بعد عامين من الحرب : الجوع يحاصر السودان والمدنيين في فرار

النازحون الفارون من معسكر زمزم - فبراير 2025- وسائل التواصل
أمستردام :16 ابريل 2025: راديو دبنقا
قال منظمة الهجرة الدولية ان” هناك أكثر من 30 مليون شخص – أي ثلثي سكان السودان – في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بما في ذلك 16 مليون طفل في وقت قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، إن فرص منع تدهور الزراعة التي توفر الغذاء والدخل إلى قرابة 80% من السودانيين تتلاشى بسرعة.
في الاثناء عبر حدود السودان نحو 3.8 ملايين لاجئ إلى الدول المجاورة، مما خلق أزمة إنسانية كبيرة، لأنهم غالبا ما يكونون في أوضاع شديدة الهشاشة، إذ يعانون من نقص في الغذاء والماء والرعاية الصحية. وتتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع هذا العدد بمليون آخر خلال عام 2025.
في السياق دعت منظمة الهجرة الدولية في بيان يوم الثلاثاء إلى اتخاذ إجراءات دولية فورية ومنسقة للمساعدة في تخفيف حجم المعاناة الإنسانية التي لا يمكن تصورها الناجمة عن الصراع ومنع المزيد من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
حافة الهاوية
وقالت إيمي بوب، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة: “لقد دفعت الحرب السودان إلى حافة الهاوية. لقد فٌقدت آلاف الأرواح بسبب أعمال العنف، وتمزقت الأسر، وتحطمت آمال وتطلعات الملايين في مواجهة المجاعة والمرض والانهيار الكامل للاقتصاد”.وأضافت “وحتى في ظل أعمال العنف، يحاول العديد من النازحين العودة إلى ديارهم، ليجدوا دماراً كاملاً. ويحتاج السودان بشدة إلى المساعدات الإنسانية، ولا يقل أهمية عن ذلك، الاستثمار طويل الأجل لضمان قدرة الناس على العودة بأمان، وتمكنهم، هم ومجتمعاتهم، من التعافي وإعادة بناء حياتهم”.
وأوضح البيان أنه مع استمرار النزوح عبر الحدود والأوضاع الهشة في البلدان المجاورة مثل جنوب السودان وتشاد، يتزايد خطر زعزعة الاستقرار الإقليمي، داعياً إلى استكمال الاستجابة الإنسانية بحلول دائمة ومستدامة للعائدين واللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم وللحكومات.
وقالت المديرة العامة للهجرة الدولية إيمي بوب: “لا يمكن لشعب السودان أن يبقى في حالة انتظار. ويجب على المجتمع الدولي أن يوجه رسالة واضحة وموحدة: شعب السودان ليس منسياً”.
نهب الأسواق وقطع سلاسل الإمداد
الى ذلك أفادت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو، في بيان بأن الزراعة، وهي المصدر الرئيسي للغذاء والدخل لما يصل إلى 80% من السكان، تتعرض للتفكك بسبب العنف والنزوح والانهيار الاقتصادي”.وأضافت: “مع اقتراب موسم الجفاف وتوقع هطول أمطار أقل من المتوسط هذا العام، فإن فرص منع المزيد من التدهور في الزراعة تتلاشى بسرعة”.
وأوضحت الفاو أن قطاع الزراعة يعاني من ضغوط متزايدة مع استمرار النزاع في تعطيل مناطق الإنتاج، حيث نزح المزارعون أو أجبروا على مغادرة أراضيهم، مما يعرض سبل عيش المجتمعات الريفية للخطر ويشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي.وأشارت إلى أن أكثر من نصف سكان السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يواجه الملايين في الخرطوم وكردفان ودارفور خطر المجاعة.
