الحرب والفساد … شركات في الداخل والخارج تمول الحرب
لاتدبو دبنقا : الثلاثاء 27 فبراير 2024
اديس ابابا : اشرف عبدالعزيز
كشف مشاركون في ورشة مؤتمر الأعمال السوداني من أجل السلام التي تنتظم أعمالها بأديس أبابا اليوم الثلاثاء عن أن هناك شركات في السودان وخارجه تعمل على دعم الحرب واستمرارها موزعة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
التمدد الاجنبي
وأشار خبراء شاركوا في ورشة مغلقة عن فساد الحرب في السودان إلى ضلوع دول خارجية في حرب السودان لارتباط ذلك بمصالحها، وطالبوا الولايات المتحدة بمزيد من الضغوط علي هذه الدول حتى تكف عن دعمها للحرب، محذرين من التمدد الإيراني والوجود الإماراتي والمصري والأثيوبي والتشادي في حرب السودان.
وقالت مبعوثة وسفيرة السويد في السودان بلوك مازوير: إن “العقوبات على داعمي الحرب من قبل الإتحاد الأوروبي تأخذ وقتاً طويلاً لأنها تحتاج لمشورة 27 دولة، ومع ذلك لها تأثير على المؤسسات الاقتصادية الداعمة للحرب مؤكدة الاتحاد الأوربي يهتم بحرب السودان مثل اهتمامه بالحرب في غزة وأوكرانيا.
ورأى الخبير الاقتصادي د. بكري الجاك أن الأزمة الحالية في السودان تعود لعدم وجود دولة موضحاً بأن الإشارات المقلقة ليست وليدة اليوم وإنما نتاج لخطل السياسات الاقتصادية خلال 30 عاماً من نظام الإنقاذ الذي ولغ قياداته في الفساد وأنشأوا الشركات الموازية لشركات القطاع الخاص والتي سيطر عليها الجيش والدعم السريع بعد سقوط نظام الإنقاذ، فضلاً عن تمويل أفراد محسوبين على النظام بملايين الدولارات، ولذلك فإن الحل بحسب الجاك يتمثل في استعادة الدولة المختطفة، ومن ثم وضع السياسات المالية ذات الأثر الفعال في مكافحة الفساد.
مهمة مجهضة
وقالت شذى بلة المهدي مركز المشروعات الدولية الخاصة إن “السودان به أكثر من 3 ألف شركة وعدد مقدر من الغرف الصناعية ولكنها لا تعمل وقف نظم تمكنها من مكافحة الفساد والشفافية”، مؤكدة بأن الحكومة الانتقالية شرعت في وضع قانون لمفوضية الفساد وتأسيسها ولكن جهودها لم تكتمل.
ومن جهته حمل المتحدث باسم (تقدم) د. علاء الدين نقد الحركة الإسلامية السودانية والمؤتمر الوطني المحلول عرقلة جهود السلام في كل المنابر (جدة – المنامة – الإيغاد)، وعزا ذلك لخوفهم من المحاسبة واسترجاع الاموال التي نهبوها وشدد بأنهم يتحملون الوزر الأكبر بإصرارهم على استمرار الحرب.
الحرب والقطاع الخاص
وفي السياق ذاته وفي إطار فعاليات المؤتمر انعقدت ورشة بتنظيم من (جلوبال سودان)، تناولت آثار الحرب على القطاع الخاص السوداني، أدار الجلسة المعز صالح، المدير التنفيذي لجلوبال سودان، متحدثاً عن مخرجات عدد من الورش التي انتظمت خلال الفترة الماضية، مشيراً لعدد من التحديات التي تواجه القطاع الخاص السوداني، واستضاف المعز على المنصة الخبير الزراعي بمنظمة الفاو محمد أحمد عمر، والدكتور شهاب الطيب.
حذر الخبير الزراعي محمد أحمد عمر من مجاعة وشيكة في حال فشل موسم الحصاد الشتوي لهذا العام، منبهاً إلى أن المزارعين أنفقوا كل مدخراتهم في تمويل الموسم الزراعي، وأضاف إذا لم تبدأ عمليات الحصاد في الفترة من 15 مارس وحتى 15 ابريل فإن منطقة الجزيرة ستكون معرضة للمجاعة بصورة كبيرة جداً.
وأكد مستشار شؤون التعاونيات الأستاذ محمد الفاتح العتيبي أن هنالك تكاملاً كبيراً بين القطاع الخاص والتعاونيات، مذكرا بالشراكة التي تمت بين التعاونيات المنتجة للصمغ العربي مع احدى شركات القطاع الخاص، واصفاً لها بالشراكة الناجحة، حيث اثمرت عن توظيف أموال المسؤولية المجتمعية وتحويلها لخدمات ساهمت في رفع الانتاج وتحسين الانتاجية.
التمويل القطاع الزراعي
كما وجه الصادق البرلوم من خلال مداخلته كأحد العاملين في القطاع الخاص، بصفته شريكا في مدرسة بالخرطوم، وجه انتقادات مباشرة للقطاع الخاص السوداني، معتبراً الحرب فرصة كبيرة لكشف عورات القطاع الخاص، معتبراً انعدام ابسط المنتجات المحلية عن الأسواق في شهر الحرب الأول أكبر دليل على فشل القطاع الخاص السوداني طوال الفترة الماضية، معتبراً الحرب فرصة لبناء القطاع على اسس جديدة تتجاوز فشل الماضي.
