الأدوية في مرمى الحرب .. تجمع الصيادلة يحذر من تفاقم الأوضاع
يعاني أحمد (50 عاماً) وهو موظف بمدينة كاس في ولاية جنوب دارفور من مرض السكر منذ أعوام ويتناول جرعة انسولين يومياً. ويقول أحمد وهو أب لأربعة أطفال إنه لم يتناول الجرعة منذ اسابيع بعد اندلاع الحرب في المدينة وتعرض المرافق الصحية للتدمير ونفاد معظم الأدوية ويضيف ( إن قواه خائرة ولا يقوى على ممارسة أي نوع من العمل بسبب ارتفاع السكر.. وإنه يتوقع الموت في أي لحظة جراء مضاعفات السكري ويخشى على مصير أبنائه).
وقال إن المرضى اضطروا لاستخدام الأعشاب والعلاج الطبيعي بسبب التوقف التام للمرافق الصحية.
نهب وإتلاف
ويقول تجمع الصيادلة المهنيين في تقرير يوم الأحد إن (41) شركة دوائية و (12) مصنع أدوية في الخرطوم تعرضت للنهب والإتلاف من قبل قوات الدعم السريع بعد اندلاع الحرب بما يعادل نحو 50% من المصانع الدوائية في الخرطوم مشيراً لاستحالة تواصل الإنتاج والعمل في بقية المصانع والشركات.
وأوضح الدكتور صلاح جعفر القيادي في التجمع لراديو دبنقا إن (216) صيدلية، تعرضت للنهب بواسطة الدعم السريع والمتفلتين من بينها (103) صيدلية في مدينة الخرطوم، (48) صيدلية بأمدرمان، و (65) صيدلية بمدينة بحري، وتوقع أن يكون العدد الحقيقي أضعاف ما تم رصده حتى الآن خاصة في ولاية الخرطوم ودارفور.
ويقول تجمع الصيادلة، في تقرير يوم الأحد، إن نهب المصانع وتوقفها أدى لشح وارتفاع أسعار أدوية القطاع الخاص والأدوية التي توفرها الإمدادات الطبية، مثل الأدوية الأساسية، والأدوية المنقذة للحياة، وأدوية مرضى السرطان والسكري والملاريا والأزمة الصدرية و مستلزمات غسيل الكلى، القساطر القلبية وصبغة الأشعة وعدد من المستهلكات الطبية.
الخرطوم ..معاناة متزايدة
وأوضح الدكتور صلاح جعفر إن ولاية الخرطوم تعاني من ندرة في مختلف الأدوية وخاصة أدوية الطوارئ والمستهلكات الطبية في صيدليات المستشفيات نتيجة لتوقف الإمدادات الطبية، بالإضافة لتضرر مخازن صندوق الدواء الدائري الرئيسية ببحري، ونهب بعضها وصعوبة الوصول لبعضها الآخر. كما يعاني المرضى من صعوبة الوصول للأدوية نسبة لتعذر الحركة في ظل الوضع الأمني وخروج عدد كبير من الصيدليات عن الخدمة .
حالات انتحار
وبشأن الوضع الدوائي في الولايات، يقول الدكتور محمد صلاح جعفر لراديو دبنقا إن الولايات تعاني من عدم استقرار الإمداد الدوائي مع نقص حاد في أدوية الطوارئ ومستهلكات نقل الدم وفي أدوية الأمراض المستديمة مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم والسكري وأدوية الغدة الدرقية بالإضافة للمضادات الحيوية والفلاجيل وشرابات الأطفال وحتى البندول.
ويشير التقرير إلى حدوث عدد من حالات الانتحار جراء انعدام أدوية الأمراض النفسية والعصبية وتدهور الوضع الصحي لعدد كبير من المرضى.
دارفور ..نقص حاد
وبحسب التقرير فإن ولايات دارفور المختلفة تعاني من نقص حاد في أدوية الطوارئ وأكياس ومستهلكات نقل الدم بالمستشفيات القليلة العاملة، كما تعاني من شح في الأدوية بشقيها المحلي والمستورد وقلة في منافذ تقديم الخدمة الصيدلانية نتيجة للظروف الأمنية أو لتعرضها للنهب،
وأشار الدكتور محمد صلاح جعفر إلى تضرر معظم صيدليات مدينة الجنينة وبعض شركات توزيع الأدوية والصيدليات في مدينة نيالا، بالإضافة لتدمير بعض مخازن الإمدادات الطبية بولايات دارفور.
