استهداف المدنيين من قبل الجيش والدعم السريع، ايهما أفضل اخلاقا؟
منذ بداية الحرب تعالت أصوات بعض المدنيين بالشكوى من استهدافهم بالاستجواب على الارتكازات بشكل انتقائي وبناء على شكلهم ومنحدرهم العرقي. ولم يتوقف الامر على الاستجواب وتعداه الى الاحتجاز بشكل غير قانوني، بل وحتى القتل كما حدث في ابوحمامة لشاب أطلق عليه الجيش النار بعد سؤاله عن قبيلته.
كذلك تظهر بيانات تدين استجواب واعتقال اعتقال لجان المقاومة بصورة منافية للقانون.. وتتوزع المسئولية هنا بين الجانبين الجيش والدعم السريع.
برنامج “من جهة أخرى” الذي يذاع صباح كل يوم سبت من راديو وتلفزيون دبنقا أجري استطلاعا مبسطا لتلمس اراء المواطنين
على منصات دبنقا على وسائل التواصل الاجتماعي. ظهر من الاستطلاع أن قرابة الـ 80 بالمائة من المشاركين لا يعتقدون أن الجيش السوداني يستهدف المواطنين المدنيين على أساس عرقي. مقابل 21 بالمائة يقولون بأن الجيش بالفعل يستهدف المواطنين على هذا النحو.
وضعنا نتائج الاستبيان أمام الطرفين وعلى نشطاء وحقوقيين، إضافة لعسكريين ومنتمين للدعم السريع.
التزام صارم بالقانون
يقول اللواء حقوقي معاش احمد إبراهيم أم بدة في رد مكتوب يؤكد فيه حرص القوات المسلحة السودانية على الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الانسان.
وأوضح أن المؤسسة العسكرية تلزم جميع افرادها بالتقيد بأحكام تلك التشريعات وحماية المدنيين دون تمييز بينهم بسبب العرق او الدين او الاصل او الجنس او الرأي السياسي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي.
ومضى اللواء أم بدة بالقول إن كافة المؤسسات التعليمية العسكرية ممثلة في الكليات والمعاهد والمدارس ومراكز التدريب العسكرية حرصت على ادخال مادة القانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الانسان في مناهجها التعليمية ويتدرج تدريب الضباط وضباط الصف والجنود. وعلى التطبيق العملي لأحكام هذه القوانين في الدورات الحتمية في الكلية الحربية ودورات قادة فصائل وسرايا وكتائب والوية اضافة لتدريس هذه القوانين لدارسي دورات كلية القادة والاركان والاكاديمية العسكرية العليا لزمالة دورتي الحرب والدفاع ودراسي ماجستير التخطيط الاستراتيجي بكلية الدفاع.
محاكمة عسكريين
واستشهد بتجربته الشخصية أثناء عمله بالقوات المسلحة قائلا:
“عندما كنت مستشارا قانونيا للفرقة السادسة مشاة اصدرت حكمين بالسجن لمدة عشرة اعوام في مواجهة جنود ادينوا بمخالفة الاحكام المتصلة بالقانون الدولي الانساني في مدينة الفاشر وارشيف المحكمة العسكرية بالفاشر يتضمن محاضر هذه الاحكام.
خلاصة القول ان القوات المسلحة السودانية تحرص على تدريب افرادها وتلزمهم باحترام احكام القانون الدولي الانساني وتردع بالقانون من يخالف احكام القانون الدولي الإنساني”.
ورغم هذه الإجراءات الواضحة لضمان الأداء المحترف لأفراد القوات المسلحة وضباطها، إلا أن الممارسة، خاصة في ظروف الحرب يمكن أن توقع الافراد والقيادات في ارتكاب أخطاء وتجاوزات تدخل في باب مخالفة القانون وخرق المعاهدات الدولية التي التزم بها السودان ووقع عليها.
الاستخبارات تعتقل مدنيين
في اثناء اعداد هذا المقال اعتقلت سلطات استخبارات الفرقة 19مشاة مروي بالولاية الشمالية عدد من اعضاء لجان المقاومة بينهم سليمان احمد خالد عضو تنسيقيه لجان مقاومة محلية مروي يوم الثلاثاء.
وقالت تنسيقية لجان مقاومة مروي في بيان ان سلطات استخبارات الفرقة 19 مشاة بمروى استدعت سليمان الى مبانيها واحتجزته دون ذكر أي مبررات الاعتقال واوضح البيان ان التواصل مع عضو التنسيقية سلمان انقطع منذ اعتقاله يوم الثلاثاء بعد اغلاق هاتفه وطالبت التنسيقية بإطلاق سراحه فورا او تقديمه ورفاقه لمحاكمة عاجلة.
