بعد مغادرة القوة المشتركة الحياد… ما الذي سيحدث في شمال دارفور
كمبالا: 12ابريل2024: راديو دبنقا
تقرير: عبدالمنعم مادبو
تتسارع التطورات على ساحات القتال في السودان ولا يكاد يمضي يوم بلا تطور في اتجاه تأجيج الحرب التي بلغت عامها الاول، فبالأمس اعلنت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح مسار دارفور خروجها من مبدأ الحياد الذي ظلت تنتهجه منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، بالمقابل اعلنت حركة تجمع قوى تحرير السودان التي يقودها عضو مجلس السيادي السابق الطاهر حجر خروجها من تحالف القوة المشتركة بمسار دارفور ولحقت بحركة تحرير السودان المجلس الانتقالي التي خرجت من القوة المشتركة الاسابيع الماضية.
وتشهد مدينة الفاشر حالة توتر شديدة منذ ديسمبر الماضي عقب سيطرة الدعم السريع على اربعة من ولايات دارفور، بينما تتواجد في المدينة القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح الموقع على اتفاقية سلام جوبا وهي قوات اعلنت عن حيادها في بداية الحرب وتعمل على حماية المدنيين وتأمين القوافل التجارية والتي تحمل المساعدات الانسانية إلى الاقليم، الأمر الذي جعل قوات الدعم السريع تعيد حساباتها بشأن مدينة الفاشر التي تعد عاصمة اقليم دارفور.
مبررات مغادرة الحياد
اتخذت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح قرار الخروج من الحياة ومقاتلة قوات الدعم السريع بواسطة وفد قادة هيئة القيادة والسيطرة الذي زار القوات في مقراتها العسكرية بمدينة الفاشر امس الخميس بمناسبة عيد الفطر المبارك.
قدم الوفد قدم بدايةً اعتذاره لجنود الحركات عن صمته على ما وصفها باستفزازات قوات الدعم السريع في الفترة الماضية، واعتداءاتها المتكررة على قوات الحركات في الآونة الأخيرة اخرها ما وصفته بالغدر الذي نفذته قوات الدعم السريع على أحد مكوناتها ببوابة مدينة مليط الأيام الماضية، اضافة إلى قطعها للطرق أمام وصول المساعدات الإنسانية، واستهدافها لبعض المحطات التأمينية التابعة للقوة المشتركة وحرقها شعاراتها.
القتال بجانب الجيش
قال قادة العسكريون للقوة المشتركة انه بناءً على تجاوزات الدعم السريع فان القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح تعلن أنه لا حياد بعد الآن، وانها ستقاتل مع حلفائها والوطنيين وقواتها المسلحة ضد الدعم السريع، وانها لن تنتظر لكي تكون في حالة دفاع وإنما ستنتهج الهجوم كوسيلة للدفاع، وانها ستهاجم قوات الدعم السريع اينما وجدتها.
ولحقت القوة المشتركة بهذا القرار حركتي تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي والعدل والمساواة جبريل ابراهيم وهما حركتان ضمن تشكيل القوة المشتركة انخرطتا في القتال بجانب القوات المسلحة منذ يناير الماضي.
وأكد وفد هيئة القيادة والسيطرة بالقوة المشتركة- الذي ضم الجنرالات “جمعة محمد حقار، عبود آدم خاطر، تجاني الضهيب، حامد إدريس جزم، ابراهيم عبدالله التوم بهلول- ان القوة ستتحرك لفتح الطرق والمعابر لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى دارفور، وقال “اذا أرادت قوات الدعم السريع غير ذلك ستكون للميدان والقتال الكلمة العليا.”
التمسك بالحياد
في ظل هذا الوضع ظل القائدان الهادي ادريس والطاهر حجر متمسكان بموقف الحياد وعدم الاصطفاف بجانب اي من طرفي الحرب، بل أصدر القائد الطاهر حجر أمس الخميس قراراً بالانسحاب من القوة المشتركة، كما سبقه لذات القرار رئيس حركة المجلس الانتقالي دكتور الهادي ادريس. واعلن حجر- في قراره- عن اتجاه لتكوين قوة مشتركة اخرى مع قوات المجلس الانتقالي التي يقوها دكتور الهادي ادريس والتي اعلنت انسحابها هي الاخرى من القوة المشتركة قبل اسبوعين.