وقالت الدكتورة دكتورة هند عبدالله لراديو دبنقا إنمستشفى الوحدة جنوب، بمدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، يعاني من نقص حاد في الدواء والذي لايكفي لأكثر من ثلاثة أسابيع.
وفي كاس بولاية جنوب دارفور كشف مواطنون لراديو دبنقا عن انعدام الانسولين والأدوية المنقذة للحياة ولجوء المرضى للتداوي بالأعشاب.
كردفان .. ضعف الإمداد
أما بشأن ولايات كردفان، فيقول الدكتور محمد صلاح إنها تواجه شحاً وارتفاعاً في أسعار الأدوية لضعف الإمداد الدوائي نتيجة لهجمات الدعم السريع على الطرق السفرية وتواصل عمليات نهب المركبات أو مصادرة الأدوية أو فرض الإتاوات، كما تم نهب (6) صيدليات في مدينة الابيض.
تأثير ايجابي
وقال التقرير إن نقل مخزون بعض المصانع والشركات والصيدليات، وانتقال بعض شركات التوزيع الدوائية ساهم في تخفيف حدة الندرة الدوائية وابطاء أثرها في الولايات خارج الخرطوم، كما ساهم تدوير الدواء بين منافذ الخدمة العاملة ونقل مخزون المنافذ المتوقفة عن العمل للمنافذ العاملة، والمساهمات الشعبية، والمنظمات في تقليل حجم النقص بولاية الخرطوم. موضحاً إن هذا التأثير لن يدوم طويلاً.
وبشأن تأثير المساعدات الدوائية القادمة من الخارج عبر الجسور الجوية يقول الدكتور محمد صلاح جعفر لراديو دبنقا إن المساعدات تحتوي على أدوية طوارئ والأدوية المنقذة للحياة الخاصة بالحالات الحرجة ويمكن أن تعمل على تخفيف الندرة في هذا المجال، واشار إلى أن 5 آلاف صنف دوائي مسجل في السودان يتعاطاه المرضى للحالات الباردة وهي غير مضمنة في المساعدات.
مطالبات ومناشدات
وحذر تجمع الصيادلة من تفاقم الندرة الدوائية في الفترة القادمة ما لم تتم معالجات عاجلة ومستدامة تضمن استقرار الإمداد الدوائي لولايات السودان المختلفة، وطالب وزارة المالية بتخصيص الموارد المالية اللازمة للصندوق القومي للإمدادات الطبية للقيام بدوره في توفير الأدوية الأساسية وأدوية الطوارئ والمستهلكات والمعدات الطبية. كما طالب المجلس القومي للأدوية والسموم بالاستمرار بالقيام بدوره في وضع الخطط بما يتناسب والوضع الطارئ والعمل على تخفيف حدة الندرة وإصدار التقارير الدورية وتسريع الإجراءات المتعلقة بالأدوية ونقل المقار وانشاء المستودعات الجديدة والقيام بالدور الرقابي على المنح والهبات والتأكد من صلاحيتها وتخزينها ومأمونيتها.
ودعا التجمع المواطنين لتجميع الأدوية الفائضة في المنازل وتسليمها لأقرب صيدلية لتتكفل بمراجعة صلاحيتها وتحديد إمكانية استخدامها حتى تساهم في تخفيف الأزمة الحالية، وطالب المنظمات الصحية المحلية والإقليمية والدولية للاضطلاع بدورها تجاه الشعب السوداني وحقه في الحصول على الرعاية الصحية والدواء.
إدانة واستنكار
وأدان التجمع صمت وغياب الصندوق القومي للإمدادات الطبية طوال هذه الفترة عن إصدار التقارير وتنوير المواطنين حول الوضع الدوائي، كما أدان القرارات الصادرة من المجلس القومي للأدوية والسموم. والمتعلقة بالسماح باستيراد الأدوية المصنعة في جمهورية سوريا التي تم ايقاف الاستيراد منها سابقاً لعدم التأكد من مأمونية منتجاتها، وقرار السماح باستيراد الأدوية في طور التسجيل واعتبرهما استغلالاً لحالة الحرب لتمرير قرارات لا تخدم الوفرة الدوائية أو مصلحة المريض في الحصول على دواء آمن وفعّال، وقال إن القرارات تهدف لتمكين مجموعات معينة تحت غطاء الحوجة لذا نطالب بالعدول عن هذه القرارات والتركيز على تسهيل إجراءات توفير الأدوية المسجلة سلفاً وما يخدم المريض السوداني ويساعد في استقرار الإمداد الدوائي.