انقسام في مجلس الأمن حول المجاعة في السودان
أمستردام:7 يناير 2025:راديو دبنقا
تباينت مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن بشأن إعلان المجاعة في السودان على ضوء تقرير التصنيف العالمي المتكامل للأمن الغذائي.
وأعلنت كل من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، خلال جلسة مجلس الأمن الاثنين، مساندتها لتقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بشأن إعلان المجاعة في خمس مناطق بالسودان. في المقابل أيدت روسيا والصين موقف الحكومة السودانية من التقرير، ووجهت انتقادات لمنهجية إعداده معلنة رفضها ما وصفته بتسييس العمل الانساني.
ودعا للجلسة، التي انعقدت الاثنين تحت بند “حماية المدنيين خلال النزاعات، كل من المملكة المتحدة “حاملة القلم بشأن السودان” وغيانا وسلوفينيا اللتان تمثلان مركز التنسيق في مجلس الأمن بشأن الجوع والصراع، بمساندة من الدنمارك وسيراليون.
واستمعت الجلسة لإحاطة من مسؤولة العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الانسانية ونائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة “الفاو”.
وأعلن تقرير التصنيف المرحلي المتكامل عن مجاعة في خمس مناطق بالسودان منها معسكرات زمزم وابوشوك والسلام في شمال دارفور.
بدورها أعلنت الحكومة السودانية رفضها للتقرير ووصفته بغير الواقعي والتخميني وأعلنت انسحابها من التصنيف المرحلي المتكامل.
قلق بريطاني
أعرب ممثل المملكة المتحدة خلال الاجتماع عن انزعاج بلاده إزاء أحدث تقرير صادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي والذي يؤكد انتشار المجاعة بسرعة في السودان.
كما اعربت بريطانيا عن قلقها من أن السلطات السودانية أوقفت مشاركتها في نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي استجابة لهذا التقرير. وأضاف ممثل بريطانيا أن الاستمرار في إنكار انتشار انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء السودان لن يؤدي إلا إلى تفاقم المعاناة.
ودعا السلطات إلى التعاون الكامل مع الاستجابة الإنسانية.
كما دعا المجتمع الدولي إلى تكثيف الدعم لكل من الأمم المتحدة والمستجيبين المحليين السودانيين على خط المواجهة.
وعزا انعدام الأمن الغذائي في السودان للصراع المستمر وضعف الوصول الإنساني.
ودعا لتوسيع نطاق الوصول الإنساني ليشمل جميع المدنيين المحتاجين. واتاحة الوصول عبر جميع الطرق بما في ذلك من خلال جنوب السودان وعبر خطوط التماس.
وشجع أيضا على إنشاء المزيد من المراكز الإنسانية، بما في ذلك في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
ودعا الطرفين لرفع جميع العوائق البيروقراطية ووضع ضمانات السلامة اللازمة لعمال الإغاثة. وأدان مقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في ديسمبر وطالب بإجراء تحقيق شامل.
صدمة أمريكية
وصفت السفيرة ليندا توماس جرينفيلد ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة تقرير لجنة مراجعة تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل الصادر في 24 ديسمبر بأنه صادم.
وقالت في كلمتها خلال الجلسة:” إن هذا التقرير يؤكد فقط ما نعرفه بالفعل: إن السودان يشهد واحدة من أعظم الأزمات الإنسانية ليس فقط في يومنا هذا، بل وفي حياتنا. يمكننا أن نختلف حول ما نسميه، لكن لا أحد منا يستطيع أن يختلف حول حقيقة أن الناس يعانون في السودان”.
وانتقدت قرار السلطات السودانية بتعليق تعاونها مع نظام التصنيف المرحلي المتكامل، وقالت إن إعاقة الجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية ومنع المجاعة، أمر غير مقبول على الإطلاق.
ودعت مجلس السيادة الانتقالي على إعادة الانخراط فورًا مع نظام التصنيف المرحلي المتكامل، واتخاذ خطوات إيجابية لمعالجة انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.
وحذرت من أن يؤدي رفض التعاون إلى تعطيل جهود المانحين وزيادة إلحاق الضرر بمصداقية السودان فيما يتعلق بالتزاماته الإنسانية بموجب القانون الدولي.
ودعت جميع أعضاء هذا المجلس إعطاء الأولوية لحياة المدنيين .
وشددت على وقف الانتهاكات المستمرة، وإنهاء القتال، والسماح بالوصول الإنساني الفوري غير المشروط وغير المقيد .
اعتراض صيني روسي
من جانبهم أعلن مندوبا روسيا والصين تسييس العمل الإنساني واتخاذه ذريعة للتدخل.
