العقوبات الامريكية على السودان
أصدرت وزارة الخزانة الامريكية في الأول من يونيو عام 2023م قرارا بإدراج أربع شركات تدر إيرادات تساهم في تمويل النزاع في السودان، شملت شركة الجنيد للأنشطة المتعددة المحدودة المسؤولية، وشركة تراديف للتجارة العامة المحدودة المسؤولية التابعتين لقوات الدعم السريع. بينما شملت العقوبات شركات تابعة للقوات المسلحة، وهي كل من منظومة الصناعات الدفاعية وشركة ماستر تكنولوجي.
كما تبعت العقوبات السابقة، في السادس من سبتمبر 2023م، قرار اخر قضي بفرض عقوبات ضد عبد الرحيم دقلو نائب قوات الدعم السريع وعبد الرحمن جمعة قاعد قوات الدعم السريع بولاية غرب دارفور. وذلك على خلفية الانتهاكات التي قامت بها قوات الدعم السريع في غرب دارفور والخرطوم.
ولمعرفة فعالية وتأثير هذه العقوبات على مجريات الاحداث في السودان التقى راديو دبنقا بعدد من المختصين في الشأن الاقتصادي والقانوني:
أولا: العقوبات التي استهدفت اشخاص:
في السادس من سبتمبر 2023م الجاري أصدرت الولايات المتحدة عقوبات في مواجهة كل من عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع وعبد الرحمن جمعة قاعد قوات الدعم السريع في ولاية غرب دارفور:
قلل عثمان صالح المحامي والمدافع عن حقوق الانسان من تأثير هذه العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على الشخصيات المتهمة بارتكاب فظائع في بلدانهم على ارض الواقع وذلك بسبب وجود بدائل دولية. وقال عثمان صالح لراديو دبنقا إن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم القتل، التهجير القسري، النهب والحرق، اخلاء منازل المواطنين واجبارهم على منازلهم ومدنهم كما ارتكبت القوات المسلحة في المقابل فظائع أيضا.
وأوضح إن الهدف من هذه القرارات تقليل الاعتداءات او الهجمات على المدنيين. كما تمثل العقوبات ضغطا على الأطراف المتحاربة لوقف القتال في السودان، أو دفعها للجلوس للتفاوض للوصول الي حل سلمي. كما تهدف ايضا الي تجفيف مصادر التمويل الخاصة بهذه القوات.
ورجح صالح في حديثه عدم وجود تأثير واضح على المواطن السوداني جراء العقوبات الاقتصادية التي صدرت في يونيو الماضي والعقوبات على قادة الدعم السريع في سبتمبر الجاري، مشيرا الي تواصل الفظاعات، واستدرك صالح قائلا:
” صحيح للقرارات تأثير لكنها ليست حاسمة، وذلك بسبب وجود عوامل دولية اخرى قال انها تعيق عملية تجفيف مصادر التمويل لهذه الأطراف المتقاتلة.
وأوضح صالح إن الأطراف المتضررة من هذه القرارات سوف تلجا الي دول اخري معادية للولايات المتحدة وتمنحها ما تطلبها تحت شروط محددة قائلا انها ستوافق بها مهما كانت، كما ان الشخصيات المعنية بالعقوبات والمستهدف منعها من الدخول الي الولايات المتحدة يمكن ان تلجا الي دول اخري تتيح لها الحركة والحماية.
وحول ما هو مطلوب الان بشأن إيقاف الحرب في السودان، قال عثمان صالح لابد من توفر إرادة دولية لوقف الحرب ووجود اصطفاف دولي وقناعة جماعية بفرض عقوبات على هذه الشخصيات بحيث لا يسمح لها بالحركة، ولا تتم استضافتها من قبل هذه الدول. إضافة لوقف التعاون العسكري والاقتصادي مع هذه الشخصيات، إضافة الي استخدام الاليات الإقليمية والدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق كبار القادة وحظر التعامل المعهم أو استضافتهم.
وكانت الولايات المتحدة أصدرت في وقت سابق عقوبات على شخصيات سودانية، في 28ابريل من العام 2006م، قالت إنها مرتبطة بتدهور الوضع في اقليم دارفور غرب السودان.