وقال القرار الذي حصل عليه راديو دبنقا ان القوة المشتركة التي تم تكوينها بعد اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع للاطلاع بمهام حماية المدنيين والمقرات الحكومية ومقرات المنظمات الانسانية الدولية والاقليمية والوطنية وضمان وصول المساعدات الانسانية والقوافل التجارية، واضاف بتغيير بعض الحركات موقفها من الحياد واعلان انحيازها للجيش والقتال معه اصبح من المستحيل القيام بالمهام التي من اجلها تم تكوين القوة المشتركة، ووجه القرار كل الهياكل العسكرية للحركة بالشروع في تشكيل قوة مشتركة جديدة مع الحركات التي تتخذ الحياد مبدأ وموقفاً من الحرب للقيام بذات المهام التي انشأت من أجلها القوة المشتركة.
موقف ليس بجديد
يقول الصحفي محمد حسين ادم ان الموقف الذي اعلنته قوة المشتركة في بيانها امس بالخروج عن الحياد ليس بجديد، وانما يعبر عن الخط السياسي للحركات الموقعة على اتفاق جوبا، رغم ان حركتي تحرير السودان المجلس الانتقالي وقوى تجمع تحرير السودان لا زالتا متمسكتين بالحياد او عدم الاصطفاف لاي طرف من طرفي الحرب، بينما مناوي وجبريل وآخرين اعلنوا فك الحياد وانخراطهم في القتال في صف الجيش.
وذكر ان مواقف الحركات انعكست منذ وقت مبكر على القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، فنجد ان قائد قوات “التجمع” المعروف “عبد الله جنا” يتسق مع نائب رئيس التجمع وعدد من القادة بالتجمع تجاه الاصطفاف مع الجيش وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان وفصائل أخرى، بجانب ان هناك عسكريين انضموا إلى الجيش والقوة التي اصطفت إلى جانب الجيش منذ وقت مبكر، لذلك هذه البيانات ليست جديدة وانما تعبر عن هذه المواقف.
مدينة التوازن العسكري
ويشير الصحفي محمد حسين إلى أن مواقع السيطرة في مدينة الفاشر تتوزع ما بين سيطرة الجيش والقوة المشتركة على معظم المدينة باستثناء الربع الشمالي الشرقي منها وبعض المعابر مثل بوابة مليط هي تقع تحت سيطرة الدعم السريع، واضاف محمد حسين لراديو دبنقا “في ظل هذا الواقع العسكري والعمليات لا أتوقع اي جديد لان ذات الوضع القديم سيظل مسيطر على المشهد العسكري باعتبار ان القوة الموجودة هي ذات القوة التي تتبع للقادة الذين اعلنوا بيان الخروج عن الحياد والانضمام للجيش”
وتابع: قوات مناوي مصطفة مع الجيش وعدد من فصائل تجمع قوى تحرير السودان كذلك انضمت لصف الجيش، بالتالي لا اعتقد ان هنالك تأثيراً مباشراً سيطرأ على المشهد العسكري في مدينة الفاشر وولاية شمال دارفور بشكل عام، لكنه نبه إلى ان هذا التطور ربما سيؤدي إلى انسحاب الفصائل التي تعبر عن الخط السياسي لبعض القادة الذين لا زالوا متمسكين بالحياد، كما حدث للمجلس الانتقالي، واضاف: وربما سيحدث ذلك مع “حركة التجمع” باعتبار ان لديها بعض المركبات القتالية تم سحبها من مدينة الفاشر.
فرز المواقف العسكرية عن السياسية
محمد حسين نوه إلى ان هذا التطور الذي طرأ بإعلان خروج القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح عن الحياد والانخراط في القتال يعد مهما لفرز المواقف العسكرية للفصائل المكونة للقوة المشتركة بحيث لا يحدث صدام بين تلك المؤيدة للجيش والمحايدة، لكنه قطع أن الموقف العسكري العملياتي سيظل كما هو لفترة طويلة لجهة أن مدينة الفاشر الآن هي مدينة التوازن العسكري.