الجيش ما يزال يبحث عن رئيس حكومة!
لا تزال الأزمة السياسية في السودان تراوح مكانها وسط تضارب الأنباء عن فشل الجهود الدولية والمحلية لعودة عبد الله حمدوك لرئاسة الحكومة مرة أخرى بعد أن حل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان كل مؤسسات السلطة الانتقالية في 25 أكتوبر الماضي.
الجزيرة نت
لا تزال الأزمة السياسية في السودان تراوح مكانها وسط تضارب الأنباء عن فشل الجهود الدولية والمحلية لعودة عبد الله حمدوك لرئاسة الحكومة مرة أخرى بعد أن حل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان كل مؤسسات السلطة الانتقالية في 25 أكتوبر الماضي.
وفي الوقت ذاته، أعلن تجمع المهنيين السودانيين عن بيان سياسي رسم فيه خارطة تصعيد رافضة لقرارات الجيش مطالبا بحكومة مدنية خالصة.
وتفيد متابعات الجزيرة نت بفشل السلطة الحالية في الحصول على موافقة بعض الأسماء التي رشحتها دوائر مقربة لها لتولي رئاسة الحكومة.
ويأتي فشل هذه الجهود بعد تشديد حمدوك لكل المبادرات الخارجية والداخلية على أن عودته لموقعه مشروطة بالعودة إلى المسار الانتقالي أي ما قبل قرارات البرهان الأخيرة.
وتفيد مصادر الجزيرة بأن بعض المرشحين لرئاسة الحكومة نصحوا بمواصلة التفاوض مع حمدوك لإنجاز ما تبقى من ملفات الفترة الانتقالية، كونه يحظى بتأييد دولي ومحلي واسع.
حمدوك وضع عدة شروط على رأسها إطلاق سراح كافة المعتقلين من أفراد حكومته وآخرين إلى جانب الاعتراف بأن الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش هي انقلاب على السلطة الانتقالية والعودة إلى ما قبل 25 أكتوبر الماضي.
لكن القيادي في حركة العدل والمساواة دكتور سليمان صندل قال للجزيرة نت، إن الحديث عن فشل المفاوضات من أجل عودة حمدوك لرئاسة الحكومة ما زال مبكرا، مؤكدا أن جهودا لا تزال تبذل بهذا الخصوص حتى هذه اللحظة.
وكانت تصريحات صحفية لمصادر مقربة من الحكومة المعزولة قالت إن المفاوضات مع حمدوك فشلت بعد رفض الجيش المسار الانتقالي.
محاولات متعثرة
وكان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أعلن في بيانه الأول عن عزمه تشكيل حكومة وتكملة مفوضيات المرحلة الانتقالية قبل انتهاء الشهر الماضي.
وتأجلت الخطوة في ظل المساعي المبذولة لحل الأزمة السياسية وعودة مسار عملية الانتقال إلى وضعها السابق.
وأفادت مصادر للجزيرة نت بأن محاولات تشكيل مجلس السيادة ما زالت متعثرة مع تكهنات برفض عدد من أعضاء المجلس السابق العودة مجددا.
ولا تزال لجان المقاومة تصف إجراءات البرهان بالانقلاب وتستمر في برنامجها الاحتجاجي.
وبدأت بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية في ترتيب أوضاعها لوضع جديد، فيما أعلن تجمع المهنيين السودانيين عن برنامج تصعيدي لمواجهة "الانقلاب".
وشدد بيان للتجمع على أن لا مشاركة ولا تفاوض ولا حوار مع المكون العسكري. وطالب بحل "المليشيات العسكرية بما فيها قوات الدعم السريع أو ضمها للجيش السوداني".
أما القيادي في "تجمع أساتذة الجامعات" دكتور فرح صالح فقال للجزيرة نت إن تجمع المهنيين منذ بداية "الانقلاب" لم يكن على تواصل مع المكون العسكري ولا مع الحرية والتغيير.
وأضاف أن رؤية التجمع المتفق عليها هي تنشيط المقاومة السلمية بحشد الشارع والمواكب المليونية، معتبرا أن التفاوض مع السلطة القائمة مرفوض باعتبارها امتدادا للجنة الأمنية للرئيس المعزول عمر البشير. وقال إن تجمع المهنيين سيسعى لتشكيل حكومة مدنية خالصة تخضع لها كل مؤسسات الدولة.
ووضع تجمع المهنيين برنامجا للتصعيد الثوري ابتداء من السبت لإغلاق الشوارع الرئيسية بالعاصمة الخرطوم بالحواجز وتنفيذ برنامج العصيان المدني يومي الأحد والاثنين.
وقد أعلن نحو 20 تجمعا مهنيا منضويا تحت مظلة التجمع المهني التزامهم بعدم العمل خلال الأيام المحددة.
مظاهرات مليونية
وحدد التجمع يوم 17 نوفمبرموعدا لمظاهرة مليونية، وهو التوقيت الذي يصادف تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين وفق الوثيقة الدستورية التي عُطّلت بعض موادها بموجب قرارات البرهان الأخيرة وحله لمجلس السيادة.
لكن صالح قال إن هناك مظاهرة مليونية أخرى تسبق يوم 17 نوفمبر ستحدد فيما بعد.
وأضاف أن برنامج العصيان المدني سيستمر وفق الجداول المحددة خلال الأسابيع المقبلة إلى حين الإعلان عن العصيان المدني الشامل الذي سيتوقف فيه الجميع عن العمل إلى حين تحقيق مطالبهم واستمرار المظاهرات الليلية في الأحياء وإغلاق الشوارع مع تجنب الاحتكاك بالقوات الأمنية التي فرقت اليوم وقفة احتجاجية للجنة المعلمين أمام وزارة التربية والتعليم وسط الخرطوم.
الضغوط التي تواجهها السلطة الحالية على الصعيد الداخلي والخارجي للعودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي تحد من قدرتها على اتخاذ خطوات لتشكيل الحكومة وإكمال المفوضيات.
وقد تعهد مشرعون أميركيون بطرح مشروع قرار بالكونغرس لفرض عقوبات فردية على المشاركين في "الانقلاب" على المرحلة الانتقالية، مما يعيد تسليط سيف العقوبات مرة أخرى على السودان.
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة تتطلب إعادة حسابات الحاكمين الحاليين أو العودة بالسودان إلى عصر الشمولية وشل حركة قيادات الدولة مثلما كان في عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير.