السلطات بنهر النيل تفشل في توقيف “ود أحمد علي” بعد اشتباكات مع مجموعته بـ”الفريخة”
بربر السبت: 20/ يوليو/2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
شهدت قرية الفريخة بوحدة العبيدية الإدارية في محلية بربر بولاية نهر النيل، أمس الأول الخميس، مواجهات مسلحة بين قوة مشتركة من عناصر الجيش السوداني والشرطة وجهاز المخابرات العامة، مع مجموعة مسلحة منشق من المقاومة الشعبية، يقودها شاب يدعى محمد أحمد علي إبراهيم الشهير بـ”ود أحمد علي”، أسفرت عن مقتل إثنين من القوة الأمنية وآخر يتبع للمجموعة المسلحة وإصابة آخرين، بينما فشلت القوة الأمنية المشتركة في القبض على قائد المجموعة، وسط أنباء عن اعتقالات وسط المواطنين في المنطقة.
وقال عضو التجمع المدني لأبناء نهر النيل علي مبارك علي جاد الله في حديث لـ”راديو دبنقا”، إن ود أحمد علي ذهب بالأمس إلى قرية الفريخة بمعية 9 أشخاص من مجموعته وهي ليست منطقته التي يقطن فيها، لكنه لجأ إلى أبناء عمومته للاستقواء بهم لكن تمت محاصرتهم بقوة كبيرة مشتركة من الشرطة والجيش وجهاز المخابرات العامة، بأكثر من ثلاثين عربة دفع أمامي مدججة بالسلاح وأضاف حدثت اشتباكات عنيفة استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وأوضح مبارك أنه بالرغم من أن القوة الأمنية كانت كبيرة إلا أنه لم يتم القبض على محمد ود أحمد علي وقال إنه أستطاع الخروج بعد كل الحصار الذي فرضته عليه القوة الأمنية.
صراع إسلاميين:
وتشهد ولاية نهر النيل منذ أكثر من ثلاثة أشهر أحداث عاصفة بين سلطات الولاية ومجموعة الشاب محمد ودأحمد علي، الذي انشق عن المقاومة الشعبية قبل عام، وكون فصيل كبير من مؤيديه من أبناء المنطقة ودخوله في مواجهات مباشرة مع الوالي بإثارته قضايا تتعلق بالفساد في مال المسؤولية المجتمعية التي تأتي من ريع وعائدات شركات التعدين للمنطقة، إضافة لرفضه للوافدين من الولايات الأخرى للتعدين في المنطقة.
أرجع عضو التجمع المدني لأبناء ولاية نهر النيل علي مبارك الأحداث التي شهدتها قرية الفريخة أمس، بأنها نتيجة لصراعات إسلاميين ونزاعات حول قيادة الاستنفار والمقاومة الشعبية.
وقال إن محمد علي ود أحمد قائد المجموعة المنشقة عن المستنفرين والمقاومة الشعبية هو في الأصل إسلامي، وهذه صراعاته مع الإسلاميين وأضاف بأن كل طرف يريد أن يسيطر ويكون لديه النصيب الأكبر في المقاومة الشعبية، وتابع قائلاً” لكنه بدأ يشكل في قوة ويتحدث عن مشاكل التعدين في الولاية، من أجل كسب مؤيدين في صفه، وقد وجدت الفكرة رواج وسط المواطنين”.
وانتقد مبارك فكرة الاستنفار والمقاومة الشعبية وقال إنّها مرفوضة من قبل الأهالي، واعتبر أن ماحدث نتاج طبيعي إلى أن السلاح منتشر في أيدي المستنفرين، وأن الاستنفار والمقاومة الشعبية عمل لايقدم بل يضر بالبلاد ويخلق أزمات ومشاكل واعتبر أن السلاح في أيادي جهات غير نظامية و يمكن أن يتسبب في حدوث انفلاتات مثل هذه الأحداث.
فشل القوة الأمنية:
من جهتها أعلنت لجنة أمن ولاية نهرالنيل اليوم، الجمعة في بيان تحصل عليه “راديو دبنقا” إستقرار الأوضاع الأمنية بمنطقة الفريخة بوحدة العبيدية الإدارية محلية بربر، بعد انتهاء العملية الأمنية المشتركة بنجاح وتحقيق كافة أهدافها المتمثلة في القضاء على تشكيل مسلح يتزعمه أحد المطلوبين للعدالة.
