اعتقالات بالجملة للناشطين في مختلف ولايات السودان
شهدت عدد من ولايات السودان خاصة منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل الماضي موجة اعتقالات واسعة النطاق واخفاء قسري لسياسيين وناشطين وتتم الاعتقالات بواسطة الاستخبارات العسكرية وأجهزة الامن وقوات الدعم السريع. تشمل الاعتقالات من يظنون انهم يعارضون مواقفهم السياسية ودعايتهم الحربية ويتعرض المعتقلون في غالب الأحيان لانتهاكات جسيمة داخل السجون، تشمل التعذيب والاذلال في ظل غياب الاجهزة العدلية.
يقول المحامي والمدافع عن حقوق الانسان عثمان صالح لراديو دبنقا ان كثير من المواطنين السودانيين تعرضوا منذ بداية الحرب بين الجيش والدعم السريع لظلم كبير تمثل في فقدان الارواح والممتلكات والنزوح الجبري، كما لم يسلموا من مضايقات الاجهزة الامنية.
ويضيف صالح انهم لاحظوا اثناء الحرب الدائرة الان، خاصة في الفترة الاخيرة، اعتقالات واسعة من قبل الاستخبارات والاجهزة الامنية، وان هذه الاعتقالات تحدث تحت دعاوى ان البلاد فى حالة الحرب وان كل من يتعامل مع العدو يتم اعتقاله، بدعوى الحفاظ على المصلحة العامة دون مراعاة الحد الأدنى من الاعتبارات القانونية والإجراءات، ونبه إلى ان الاعتقال يجب ان يتم بامر قبض او باجراءات قانونية صادرة من النيابة العامة او المحكمة. ووصف صالح ما تقوم به الاجهزة الامنية الآن بالاستهداف السياسي وانها تعبر عن ردة عن الحريات العامة والحقوق الاساسية ويخالف القانون.
ولاية الخرطوم:
بحسب مصادر متعددة فقد سجلت ولاية الخرطوم اعلى نسبة اعتقالات واختفاء قسر، مثلا في منطقة الكلاكلات جنوب الخرطوم، اعتقلت قوات الدعم السريع عدد من الناشطين واعضاء فى لجان المقاومة منهم خالد سليمان (جكسا) واحمد مجدي ومهدى كمون عضو غرفة طوارئ الطائف منذ ٣ يونيو الماضي. تم اطلق سراحهم لاحقاً يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين.
في مدينة الخرطوم، اعتقلت أن قوات الدعم السريع عضو حزب المؤتمر السوداني عبد الباقي مراد، بينما لايزال عضو الحزب الاستاذ على حسين مخفيا قسريا. وقال الحزب في بيان بتاريخ 18يوليو الجاري ان قوة تتبع لقوات الدعم السريع قامت باعتقال عضو الحزب المهندس عبد الباقي مراد بمخطط عزة بالخرطوم، ومن ثم اقتادته الى جهة غير معلوم وفقا لبيان أصدره الحزب. وأوضح البيان ان عضو الحزب الاستاذ علي حسين لا يزال مخفيا قسرياً لمدة تجاوزت الثلاثة أشهر، دون ان تعلم أسرته او الحزب مكان إخفائه.
وفى ذات المنحى اعتقلت سلطات الاستخبارات العسكرية فى الخرطوم احمد حسن ابو هريرة عضو لجان مقاومة اركويت. وفى مدينة بحرى بشرق النيل، اعتقلت قوات الدعم السريع وسلطات الاستخبارات عددا من الناشطين واعضاء لجان المقاومة، حيث لا يزال البعض منهم داخل سجون الدعم السريع والاستخبارات ويتعرضون للتعزيب.
ومن بين المعتقلين الشيخ موسى عبدالله برمة، أمام وخطيب مسجد الفلاح بالدروشاب شمال، الذى دخل اسبوعه السادس حتى الان، وقالت اسرة المعتقل فى بيان يوم الاحد الموافق 16يوليو، أنها تلقت اتصالا من الشيخ موسي يوم الخميس الموافق 13 يوليو لبضع دقائق يقول فيه انه بخير. واوضح البيان ان المعتقل كان يعاني من صعوبة في الحديث اثناء المكالمة بسبب التعذيب وسوء المعاملة التي أشتهرت بها شعبة استخبارات سلاح الأسلحة والذخيرة بالدروشاب مع معتقلي لجان المقاومة على حسب البيان، وطالب البيان بإطلاق سراحه فورا أو تحديد الاتهامات الموجه إليه والسماح لمحاميه وأسرته بمقابلته.
واوضح البيان أن الشيخ برمه اعتقل بواسطة قوة تابعة للاستخبارات العسكرية في الساعة الثانية ليلاً من منزله في مطلع يونيو الماضي بعد ترويعها للاسره ونهب الهواتف المحمولة لجميع أفرادها والاستيلاء علي مبلغ مالية.
