استهداف وملاحقة محاميين واعتقال مواطنين على أساس عرقي
أمستردام: 5 يوليو 2024: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
شنت قوة من الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة وقوات العمل الخاص في ولايتي النيل الأبيض وسنار، حملة مداهمات على مكاتب المحاميين وقامت باعتقال مجموعة منهم، بينما تحتجز السلطات في ولاية نهر النيل مواطنين على أساس عرقي.
من جانبها، أعلنت هيئة محامي دارفور وشركائها عن أنها باشرت مع محامين من سنجة والدندر ومدافعين حقوقيين، رصد الانتهاكات الواقعة على المدنيين. وعبرت الهيئة عن رفضها للاعتقالات على أساس إثني ترتكبها السلطات في ولاية نهر النيل، في وقت أدانت اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين السودانيين اعتقال محامين بمدينة ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض وولاية سنار.
وأكدت هيئة محامي دارفور وشركائها في بيان تحصل عليه “راديو دبنقا” إنها تعمل على رصد الانتهاكات الواقعة على المدنيين جراء هجوم الدعم السريع على مدينتي سنجة والدندر ووعدت بإصدار نتائج رصدها في بيان للرأي العام.
وفي سياق ذي صلة أكدت الهيئة اعتقال السلطات الأمنية بولاية نهر النيل، إبني الأستاذ الطاهر ضو البيت، عادل والصادق، بقرية الحرة (وحدة الكتياب) بواسطة شرطة الكتياب والاستخبارات العسكرية وتفتيش مسكن الأسرة وهواتف أفرادها وتم تقييد دعاوى جنائية في مواجهة عادل والصادق تحت المواد 50 و51 من القانون الجنائي لسنة 1991م بتهم تتعلق بتقويض النظام الدستوري.
والدهما مصاب بفشل كلوي:
واعتبرت الهيئة أن الأستاذ الطاهر ضو البيت وهو معلم بالمعاش من أعلام إقليم دارفور والسودان، ساهم في تربية وتعليم الأجيال المتعاقبة وظل في السنوات الأخيرة يعاني من مرض الفشل الكلوي والغسيل الدوري، وحاليًا يتلقى العلاج بريفي شندي وظل يعتمد على ابنيه (عادل والصادق) في متابعه علاجه.
وقالت الهيئة الحقوقية أن إبني الأستاذ الطاهر ضو البيت (عادل والصادق) تم القبض عليهما مع زملائهما من قرية الحرة وحدة الكتياب الإدارية، وتم توقيفهم جميعًا وبمراجعة وثائقهم الثبوتية تم الإفراج عن أبناء المنطقة واعتقال أبني الأستاذ الطاهر ضو البيت وكلاهما من مواليد دارفور (الفاشر، نيالا).
اعتقال على أساس إثني:
وقالت هيئة محامي دارفور وشركائها في البيان: إنَّها ظلت تكشف ممارسات التمييز الاجتماعي والجهوي وتحذر من خطورته، خاصة في ظل الحرب الدائرة واتخاذ الاشتباه مدخلًا لاستهداف المنحدرين من مناطق غرب السودان واعتقالهم وفتح بلاغات جنائية في مواجهتهم تحت مواد الجرائم الموجهة ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري.
من جهته نوه الأستاذ الطاهر ضو البيت “المعلم بالمعاش” في حديث لـ”راديو دبنقا” إنه لم يكن يود الحديث عبر وسائل الإعلام وتصعيد قضية اعتقال نجليه (عادل والصادق) الموقوفين بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل، وقال إنّه منذ اعتقالهما ظل صامتًا لم يدلي بتصريح لأي جهة، لكن اضطرته الظروف للخروج عن صمته الآن لأن أبنيه أكملا 75 يومًا في سجون الجيش والمباحث دون تقديمهما لمحاكمة أو إطلاق سراحهما.
غير أنه عبر عن أسفه أن عدد الذين كانوا معتقلين مع إبنيه يزيد عن الـ 120 شخصًا، وتم إطلاق سراح العديد منهم ووصل العدد إلى حوالي الثلاثين شخصًا، معظمهم من أبناء غرب السودان، وقال: من الواضح أن هذا الاعتقال على أساس جهوي بحت، ويأتي في إطار العمل الجهوي والعنصري الذي اجتاح السودان هذه الأيام، وأرجع ذلك إلى أنه سبب تأزم الحرب الدائرة هذه الأيام. وعبر عن أمله في حقن الدماء في كل البلاد وأن تتوقف الحرب.
