اشتباكات بورتسودان.. معظم النار من مستصغر الشرر
تعالت أصوات الذخيرة مساء الاثنين في حي ديم مدينة ببورتسودان جراء الاشتباكات التي بين قوة من الجيش وقوات حركات وأحزاب شرق السودان التي يقودها ضرار أحمد ضرار الشهير بشيبة ضرار بما فتح الباب مشرعاً أمام التكهنات ورسم سيناريوهات بالغة الخطورة.
وقال شيبة ضرار رئيس تحالف أحزاب وحركات شرق السودان، في تصريحات صحفية، إن قواته تعرضت لهجوم شنته قوة من الجيش قوامها ٥٠ لاند كروزر مساء الاثنين ببورتسودان.
وأضاف في تصريحات من داخل مقر قواته في حي ديم مدينة ببورتسودان يوم الاثنين( إن القوة المهاجمة أطلقت النار بكثافة ولكنها لاذت بالفرار بعد أن تصدت لها قوات مؤتمر البجا) .
وتابع (اطلقنا النار دفاعاً عن انفسنا). وقال إن الأحداث بدأت بعد أن نصبت قواته ارتكازاً لتفتيش المركبات مبينا إنهم ضبطوا شاحنة تحمل 700 جوال سكر بدون أوراق وأخرى تحمل أدوية.
وأوضح شيبة ضرار إنه نصب الارتكاز منعاٍ لوصول المواد الغذائية والأدوية إلى قوات الدعم السريع. وأضاف (هنالك طابور خامس في الولاية يعمل لصالح الدعم السريع)، وجدّد تأييده للقوات المسلحة التي تحارب في الخرطوم وقال (لا نعترف بالقوات الموجودة في البحر الأحمر داخل الغرف المغلقة).
ونشطت وساطات أهلية بين قيادة القوات المسلحة في بورتسودان وشيبة ضرار منذ مساء الاثنين لنزع فتيل التوتر.
انفجارات متوقعة
من جانبه قال فايز الشيخ السليك، المحلل السياسي و المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السابق، في مقابلة مع راديو دبنقا إن ما حدث في بورتسودان يكشف عن غياب كامل للدولة حتى في بورتسودان التي تمثل عاصمة مؤقتة. ولكنه أكد في الوقت نفسه إن ما حدث في بورتسودان محدود ويندرج في إطار الصراعات الداخلية بين الأطراف المؤيدة للجيش، مشيراً إلى علاقات شيبة ضرار الإيجابية بقيادة الجيش وبالناظر سيد محمد الأمين ترك.
وأعرب في حديث لراديو دبنقا عن استغرابه لوجود قوة مسلحة، بغض النظر عن حجمها، خارج إطار القوات النظامية، وتقوم بمهام الدولة في نصب الارتكازات والتفتيش .
وأشار إلى خطورة الأوضاع في الشرق وإنه مقبل على انفجار في حال عدم تدارك الأوضاع، ولفت إلى اعتقال جهاز الأمن لمجموعة من مكون معين في بورتسودان قبل ثلاثة أيام بسبب تنظيم اجتماع تفاكري، حيث تم تحويل المجموعة إلى الشرطة مما أثار احتجاجات وحذر من أن تؤثر هذه التطورات في استقرار في شرق السودان.
وأوضح إن الاشتباكات التي جرت بين الجيش وقوات شيبة ضرار في بورتسودان تأتي ربما على خلفية تسرب الاغاثات وبيعها في الأسواق الموازية.
وأكد إن شيبة ضرار جزء من المنظومة الحالية ولكنه لا يملك صلاحية إيقاف العربات ، وتساءل أين الشرطة وأين الجيش؟
انتقادات مستمرة
وظل شيبة ضرار يوجه الانتقادات لقيادة القوات المسلحة لتباطؤها في حسم الدعم السريع، كما ظل يوجه الانتقادات لحركات الكفاح المسلح التي تشغل قياداتها مناصب دستورية لإعلانها الوقوف على الحياد خلال الحرب الحالية، وخيرهم بين التخلي عن مواقعهم الدستورية أو مساندة الجيش.
وعينت السلطات في ولاية البحر الأحمر شيبة ضرار، بعد اندلاع الحرب في 15 ابريل، رئيساً للجنة التعبئة والحشد في ولاية البحر الأحمر لصالح القوات المسلحة في مواجهة الدعم السريع. حيث ظل يفتتح معسكرات التدريب في مختلف أرجاء مدينة بورتسودان وسط خطابات نارية ضد قوات الدعم السريع وانتقادات لحركات الكفاح المسلح.
وسطع نجم شيبة ضرار خلال قيادته لمؤتمر البجا في الداخل في بداية (الألفينات)، حيث قاد مظاهرات 29 يناير 2005 التي دفعت بمطالب تنموية وواجهتها السلطات حينها بالعنف المفرط مما أدى لمقتل أكثر من 20 شخصاً وإصابة آخرين.
ويرى الدكتور محمد المعتصم أحمد موسى، القيادي السابق في مؤتمر البجا الأكاديمي والباحث في الشئون السياسية، في مقابلة مع راديو دبنقا إن تلك المظاهرات عجلت بتوقيع اتفاقية شرق السودان بين الحكومة السودانية وجبهة الشرق بقيادة موسى محمد أحمد وآمنة ضرار ومبروك مبارك سليم.