وذكرت الفاو أن الأزمة في السودان لا تقتصر على ندرة الغذاء، حيث تشمل الوصول إلى الخدمات بعد نهب الأسواق وقطع سلاسل الإمداد وانعدام الأمان في الطرق. وشددت على أن البذور والأسمدة والوقود أصبحت بعيدة المنال بعد ارتفاع أسعارها بشكل حاد، فيما “لا تستطيع العديد من العائلات الحصول على ما تحتاجه للبقاء على قيد الحياة أو تحمل تكلفته”.
قطاع الثروة الحيوانية يتهاوي
وبجسب الفاو يتوفر الغذاء في الأسواق في المناطق الآمنة، كما توجد وفرة نسبية في المحاصيل في المناطق التي تعاني من آثار النزاع أو في خضمّه، لكن ارتفاع أسعارهما جعل معظم الأسر غير قادرة على تحمل تكاليف شراء الطعام.
وقدمت الفاو في العام السابق حوالي 5,300 طن من البذور إلى 2.8 مليون شخص لدعم إنتاج الغذاء وتوليد الدخل، كما قامت بتطعيم 2.8 مليون حيوان وتوزيع 8,300 رأس من الماعز و830 طنًا من الأعلاف واللقاحات لأسر مربي الماشية.
ووصفت الفاو هذا الدعم بأنه “لم يخدش سوى سطح ما هو مطلوب”، حيث إنه دون دعم موسّع ستفقد المزيد من الأسر محاصيلها وحيواناتها وقدرتها على إطعام نفسها. وأكدت الفاو على أن قطاع الثروة الحيوانية يتعرض لضغوط هائلة، حيث أدى تدمير تصنيع اللقاحات وسلاسل التوريد البيطرية إلى تعريض ملايين الحيوانات للأمراض.
ما بعد حدود السودان
الى ذلك نشر موقع (آول آفريكا) الإخباري المختص بالشؤون الأفريقية تقريرا عن الحرب في السودان التي أكملت عامها الثاني يوم الثلاثاء 15 أبريل2025، قائلا إن آثار هذا الصراع لم تقتصر على الداخل فقط، بل انتشرت إلى دول الجوار. وأوضح التقرير أن الصراع بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع يشتد حاليا، مما فاقم الأزمات الموجودة جراءه، داخليا وخارجيا.وأشار إلى ما قاله المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو غراندي، في فبراير الماضي عن أن ثلث سكان السودان نازحون، وأن تداعيات هذه الحرب الوحشية وغير المبررة تمتد إلى ما هو أبعد من حدود السودان.
أوضاع شديدة الهشاشة
وذكر الموقع أن نحو 3.8 ملايين لاجئ عبروا حدود السودان إلى الدول المجاورة، مما خلق أزمة إنسانية كبيرة، لأنهم غالبا ما يكونون في أوضاع شديدة الهشاشة، إذ يعانون من نقص في الغذاء والماء والرعاية الصحية. وتتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع هذا العدد بمليون آخر خلال عام 2025.
وكانت الدول المجاورة للسودان تعاني أصلا من ضغوط كبيرة جراء موجات النزوح السابقة قبل اندلاع الحرب الحالية في أبريل 2023، خاصة مع استمرار الأزمات منذ نزاع دارفور في 2003.
وتستضيف هذه الدول أعدادا كبيرة من اللاجئين والنازحين داخليا، كما أن برامجها الإنسانية تعاني من نقص حاد في التمويل. بالإضافة إلى ذلك، يصل الفارّون من السودان إلى مناطق نائية يصعب الوصول إليها. وقال التقرير إن تشاد ومصر تُعتبران أكثر الدول استقبالا للاجئين، حيث تستضيف مصر نحو 600 ألف سوداني، بينما تم تسجيل أكثر من 700 ألف في تشاد (وقدّرت الحكومة التشادية أن هذا العدد قد يقترب من المليون بحلول نهاية عام 2025).