شملت العقوبات المذكورة وقتها كل من الشيخ موسى هلال زعيم قبيلة المحاميد شمال دارفور ويعد أبرز قادة مليشيا الجنجويد في الإقليم. والجنرال جعفر محمد الحسن القائد السابق قائد المنطقة العسكرية الغربية، وكذلك قائد جيش تحرير السودان آدم يعقوب شانت، وقائد الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية جبريل عبد الكريم البدري.
العقوبات الاقتصادية:
تأثير العقوبات على وضعية قوات الدعم السريع:
قال الدكتور سليمان بلدو مدير المرصد السوداني للسياسات والشفافية ان العقوبات التي فرفضتها وزارتي الخزانة والخارجية الامريكية على قادة قوات الدعم السريع، في 6سبتمبر الجاري، إنها جزء من سياساتها الخارجية في احداث نوع من الضغوط الاقتصادية المباشرة على الأطراف المعنية بهذا القرار، يشمل ذلك قضايا غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان.
وقال دكتور سليمان بلدو، لراديو دبنقا، إن العقوبات المفروضة على عبد الرحيم دقلو نائب قوات الدعم السريع التي شملت تجميد الأرصدة والحسابات الشخصية جاءت بناء على الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها قوات الدعم السريع في دارفور والخرطوم. إضافة الي هذه العقوبات تشكل ضغطا على الأطراف للجلوس لمفاوضات جدة، وأوضح إن العقوبات استهدف بشكل مباشر عبد الرحيم دقلو لمسئوليته المباشرة عن هذه القوات بالتالي المسئولية الجنائية عن الانتهاكات الجسيمة التي اُرتكبت بواسطتها.
من جهته اعتبر بلدو ان فرض العقوبات يبرهن على فشل قوات الدعم السريع في التصرف كقوة نظامية، وقال بلدو “للحرب قوانين وضوابط” وإن قوات الدعم السريع تلقت تدريبات علي يد ضباط من الجيش بما فيها التعريف بتلك القوانين والضوابط.
مشيرا الي اتفاقيات جنيفا الخاصة بحقوق المدنيين ومعاملة الاسري، ونبه الي ما تم مشاهدته خلال الحرب الدائرة الان والتي وصفها بالعنيفة والعبثية إن الطرفين (الجيش والدعم السريع) لم يلتزما باي من تلك القوانين المعروفة لديهما ولا حتى الأعراف الإنسانية مما يؤكد انهيار المثل والقيم والالتزام بتلك القوانين لدي الطرفين. واستشهد على ذلك بما يتم بثه من مقاطع فيديو وصور تظهر عمليات لقتل اسرى وجرحى وتمثيل بالجثث من قبل الطرفين.
وفي ذات السياق، قال كمال كرار المحلل الاقتصادي، ان موقف أمريكا من الحرب الدائرة منذ بدايتها في 15ابريل موقف خجول وذلك من خلال موقفها في جلسة مجل الامن التي انعقدت بشأن الحرب في السودان، حيث ترى ان الحرب شأن سوداني داخلي، إضافة الي تصريحات سابقة من وزارة الخارجية الامريكية والبيت الأبيض توقعت فيها امتداد فترة الحرب قائلا : “كأنما أمريكا تعلم بوجود أطراف دولية تغذي هذه الحرب او بوجود حرب بالوكالة تجري في السودان”
واعتبر كرار المجهود الذي بذل من قبل أمريكا ومجلس الامن الدولي لإيقاف الحرب في السودان غير مرئي للعيان وكأن القصد منه ترك السودانيين يعانون من الحرب لوحدهم، مشيرا الي عدم وجود أي تحركات جدية من المجتمع الدولي لإنهاء الحرب بالضغط على الطرفين بوسائل رادعة، بل ترك الامر لإيقاد، منبر جدة والاتحاد الافريقي التي قال انها فشلت في إيقاف الحرب.
تأثير العقوبات على العمليات العسكرية على الأرض:
نفي د/سليمان بلدو مدير المرصد السوداني للسياسات والشفافية في حديثه لراديو دبنقا وجود تأثير مباشر لهذه العقوبات على مجريات الاقتتال اليومي، وذلك بسبب امتلاك قادة الدعم السريع لموارد كافية لتمويل مجهودها الحربي خلال هذه الفترة.