غير أن محاولات القوة الأمنية المشتركة التي تضم عناصر من الجيش والشرطة وجهاز المخابرات العامة، فشلت للمرة الثانية في القبض على قائد المجموعة المنشقة محمد ود أحمد علي أو إقناعه بالتسليم.
وكشفت مصادر لـ”راديو دبنقا” إن القوة المشتركة حاصرت قرية الفريخة بأعداد كبيرة من القوات، على متن ثلاثين عربة مدججة بالسلاح، وتم التواصل مع قائد المجموعة لتسليم نفسه وعدم المقاومة وتجنيب المنطقة أي أحداث عنف، إلا أنه رفض، وقال المصدر أن الاشتباكات بدأت منذ الواحدة ظهراً واستمرت حتى المساء، ولم يتم القبض على ود أحمد علي بينما تم قتل أحد أفراده وأصيب آخرين لم تتم تتوفر عنهم معلومات.
وفي يونيو الماضي شهدت، منطقة “الباوقة” اشتباكات مماثلة بين القوة الأمنية المشتركة من الجيش والشرطة والمخابرات العامة، ومجموعة ود أحمد علي عند وصوله لمعدية الباوقة، لكن لم تتمكن القوة الأمنية المشتركة من القبض عليه واضطُرت للانسحاب من المنطقة.
المسؤولية المجتمعية:
وقال بيان اللجنة الأمنية، اليوم الجمعة، أن القوات المشتركة قامت بالإشتباك مع التشكيل المسلح وأوقعت في صفوفه خسائر كبيرة وتمكنت من ضبط الأسلحة والذخائر التي كانت بحوزة أفراده.
وأوضح البيان أن العملية جرت في نطاق جغرافي محدود بتخطيط محكم وضع في إعتباره حماية المواطنين وسلامتهم وقد شاركت جميع القوات النظامية في تنفيذها، وقال أنها احتسبت إثنين من أفرادها، ومصاب واحد ولا زالت القوات تفرض طوقاً أمنياً على المنطقة وتجرى عمليات تمشيط لمحيطها للقبض على المتهم وتقديمه للعدالة.
اعتبر مصدر تحدث لـ”راديو دبنقا” فضل حجب هويته لظروف أمنية أن محمد ود أحمد علي، أول من طالب بوقف التعدين بعد أن كشف الفساد في مال المسؤلية المجتمعيه الخاص بريع وعوائد شركات التعدين، وقال إنه كشف اختلاسات لجهات نافذة في الولاية ملتفين حول الوالي وبعض موظفي المحلية.
وأوضح المصدر أن ود احمد علي ظل مطاردًا منذ أكتشافه الفساد وقال كان النفوذ والسلطه أقوى منه، مشيرًا إلى أن محاربته للفساد وجدت مساندة من قبل أعيان في المنطقة وبعض قيادات الإدارة الأهلية، ونوه إلى الخلاف الذي نشب بين الوالي وعمدة قبيلة “الانقرياب” بوحدة الباوقة الإدارية إبراهيم محمد عثمان قادت الأخير إلى الحبس لفتحه ملف المسؤولية المجتمعية.
مراحل تطور الصراع:
واعتقلت السلطات الأمنية في منتصف يونيو الماضي عمدة قبيلة “الانقرياب” التابعة لمحلية “بربر”، إبراهيم محمد عثمان وشقيقه السر ، و مدير مستشفى “الباوقة” محمد إبراهيم ، إضافة لاعتقال عدد من رجالات الإدارة الأهلية، تم إخلاء سبيلهم قبل إسبوعين.
وتزايدت حدة الخلافات بين عناصر المقاومة الشعبية بولاية نهر النيل والوالي د. “محمد البدوي عبد الماجد أبو قرون”، فقد شهدت المرحلة الأولى من الصراع داخل المقاومة الشعبية انشقاق بقيادة محمد ود أحمد علي قبل عام، ولم تتمكن السلطات من احتواء هذا الانشقاق.
