استراتيجية مزدوجة لمفوضية حقوق الإنسان
امستردام: ٢٦ يونيو ٢٠٢٤: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري
أكد نائب ممثل المفوض السامي لحقوق الانسان للمكتب القطري الخاص بالسودان، فريد حمدان، أن جريمة التعذيب محظورة في كل المواثيق والمعايير الدولية، وأن عمل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بعد اندلاع حرب 15 أبريل 2023 سلط الضوء على إستراتيجيتين للعمل في السودان.
وقال حمدان في كلمة ألقاها في افتتاح ورشة عمل الإسفيرية بمناسبة اليوم العالمي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، ، أن الاستراتيجيتين تتعلقان بتعزيز الرصد والرقابة على حقوق الإنسان في السودان من خلال التواصل مع كافة الاصدقاء والشركاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والضحايا والشهود.
بينما تتعلق الاستراتيجية الثانية والمعنية بالتقصي وجمع المعلومات وقال إنَّ مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان أرسل عديد من البعثات لجمع المعلومات إلى تشاد وجنوب السودان، وقال إنَّ البعثة الثانية كانت في فبراير، مارس الماضي، لتسليط الضوء على أحداث اردمتا والجنينة، وأخرى لجمع معلومات إلى إثيوبيا.وأشار إلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان أيضًا فتحت مكتب جديد في شرق تشاد لإجراء مقابلات مع الضحايا.
اليوم العالمي:
وأحيت اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين السودانيين بالشراكة مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في السودان، أمس اليوم العالمي للأمم المتحدة لضحايا التعذيب والذي يصادف السادس والعشرين من يونيو من كل عام، وذلك من خلال لقاء إسفيري ضم عدد من المحاميين ومدافعي حقوق الإنسان وقادة المجتمع المدني.
قال فريد حمدان أنهم أنشأوا مكتبهم القطري في نيروبي لرصد ورقابة حالة حقوق الإنسان وليكونوا قريبين للعمل مع كل أطراف المجتمع المدني السوداني ومدافعي حقوق الإنسان والنشطاء السودانيين بالخارج، من أجل التنسيق والتواصل، وألمح إلى أن المكتب القطري مفتوح لقبول الشكاوي من الأفراد والمجموعات في الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان واعتمادها بعد التحقق والتوثيق منها لدى مكتب المفوض.
واعتبر أنه في إطار مسار الاستراتجي الأول والذي يركزون فيه على عملهم بتسليط الضوء على التواصل مع الشركاء في منظمات المجتمع المدني بشكل حثيث خلال الفترة الماضية، وقال أنهم قاموا ببناء القدرات والتواصل مع كافة شرائح المجتمع المدني، ونشطاء حقوق الإنسان رغم ما وصفه بالمرارة لما يحدث في السودان، أن مكتب المفوض يعزز تواصله لتسخير الجهود لوضع حد للأزمة. وعبر عن تطلعه في المزيد من التواصل والتعاون مع كآفة الجهات المعنية داخل وخارج السودان.
وقال إنَّ الكابوس الذي يعيشه السودان، نتيجة أزمة متراكمة تفاقمت نتائجها أدت إلى الحرب الدائرة الآن والتي شوهت معالم المنطقة، مشيرًا إلى أن المنطقة العربية عانت كثيرًا من الحروب نتيجة لغياب القانون والتهميش والإقصاء.واعتبر أن اليوم العالمي مناسبة مهمة تأتي تأكيدًا على مساندة الضحايا لأنهم موجودين عبر التاريخ.
ممثل تسيرية النقابة:
من جهته اعتبر ممثل وعضو اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين السودانيين محمد عبدالمتعال جودة المحامي، أن العلاقة بين اللجنة التمهيدية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان علاقة تعاون وتنسيق وتعزيز الشراكات مع مكتب المفوض، فيما يتعلق بالرصد والرقابة لحالة حقوق الإنسان، وأثنى على مكتب المفوض مساهمته في تأهيل عدد من المحاميين.
وأرجع جودة سبب ارتفاع وشيوع جريمتي الاختفاء القسري والتعذيب بسبب الحرب الدائرة الآن في السودان، وأعتبر أن أحياء اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب بداية تواصل مع المكتب القطري ليس لرصد وتوثيق حالة حقوق الإنسان فقط بل لمنع وقوع الانتهاكات.
ونفى أن يكون السودان قد سبق وقدم تقرير في الفترة الماضية عن حالات تتعلق بضحايا التعذيب، لكنه تعهد بالقيام بذلك من خلال التنسيق والتعاون بين المجموعات المختلفة من نشطاء ومدافعي حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني ومختلف الكيانات والتحالفات والجهات المتعددة، لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
وذكر جودة أن السودان وقع وصادق على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أوالعقوبة أو اللاإنسانية أو المهينة، مع الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وذلك في العام 2021أي إبان الفترة الانتقالية. ودخلت الاتفاقيتان حيز التنفيذ في التاسع من سبتمبر 2021م، إلا أنه لم يصادق على البرتكول الاختياري المتعلق بتنظم الاجراءات.أي تضمين الاتفاقية في القانون السوداني.
من اعلان إلى اتفاقية:
من جهته اعتبر العضو السابق في اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب عبدالرحمن الهاني والذي قدم ورقة عمل مفصلة عن مسار الاتفاقية وموقف السودان منها، أن الاتفاقية مرت بمخاض عسير وجدال طويل وأخذ ورد ولجان خبراء تجتمع وتنفض، وقال أن ذلك استمر لسنوات.
وقال الخبير القانوني، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد أقرت في البداية إعلان مبادئ في العام 1966م، بحظر التغذيب وأصبح مصدر من المصادر لأنه تضمن مجموعة من الأحكام التفصيلية، وأضاف في هذا الإعلان خرجنا من صيغة النص الوارد من العهد الدولي من المادة 7 إلى إعلان مفصل لكذا مادة من إثني عشر مادة فيها التعريف بالتعذيب والتزامات الدول.لكنها ظلت في شكل إعلان مبادئ، مشيرًا إلى أنه في العام 1984 حدث تحول من نص ملزم إلى اتفاقية تفيصيلية.
وأكد على أن السودان من الدول الأولى بل من أوائل الدول العربية التي وقعت بالأحرف الأولى على اتفاقية مناهضة التعذيب منذ يونيو سنة 1986م، قبل أن تدخل حيز النفاذ لدى الأمم المتحدة بعام أي في يونيو 1987م، واعتبر أن ذلك التوقيع في مفهوم القانون الدولي، له قيمة قانونية كبرى أخلاقية بالتوقيع في نص دولي أي أن الدولة عبرت عن إرادتها السياسية، وتابع: فأول التزام أخلاقي هو أن تمتنع عن القيام بكل فعل منافي لذلك النص.
غير أنه أعاب على السودان أنه منذ تصديقه على الاتفاقية في العام 1986 لم يتخذ جميع الإجراءات التشريعية والقانونية والإجرائية إلتي تنهي إلى حظر التعذيب، وقال إنّ السودان لم يصادق على اتفاقية مناهضة التعذيب إلا في مرحلة متأخرة في عام 2021م.
وقال كان على السودان بموجب التوقيع على الاتفاقية أن يمتنع عن ممارسة جريمة التعذيب وأضاف بالطبع السودان لم يلتحق إلا في 10 أغسطس سنة 2021 وامتدح دور الخبير القانوني د. عبدالسلام سيدأحمد والذي وصفه بأحد قدماء المفوضية السامية لحقوق الإنسان السابق، وكذلك القاضي السابق اسماعيل التاج، الذين قال بأنهما لعبا دورًا بارزًا في حمل حكومة السودان الانقالية للتوقيع على البرتكول الاتفاقية.
وقال أن السودان من عادته يوقع على الاتفاقيات في المراحل الانتقالية وذكر على سبيل المثال التوقيع على الاتفاقية بالأحرف الأولى في العام 1986م، فترة الديمقراطية الثالثة، والتوقيع الأخير في 2021 أثناء الفترة الانتقالية.
واعتبر الخبيرعبدالرحمن الهاني أن اختيار هذا اليوم من الجمعية العامة للأمم المتحدة يعني أن اليوم العالمي موجه لمساندة ضحايا التعذيب والتضامن معهم.وأضاف أن البرتكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب تم اعتماده في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2002م.
من جتههم اعتبر عدد من المتداخلين في الورشة أن منع الاغاثة عن النازحين في السودان وحرمان المدنيين من حريتهم في الحركة، من قبل الأطراف المتحاربة، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إنما يمثل شكل من أشكال التعذيب الممنهج والجماعي والإبادة الجماعية لشعب أعزل.
وطالب الحاضرون باعتماد الشكاوي الفردية والمقدمة أيضًا من النشطاء وأن تقوم اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين السودانيين، بالتقصي والتحقيق بتجميع الوقائع عن التعذيب واعتبروا أن ذلك يضع مسؤولية أمام اللجنة في التحرك لإجراء التتقصي وجمع المعلومات ورفع التقارير.