واكد بلدو إن هذه العقوبات لديها تأثير على المدي المتوسط والبعيد للعمليات الميدانية. وأوضح إن الطرفين الجيش والدعم السريع يمولان مجهودهما الحربي من الامبراطوريات المالية والاعمال الخاصة بهما، وإن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة سابقا على الطرفين استهدفت الشركات الرئيسية القابضة والتي تندرج تحتها مئات الشركات من بينها شركة المنظومات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة.
وقال بلدو” نظريا يمكن ان تؤثر هذه العقوبات وتحدث هزة في المنظومة وبالتالي على مقدرة هذه الشركات على ان تبدر مواردا أخرى لتمويل المجهود الحربي للجيش في الوقت الحالي.
وفيما يلي قوات الدعم السريع، قال بلدو إن قوات الدعم السريع ليست لديها شركات “ككيان” بهذا المعني مثل الجيش ولكن لدي قاداتها شركات خاصة يستغلونها في تدوير الأموال التي تأتيهم من خزينة الدولة ومما لديهم من موارد أخري تستخدم لتغذية ثروة (ال دقلو)،حيث تقوم باستخدام الفائض منها في تمويل المجهود الحربي لقواتها ، مبينا إن العقوبات التي طالت شركتي الجنيد و”تريدف” ستؤدي ان الي تجفيف مصدر من مصادر تمويل عمليات قوات الدعم السريع. وأضاف إن ما يمتلكه ال دقلو من شركات الذهب بالإضافة الي ما استولوا عليه من مصفاة الذهب في الخرطوم منذ اندلاع الحرب محدودة. وبالتالي يمكن ان تمول المجهود الحربي للدعم السريع لفترة محدودة، مشيرا الي التكلفة العالية للحرب من شراء الذخائر والاليات.
وقلل بلدو من تأثير العقوبات المفروضة علي عبد الرحمن جمعة قائد قوات الدعم السريع في ولاية غرب دارفور قائلا إن العقوبة تحمل دلالة رمزية ولا تأثير لها باعتبار جمعة لا يمتلك حسابات خارجية ولا يسافر الي خارج السودان.
من جهة ثانية، قلل كمال كرار المحلل الاقتصادي، من فعالية القرارات الامريكية الأخيرة على انهاء الحرب، واعتبر القرار محاولة من الولايات المتحدة للفت الأنظار على انها أكثر انتباها واهتماما بالشأن السوداني في هذا التوقيت.
وقال كمال كرار، لراديو دبنقا، إن العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة على السودان سوآءا اقتصاديا او على مسئولين، غير فعالة وذلك من واقع التجربة منذ فترة الإنقاذ، حيث يتم التحايل عليها بواسطة طرف ثالث (اقطاب دول العالم المتنافرة).
ودلل كرار على ذلك بما حدث في عهد البشير ونظامه فيما يتعلق بمطالبة تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية عقب العقوبات الأمريكية على السودان حينها، حيث ظل السودان يحصل على التكنولوجيا والأموال عن طريق أطراف ثالثة. وذكر ان العقوبات العسكرية والاقتصادية التي أعلنت من قبل امريكا تفتقر لألية التنفيذ، واكد إن هذه العقوبات لن توقف الحرب الدائرة الآن. وشدد على إن المطلوب، خاصة على مستوي مجلس الامن، هو النظر الي هذه الحرب على انها تهدد السلم والامن الدوليين، لافتا النظر الى سهولة انتقالها الى دول الجوار وصعوبة احتوائها. وأشار الى ان أحد الأسباب التي تولد الحروب في القارة الافريقية او إطالة امدها هو ان المجتمع الدولي لا يعيرها الانتباه الكافي، مقارنة بالنزعات الاخرى التي تنشا في الغرب واسيا.
مدي تأثير العقوبات اقتصاديا على السودان:
قال دكتور هيثم فتحي المحلل الاقتصادي لراديو دبنقا، إن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية على السودان منذ العام 1993م تسببت في تأخر السودان اقتصاديا كثيرا وعملت على إعاقة الحركة التجارية للسودان، خاصة في مجال النقل والتكنولوجيا مما جعل السودان يلجأ للبحث عن مصادر اخرى غير الولايات المتحدة الامريكية، حيث اتجه السودان شرقا لدول اسيا وعلى راسها الصين وانجز معها عمل كبيرا تم تتويجه باستخراج البترول السوداني.