صعوبة تقديم الخدمات الأساسية
وأشار الموقع إلى أن الدول المجاورة تعاني في مواجهة الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن تدفق اللاجئين قد أدى إلى إنهاك المرافق الصحية في تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان، وسط نقص كبير في الأدوية والموارد والكوادر الطبية.كما أن عدم وضوح حجم الدعم المالي من المانحين هذا العام أضاف مزيدا من الغموض. فعلى سبيل المثال، اضطرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تعليق جميع العلاجات الطبية للاجئين الذين دخلوا مصر من السودان، بما في ذلك العمليات الجراحية للسرطان والقلب وعلاجات الأمراض المزمنة، مما أثر على حوالي 20 ألف مريض.
عاصفة كاملة
وحذرت منظمة الصحة العالمية العام الماضي من أن الوضع في السودان يقترب من “عاصفة كاملة”، بسبب انهيار نظام الرعاية الصحية، وتكدّس السكان في مناطق مكتظة تفتقر للمياه النظيفة والصرف الصحي والغذاء والخدمات الأساسية.
وأدى انهيار البنية التحتية الصحية داخل السودان إلى انتشار الأمراض، ووصولها إلى الدول المجاورة، خاصة في أماكن اللاجئين الذين تزداد قابليتهم للإصابة بالأمراض بسبب الانخفاض الحاد في معدلات التطعيم في السودان.وسجل شركاء العون الإنساني تزايدا في حالات الأمراض ومخاوف من تفشيها، خصوصا في المناطق الحدودية ومراكز الإيواء.
انعدام الأمن
واستمر التقرير في رصد معاناة الدول المجاورة للسودان، قائلا إن مصر، وليبيا، وتشاد، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وإريتريا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، كانت تواجه أزمات داخلية مثل النزاعات والجوع والأمراض، قبل اندلاع الحرب السودانية.
وقد تسبب الصراع السوداني في زيادة العنف وعدم الاستقرار بالمناطق الحدودية، حيث وردت تقارير عن اشتباكات عبر الحدود. وفي تشاد، زاد تدفق الأسلحة ووجود الجماعات المسلحة من مستوى العنف، بينما أُفيد بأن جماعة مسلحة بدولة جنوب السودان تحالفت مع قوات الدعم السريع داخل السودان.
العنف الجنسي
وذكر الموقع أن العنف الجنسي يُستخدم كسلاح في هذا الصراع، مما يعرّض ملايين الأطفال للخطر. ويدفع هذا الواقع الوحشي والخوف منه الكثير من النساء والفتيات إلى الفرار من منازلهن، ليتعرضن لاحقا للمزيد من المخاطر أثناء نزوحهن الداخلي أو عبورهن الحدود، في ظل الحاجة الشديدة إلى خدمات الرعاية الطبية والدعم النفسي.وأفادت منظمة اليونيسيف في مارس بأن الفتيات ينتهي بهن المطاف غالبا في مواقع نزوح غير رسمية تفتقر للموارد، حيث يكون خطر العنف الجنسي مرتفعا. ومن بين ضحايا الاغتصاب المبلغ عنهم من الأطفال، كانت 66% من الفتيات.
أما الفتيان، فيواجهون صعوبات خاصة تتعلق بالوصمة الاجتماعية، مما يجعل من الصعب عليهم الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية والحصول على المساعدة.
ومن الصادم، كما ورد في التقرير، أن 16 من الضحايا كانوا دون سن الخامسة، بينهم 4 رضع لم تتجاوز أعمارهم سنة واحدة.
تعطيل طرق التجارة والفقر
وأدى الصراع بالسودان إلى تعطيل طرق التجارة والأنشطة الاقتصادية، مما أثر على مصادر رزق السكان في الدول المجاورة، وتسبب بزيادة الفقر والمصاعب الاقتصادية.ففي إثيوبيا ومصر، أدت القيود الحدودية وانعدام الأمن في الممرات التجارية إلى ارتفاع تكاليف النقل وانخفاض كبير في النشاط الاقتصادي عبر الحدود، بينما في تشاد وجنوب السودان، أدى التدفق الكبير للاجئين إلى تحويل الموارد بعيدا عن قطاعات حيوية في الاقتصاد.