تبديل العملة: هل يخفف الأزمة أم يعمق المعاناة؟”
الدويم، الابيض، كمبالا: 4 ديسمبر 2024: راديو دبنقا
في ظل الأزمات الاقتصادية المتفاقمة، يأتي قرار تغيير العملة في السودان كخطوة قد تحمل حلولاً جزئية لمشكلات السيولة النقدية، لكنه يثير أيضاً مخاوف عدة، خصوصاً مع استمرار النزاع وتأزم الأوضاع الأمنية.
وأعلن بنك السودان المركزي في منتصف نوفمبر الماضي عن طرح فئتين نقديتين جديدتين من العملة المحلية بقيمة 500 و1000 جنيه، في خطوة تهدف إلى تعزيز استقرار العملة الوطنية ومواجهة الآثار السلبية للحرب.
وأوضح البنك أن طرح الفئات الجديدة هو محاولة كذلك لمواجهة تداول نحو 90% من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، والتي تفاقمت بسبب ضعف الثقة بالمصارف وانهيار النظام المالي في العديد من المناطق.
بينما اعتبرت قوات الدعم السريع أن إعلان البنك المركزي “خطوة تمهيدية لمخطط تقسيم السودان”.
وفي استطلاع أجراه راديو دبنقا بين المواطنين، يرى البعض أن القرار قد يخفف من الأزمات الاقتصادية ويعيد الاستقرار للنظام المصرفي، بينما يعتقد آخرون أن التوقيت غير مناسب وأنه قد يزيد من تعقيد المشهد في ظل استمرار الحرب.
تحديات لوجستية وأمنية
يرى عمر أبو أحمد أن تغيير العملة في الظروف الحالية يشكل تحدياً كبيراً وسلاحاً ذا حدين، إذ يشير إلى صعوبة إيصال العملة الجديدة إلى كافة أنحاء البلاد في وقت واحد، مع ضمان توفير كميات كافية تلبي احتياجات السوق. كما يشدد على ضرورة توفير الحماية اللازمة للعملة الجديدة أثناء الطباعة والتوزيع.
ويضيف أبو أحمد خلال مقابلته مع راديو دبنقا، ان شح السيولة الحالية يؤثر بشكل مباشر على الأنشطة التجارية، ويؤكد أن الوقت الحالي غير ملائم لتغيير العملة، و أن الأولوية يجب أن تكون لإنهاء النزاع وتوفير بيئة مستقرة تسمح بتنفيذ هذه الخطوة دون تعقيدات.
تأثير محتمل على أزمة السيولة
من جهة أخرى، يعتقد شمس الدين، موظف من ولاية النيل الأبيض، أن تغيير العملة قد يسهم في حل مشكلة نقص السيولة النقدية التي أرهقت المواطنين خلال الفترة الماضية. ويوضح لراديو دبنقا، أن الحرب أدت إلى تضرر القطاع المصرفي، حيث تعرضت البنوك للسرقة، مما جعل الكاش نادراً ودفع الناس إلى التعامل مع السوق السوداء بأسعار مرتفعة، حيث يضطر المواطنون لدفع عمولات تصل إلى 25 ألف جنيه مقابل كل 100 ألف للحصول على النقد.
ويعتبر شمس الدين أن من إيجابيات القرار ضخ السيولة في البنوك، مما يمنح المواطنين القدرة على سحب أموالهم بسهولة دون الحاجة إلى السوق السوداء، وهو ما سيخفف من الأزمة تدريجياً.
انعكاسات على السوق والتجارة
حمزة رابح، أحد التجار، يوضح أن توفير السيولة الناتج عن تغيير العملة سيساعد في تقليل الفجوة بين أسعار البيع “بالكاش” وتطبيق بنكك، ما ينعكس إيجاباً على النشاط التجاري. ومع ذلك، يبدى خلال حديثه مع راديو دبنقا، تخوفه من احتمال حدوث مضاربات واسعة فور الإعلان عن تغيير العملة، ما قد يؤدي إلى تقلبات جديدة في السوق.
ويوضح حمزة أن السيولة النقدية تمثل عنصراً أساسياً لاستقرار السوق، حيث يتيح توفرها للتجار تسوية تعاملاتهم بشكل أفضل مع العملاء، مما يخلق نوعاً من التوازن في السوق.
غياب الترتيبات
ويؤكد المواطن عبدالرحمن يوسف، من ولاية شمال كردفان، أن مدينة الأبيض تشهد أزمة سيولة نقدية حادة، في ظل غياب أي ترتيبات من حكومة الولاية لتبديل العملة أو توعية المواطنين بشأن العملية المرتقبة.
ويقول يوسف لراديو دبنقا إن سكان المدينة وموظفيها يعانون من شح الكاش، ما أجبرهم على دفع عمولات للحصول على السيولة تتراوح بين 10% و15%، مما زاد من الأعباء الاقتصادية على كاهلهم.
ويلفت إلى أن الحركة التجارية في المدينة تأثرت بشكل كبير بشح السيولة، إلى جانب ضعف القوة الشرائية الناتج عن انعدام الكاش. ويشير الى أن المواطنين أصبحوا غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، ما فاقم معاناتهم اليومية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
ويضيف أنه في ظل استمرار الأزمة، يترقب المواطنون الأيام المقبلة لمعرفة ما إذا كانت السلطات ستتمكن من توفير السيولة المطلوبة وتسهيل عملية تبديل العملة.