وشغل شيبة ضرار عدد من المناصب الدستورية في ولاية البحر الأحمر في فترات مختلفة بعد توقيع اتفاق الشرق تراوحت بين مستشار الوالي والمعتمد، كما شغل موقع رئيس حملة ترشيح البشير في انتخابات 2020 التي أطاحت بها ثورة ديسمبر.
دعوة للتعامل بوضوح
وقال الدكتور محمد المعتصم أحمد موسى، الأكاديمي والباحث في الشئون السياسية، لراديو دبنقا إن الاشتباكات التي حدثت مساء الاثنين في بورتسودان تعكس عدم رضا شيبة ضرار عن الأداء العام بسبب ما وصفه بالتعامل بمعايير مزدوجة مع تحالف أحزاب وحركات الكفاح المسلح ، ولفت إلى إشارة ضرار بشأن البضائع والسلع والخدمات التي تتسرب وربما تصل إلى الدعم السريع. وأعرب عن استغرابه للتصديق لشحنات غذاء ودواء في ورقة (فلوسكاب).
ودعا الدكتور محمد المعتصم السلطات للتعامل بوضوح وبشكل مباشر مع شيبة ضرار وعدم تجاهله، والابتعاد عن استعراض القوة في مواجهته، ووصفه بأقوى المؤيدين للجيش والقوات النظامية حيث يترأس اللجنة العليا للاستنفار بولاية البحر الأحمر.
وبشأن وصف قوات مؤتمر البجا بالمليشيا، قال الدكتور محمد المعتصم لراديو دبنقا إن قوات شيبة ضرار لا تختلف عن قوات حركات الكفاح المسلح الموجودة الآن في بورتسودان وبقية أرجاء البلاد، وانتقد وقوفها على الحياد في الحرب الحالية في الوقت الذي يؤيد فيه شيبة ضرار الجيش.
وأكد الدكتور محمد المعتصم ضرورة حصر السلاح بيد القوات النظامية الرسمية وإن أي شخص أو جهة تحمل السلاح تعتبر مخالفة للدولة.
حميدتي جديد
من جانبه عزا أبو فاطمة اونور، الباحث في الشئون السياسية، ما جرى من اشتباكات في بورتسودان لوجود قوة مسلحة خارج الأطر الرسمية وأعرب عن ارتياحه لاحتواء الاشتباكات في فترة وجيزة و بدون خسائر في الأرواح.
وقال لراديو دبنقا إن ما جرى يوم الاثنين ربما يحمل رسائل سياسية لجهات المعنية مشيراً لحالة من التشنج في بورتسودان بسبب عدم تمثيل مواطني الولاية في الحكومة التي انتقل مقرها منذ اندلاع الحرب إلى بورتسودان.
وحول السيناريوهات المتوقعة، توقع أونور احتواء القوة وتحديد مساراتها، وقال إن وقوع الاشتباكات في الوقت الذي يترأس فيه ضرار رئاسة لجنة التعبئة والاستنفار يعتبر مفارقة خارج إرادة الطرفين ودعا للمزيد من الضبط والربط لتأمين المدينة تجنباً لتكرار ما جرى .
وأضاف (لا أحد يريد ميلاد حميدتي آخر في بورتسودان) ووجه نداء إلى شيبة ضراراً قائلاً إن الوضع الاستثنائي يستوجب تأجيل جميع القضايا إلى ما بعد الحرب).
قوة محدودة
من جانبه قلل الناشط خالد محمد نور في حديث لراديو دبنقا من خطورة تحرك شيبة ضرار مشيراً أنه يملك عدداً محدوداً من القوات مع عدم توفر التدريب والتسليح .
وأوضح إن شيبة ضرار ظل يستعرض اشخاص بالزي العسكري والأسلحة خلال الفترة الماضية ولكن الأمر لم يتجاوز تنظيم فعاليات داخل مقره.
وأضاف (وبعد تعيينه بقرار من والي الولاية كرئيس للجنة التعبئة والحشد اختلفت طريقة شيبة ضرار وخطاباته ومواقفه) وقال إنه كان من المتوقع أن ينازع السلطات النفوذ.) ولم يستبعد أن يمثل التحرك شرارة لعمل من خارج الولاية في ظل الحرب والتدخلات الإقليمية والتنازعات الداخلية ، وأكد إن كثير من الجهات تستغل الظروف التي تعيشها البلاد من تحلل وضعف لفرض رؤاها وتحقيق مصالحها.
وأعرب خالد عن استغرابه لتعيين شيبة ضرار رئيساً للجنة التعبئة والحشد في حرب تسعى للوصول إلى الجيش الواحد في الوقت الذي يمثل فيه شيبة ضرار أحد قادة المليشيات، وأشار إلى خطورة استغلال شيبة ضرار لهذا الموقع لتدريب وتسليح قواته وتوجيها لأهداف تخصه.
واستبعد خالد توجيه السلطات أي تهمة رسمية لشيبة أو اقالته من موقعه الحالي في لجنة التعبئة والحشد وتوقع حدوث ردود فعل واسعة لو أقدمت الحكومة على هذا الإجراء. ورجح أن تعمل السلطات على امتصاص شيبة ضرار وإشراكه فعلياً وإقناعه بعدم التحرك العسكري.