الفاشر .. قصف متواصل وكارثة إنسانية وشيكة
الفاشر:14 مايو 2024: راديو دبنقا
“فقدت شقيقي وجنيني خلال المعارك الدائرة الآن، وظللنا ننزح من مكان إلى آخر منذ اندلاع القتال يوم الجمعة” تقول خديجة محمد لراديو دبنقا بعد أن نزحت من منزلها في جنوب شرق الفاشر إلى أحياء مجاورة في الجنوب.
وتجدد تبادل القصف المدفعي العنيف في الفاشر، منذ صباح اليوم الثلاثاء، بين الدعم السريع من جهة، والجيش وحركات الكفاح المسلح في الناحية الشرقية والغربية والشمالية. واستمر القصف المتقطع حتى الساعة الثامنة مساءً.
وقال الصحفي معمر إبراهيم من الفاشر لراديو دبنقا إن القصف استمر بصورة متقطعة طوال اليوم، حيث سقطت قذائف في أحياء الوحدة والسلام والأحياء الشمالية، وأشار إلى مقتل طفل ( 12 عاما) في حي الوحدة بجانب سقوط ضحايا آخرين.
وتقول خديجة إنها وأطفالها انتقلوا إلى منزل ذويهم في حي مجاور للاحتماء بسقف المنزل الخرساني من الرصاص الطائش والشظايا المتناثرة”. وتشير في حديثها لراديو دبنقا إلى إن نحو 15 أسرة أخرى تحتمي ايضاً بذات المنزل.
وقال مواطن ومواطنة من الفاشر لراديو دبنقا إن القصف طال محيط مباني رئاسة الشرطة ومقرات أخرى مجاورة لها.
وأشارت مصادر متطابقة لراديو دبنقا إلى إسقاط جوي لإمدادات عسكرية للقوات المسلحة مساء الاثنين مع تبادل قصف مدفعي عنيف وغير مسبوق.
إنزال جوي لإمدادات عسكرية في الفاشر يوم الإثنين مع استمرار العمليات العسكرية
قتلى وجرحى
كشفت إدارة الإعلام بحكومة شمال دارفور عن إصابات وسط الحجاج والمصلين بجانب تضرر في البنية التحتية لمسجد الفاشر العتيق واتهمت قوات الدعم السريع بقصف المساجد والأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين خلال تجدد المعارك ظهر اليوم”الثلاثاء”.
وأوضحت أن القصف جرى عندما كان الحجاج في ورشة تدريبية بمسجد الفاشر العتيق.
من جهته أكد حاكم إقليم دارفور المكلف بابكر حمدين، في مؤتمر صحفي ببورتسودان اليوم الثلاثاء أن القصف العشوائي في الفاشر أدى إلى مقتل ثمانية وثلاثين شخصاً وإصابة أكثر من مائتين وثمانين شخصاً بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية بما فيها المرافق الصحية والمدنية الأخرى.
وأعلنت وزارة الصحة بولاية شمال دارفور يوم الأحد عن مقتل وإصابة 250 شخصا في الفترة من الجمعة إلى الأحد.
من جهته كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية اوشا عن مقتل 27 شخصا خلال المعارك التي دارت يوم الجمعة الماضي في المدينة بينما أكدت أطباء بلا حدود استقبال مستشفى الفاشر الجنوبي 160 جريحا يوم الجمعة.
وأعلنت أطباء بلا حدود عن مقتل ثلاثة أشخاص من بينهم طفلين يوم الأحد في قصف جوي لمحيط مستشفى بابكر نهار للأطفال الأمر الذي أدى لإخلاء للمستشفى، ولكن مدير عام وزارة الصحة نفى وفاة أطفال في المستشفى جراء القصف مشيرا إلى مقتل مرافق وجرح آخر.
غلاء طاحن
مع ارتفاع وتيرة المعارك والقصف المدفعي، تشهد المدينة ارتفاعاً متزايداً في أسعار السلع الأساسية مع ندرتها منذ يوم الجمعة الماضي الذي شهد اندلاعاً للمعارك العنيفة.