ونفى مندوب روسيا وجود مجاعة في السودان وشكك في تقرير التصنيف المرحلي المتكامل بشأن المجاعة في السودان.
وأضاف:” بدلاً من استغلال موضوعات الجوع ووصول المساعدات الإنسانية في السودان يجب أن نعطي الأولوية للتنمية الزراعية، ووصول المزارعين إلى الأسواق، وتوزيع قسائم الطعام إلى الشعب السوداني”.
بدوره، دعا المندوب الصيني للحياد والمهنية في إعداد التقارير عن الوضع الإنساني.
أخذ الملاحظات في الاعتبار
دعت باكستان المجتمع الدولي على العمل مع الحكومة السودانية في معالجة الأزمة الإنسانية في البلاد. وأشارت إلى ملاحظات الحكومة السودانية على تقرير التصنيف المرحلي المتكامل داعية لوضعها في الاعتبار.
وأضاف مندوب باكستان:”لا ينبغي استخدام الوضع الإنساني في السودان كذريعة للتدخل الأجنبي في السودان. يجب أن يتوقف التدخل الأجنبي في الصراع الداخلي في السودان. يجب احترام حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على السودان.
وتابع مندوب باكستان :”يمكن للانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية أن تدمر الأمم العظيمة. ونأمل أن لا تسمح الأطراف المتحاربة في السودان بمزيد من التهديد لسيادة السودان وسلامة أراضيه”.
وصول كامل
ودعا مندوب الدنمارك إلى الوصول الإنساني الكامل والآمن وغير المقيد، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، مشددا على ايجاد حل سياسي لإنهاء الصراع.
في ذات السياق طالب ممثل كوريا لإنهاء الصراع على الفور ، والوقف الفوري للتدخل الخارجي الذي يغذي الصراع، وشدد على الدعوة إلى التشخيص السليم، والاعتراف بالوضع الإنساني في السودان.
بدوره قال مندوب اليونان إن الأزمة الإنسانية المستمرة في السودان تنذر بالتصعيد بشكل أكبر وتشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي الهش. وأكد ضرورة وقف الأعمال العدائية من أجل لتخفيف الأزمة الإنسانية واستقرار السودان.
مجموعة A3+1
أدلي مندوب سيراليون ببيان نيابة عن أعضاء مجموعة A3+، والتي تضم الجزائر، وغيانا، والصومال، وسيراليون.
وأكدت المجموعة على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات سياسية من جانب جميع أصحاب المصلحة ذوي النفوذ لتحقيق وقف إطلاق نار فوري ومستدام في السودان. وذلك لتخفيف خطر انتشار المجاعة في السودان واحتواء المستويات المرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وطالبت المجموعة بإنهاء التدخل الأجنبي والدعم الذي تقدمه الجهات الفاعلة الخارجية للأطراف المتحاربة. داعية لإدارة التدخل وطالبت بضمان وصول المساعدات الإنسانية على الفور ودون عوائق إلى جميع المناطق المتضررة من الصراع.
مساعدة دول الجوار
وأكدت مصر ضرورة زيادة حجم المساعدات والتمويل الذي توفره الدول والأطراف المانحة، بما يشمل الوفاء بالتعهدات المعلنة استجابة للاحتياجات الإنسانية واحتياجات اللاجئين في دول الجوار، إلى جانب تقديم المساعدات الطارئة في مختلف الجوانب الإنسانية، بما فيها الغذائية والصحية، والتعليمية، وغيرها.
وطالبت بمواصلة مساعي استعادة الثقة بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة وهيئاتها. ودعت الأمم المتحدة باتصال المساعدات إلى السودان على نحو يصون أمن ه ويحترم سيادته ويراعي شواغله الأمنية. وأعربت مصر عن ثقتها في استمرار حرص السلطات السودانية على تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة لضمان انسيابية تدفق المساعدات الانسانية بشكل كاف.
مفارقة تاريخية
قال الحارث ادريس مندوب السودان لدى الأمم المتحدة إن إعلان المجاعة في السودان مفارقة تاريخية.
وأوضح خلال الاجتماع إن النتائج التي توصل إليها التقرير التصنيف المرحلي المتكامل والمنهجية المتبعة شابها الكثير من أوجه القصور المنهجية.
وأكد الحارث أن هناك اشتراطات دولية ومعايير فنية معتمدة لإعلان مجاعة في اي دولة أو منطقة تتمثل في إجراء مسوحات فنية وافيه مشتركة لتحديد الوضع الغذائي والتغذوي وفقا لمؤشرات التصنيف المرحلي للأمن الغذائي، وفق نظام (من القاعدة إلى القمة) أي من مستوى القرى والوحدات الإدارية والمحليات فالولاية المعنية ثم المستوى القومي.