النيويورك تايمز تنشر تقريراً يكشف معلومات سرية عن الدور الخارجي في الحرب في السودان
واشنطن: السبت 21 يوليو 2024 (راديو دبنقا)
نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية اليوم السبت تقريرا عن الجهات الدولية التي تدعم طرفي الحرب في السودان، خصوصا الإمارات التي حازت على الجزء الأكبر من التقرير الذي اعتمد على مذكرات داخلية وصور أقمار اصطناعية وشهادات دبلوماسيين.
وخوى معلومات أيضا عن دور كل من مصر والسعودية وروسيا وإيران والصين في الحرب الدائرة في السودان.
وسلط التقرير الضوء على موقف الإداراة الأمريكية من الدعم الإماراتي وموقف القيادة الإماراتية نفسها.
وأشار إلى أن أبوظبي تقاوم ضغوطا أميركية من اجل وقف تدخلها في السودان فيمل تزيد من دعمها لقوات الدعم السريع.
وذكر التقرير أن الطائرات بدون طيار تحلق على طول الحدود السودانية، لتوجيه قوافل الأسلحة التي تُهرب الأسلحة إلى من وصفهم بالمقاتلين المتهمين بارتكاب فظائع واسعة النطاق وتطهيرعرقي، قصفت المستشفيات وتنهب شحنات الغذاء وتحرق آلاف المنازل، وفق منظمات الإغاثة.
وأوضح تقرير النيويورك تايمز أن الطائرات بدون طيار تنطلق من قاعدة في أم جرس التشادية تقول الإمارات إنها تدير فيها عمليات إنسانية لدعم الشعب السوداني – كجزء مما تسميه “أولوية عاجلة” لإنقاذ الأرواح البريئة وتجنب المجاعة في أكبر حرب في أفريقيا.
استخدام الإغاثة كغطاء
وتحول الإمارات الأموال والأسلحة، والطائرات بدون طيار، إلى مقاتلي الدعم السريع المنتشرين في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لمسؤولين ومذكرات دبلوماسية داخلية وصور للأقمار الصناعية قالت صحيفة نيويورك تايمز إنها حللتها. أكثر من ذلك ذكر التقرير أن الإمارات تستخدم الصليب الأحمر ــ كغطاء لعمليتها السرية لإرسال طائرات بدون طيار إلى السودان وتهريب الأسلحة إلى المقاتلين، كما تظهر صور الأقمار الإصطناعية، ومن بين ذلك اطلاق طائرات بدون طيار صينية الصنع قوية، وهي الأكبر من نوعها على الإطلاق في حرب السودان، من مطار عبر الحدود في تشاد قامت الإمارات بتوسيعه إلى مطار عسكري مجهز تجهيزا جيدا.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين أمريكيين قولهم إن الإماراتيين يستخدمون المطار الآن لتسيير طائرات عسكرية بدون طيار متقدمة لتزويد قوات الدعم السريع بمعلومات استخباراتية عن ساحة المعركة، ومرافقة شحنات الأسلحة إلى المقاتلين في السودان – لمراقبة الكمائن.
موقف الحكومة التشادية
نقلت الصحيفة تصريحات لسوكس ماسرا، رئيس وزراء تشاد السابق قال فيها: “الأمر واضح للغاية: الإمارات ترسل الأموال، الإمارات ترسل الأسلحة”.
وقال إنه بعد شكاوى من المسؤولين الغربيين، أخبر رئيس بلاده محمد إدريس ديبي أن السماح للإمارات بنقل الأسلحة عبر تشاد كان “خطأً فادحًا” لكن لم يتغير شي، فقد وعدت الإمارات السيد ديبي بقرض بقيمة 1.5 مليار دولار، وهو ما يقرب من حجم الميزانية الوطنية لتشاد البالغة 1.8 مليار دولار قبل عام.
وحددت صحيفة نيويورك تايمز من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، نوع الطائرة بدون طيار المستخدمة: وينج لونج 2، وهي نموذج صيني غالبًا ما يُقارن بطائرة إم كيو-9 ريبر التابعة للقوات الجوية الأمريكية.
وتُظهر الصور مخبأ ذخيرة واضحًا في المطار ومحطة تحكم أرضية لطائرة وينج لونج بجانب المدرج على بعد حوالي 750 ياردة فقط من مستشفى تديره الإمارات والذي عالج مقاتلي قوات الدعم السريع الجرحى.
وتستطيع الطائرة وينج لونج الطيران لمدة 32 ساعة، ويبلغ مداها الف ميل ويمكنها حمل ما يصل إلى اثني عشر صاروخًا أو قنبلة، حسب الصحيفة.
ويقول المسؤولون ان الطائرات بدون طيار لا تقوم حاليًا بغارات جوية خاصة بها في السودان، لكنها توفر المراقبة وتحديد الأهداف في ساحات المعارك الفوضوية.