وقال معمر إبراهيم لراديو دبنقا إن سوق المواشي واصل العمل يوم الثلاثاء كما شهدت المدينة استمراراً لحركة المواطنين والمواصلات مع قلة الحركة في الفترات المسائية. فيما أشار مواطن آخر لراديو دبنقا إلى إغلاق السوق الكبير.
وكشف الصحفي معمر إبراهيم لراديو دبنقا عن غلاء طاحن وارتفاع متزايد في أسعار السلع مصحوبا بندرة منذ اندلاع القتال، يوم الجمعة، مشيراً إلى انعدام الدقيق وخروج عدد كبير من المخابز عن الخدمة، مع تقليل أوزان الخبز وارتفاع سعره حيث تبيع المخابز ثماني قطع من الخبز بألف جنيه، وقال إن سعر جوال السكر ارتفع إلى 130 جنيه. ونبه إلى تضرر المدينة من الحصار المفروض عليها ومنع دخول العربات التجارية.
وتسيطر قوات الدعم السريع على عدد من الطرق المؤدية إلى الفاشر كما سيطرت مؤخرا على مدينة مليط ذات الأهمية الكبيرة في عبور السلع القادمة من مختلف المناطق إلى الفاشر.
وأكد بابكر حمدين حاكم إقليم دار فور المكلف في مؤتمر صحفي ببورتسودان اليوم الثلاثاء عزم الجيش وقوات الحركات المسلحة والمستنفرين على استعادة مدينة مليط الواقعة في ولاية شمال دارفور من قوات الدعم السريع، موضحاً أن استعادة مليط من شأنه تسهيل وصول الإمدادات الغذائية والدوائية لمدينة الفاشر.
نزوح مستمر
أدى اندلاع القتال العنيف في المدينة إلى تزايد معدلات النزوح، و كشفت مصفوفة تتبع النزوح التابعة لمنظمة الهجرة الدولية في تقرير عن نزوح 90 أسرة جراء المعارك العنيفة التي حدثت يوم الأحد من الأحياء الواقعة جنوب شرق مدينة الفاشر إلى مناطق أخرى.
وقال الصحفي معمر إبراهيم لراديو دبنقا إن مراكز الإيواء ما زالت مكتظة بالنازحين وأشار تكدس منطقة شقرة بالنازحين الذي قدموا إلى المنطقة من قرى غرب الفاشر في أبريل الماضي حيث يعانون من أزمة خانقة في المياه.
من جهة أخرى، ارتفع عدد ضحايا القصف لمعسكر ابو شوك للنازحين خلال المعارك التي دارت يوم الأحد الماضي إلى 9 قتلى و35 جريحا. فيما يعاني النازحون من عدم وجود عربة إسعاف تقل المصابين إلى مستشفى الفاشر الجنوبي وهو الوحيد الذي يواصل العمل في المدينة.
تدهور صحي
كشفت مواطنة لراديو دبنقا إن مستشفى الفاشر الجنوبي يعاني من عدم توفر الأدوية وقلة الكوادر الطبية.
وحذر وكيل الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية مارتن غريفث يوم الأحد من نفاد وشيك للمعينات الطبية في مستشفى الفاشر الجنوبي فيما أعلنت وزارة الصحة بشمال دارفور أن الوضع بالمستشفى مستقر وأشار الدكتور إبراهيم خاطر في تصريحات إلى توفر الكوادر الطبية والأدوية والمعينات، داعيا إلى ترشيد استخدامها.
من جانبها، أكدت ممثلة مفوضية اللاجئين الأممية بالفاشر توفير الوقود للمستشفيات بالمدينة.
فيما أكدت غرف الطوارئ في الفاشر والمعسكرات تسليم مستهلكات طبية للمستشفى الجنوبي ومركز صحي ابوشوك الحلة.