من سجون الاستخبارات إلى المباحث:
وقال إن ابنيه تم اعتقالهما في الحادي والعشرين من أبريل الماضي تم استدعاؤهما لمركز الشرطة في منطقة الكتياب بولاية نهر النيل، على أساس أن هنالك بلاغًا تم تدوينه في مواجهتهم جميعاً مع أبناء الحي، وأضاف: تم اطلاق سراح أبناء الحي بعد الاطلاع على وثائقهم الثبوتية وتم إخلاء سبيل باقي أبناء المنطقة واحتجاز إبنيَّ عادل والصادق، بسبب أنها من مواليد دارفور “الفاشر ونيالا” وصادروا هواتفهما والسيارة التي كانا يستقلانها.
وذكر والد المعتقلين أن ابنيه تم تحويلهما لسجن الزيداب بعد يومين من الاحتجاز وفي تلك الأثناء ظل يبحث عنهما، بعدها علم أنهما تم تحويلهما إلى استخبارات المدفعية عطبرة وظلا في سجونها قرابة الـ 45 يومًا، بعدها تم تحويلهما إلى إدارة المباحث المركزية بقسم شرطة عطبرة.
وأوضح في هذه الفترة، حضرت قوة قوامها عشرة أفراد من الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني إلى المنزل وقامت بتفتيشه وتفتيش هواتف أفراد العائلة، وأضاف أنهم تعاملوا بكل احترام، بمستوى متحضر ولم يسيئوا لشخص، وتعاملوا وفق الأسس والضوابط التي جاءوا بها، واعتذروا عن هذا الإجراء وانصرفوا.
75 يوم في الاعتقال:
وعبر المعلم الطاهر ضو البيت في حديثه لـ”راديو دبنقا” عن أسفه لأن ابنيه ظلا في إدارة المباحث المركزية بشرطة عطبرة دون تقديمهما لمحاكمة ولم يطلق سراحهما بالضمان أو اتخاذ أي إجراء وظلا محتجزين قرابة الشهر، وقال إنَّ هذه الفترة طويلة جدًا وهم اسرة وهو الآن يعاني من مرض الفشل الكلوي ويقوم بعمليات غسيل دوري ويعتمد على ابنيه في كل علاجه في رحلته العلاجية اليومية.
متابعات الهيئة:
وكشفت الهيئة في بيانها: إنَّها تشاورت مع الزملاء المحامين من أبناء عطبرة لتشكيل هيئة دفاع عن إبني الأستاذ الطاهر ضو البيت، عادل والصادق، وعن جميع المعتقلين والمقبوضين الآخرين وستتقدم بمذكرة للنائب العام لإعمال سلطاته لإيقاف ممارسة الانتهاكات الجسيمة للمتأثرين بالاعتقال والقبض خارج نطاق القانون تحت غطاء الاشتباه.
تسيرية نقابة المحاميين:
في اتجاه آخر أدانت اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين السودانيين اعتقال السلطات بولاية النيل الأبيض بواسطة قوة من الاستخبارات العسكرية، كل من المحاميين أنور هجو وإبراهيم يوسف الحارن وعلي وفضل.
وقالت النقابة في بيان صحفي تحصل عليه “راديو دبنقا” إنَّ حملة إرهاب المحامين واعتقالهم تواصلت خلال الأيام الفائتة بولاية النيل الأبيض، وأشارت إلى أنه بعد اعتقال المحاميين الأربعة، واصلت قوة من الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن مداهمة عدد من مكاتب المحامين بمدينة ربك والبحث عنهم، واعتبرت تلك الخطوة فيها تجاوز واضح لسلطاتها و لقانون المحاماة و الحصانة التي يتمتع بها المحامي وفقاً للقانون.
وتعهدت اللجنة الحقوقية بمواصلة العمل على حماية منسوبيها والوقوف بقوة لمواجهة كل الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوداني فى ظل هذه الأوضاع التى تزيد من معاناتهم كل يوم.