وقالت النيويورك تايمز إن خبراء ومسؤولين قالوا لها إنه بعد الإقلاع من القاعدة، قد يتم توجيه الطائرات بدون طيار عن بعد من الأراضي الإماراتية، ومؤخرًا، تم اكتشاف أنها تقوم بدوريات في السماء فوق مدينة الفاشر المحاصرة.
ضغوط أمريكية
وقد مارس المسؤولون الأميركيون ضغوطا على جميع أطراف الحرب لوقف المذابح. واستعرضت الصحيفة عدة مناسبات تم فيها ذلك حسب مسؤولين أمريكيين مضطلعين، منها أن نائبة الرئيس كامالا هاريس واجهت زعيم الإمارات الشيخ محمد بن زايد بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع عندما التقيا في ديسمبرالماضي.
ونقلت الصحيفة عما قالت إنهم خمسة مسؤولين أميركيين مطلعين على المحادثات للصحيفة القول إن مسؤولين أميركيين كبار حاولوا إقناع الإمارات بالتخلي عن عملياتها السرية في محادثات خاصة، وواجهوا المسؤولين الإماراتيين بالمعلومات الاستخبارية الأميركية بشأن ما تفعله الدولة الخليجية داخل السودان بصراحة.
وجهة النظر الإماراتية
قالت الصحيفة إن الإمارات تصر على أنها تحاول وقف الحرب ومساعدة ضحاياها، وأنها قدمت 230 مليون دولار من المساعدات وسلمت 10 آلاف طن من إمدادات الإغاثة، ولعبت دوراً بارزاً في محادثات السلام التي قادتها الولايات المتحدة مؤخراً في سويسرا.
وقدم الزعيم الإماراتي ما اعتبره بعض المسؤولين اعترافاً ضمنياً بعد أن أثارت نائبة الرئيس هاريس الاعتراضات الأميركية على تهريب الأسلحة مع الشيخ محمد في ديسمبرالماضي.
وبينما لم يعترف الشيخ محمد بدعمه المباشر لقوات الدعم السريع، حسب الصحيفة، الا أنه قال إنه مدين لزعيم المجموعة ،الفريق أول محمد حمدان، لإرساله قوات للقتال إلى جانب الإمارات في الحرب في اليمن، وفقًا لمسؤولين أمريكيين مطلعين على المحادثة.
وقال الشيخ محمد أيضًا إنه ينظر إلى قوات الدعم السريع باعتبارها حصنًا ضد الحركات السياسية الإسلامية في المنطقة، والتي اعتبرتها العائلة المالكة الإماراتية منذ فترة طويلة تهديدًا لسلطتها، وفقًا للمسؤولين. وقال مسؤول أمريكي، مثل غيره، غير مخول له بالتحدث علنًا عن المعلومات الاستخباراتية: “لا يمكنهم الكذب علينا بعد الآن، لأنهم يعرفون أننا نعرف”، وفقا للصحيفة.
الدور الروسي والسعودي والإيراني
وأكد تقرير النيويورك تايمز أن الحرب الأهلية في السودان حولت البلاد إلى ساحة حرب عالمية مفتوحة، فقد زودت إيران الجيش السوداني بطائرات بدون طيار مسلحة، وقاتلت إلى جانب الجيش قوات خاصة أوكرانية في الخرطوم، كما انحازت مصر إلى جانب الجيش.
وأضاف التقرير أن روسيا تلاعبت بكلا الطرفين، فقد وجد مفتشو الأمم المتحدة أن مرتزقة فاغنر زودوا قوات الدعم السريع في البداية بالصواريخ، ويقول المسؤولون إن الكرملين اتجه إلى الجيش في الاونة الأخيرة، وعرض عليه الأسلحة في مقابل الوصول إلى المياه الاقليمية للسودان في البحر الأحمر.
وكشت النيويورك تايمز أن لحوثيين في اليمن أرسلوا شحنات من الأسلحة إلى الجيش السوداني، بناء على طلب إيران، وأرسلت قطر ست طائرات حربية صينية.
وكتب سفير الاتحاد الأوروبي في السودان، إيدان أوهارا، في مذكرة سرية قالت صحيفة النيويورك تايمز إنها حصلت عليها في فبراير الماضي: “إن تسليم الطائرات بدون طيار ومدافع الهاوتزر وقاذفات الصواريخ المتعددة وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة لقوات الدعم السريع من قبل الإمارات ساعدها في تحييد التفوق الجوي” للجيش السوداني.
وتضمنت المذكرة تأكيدات وصفتها الصحيفة بالمذهلة منها أن المملكة العربية السعودية قدمت أموالاً للجيش السوداني، استخدمها لشراء طائرات بدون طيار إيرانية؛ وأن ما يصل إلى 200 ألف مرتزق أجنبي كانوا يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع؛ وأن مرتزقة فاغنر دربوا قوات الدعم السريع على استخدام الصواريخ المضادة للطائرات التي قدمتها لهم الإمارات.