اعتقال وملاحقة الناشطين السياسيين … عصا إنفاذ اللاءات الثلاثة؟
الخميس 11/أبريل/2024: أديس أبابا – راديو دبنقا
منذ الإعلان عن تسليح المواطنين عبر ما عرف بالمقاومة الشعبية لمواجهة عدوان الدعم السريع، اتخذت الحكومات في مناطق سيطرة القوات المسلحة إجراءات تعسفية إزاء الناشطين وقوى ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام المعزول عمر البشير، حيث تم حل لجان الحرية والخدمات في الولايات وشنت السلطات حملات اعتقالات واسعة ضد قيادات القوى السياسية وأصدرت في حق بعضهم أحكام جزافية، فيما أودع البعض الآخر في معتقلات مع أسرى الحرب.
وفيما ترتفع الأصوات الموالية للحكومة مطالبة بعودة صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات، قطع القائد العام للجيش الطريق أمام التفاهمات بينه وقوى الثورة، وشدد في خطابة بمناسبة عيد الفطر المبارك بانه لا عودة لما قبل 25 أكتوبر أو 15 أبريل.
عودة النظام السابق
مساعد رئيس حزب الأمة مزمل رابح قال لـراديو دبنقا “من أهم افرازات هذه الحرب ظُهور النظام السابق بكل أجهزته القمعية وعلى رأسها جهاز الأمن وهيئة العمليات” وأضاف “بدأت الانتهاكات في التصاعد منذ الخامس عشر من أبريل حيث تعرضت القوى المدنية والسياسية وقوى الثورة الحية خاصة الشباب في لجان الخدمات وغرف الطوارئ إلى مضايقات وقمع فظ شمل كل المدن والأرياف”. وأردف “مارست سلطة الأمر الواقع الاعتقالات التعسفية في مواجهة الناشطين الشباب وقيادات الأحزاب، فحزب الأمه فقط لديه أكثر من 46 معتقلاً بتهمة التعاون مع الدعم السريع، وتجييش الشباب لصالح الدعم السريع” وزاد “أحد هؤلاء الشباب محكوم عليه بالسجن المؤبد في القضارف، وتم أيضا اعتقال كل من عباس إمام معتقل ود. محمد حامد، وصلاح زكريا، صديق الطيب الزين، وأبو جيب، والحبيب قسم الله وغيرهم لدى الاستخبارات العسكرية بولاية نهر النيل والولايات الأخرى، فضلاً عن مجموعات كبيرة أطلق سراحها بخلاف من شردوا عن قصد عبر التهديدات الشفهية المباشرة” وأضاف “الوضع الآن مختلف تماماً، خصوصاً في المناطق التي يتواجد فيها كوادر الإسلاميين.”
وافق المحامي والناشط الحقوقي حاتم الوسيلة السنهوري مساعد رئيس حزب الأمة على ما ذهب إليه مزمل رابح قال لـراديو دبنقا “في كل يوم جديد نرى عودة نظام الجبهة الاسلامية للمشهد العام، خاصة وأن سلطة الأمر الواقع تمثل كل قيادات الحركة الاسلامية بنظامها السابق قبل السقوط الجزئي للنظام في 11 إبريل” وأضاف “تتجلى هذه المسألة بشكل أساسي في التعدي على الحريات العامة والتعدي على ممارسة كل النشاط السلمي والمجتمعي الذي كانت تُعبر عنه كل القوى النقابية ولجان المقاومة والقوى المهنية بمختلف أشكالها.”
والحديث للسنهوري “تعتبر هذه ردة على الحريات العامة، وشهدنا كثير من الاعتقالات التي كانت تتم لمتظاهرين سلميين، وهو ما يؤكد أن انقلاب 25 أكتوبر هدفه مواصلة القمع الذي كانت تمارسه الحركة الاسلامية إبان حكمها الذي امتد منذ 1989 وحتى 11 ابريل 2019.”
وأضاف “ظلت هذه الأجهزة قائمة كما هي بعقيدة تحمي نظام الحركة الاسلامية وما تزال تقوم بذلك، لأن يد التفكيك لم تطالها ومن مسببات الانقلاب الأساسية والموضوعية هو محاولات تفكيك هذه الأجهزة، وهو ما قادنا لحرب الخامس عشر من ابريل. وشهدنا جميعاً الأضرار الكارثية التي حصلت للشعب السوداني باعتباره المتضرر الوحيد من هذه الحرب، من نزوح ومجاعة، والاعتداء على الحريات وانعدام الأمن، والاعتداء على الممتلكات.”
عودة جهاز الأمن
وقال حاتم الوسيلة السنهوري “عودة جهاز الأمن بكل صلاحياته، تعني عودة سلطة إلقاء القبض والتحري والاعتقال لفترات تصل لستة أشهر ويمكن تجديدها بأمر مدير الجهاز”.
وأردف “واحدة من مطالب ثورة ديسمبر هي أن يكون جهاز الأمن مختصا بجمع المعلومات وتحليلها وتسليمها للأجهزة المختصة فقط، لأن جهاز الأمن ظل يمثل الحركة الإسلامية، وهو جزء من أجهزة قمعها، وكان يتصدى كل من يقوم بأي نشاط سلمي، أو يعارض النظام البائد”.
وأضاف واحدة من أبشع صور ممارسات جهاز الأمن ما يعرف ببيوت الأشباح، حيث كان يُعذب ويقتل الناشطين السياسيين داخل مقار الأجهزة الأمنية، وأشهر جريمة في هذا الصدد هي جريمة اعتقال د. علي فضل واغتياله، وحسب الشهادات التي قدمها إبراهيم نايل إيدام في محاكمة مدبري انقلاب مايو، أن هذه الحادثة حدثت بحضور وعلم رئيس جهاز الأمن وقتها نافع علي نافع.
وقال “التعدي على الحريات مظاهره واضحة جداً، خصوصاً من جانب الاستخبارات العسكرية، باعتقال كل من ينادي بإيقاف الحرب، وعود الحياة.”
وقال “لا بد للشعب السوداني أن يعي أن كل ما يحدث منذ الانقلاب هو لعودة سلطة الحركة الاسلامية وعودة كل كوادرها لهذه الأجهزة، خصوصاً جهاز الأمن.
وزاد جهاز الأمن جهاز غير قومي وجهاز ظل يحمي نظاما فاشيا، وعودته بكامل الصلاحيات تشكل خطورة بالغة على الشعب السوداني، وخطورة على كل من يصدح ويناشد بوقف الحرب، فهو جهاز لا يتورع في أن يعذب أو يقتل أو يمارس أبشع الممارسات ضد الانسانية، وشاهدنا جميعاً ممارساتهم ضد الشهيد المعلم احمد الخير، من تعذيب واغتصاب كما ذكر أحد منسوبيهم خلال انعقاد محاكمة المتهمين باغتيال الشهيد أحمد الخير في محكمة جنايات الأوسط بأمدرمان بأنه أخصائي اغتصاب.
وقال السنهوري “من ناحية قانونية متخصصة عودة الجهاز بصلاحياته التي كانت تمارسها سلطة الحركة الاسلامية توضح للعالم كله بأن السودان رجع للمربع الأول، لمربع القمع والانتهاك والإرهاب وعلى المجتمع الدولي وكل العالم الحر وكل المنظمات الحقوقية أن تعي هذا الأمر وأن تعي خطورته وما يمكن أن يصيب الشعب السوداني في حرياته وفي كرامته وفي انسانيته، ويجب علي كل المنظمات الحقوقية ان تقوم بمسئوليتها في رصد الانتهاكات”.