع على استئناف العام الدراسي، اضطر سكان القرية إلى استضافة النازحين في بيوتهم لضمان استمرار الدراسة، لكن تهالك الجدران ونقص المقاعد واكتظاظ الفصول بعد انضمام عدد كبير من الطلاب الضيوف شكل ضغطاً هائلاً، وفقا لحديث عمدة البطاحين، علي بلة فرح الصاحب لراديو دبنقا.

مدرسة البنين كما ذكر أحد التلاميذ، تفتقر إلى سور، مما حولها إلى مأوى للحيوانات، إلى جانب أن أعداد من الطلاب يجلسون على الارض لعدم وجود ما يكفي من الكراسي، فضلا عن الاكتظاظ، فمدرستا البنين والبنات تضم 9 فصول ابتدائي ومتوسط، واي فصل فيه تقريبا حوالي 50 طالباً واحيانا أكثر.
هذا الواقع يتشابه بشكل كبير في معظم الولايات، سواء تلك التي تقع تحت سيطرة الجيش أو التي أصبحت تحت يد قوات الدعم السريع.

واجب مستمر
المهندسة هدى محمد عمر، من وزارة التخطيط العمراني، رغم تخصصها العلمي، وجدت نفسها في مجال التدريس، حيث رفضت أن يبقى الأطفال في المنازل أو الشوارع في ظل الحرب.
وعبرت في حديثها مع راديو دبنقا، عن قناعتها بأن التعليم هو السبيل الوحيد لإنقاذ الأجيال القادمة، وأكدت أن الاستمرار في الدراسة هو واجب رغم المخاطر. كما دعت حميدتي والبرهان، إلى وقف الحرب من أجل مستقبل أفضل للأطفال.

موقف أولياء الأمور
وبالانتقال إلى ولاية جنوب دارفور نجد ان الوضع لا يختلف كثيرا فقد أصدر والي الولاية قرارات بتعطيل الدراسة، بعد إعلان الدعم السريع تشكيل حكومة مدنية بالولاية، واعرب النضيف بريمة، ولي أمر أحد الطلاب في ولاية جنوب دارفور، عن قلقه حيال قرار السلطات، و أكد في مقابلة مع راديو دبنقا، أن التعليم كان مستمرًا رغم الظروف الامنية، وطالب بعدم تسييس العملية التعليمية أو ربطها بالصراعات السياسية، وأشار إلى أهمية استمرار التعليم، خصوصًا مع استعداد المعلمين والآباء لدعمه بكل ما يستطيعون.

آراء الطلاب
طالب الصف الأول متوسط بمدرسة السلطان تيراب آدم هاشم، شدد على أهمية الاستمرار في التعليم رغم الحرب، وأوضح في حديثه مع راديو دبنقا، أن البقاء في المنزل يؤدي إلى نسيان ما تعلمه، واعتبر التعليم المفتاح الأساسي للتقدم وبناء البلاد، معربًا عن أمله في أن تتوقف الحرب قريبًا.

من جانبها، شاركت طالبة الصف الأول متوسط، ردينة أحمد محمد أبكر، تجربتها بالانتقال من مدرسة خاصة إلى مدرسة السلطان تيراب بعد اندلاع الحرب، وتحدثت عن شعورها بالاكتئاب أثناء إغلاق المدارس، ولكنها الآن مستمرة في دراستها وتأمل في عودة السلام وفتح المدارس بشكل كامل.

الواقع المعيشي للمعلمين
المعلمة بمدرسة السلطان تيراب، زهراء علي، تطرقت للدور الحيوي الذي يلعبه المعلمون في استمرارية العملية التعليمية، وقالت لراديو دبنقا: رغم عدم صرف رواتبهم لعدة أشهر ونقص المواد التعليمية خاصة كتب الصف الثالث المتوسط التي لم تصل حتي الآن، وأكدت أن التعليم ليس مرتبطًا بأي جهة سياسية، بل هو رسالة سامية يجب أن تستمر رغم الظروف، واشارت إلى أن المعلمين يواصلون أداء واجبهم النبيل دون توقف.