كما اثرت هذه العقوبات وحالت دون ان يستفيد السودان من المساعدات التنموية ومبادرة خفض الديون الامريكية على السودان وعدم حصول السودان على استثمارات طويلة المدى والتي اثرت بدورها على حوار السودان مع المؤسسات الدولية المالية والإقليمية، وعلى راسها صندوق النقد الدولي والصناديق الكثيرة الموجودة في الإقليم، كما حرمت السودان من الاستفادة من مبادرة الدول المثقلة بالديون لكي يعفى السودان من ديونه.
واعتبر أن العقوبات التي فرضتها الولايات المحتدة على الشركات السودانية مثل العقوبات الأخيرة على شركات القوات المسلحة والدعم السريع ليست ذات تأثير كبير مقارنة بالعقوبات الخاصة بإدراج اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولفت النظر الى إمكانية استعادة العلاقات الثنائية بين السودان والولايات المتحدة بمزيد من الحوار بين البلدين ويثبت السودان من خلاله جديته حتى ترفع هذه العقوبات من الشركات والشخصيات السودانية.
وحول استثناء العقوبات الامريكية لقائد قوات الدعم السريع(حميدتي):
قال د/سليمان بلدو، لرادبو دبنقا، إن العقوبات اتخذت منحي التدرج وتوقع أن تلي هذه الخطوة عقوبات اضافية تستهدف قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دلقو. وقال بلدو إن العقوبات استهدفت في المقام الأول الشركات ومن ثم نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو باعتباره المالك لهذه الشركات. وتوقع أن تصدر قرارات اخرى في مواجهة قائد قوات الدعم السريع حميدتي باعتباره عضو مجلس إدارة شركة الجنيد للأنشطة المتعددة ولا يوجد نشاط مسجل باسمه، حيث تم تسجيل الشركات بأسماء اخوانه وهم من يقومن بتحريكها نيابة عنه.
الواقع الحالي وما هو مطلوب الان:
أبدي د /سليمان بلدو مدير المرصد السوداني للسياسات والشفافية، أسفه على الحالة التي وصل اليها السودان من القتل اليومي للمدنيين والتشريد الكبير الداخلي والخارجي للشعب السوداني وناشد الأطراف بإيقاف الحرب فورا. وقال بلدو إن القوى الحيوية والشعب السوداني بمختلف كوادره أصبح الان مشرد هذا الي جانب المأساة الاقتصادية المتمثلة في صعوبة الحصول الاحتياجات اليومية والخدمات الصحية من الادوية مما تسبب في وفاة عدد كبير من الأشخاص بصورة غير منظورة، وناشد بلدو طرفي الصراع بإيقاف هذه الحرب التي وصفته باللعينة، وابدي استغرابه من تصريحات كل من حميدتى والبرهان التي قال انهما وصفا فيها الحرب بالعبثية وان لا منتصر فيها بل المتضرر الأول والأخير منها هو المواطن وتسائل من جدوى الاستمرار فيها وقال” الا اذا كان نتيجة لعدم الإحساس بالمسئولية تجاه هذا المواطن وهذا البلد من قبلكما كأكبر قادة لهذه القوات المتقاتلة” وحذر من خطورة استمرار هذه الحرب التي قال انها ستقود الي انهيار السودان كدولة وطالب الطرفين بضرورة ايقافها فورا.
من جهته، أكد كمال كرار المحلل الاقتصادي، إن إرادة الشعب السوداني قادرة علي انهاء هذه الحرب، وذلك من خلال الشعارات والمطالب التي رفعها “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل”، مؤكدا إن تلك المطالب لن تسقط، وشدد كرار على ضرورة وجود اليات تنفيذ فعال من شانها إيقاف الحرب مثل حظر توريد السلاح للسودان واغلاق الموانئ والمجال الجوي في وجه الأطراف التي تحصل على السلاح إضافة التفكير بجدية في ارسال قوات دولية لحفظ السلام مثل اليوناميد، إضافة الي اصدار قرار بواسطة مجلس الامن الدولي بإحالة ملف الحرب في السودان الي المحكمة الجنائية الدولية بشرط موافقة جميع الأعضاء.