وتطور الصراع في المرحلة الثانية قبل أيام حين قرر الوالي تشكيل هياكل جديدة للمقاومة الشعبية، والتي كان يرأسها وزير الداخلية الأسبق، الفريق شرطة محجوب حسن سعد. وذلك بتعيين ضباط متقاعدين من القوات المسلحة على قيادة المقاومة الشعبية الولائية وفي المحليات السبعة، الأمر الذي أثار غضب الإسلاميين وأصدر الفريق محجوب حسن سعد بيانًا رفض فيه قرارات الوالي.
نوعين من المقاومة:
من جهته اعتبر الصحفي والمحلل السياسي محمد أمين أن الموضوع هنالك نوعين من المقاومة، إحداهما مشروعة للدفاع عن النفس ضد هجمات قوات الدعم السريع في ظل غياب الجيش الذي هو مهتم برعاية مصالحه وخلافه علي السلطة مع الدعم السريع.
وقال أمين لـ “راديو دبنقا” أن هنالك نوع آخر للمقاومة الشعبية يقودها الجيش ويستغل فيها حاجة المواطنين للحماية، من أجل السيطرة علي السلطة وإيجاد مشروعية سياسية لنفسه ما بعد الحرب وحماية امتيازاته التي تمثلها الدولة القديمة تحت شعارات القومية والوطنية وحرب الكرامة.
واعتبر أن الإسلاميين من “فلول” النظام السابق يدعمون المقاومة الشعبية تحت قيادة الجيش لأنها يمكن أن تعبد لهم طريق السلطة مستقبلًا، دون اهتمام بحماية المواطن الفعلية من قوات الدعم السريع، من عدمه ولا تهتم سوي بمصالحها الأقرب لمصالح الجيش في المعادلة الحالية.
وقال الصحفي والمحلل السياسي محمد أمين من ناحية تانية قوى الحرية والتغيير “قحت” ترفض المقاومة الشعبية، لأنها تعلم أن الجيش والإسلاميين لن يقودوها للسلطة بل علي العكس ولذلك تريد انهاءهم عن طريق مهادنة الدعم السريع وكسر المقاومة الشعبية. وأضاف وبالتالي اذا اخذت المقاومة الشعبية طابعًا مستقلًا فإن هذا سيضر بمصالح الجيش والإسلاميين وقحت علي السواء لأنها ستكون ضد مصالحهم جميعا.
مقاومة ثورية:
وأشار أمين إلى أن محمد ود أحمد علي لا ينطبق عليه هذا الأمر بشكل مباشر، وتابع قائلًا: “لكن بداية التناقضات داخل المقاومة الشعبية بنسختها الحالية ليست دليلًا علي فشلها بالمطلوب كما تقوم قحت والدعم السريع، بل هي دليل علي ان المقاومة الشعبية علي الطريقة التي يقودها الجيش ويقتات منها الإسلاميين بدأت تنكشف وان الشعب بدأ يبحث عن مقاومه شعبية توفر له الحماية وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تمثل ترياق لانهاء سيطرة الجيش والدعم السريع وأعوانهم من السياسيين ويمكن ان تفتح الباب لقوي ثورية جديدة تقود الشارع”.
ولفت أمين إلى أن الطرفين يكونان شرسان جدًا بمجرد أن تاخذ المقاومة اسقلاليتها، وقال أنظر لتعامل عناصر قوات الدعم السريع بشراسة شديدة مع قري الجزيرة التي بدأت تدافع عن نفسها بمجهوداتها الذاتية، أكثر من شراستها مع الجيش أو الإسلاميين كما يدعون.
وقال أيضًا الجيش والإسلاميين، كمثال، تعاملوا بشراسة شديدة مع قائد المجموعة المنشقة عن المقاومة الشعبية في الباوقة محمد ود أحمد علي لأنه يمكن أن يتحول لبادرة لخروج المقاومة الشعبية عن نطاق سيطرتهم.
ونوه الصحفي محمد أمين إلى أن المقاومة الشعبية هي أيضًا من أجل الدفاع عن العرض والمال وغيره، تحتاج لتطوير وقيادة ثورية مثل لجان المقاومة حتي لا تتحول لفوضي مستقبلًا.