معلم المرحلة الثانوية الحاج النور أبكر، تحدث عن تدهور الأوضاع المعيشية للمعلمين نتيجة انقطاع الرواتب وارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، مثل “ملوة العيش” التي بلغ سعرها 15 ألفاً، بجانب العدس والسكر والزيت والبصل
وقال النور: منذ بداية الحرب وحتى الآن، لم نتلقَ سوى 60% من الرواتب المستحقة، وهو ما يعادل 5 أو 6 أشهر. ونحن كمعلمين نواجه ظروفاً صعبة، حيث توقفت جميع أعمالنا الأخرى، ولم نتلقَ أي دعم من الدولة واصبحنا بلا مصدر دخل آخر سوى التدريس الذي توقف بشكل شبه كامل بسبب الحرب

المعلم بإدارة تعليم مرحلة الأساس بمحلية برام، الشاذلي حامد بشارة، يشير إلى المعاناة التي واجهها المعلمون منذ الأحداث التي اندلعت في السودان بعد 15 أبريل. فقد مر عام ونصف دون صرف الرواتب كاملة، حيث تم صرف نسبة قليلة فقط تبلغ 60% من الرواتب مع خصومات كبيرة. وناشد الشاذلي في ختام حديثه مع دبنقا، المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان للتدخل، مشيراً إلى أن المعلم أصبح في وضع صعب للغاية.

تحديات التعليم ببرام

من جانبه اعلن مدير التعليم الابتدائي بمحلية برام بولاية جنوب دارفور، خميس حامد التجاني هنون، أن المعلمين في المحلية يواجهون تحديات كبيرة تتعلق بعدم استلام مستحقاتهم بشكل منتظم.
واوضح في تصريح لراديو دبنقا، انه منذ 15 أبريل، تم صرف المرتبات حتى يوليو 2023م، ولكن بنسبة ضعيفة جدًا لا تتجاوز 60%، واشار إلى أن هذه النسبة غير كافية لتغطية احتياجات المعلمين المعيشية.
وكشف أن بالمحلية 67 مدرسة ابتدائية حكومية، منها 28 مدرسة للرحل، إلى جانب مدارس التعليم الخاص، لكن رغم العدد الكبير من المدارس والطلاب، اكد، ان البيئة التعليمية غير جاذبة ومباني المدارس قديمة ومتهالكة وبعض المباني مبنية منذ الأربعينات والخمسينات، وتعاني من التصدعات، وفي موسم الخريف يصبح من الصعب جدًا استمرار الدراسة فيها. فضلا عن النقص الحاد في كراسي الفصول والكتب خاصة مقررات الصف الثالث متوسط.

هذا إلى جانب افتقار مدارس الرحل للدعم الكافي، وتوقف التمويل السابق من بعض المنظمات، أيضاً، تحدث عن النقص في وسائل النقل للموجهين والإدارات، حيث توجد وسيلة نقل واحدة فقط تابعة للإدارة.

وشكا مدير التعليم الابتدائي، من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي اضطرت العديد من أولياء الأمور إلى سحب أبنائهم من المدارس، و الدفع بهم إلى سوق العمل للمساهمة في تحمل الأعباء المعيشية، مما يسهم في تفاقم مشكلة التسرب الدراسي.

وتحدث هنون أيضا عن تعليم البنات في الظروف الراهنة وتطرق لغياب وجبات الإفطار في المدارس، وانتقد غياب الامتحانات لعامين متتالين، مما يؤثر على تقدم الطلاب وانتقالهم بين المراحل الدراسية، ويعوق تحقيق طموحاتهم ومستقبلهم، مناشدا، بالدعم العاجل من المنظمات الإنسانية واليونسيف والمنظمات الأخرى لتحسين ظروف التعليم في المنطقة.

Welcome

Install
×