القيادي بتجمع المهنيين وعضو لجنة الأطباء د.مهند محمد حامد الشهير بـ(ياو ياو) ـ خاص دبنقا


أدوات القوى المدنية في الاتصال بالجماهير مملة وكثير من الشباب لا يقرأون البيانات الطويلة!
نستطيع إيصال الصوت الداعي لإيقاف الحرب واحلال السلام وتحقيق التعايش السلمي!

تميزت الثورة السودانية باستخدام وسائل الاتصال المختلفة على نحو ربما تتفوق به على نظيراتها من ثورات الربيع العربي التي سبقتها، حيث تفرد الثوار باستخدام خطاب للتواصل الجماهيري زاد من التحام الشعب معهم. وذلك لبساطته بحكم اشتقاق مفرداته من اللهجات المحلية.
المفارقة الحادثة الآن أن ذات الخطاب وذات الطريقة تستخدم لإذكاء نار الحرب والدعوة لاستمرارها عبر اعتماد وتعزيز خطاب الكراهية.. (راديو دبنقا) التقى بدكتور مهند محمد حامد الشهير بـ(ياو ياو) وهو أحد كتاب بيانات تجمع المهنيين قبل وأثناء الثورة، كما هو صاحب العبارة ذائعة الصيت (الحل في البل) فإلى مضابط الحوار.
*خلال تجربة تجمع المهنيين السودانيين، د. مهند وآخرين ابتدعوا كثير من أدوات التواصل بين التجمع وجماهيره، وكما هو معلوم جاءت هذه المسألة لتلافي كثير من الملاحقات الأمنية، من ضمنها كانت مفردة “الحل في بل” التي تم استخدامها وخدمت مصالح الثورة، ولكنها الآن تبدلت وأصبحت داعمة للحرب ومن بينها مفردة “بل بس” ؟