من ناحيتها نفت قوات الدعم السريع الاتهامات الموجهة لها باستهداف المدنيين اثناء الحرب على أساسي عرقي، واستهداف المدنيين عموما وممارسة العديد من الانتهاكات ضدهم مثل الاستيلاء على الممتلكات والبيوت والاغتصاب، كما تقول الكثير من شكاوى المواطنين من هذه القوات.
طرف ثالث
ونفى يوسف عزت المستشار السياسي لقائد الدعم السريع ارتكاب الانتهاكات بالصورة التي يتحدث عنها الناس. وأضاف بأن هناك جهات أخرى ترتدي زي الدعم السريع هي التي تقوم بهذه التجاوزات ضمن عمل منظم وممنهج مستشهدا بحوادث دخول منزل عبد الله خليل والفنان ابوعركي البخيت ودار الحزب الشيوعي السوداني بالخرطوم، مضيفا ليس للدعم السريع ما يبحث عنه في هذه الأماكن وهذا عمل استخبارات.
أما عن استيلاء الدعم السريع على المنازل فهي ذريعة بحسب ما قال يوسف عزت المستشار السياسي لحميدتي لقصف بيوت المواطنين. وأضاف بأنهم شكلوا ما سموه قوة حماية المدنيين التي لها خط ساخن يمكن للجميع الاتصال علية عند الحاجة.
أما الهجوم على السفارات ومقار البعثات الأجنبية فينسبه يوسف عزت لقائدين من الدعم السريع انضما للقوات المسلحة ودخلوا الخرطوم بزي الدعم السريع بخطة خلق شرخ بين قوات الدعم السريع. وأقر بأن الدعم السريع يسيطر على العاصمة ولكن ليس له إمكانية التحول لقوة شرطية لمنع هذه التجاوزات إلا بعد السيطرة الكاملة على كافة مداخل ومخارج الولاية.
فظاعة الاغتصاب
وحول موضوع الاغتصابات التي نسبت لقوات الدعم السريع فيذكر يوسف عزت بأنهم فشلوا في الوصول لأي ضحية في خضم عملية التحقيق التي اجروها. وأبدى استعداد الدعم السريع للتعاون في أي تحقيق سيجري مؤكدا أن جريمة الاغتصاب جريمة كبيرة وفظيعة لا يمكن التساهل معها.
وحول هذا الخصوص تحدث راديو دبنقا أيضا للمستشار الأمني للدعم السريع علي الطاهر الذي نفى صحة أي اخبار تتعلق بتجاوزات لقوات الدعم السريع. وقال إن قوات الدعم السريع تحرص على محاسبة أي متهم بأي نوع من التجاوزات بحق المواطنين مشيرا إلى وجود ما يفوق المائتين من عساكر الدعم السريع بالمعتقلات على خلفية اتهامات بارتكاب تجاوزات بحق المواطنين. مشيرا على أن افراد الدعم السريع ليسوا بالملائكة ولكن كل من يرتكب تجاوز يتعرض للمحاسبة.
الجيش تاريخ من التجاوزات
من ناحيته تحدث لبرنامج من جهة أخرى الناشط والقانوني الصادق عيسى حمدين حول استهداف المدنيين. واستعرض حوادث مشهورة تم فيها استهداف الموطنين على أساس عرقي من قبل الجيش مثل هجوم الجبهة الوطنية المتحدة على الخرطوم في العام 1976 والتي عرفت بأحداث المرتزقة والتي تمت فيها تصفية عدد من المواطنين الأبرياء على الهوية مثلما حدث للاعب كرة السلة والمغني وليام اندريا.
واستشهد الصادق عيسى بدخول قوات خليل إبراهيم للخرطوم وما اعقبها من استهداف الجيش السوداني للمواطنين من غرب السودان على أساس عرقي بتهمة مشاركتهم في هذه الحرب.
وحول قوات الدعم السريع يقول الصادق عيسى ان استهداف المواطنين على أساس عرقي يعتبر واحدا من اساسيات عملها حين نشأت من الجنجويد في إقليم دارفور، وألقى باللوم على نظام المؤتمر الوطني والإسلاميين الذين استعانوا بميلشيات الجنجويد التي صارت الدعم السريع لاحقا، وأيضا قاموا بتسييس وأسلمة الجيش مختتما بأن لا فرق بين الجيش والدعم السريع في نهج عملهما في استهداف المواطنين على أساس عرقي.