تاريخ العقوبات الامريكية على السودان:
في العام 18أغسطس 1993م، أدرجت وزارة الخارجية الامريكية السودان ضمن الدول التي ترعي الإرهاب، واتهمته بانه يستخدم أراضيه ملجا للذين يصنفهم كإرهابين مثل حزب الله والجهاد الإسلامي وحماس وإيواء زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وتوفير ملاذات آمنة لهم.
وفي 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1997، أصدر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون أمراً تنفيذياً فرض بموجبه عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية شاملة على السودان تحت مبرر دعمه للإرهاب الدولي، وتلى تلك الاوامر قصف الطيران الأميركي لمصنع الشفاء للأدوية 20 أغسطس 1998، بعد أن اتهمت أمريكا أسامة بن لادن الذي تأويه الخرطوم بالضلوع في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في دار السلام ونيروبي، زاعمة أن المصنع يتبع لبن لادن وينتج أسلحة كيماوية.
وتواصلت العقوبات الامريكية علي السودان، حيث أصدر الكونغرس في العام 2002م «قانون سلام السودان» الذي رهن رفع العقوبات الأميركية بتقدم المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، وألحق به في العام 2004م قانون سلام السودان الشامل، وسبق “قانون سلام السودان” في 13 أكتوبر 2006م أصادر «قانون سلام ومحاسبة دارفور» الذي يستند إلى أن سياسات حكومة السودان تهدد أمن وسلام وسياسة أميركا، وتوالت الأوامر التنفيذية ضد السودان، ففي أبريل عام 2006م أصدر الرئيس جورج بوش الابن الأمر (13400)، الذي وسع بموجبه العقوبات لتشمل حظر الأفراد الذين تثبت مساهمتهم في نزاع دارفور وحجز أملاكهم، ثم الأمر التنفيذي (13412) الصادر في سبتمبر من العام ذاته، وقضى باستمرار حجز أموال الحكومة السودانية، وكل المعاملات التي قد يقوم بها أي مواطن أميركي مع الخرطوم التي تتعلق بصناعة النفط والبتروكيمياويات.
في العام 2007م، أصدر أمريكا قانون المحاسبة ونزع الاستثمار في السودان الذي فرض الكونغرس بموجبه عقوبات ضد الأشخاص الذين اعتبرهم مسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
بعد هجمات 11 سبتمبر، طرأ تحسن على علاقة البلدين، وأبرمت الخرطوم اتفاقاً مع واشنطن نص على تعاون العاصمتين بالعمل معاً لمكافحة الإرهاب، لكن هذا الاتفاق لم يؤثر على العقوبات المفروضة على السودان، على الرغم من إقرار واشنطن بأن النظام السوداني حل خلافاته مع جنوب السودان، لكنه ربط تطبيع العلاقات بين البلدين بالتوصل إلى وقف للنزاع في إقليم دارفور السودان.
في 17 فبراير 2015م، اعلنت إدارة الرئيس باراك أوباما تخفيف العقوبات على السودان، وسمحت للشركات الأميركية بتصدير أجهزة اتصالات شخصية، وبرمجيات تتيح للسودانيين الاتصال بالإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما عد مؤشراً إيجابياً. لكن إدارة أوباما مددت في نوفمبر 2016م العقوبات لمدة عام، وأشارت إلى إمكانية رفعها حال تحقيق السودان لتقدم في الملفات التي تطالب بها واشنطن، الخرطوم.
ثم فاجأ أوباما المراقبين بإصداره أمرين تنفيذيين في 13 يناير عام 2017م، أعلن بموجبهما رفعاً جزئياً لبعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم، بسبب ما سماه «التقدم الذي أحرزه السودان»، لكنه أبقى عليه ضمن قائمة الدول الداعمة للإرهاب. وقضى الأمر الرئاسي برفع العقوبات الواردة ضمن الأمرين التنفيذيين (13067) ، و(13412) اللذين أصدرهما، حال التزام حكومة السودان بما أطلق عليه «الأفعال الإيجابية التي سبق أن اتخذتها، خلال ستة أشهر ماضية».