واضافت اسرة الشيخ برمة في بيانها إن التهم الموجهة ضد برمة هى موالاة ومناصرة قوات الدعم السريع وذلك اثر ودعوته في منبر المسجد بوقف الحرب وحقن الدماء ورفضه تخصيص دعاء النصر لأي من طرفي الحرب، وابدت الاسرة عبر البيان اسفها على تلك التهم من قبل مؤسسات الدولة المنوط بها القومية واصفا التهم بانها مبنية على الانتماء القبلي، وطالبت الاسرة الاجهزة الامنية بوقف الاستهداف علي اساس جهوي وقبلي وعدم توجيه اتهامات تقوم علي التحريض بناء علي المواقف، كما حملت شعبة استخبارات الدروشاب مسؤولية سلام ابنهم المعتقل.
ولاية شمال كردفان:
تواصلت اعتقالات الاجهزة الامنية بمدينة الابيض بولاية شمال كردفان ضد الناشطين منذ بداية الحرب بين الجيش والدعم السريع فى منتصف ابريل الماضى. وافاد ناشطون وحقوقيون في احاديث راديو دبنقا ان جهاز المخابارات العامة والاستخبارات العسكرية بالمدينة مارستا عمليات اعتقالات واسعة النطاق وبشكل يومى استهدفتا خلالها القادمين من الخرطوم والناشطين في المدينة خاصة الشباب منذ بداية الحرب.
واوضح حقوقيون ان الاعتقالات تتم على أسس قبلية واثنية والمظهر الخارجي مثلا ذوى الشعر الطويل المصفف من الشباب (بوب مارلي).
واوضحوا ان الاعتقالات تتم امام انظار المارة فى الشوارع العامة وبشكل يحط من كرامتهم، حيث يتم انزال بعض القادمين من الخرطوم واقتيادهم في شكل مجموعات وهم يحملون امتعتهم على رؤوسهم حتى يتم ايصالهم الى مقر قيادة الجيش، كما يتم في العادة توجيه فوهات البنادق اليهم بتهمة الانتماء للدعم السريع مع تعرضهم لأبشع انواع التعذيب والاذلال واتهامهم بالانتماء إلى الدعم السريع ولا تتوفر معلومات دقيقة حول اعداد المعتقلين والفترات الزمنية التى يتم احتجازهم فيها في السجون أو الذين تم الافراج عنهم.
من جهة اخرى، كشف ناشطون وحقوقيون لراديو دبنقا عن نوع آخر من الاعتقال تتم ضد ناشطين معروفين بالمدينة، بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينهم محمد احمد عبد الرحمن الذى تعرض للضرب والاعتقال منذ اسبوعين على يد قوة كبيرة من الجيش على متن ثلاث مربكات عسكرية.
ووصف حقوقيون تحدث معهم راديو دبنقا الطريقة التى اعتقل بها محمد احمد بالفظيعة والمريبة، حيث تم تطويق المنزل بعدد كبير من افراد الجيش يقدرون بحوالي 30 فردا ومن ثم اقتياده الى مقر الاستخبارات العسكرية والتحقيق معه. وذكروا ان التحقيق تم حول صفحة في الفيس بوك باسم (البديرى) تقوم بنشر فيديوهات ولايفات تدعم قوات الدعم السريع. وقد اطلق سراح محمد فى نفس اليوم عقب التحقيق معه وثبوت عدم ملكيته للصفحة ولادارته.
كما كشف حقوقيون عن اعتقال سلطات الاستخبارات الناشط السياسى سليمان محمد تلي عضو الحزب الشيوعى بولاية شمال كردفان يوم الاحد الموافق 16يوليو الحالي، وذلك لمنشوراته على صفحته في الفيس بوك التى يرصد خلالها الاحداث في ولاية شمال كردفان، حيث تواصل اعتقال سليمان تلى في سجون الاستخبارات دون توضيح اى اسباب الاعتقال حتى الافراج عنه بتاريخ 18يوليو الجارى.
وشدد حقوقيون على أن غياب الجهات العدلية المتمثلة في المحاكم والشرطة والنيابات تجعل بدء ومتابعة اجراءات الافراج عن المعتقلين صعبة جدا بل مستحيلا، ويسبب قلقا كبيرا حيال اوضاع المعتقلين والمماراسات التى تتم تجاههم اثناء تواجدهم فى المعتقلات.