كما أشار أحد المشاركين إلى ضرورة استصحاب التغيُر المناخي وتأثيراته أثناء عرض ومناقشة الحلول، وأن الهيكل الزراعي يحتاج لمراجعة عميقة، معتبراً أن قضية التمويل تعتبر من أكبر اشكاليات القطاع الزراعي، مشيراً إلى ضرورة مناقشة الخيارات المطروحة، هل يجب أن نتجه للتمويل الذاتي أم نلجأ للتعاونيات.
كما أشار إلى ضرورة التركيز على الزراعة الذكية، والتي تساهم في تجاوز عدد من المشكلات، وتساهم في زيادة الانتاجية، بالإضافة إلى دعم المشاريع في مجالات التسويق والتغليف والترحيل، وأردف مهما زاد انتاجنا لن تتحقق أي فوائد ما لم ننجح في عمليات التسويق النهائية.
النساء في قطاع الاعمال
كما تحدثت تيسير النوراني وزيرة العمل والإصلاح الإداري السابقة عن عدد من المشاكل التي تواجه النساء في قطاع الأعمال مشيرة إلى تجربة النساء المزارعات بمنطقة القضارف، مشيدة بنجاحهن في تنظيم أنفسهن في جمعيات للزراعيات بالقضارف، مؤكدة على ضرورة دعم قيام التعاونيات النسائية في المناطق الريفية أسوة بنساء القضارف.
مضيفة في حديثها حول آثار الحرب على النساء العاملات، أن النزوح تسبب في فقدان أعداد كبيرة من النساء ربات الأسر والمسؤولات لمصادر دخلهن ومهنهن التي كن يعتمدن عليها،
وذكرت أن النساء فقدن كل مدخراتهن من ذهب وأموال وبيوت وبالتالي يعانين من مشكلة كبيرة في التمويل ورأس المال. وقالت إن خروج القطاع المصرفي عن الخدمة أدى لفقدان أهم مصدر للتمويل كان يغطي جزء كبير من احتياجات هذه الفئات، وهي منافذ التمويل الأصغر.
نساء بلا عمل
وأوضحت أميرة، تاجرة بسوق ليبيا، وحالياً تقيم هي وعدد من زميلاتها من السيدات السودانيات العاملات في أديس أبابا، المعاناة التي يعشنها، وقالت إن أغلبهن لم يجدن الفرصة للعودة لأعمالهن مرة أخرى، ويفتقرن للمساعدات.
وفي حديثها عن النساء اللاجئات في كمبالا، أشارت سوزان حسين الأحمر، إلى أن أوضاع اللاجئات في كمبالا سيئة جداً، ليس لهن عائل، والمساعدات التي تقدم من المنظمات محدودة جداً، وبعض المنظمات تقوم بتمليك اللاجئات قطعة أرض للعمل عليها، ولكن تظل مشكلة انعدام رأس المال والتمويل والتدريب عائقا أمام نجاح تلك المبادرات.
واشارت في حديثها إلى دراسات اجريت للتحديات التي تواجه النساء اللاجئات، وجدت أن النساء يعانين من تحديات تختلف تماماً عن تلك الموجودة في اجندتنا ونطاق تفكيرنا. وتظل المشكلة الأكبر التي تواجه النساء هي قدرتهن على المشاركة في مثل هذه الأنشطة ومناقشة رؤاهن، نسبة للتحديات الكبيرة التي تواجههن.
وأضافت سوزان يجب أن نكف عن التعامل مع النساء كضحايا، النساء رغم كل الظروف التي ممرن بها، لا يزلن يقاومن. كما أضافت أنهن كنساء قادرات على التعبير عن قضاياهن ولسن بحاجة لأحد لينوب عنهن.
واضاف العتيبي متحدثاً أوضاع النساء اللاجئات في أثيوبيا، أن القانون الأثيوبي يسمح بتكوين الجمعيات والتعاونيات، أو الاندراج ضمن الجمعيات التعاونية للنساء الأثيوبيات. مشيراً إلى أهمية وجود مثل هذه الأجسام، التي يمكن أن تساعد في عملية التواصل مع الجمعيات الأثيوبية وتوفير المنتجات بأسعار زهيدة وبصورة مباشرة من المنتجات الأثيوبيات. واقترح إنشاء صندوق استثماري من أصحاب الأعمال المشاركين بغرض تمويل مشاريع تلك الجمعيات بنظام الشراكة، وتوفير التدريب والتأهيل الكافي للنساء العضوات بالجمعيات.
تحدثت آمنة بخات، عن ضرورة انشاء مراكز لتطوير ودعم النساء وتنفيذ مشاريع النساء في مناطق اللجوء، لنبقي النساء أكثر أماناً، بالإضافة إلى مناقشة سبل نقل الاقتصاد غير المنظم إلى اقتصاد منظم وواضح.
كما أشارت إحدى المشاركات إلى أن النساء في اثيوبيا تحديداً مواجهات بمشاكل معقدة، منها مشكلة قوانين العمل التي لا تسمح بالعمل المنظم، بالإضافة لمشكلة الإقامة المؤقتة، حيث انه يجب أن تغادر اثيوبيا كل ستة شهور، مما يستدعي مصاريف اضافية تضاف على كاهل النساء، خلاف المائة دولار الشهرية.
نجلاء الطيب، عالقة بأثيوبيا، وغير قادرة على التعايش مع الأوضاع الجديدة وغير قادرة على المغادرة، تحدثت عن تجربتها، واشارت إلى أن الاستقرار والسكن من أهم احتياجات النساء.
المشكلة الأكبر التي تواجه النساء هي قدرتهن على المشاركة في مثل هذه الأنشطة ومناقشة رؤاهن، نسبة للتحديات الكبيرة التي تواجههن.