قلق دولي
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش عن قلقه بشأن اندلاع القتال واستخدام أسلحة ثقيلة في الفاشر.
من جهته قال الاتحاد الأوروبي إن احتدام القتال في الفاشر بغرب السودان يزيد الوضع الإنساني تفاقماً.
من جهة أخرى بحث المبعوث الأمريكي إلى السودان توم بيريلو مع نائب وزير الخارجية المصري الأوضاع في الفاشر، حيث بدأ زيارة لأربع دول عربية وافريقية.
اتهامات وردود
اتهم حاكم إقليم دارفور المكلف بابكر حمدين قوات الدعم السريع بتجنيد أطفال دون الخامسة عشر، حيث شاركوا في الهجوم على الفاشر مطالباً مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرارات صريحة ضد قوات الدعم السريع وملاحقتها على ما ارتكبته من جرائم في حق المدنيين.
كما اتهم، في مؤتمر صحفي ببورتسودان يوم الثلاثاء، قوات الدعم السريع بحصار الفاشر والقصف العشوائي خلال الأيام الثلاثة الماضية وقال إن ذلك يشكل جريمة بحسب القانون الإنساني الدولي.
من جهتها اتهمت قوات الدعم السريع الجيش والحركات المسلحة ببث مزاعم ومعلومات لتضليل الرأي العام المحلي والعالمي بشأن الأوضاع في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
وقالت في بيان إنها حريصة أكثر من أي جهة أخرى على حماية جميع المواطنين في الفاشر أو غيرها من مناطق السودان.
وأوضحت أن قواتها آثرت منذ بداية الحرب تجنب أي صدام مسلح في الفاشر تطال أثاره المواطنين، واستجابا لتفاهمات سابقة في ذات المنحى.
وقالت إن المستجد الآن هو موقف بعض الحركات المسلحة وإعلانها مفارقة الحياد والتخندق الجيش إعلانها الصريح مهاجمة الدعم السريع.
وأوضحت إن الهجمات التي استهدفت مواقع قواتهم ، بلغت أكثر من عشرين محاولة تصدّت لها قوات الدعم السريع واتهمت الجيش باستهداف المدنيين بالطيران الحربي، في سلسلة غارات جوية ، راح ضحيتها مئات الأبرياء بين قتيل وجريح، فضلاً عن تدمير المنشآت العامة والخاصة وأخرها قصف مستشفى “بابكر نهار” للأطفال ومقتل وإصابة العشرات من المدنيين.
وأضاف البيان لن تفلح المخططات، في الوقيعة بين قوات الدعم السريع، وبعض المكونات المجتمعية، وتصدير معلومات مضللة للمراقبين الدوليين.
مطالبات بتدخل المجتمع الدولي
من جانبها قالت مجموعة “محامو الطوارئ” أن اشتباكات الفاشر تفاقم معاناة المدنيين مبينة أن المعارك شهد هجمات عشوائية وقصفا مدفعيا تجاوز الحدود، مما يؤكد على عدم احترام الأطراف المتقاتلة لقواعد النزاع وحماية المدنيين، وهو أمر مستمر منذ بداية الحرب في 15 إبريل.
وطالبت في بيان تحصل عليه ” راديو دبنقا ” المجتمع الدولي بالتدخل لإجبار الأطراف المتحاربة على احترام قواعد حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
وذكرت الأطراف المتصارعة بأن تلك الأفعال تتعارض مع القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية، وأن أيادي العدالة ستلاحق الجناة ولن يفلتوا من العقاب.
وعلى الرغم من التردي المريع، الذي تشهده الفاشر فيما يتعلق بحماية المدنيين إلا أن البرهان قائد الجيش وحميدتي قائد الدعم السريع أكدا خلال تلقيهما اتصالات هاتفية من مفوض حقوق الإنسان الأممي فولكر تورك اليوم الثلاثاء التزامهما بحقوق الإنسان وحماية المدنيين وفقا للمواثيق الدولية