بروفيسور حسن بشير محمد نور: العلاج بالصدمة أو رأسمالية الكوارث ..

أعلن رئيس الوزراء الجديد أنه سيعالج الأزمة الاقتصادية بالصدمة وهذه بداية تنذر بشر مستطير…العلاج بالصدمة هو عقيدة اقتصادية مستندة علي مقولة ميكافيلي …

البرفيسور حسن بشير(ارشيف)

بقلم: بروفيسور حسن بشير محمد نور

 

أعلن رئيس الوزراء الجديد أنه سيعالج الأزمة الاقتصادية بالصدمة وهذه بداية تنذر بشر مستطير…العلاج بالصدمة هو عقيدة اقتصادية مستندة علي مقولة ميكافيلي (جميع الأضرار دفعة واحدة).تستند تلك العقيدة علي استغلال الكوارث الطبيعية أو الناتجة عن الحروب أو الأزمات الاقتصادية أو السياسية الكبري في تمرير سياسات تعتمد التحرير الاقتصادي والخصخصة والتصرف في المؤسسات العامة والموارد دون كابح ودون توفر الشروط الاقتصادية ودون الالتفات للعواقب الاجتماعية المدمرة.

تغذت تلك العقيدة من مدرسة شيكاغو النقدية بريادة ميلتون فريدمان, تلك المدرسة التي اسمتها الاقتصادية الكندية ناعومي كلاين في كتابها حول هذا الموضوع والصادر في عام 2009م (بصبيان مدرسة شبكاغو)….مدرسة شيكاغو مدرسة اقتصادية محافظة معادية للكينزية الداعية لتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي عبر السياسات الاقتصادية الكلية كامر طبيعي لمواجهة ما يعرف بفشل السوق..

جاءت المدرسة النقدية في ستينيات القرن الماضي عند توسع الرأسمالية المالية ورواج سطوة الاسواق المالية بالاصول التمويلية المورقة…لكن الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في العام 2008م أعادت الأمور الي نصابها وطعنت في صميم مقولات تلك العقيدة ومباديء الحرية الاقتصادية لميلتون فريدمان .

الصدمة الاقتصادية تستند الي استغلال إصابة مجتمع ما بأزمة تؤدي لشلله لدرجة يعجز فيها عن مقاومة الإجراءات الكارثية التي يتم اتباعها للتحول الاقتصادي وقد فشلت وأدت للكوارث اقتصادية واجتماعية ولموجات من الكساد والافقار في جميع الدول التي طبقت بها ومنها شيلي, الارجنتين, البرازيل, اندونيسييا, بولندا, روسيا وغيرها من الدول خاصة دول المعسكر الاشتراكي السابق في شرق ووسط اوروبا.

الاقتصاد السوداني اقتصاد مصدوم اصلا ولا يحتاج لمزيد من الصدمات, فهو يعاني من نضوب الموارد ومن سوء إدارتها معا.. فالتحرير لا يمكن أن يتم دون توفر الشروط الاقتصادية من جهة, مثل أن تتحمل الدخول صدمات ارتفاع الأسعار وتمتص موجة التضخم عبر نظام الاحلال وان يكون مؤشر الادخار الوطني جيدا, إضافة لنظام مدفوعات تحويلية للضمان والتأمين الاجتماعي وغيرها وان يكون القطاع الخاص متمتعا بالتنافسية..أما من الجهة الاخري فيحتاج لوضع سياسي ملاءم ولبرنامج متكامل وجسم تنفيذي كفؤ ومتناسق في منظومة متكاملة..هذا الشرط الأخير مهم للوصول لمصادر تمويل أجنبي بتكلفة مقبولة ولاعفاء الديون وتوفير مناخ مناسب للاستثمار. أما الآن فالاقتصاد منهار وبدون بنيات تحتية وقطاع خاص منهك وخدمات اجتماعية متخلفة بل وببنية وهيكلية اقتصادية مختلة تماما, فعن اي تحرير تام تتكلمون؟

اسألوا من سبقوكم فنظام الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية متطور وفعال في أكبر الدول الرأسمالية في العالم, بل إن أكبر دولة رأسمالية في العالم, الولايات المتحدة الأمريكية تدعم القطاع الزراعي ولديها أكبر نظام مدفوعات تحويلية في العالم وها هو رئيسها يمارس سياسة حماءية أقامت الدنيا ولم تقعدها

علي اي سياسة اقتصادية أن تكون واقعية وليست خيالية فكفي هذا الشعب ويلات….أما إذا أراد هذا النظام حلا فعليه التمتع بالشحاعة بإعلان حكومة قومية تشمل جميع المكونات السياسية الفاعلة وان تعمل لفترة انتقالية تعمل فيها علي تثبيت الوضع الاقتصادي ومن ثم القيام بما يلزم من استحقاقات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تنقل البلاد الي بر الأمان, وتضعها علي مسار طبيعي يلحق بركب العالم الذي يدخل الي الجيل الرابع والخامس من التصنيع والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة , بينما تغرق الخرطوم في مستنقع من النتانة ساعة أداء الحكومة المعلنة للقسم وتنقطع فيها المياه والكهرباء وينعدم الدواء وتنتشر الملاريا والأوبئة المعروفة وغير المعروفة.

[email protected]

Welcome

Install
×