خلال الثورة وداخل تجمع المهنيين تم استخدام لعدد كبير من مفردات الثورة، ومن هنا التحية للرفيق البراق النزير الوراق. كانت هناك مشكلة في أن لغة الخطابات السياسية دائماً بتكون لغة رفيعة ولغة عربية فصحى، بينما الغالبية العظمي من الشعب السوداني شباب يستخدمون العامية ولغة الشارع الخاصة بهم. وكلنا لدينا الرغبة في قراءة هذه المصطلحات والاستمتاع بيها والسعي لفهمها، والناس دائماً بتفكر في الحاجة السريعة، زي ما بقول ليك “تاخد الزيت بس وتمشي”، عشان الحاجة السريعة دي كان لابد من ابتداع طريقة جديدة لتوصيل الخطاب السياسي، وما في طريقة أجمل وأسهل وأمتع وحاجة بتخش القلب والعقل طوالي من لهجتنا السودانية.
على هذا الأساس بدينا نستخدم العربي الدارجي وبدينا نستخدم لغة التورية التي اعتمدها الشباب فيما بينهم وتعرف بالـ (الراندوك) باعتبارها هي اللغة القادرة تصل لمعظم الشباب، ولقت الأثر ولقت الانتشار المرجو منها، وقدرنا حققنا من خلالها اسقاط النظام، واستخدمناها في الاعتصام وما بعد فض الاعتصام.
وحتى بعد الحرب باعتبار اللغة الدارجة هي لغة ليها مكان في القلب وفي العقل، تم استغلالها، واللغة قد يتم استخدامها الاستخدام إيجابي، وقد يتم استخدامها استخدام سلبي.
ففي المثال القدامنا يعتبر استخدامها كوقود ودعم لخطاب الكراهية ودعم لخطاب استمرار الحرب يعتبر استخدام سلبي.
*ساهمت لغة “الراندوك” الى حد كبير في نجاح الثورة ووصولها لغايتها، كما تفضلت، ولكن الآن اصبح لديها تأثيرات سالبة، كيف تنظر لهذه التأثيرات السالبة فيما يعرف بخطاب الكراهية؟
من الأشياء المؤسفة إنه دائماً في زمن الحرب وزمن الصعوبات الأمنية والمعيشية وكل الآثار السلبية التي يواجهها السودانيون جراء الحرب، إنها بتخلق بيئة خصبة لتنامي خطاب الكراهية وخطاب استعداء الآخر والتعامل مع المختلف عنك شكلاً او حتى نطقاً لكلماتنا الدارجة يتم تصنيفه كعدو. للأسف لأن اللغة الدارجة هي الأسهل والأسرع انتشاراً، لذلك بيتم استخدامها في استهداف المختلف عننا.. وهي واحدة من الآثار السلبية للحرب، مما يخلق بيئة سلبية جداً.
*باعتبارك أحد المساهمين في انتاج تلك اللغة في تلك الفترة، يرى البعض أن هذه اللغة بعد أن كانت مستخدمة لصالح القوى المدنية، الآن اصبحت وبالاً عليها، ويرى البعض أن من ضمن الاسباب التي قادت الى ذلك أن القوى السياسية بما فيها تجمع المهنيين، فشلت في السيطرة على الرأي العام، لعجز لازمها خلال الفترة الانتقالية وكذلك توقيعها على الاتفاق الإطاري، وكذلك لم تعد تستطع مخاطبة الرأي العام بسبب ما يقال عن التقارب بينها وبين الدعم السريع، ما رأيك في ذلك؟
القوى المدنية السودانية، برغم تجربتها النضالية الطويلة، إلا أنها تعاني من الضعف في بعض الجوانب، مثلاً من الملاحظ أن هنالك ضعف دائم في التواصل مع الجماهير، دائماً هنالك اشكالية في إيصال الرأي والفكرة والهدف الاستراتيجي للجماهير.
تختلف الأسباب التي أدت لذلك ولكن يمكن أن نقول استخدام اللغة الفصحى، واستخدام بيانات طويلة في شكل مقالات مطولة، ويمكن أن نلاحظ ذلك في بيانات قوى الحرية والتغيير أو (تقدم) أو كل الاجسام المنضوية تحتها، نجدها كلها بيانات طويلة ومملة، وانا متأكد أن غالبية الشباب لا يقرؤونها أصلاً.
ولهذا نجد هنالك فجوة بسبب غياب المعلومة، لأنه المعلومة لا تقدم أو تنقل بصورة سلسلة وواضحة وسهلة للمواطن.
الأمر الآخر أن القوى المدنية تواجه آلة إعلامية ضخمة مصروف عليها ومتعوب عليها، سواء كان اعلام خاص بالإسلاميين او القوى الواقفة في صف دعم الحرب، وذلك يجعل كل القوى المدنية الأخرى الداعية لوقف الحرب تواجه صعوب في انتاج خطاب يواجه هذه الخطابات بنفس كفاءتها.
ونتيجة لتنامي الخطاب الداعي لاستمرار الحرب نلاحظ دائماً أن الخطاب المضاد بيكون في موقع رد الفعل، وخير مثال موضوع التقارب مع الدعم السريع.
واحدة من أكبر اشكالياتنا في المجتمع السودان هو عدم تقبل اختلاف الآراء، انت ما معاي معناها انت ضدي، وعلى هذا الأساس يتم التصنيف، ليس هنالك من يسمع بأذن صاغية ويستوعب انه يمكن أن يكون هنالك خيار ثالث، ولا يمكن تقبل فكرة إنك لست مع ديل ولا مع ديل، وإنك تدعم خيار يضمن الحفاظ على السودان، ويحافظ على بقية السودانيين الذين يعانون حالياً من الجوع ومن المرض ومن التشرد ومن غيره.
*لماذا فشلتم حتى الآن في انتاج مفردات جديد كما فعلتم في أيام الثورة الأولى بحيث انها تكون مضادة لخطاب الكراهية، هل يمكن أن يحدث ذلك في المستقبل القريب؟ خاصة في ظل تنامي خطاب لا للحرب؟
شخصياً، بعدت عن العمل العام منذ انطلاق الحرب، نسبة للظروف الشخصية والأسرية، بالإضافة للتدقيق الأمني وما إلى ذلك.. لكن رغم ذلك ليس هنالك مستحيلاً، خصوصاً إذا كان هنالك تخطيط، وحتى إذا لم تحقق نجاح بنسبة 100%، يمكن أن نقطع خطوات يمكن البناء عليها.
واللغة العربية لا تعجز عن إنها توصل الحاجة المطلوبة، ويمكن تطويعها وتوظيفها في الاتجاه الذي يخدم مصالح وأهداف الثورة.
إذا استطعنا أن نعود للعمل بطاقتنا الكلية، بالتأكيد نستطيع أن نخلق خطاب جديد قادر على إنه يكسر كل خطابات الكراهية وخطابات الحرب. ونستطيع ايصال الصوت الداعي لإيقاف الحرب واحلال السلام وتحقيق التعايش السلمي.

Welcome

Install
×