العمل الخاص:
اعتقلت السلطات بولاية النيل الأبيض، بحسب صحيفة “الهدف”، المحامي الفاضل آدم أحمد الدقناوي، القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) وتجمع المحامين الديمقراطيين، ووكيل نقابة المحامين بولاية النيل الأبيض، ونفذت عملية الاعتقال قوة من جهاز الأمن والاستخبارات ومجموعة من العمل الخاص من مكتب أحد المحامين بمدينة ربك واقتادته إلى جهة غير معلومة.
وداهمت ذات القوة عددًا من مكاتب المحامين بسوق ربك واعتقلت حسب مصادر “الهدف” ثلاثة منهم بطريقة مهينة كما وصفها شهود عيان، واقتادتهم معصوبي الأعين.
من جهته أكد عضو اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين السودانيين محمد عبد المتعال جودة المحامي، إنَّهم يتابعون عن قرب تطورات الأحداث المتلاحقة بين طرفي الصراع، وتأثيرها على المحاميين السودانيين، وقال: نتابع عن قرب تطورات عديدة، وعبر عن أسفه أن الآثار مازالت أوسع وأفظع بالنسبة للمواطنين العزَّل.
وقال محمد عبد المتعال جودة متابعتهم لمعاناة المحاميين في سنجة وما حولها وولاية سنار وولاية النيل الأبيض، وأكد أن هنالك استهداف واضح من قبل طرفي الصراع للمحاميين، مشيرًا إلى هنالك حملة شرسة تتم في مدينة ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض، وقال إنَّ الإحصائية الأولى أسفرت عن اعتقال أربعة محاميين.
انقطاع التواصل:
واكد أن هنالك قوة مشتركة من الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني وجهاز المخابرات العامة، تقوم بحملات مداهمة لمكاتب المحاميين الذين لم يتم القبض عليهم لكن يتم ترويع أسرهم وإرهابهم للإدلاء بمعلومات عن أماكنهم، واعتبر أن ذلك استهداف يهدف لخلق نوع من الأزمات الحقيقية في مواصلة عملهم.
كما كشف عن انقطاع التواصل مع عدد كبير من المحاميين في محلية سنجة منذ أول يوم للأحداث. وقال جودة رغم علمهم بالقبض على بعضهم إلا أن هنالك أخبار متواترة عن حدوث أضرار لبعضهم لم يتمكنوا من جمع معلومات عنها، واعتبر أن الاستهداف للمحاميين يتم من الطرفين، القوات المسلحة والدعم السريع.
وأوضح عضو اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين أن السلطات استهدفت المحامي محمد الأمين محمد في مدينة سنار مع بداية الأحداث. وقال إنَّهم في اللجنة التسيرية يحاولون متابعة هذا الأمر وكذلك مع المفقودين من المحاميين كما يتابعون مع العديد من الجهات التي يمكن أن تتوفر لديها معلومات للاطمئنان على وصولهم لمناطق آمنة.
عدم الافلات:
وأكد المحامي والمدافع الحقوقي، أنهم سيظلون كمحاميين متلاحمين مع قضايا شعبهم ويشكلوا حائط صد رئيسي لمنع وقوع الانتهاكات، أو على الأقل رصد ما يقع منها وما يمكن أن يتم في المرحلة القادمة، وتعهد بعدم التخلي عن ملاحقة الجناة، وأكد عزمهم على ألا يتكرر الإفلات من العقاب مرة أخرى.
وأشار إلى أنهم يتابعون، الواقع والأحداث بعد دخول قوات الدعم السريع إلى مدينة سنجة حاضرة ولاية سنار، وما صاحبه من انتهاكات عديدة طالت أرواح المواطنين واملاكهم وقال: هذا الواقع يجب التعامل معه بجدية لأثره على الاضطراب الذي يمكن أن يحدث للمواطنين والأهالي، وقد حدث بالفعل مشيرًا إلى حركة النزوح لمناطق مجاورة آمنة والاتجاه لمناطق بعيدة أكثر أمانًا، وكان هنالك غياب لوسائل المواصلات التي زادت المعاناة.
وأكد أنهم يتابعون عن قرب مع المحاميين ومجموعة غرف الطوارئ على طول الطريق مشيدًا بموقفهم كونهم يعملون في ظروف صعبة، في مدن السودان المختلفة رغم استهدافهم أنفسهم وخطورة الأوضاع عليهم، وقال: لكنهم ظلوا مع المواطنين، يساعدون ويقدمون ما لاي مكن تقديمه.