ولاية جنوب كردفان:
وفى ولاية جنوب كردفان، اغتالت واعتقلت الاستخبارات العسكرية التابعة للواء 54 بمدينة الدلنج عددا من الناشطين منذ هجوم الحركة الشعبية على الدلنج بتاريخ 21 يونيو الماضي. عقب المعركة بين الجيش والحركة الشعبية حيث تعرض كل من المواطن سند عبد السلام أبو عاقلة شيخ إدريس رئيس لجنة الخدمات بحي التومات، محمد عبدالله تربل وعبد الرحمن أحمد ونيلا لاعتقالات بواسطة استخبارات الجيش بالدلنج وذلك بتهم تتعلق بتعاونهم مع الحركة الشعبية قيادة الحلو. كما اغتالت الاستخبارات بمنطقة الكرقل المواطن احمد سليمان الباشا داخل منزله بتاريخ 6 يوليو الجاري وفقا لمصادر محلية واطلقت سلطات الاستخبارات بالدلنج عن بعض المعتقلين بينما لا يزال البعض معتقلا كما لم تتوفر معلومات عن اعداد المعتقلين وما يجرى لهم فى داخل السجون.
ولايات شرق السودان:
اعتقلت الاستخبارات العسكرية في ولاية البحر الاحمر بشرق السودان الأستاذ محمد جعفر إبراهيم، عضو المكتب التنفيذي للجنة معلمي الولاية يوم الخميس الموافق ١٣/يوليو/ ٢٠٢٣م وذلك عقب توجيه رسالة لوالى البحر الاحمر مستنكراً فيها تأخير صرف الاستحقاقات المالية من مرتبات ومنحة العيدين، واطلقت سلطات البحر الاحمر سراح الاستاذ محمد جعفر لاحقا.
كما اعتقلت سلطات الاستخبارات فى ولاية البحر الاحمر الناشط المجتمعي ورئيس مركز اومكر للثقافة بالولاية محمد الامين محمد طاهر بمدينة بورتسودان بتاريخ 16 يوليو الحالي وذلك على خلفية آراء سياسية منشورة على صفحته في فيسبوك حيث افرج عن بعد ايام من اعتقاله.
وفى مدينة كسلا بشرق السودان اعتقلت سلطات الاستخبارات كل من منصور محمود على ويس عكاشة من هيئة النقابات المهنية بولاية كسلا بتاريخ 13 يوليو، على خلفية اعلان عن وقفة احتجاجية بكسلا تطالب بالمستحقات المالية للعاملين، واطلقت السلطات سراح الاستاذ يس عكاشة لاحقا.
ولاية نهر النيل:
وفى ولاية نهر النيل، اعتقلت الأجهزة الامنية (6) اشخاص بينهم محامي واعضاء في لجان المقاومة وذلك على خلفية موكب سيرته لجان المقاومة بمدينة عطبرة بتاريخ 30يونيو الماضي طالبت فيها بعودة العسكر للثكنات وحل قوات الدعم السريع، والذين اعتقلوا هم محمد يوسف، عبدالفتاح ميرغنى، ابيّ الصحابي اضافة إلى الناشط السياسى محمد شرف وتم احتجاز المعتقلين فى حراسات قسم الشرطة بعطبرة، كانت التحقيقات مع المعتقلين تدور حول الشعارات التى تمت رفعها فى الموكب (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل) واطلقت السلطات سراح جميع المعتقلين الخمسة فى وقت لاحق،كما اعتقلت سلطات الاستخبارات فى عطبرة فى مطلع يوليو الحالى المحامى عبدالماجد عيدروس على خلفية وقفة احتجاجية دعا لها عيدروس امام محكمة عطبرة لايقاف الحرب حيث اطلق سراحه لاحقا دون توجيه اى تهم ضده.
الولاية الشمالية:
وطالت الاعتقالات عددا من النشطاء في مدينة مروى بالولاية الشمالية حيث اعتقلت سلطات الاستخبارات العسكرية التابعة للفرقة (19) مشاة عددا من الناشطين بمروى منذ منتصف يونيو الماضى وذلك بتوجيه تهم تتعلق بمساندتهم لقوات الدعم السريع، شمل قائمة المعتقلين كل من مزمل محمد عثمان، زكريا بابكر وسليمان احمد خالد اعتقلوا فى مطلع يونيو الماضي، كما شملت القائمة كل من ابراهيم حزيمة عضو لجان مقاومة مروى الذى اعتقل فى 17يوينو،كما طال الاعتقال الناشط السياسي الشريف الحمدابي الذى اعتقل في الخامس من يوليو الجاري وتعرضه للتعذيب، واطلقت السلطات سراح المعتقل مزمل محمد عثمان فى منتصف يوليو الجارى بينما لا يزال البقية معتقلون في سجون الاستخبارات واكدت مصادر موثوقة ان التهم والتحقيقات مع المعتقلين تدور حول تعاونهم مع الدعم السريع ابان دخول قوة من الدعم السريع قبيل بداية شرارة الحرب في منتصف ابريل الماضي، واشارت الى الاعتقال جاء بإيعاز من اللجنة الامنية بالمحلية.