الخرطوم: عندما يصبح الطموح هو الحصول على بضع جركانات من المياه
الخرطوم: 29مارس2024: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو
تتوجه الحاجة سارة وابنائها الثلاثة بعد تناولهم افطار رمضان كل يوم إلى إحدى محطات مياه الشرب بحي البان جديد بمحلية شرق النيل بحثاً من جركانات من مياه الشرب ليقضوا بها يومهم التالي، تقضي الحاجة سارة وابنائها يومها ساعات في صف الماء مع مجموعات من سكان الحارة، الذين ارهقتهم ازمة مياه الشرب، ورغم ذلك يفشلون في الحصول ملء جركانتهم الاربع فيعودون بعدد جركانتين او ثلاثة في أفضل الحالات، ليقطعوا بها مسافات طويلة في منتصف الليل في طريق عودتهم إلى منزلهم.
حسرة الماء
تقول الحاجة سارة لراديو دبنقا انها مضطرة إلى معاودة هذا “الروتين” اليومي لأنها غير قادرة على توفير مبالغ مالية لشراء برميل الماء بمبلغ 8 آلآف جنيه يومياً او اربعة جركانات بمبلغ 6 آلاف جينه بواقع ألف وخمسمائة جنيه للجركانة الواحدة، وتقول متحسرة على ما آلت إليه الأوضاع في الخرطوم “لم يخطر ببالي يوماً اننا يمكن ان نواجه مثل هذه المعاناة عشان نحصل على مياه للشرب، ما كنا نسمع عنه في الريف بأن النساء والاطفال يقطعون مسافات بعيدة لأجل استجلاب الماء عايشناه الآن بسبب هذه الحرب اللعينة”
ويروي احد ابنائها معاناة مواطني محلية شرق النيل مع ازمة مياه الشرب التي اقتربت من اكمال الاسبوعين والتي تسبب فيها انقطاع الامداد الكهربائي عن محطات المياه بالمحلية، يقول الشاب العشريني، الذي فضل حجب اسمه لدواع امنية، إن المواطنين اضطروا إلى سحب المياه بالطرق اليدوية من آبار الصرف الصحي التي حفرت في وقت سابق ولم يكتمل بناؤها، وأضاف “هي مياه غير صالحة للشرب لكن الناس مضطرين لاستخدامها”.
وتوضح الحاجة سارة ان المحطات التي تعمل لتوفير المياه، يتم تشغيلها بالجهد الشعبي حيث يتم تجميع مبالغ مالية بواقع ألف جنيه من كل أسرة بغرض شراء الوقود لتشغيل المضخات التي تسحب المياه لملء بعض الخزانات في بيوت محددة ليتجمع فيها المواطنين في صفوف للحصول على المياه، منوهة إلى أن المضخات يتم تشغيلها دائماً في ساعات الليل لتقليل استهلاك الوقود، لكن في المقابل حركة المواطنين بحثاً عن المياه في ساعات الليل فيها مخاطر أمنية كبيرة لكنهم لا خيار أمامهم.
17 محطة مياه عاطلة في شرق النيل
يعاني سكان منطقة الحاج يوسف ومحلية شرق النيل منذ اسبوعين في الحصول على مياه الشرب بسبب توقف المحطات التي تمد تلك الاحياء بالمياه، يقول عضو مكتب الخدمات بغرفة طوارئ شرق النيل محمد الرشيد لراديو دبنقا إن السبب في ازمة مياه الشرب التي تواجه سكان محلية شرق النيل هو انقطاع التيار الكهربائي قبل اسبوعين عن الطلمبات التي تعمل بالكهرباء لسحب المياه من الآبار وتمد بها المحطات، وأكد ان كل محطات المياه بالمحلية خرجت عن الخدمة الامر الذي فاقم معاناة المواطنين خاصة في شهر رمضان.
واشار الرشيد إلى ان هناك جهوداً شعبية تبذل لتوفير وقود جازولين لتشغيل هذه المحطات لكنها غير كافية لرفع المعاناة بسبب ندرة وارتفاع اسعار الجازولين، اضافة إلى العدد الكبير للمحطات المتوقفة اكثر من 17 محطة رئيسية و15 محطة تقوية صغيرة.
وأدت الحرب التي اندلعت بين القوات المسلحة والدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم منذ نحو عام إلى تدمير البنية التحتية وتوقف الخدمات الاساسية في البلاد ومقتل نحو 15 ألف من المدنيين وتشريد اكثر 8.5 ملايين شخص من منازلهم ما بين نازح ولاجئ في دول الجوار.
اسمحوا للطواقم الفنية بإصلاح الاعطال
فيما تواجه عدد من المناطق بولاية الخرطوم ذات المعاناة في الحصول على مياه الشرب بسبب انقطاع الامداد الكهربائي عن محطات المياه، وقالت غرفة طوارئ جنوب الحزام ان منطقة جنوبي الخرطوم تعاني هذه الأيام من أزمة إنسانية نتيجة انعدام مياه الشرب وتوقف جميع آبار المياه التي يعتمد عليها السكان كمصدر رئيسي للماء في أحياء “مايو، عد حسين، الأزهري، السلمة، وسوبا”
وأوضحت غرفة الطوارئ ان الطريقة الوحيدة التي يحصل بها المواطنين على المياه الآن هي عبر الشراء من الباعة المتجولين، واشارت الغرفة إلى البرميل الماء يزيد سعره كلما زادت المسافة من الآبار، ففي منطقة مايو يتراوح سعر برميل الماء ما بين “4- 5” آلاف جنيه، أما في منطقة عد حسين فيبلغ سعر البرميل 6 آلاف جنيه.
ووجهت غرف طوارئ “شرق النيل، جنوب الحزام، والحاج يوسف” نداءًات للجهات المتحاربة والمعنية بالسماح للطواقم الهندسية بالتدخل لإصلاح العطل الذي أدى لانقطاع الكهرباء وعدم عرقلة عملهم، وناشدت كذلك المنظمات المختصة والجهات الخيرية بالمساهمة في توفير الوقود لتشغيل طلمبات المياه ليحصل المواطنون على حاجتهم من مياه الشرب، ونؤكد أن الحصول على الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء واتصال هو حقٌ إنساني يجب أن يناله الجميع.