استئناف العام الدراسي في جنوب دارفور.. مخاوف وتساؤلات
نيالا-4 فبراير 2024 :راديو دبنقا
أكد مدير عام وزارة التربية والتوجيه المكلف بولاية جنوب دارفور، عمر آدم عمر، إن الولاية بدأت ترتيباتها في المدارس اليوم الأحد من أجل استئناف العام الدراسي في جميع المراحل يوم الأحد المقبل الموافق 11 فبراير، فيما تباينت آراء المعلمين بشأن الخطوة.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسف” في إحصائية بعد مرور ستة أشهر من اندلاع الحرب فإن نحو 19 مليون طفل في السودان باتوا خارج المدارس، محذرة من “كارثة لجيل بأكمله”.
وقالت المنظمة في بيان لها في أكتوبر الماضي إن حوالي 6.5 ملايين طفل فقدوا إمكانية الوصول إلى المدرسة جراء تزايد العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، مع إغلاق 10 آلاف و400 مدرسة على الأقل في المناطق المتضررة من النزاع. وينتظر أكثر من 5.5 ملايين طفل يقيمون في مناطق أقل تأثرا بالحرب، أن تؤكد السلطات المحلية إمكانية إعادة فتح المدارس.
عقبات إدارية
وقال مدير عام الوزارة لراديو دبنقا إن الوزارة تعمل تحت إشراف الوالي الذي عينه رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، وإن أمين عام الحكومة الذي عينه الوالي يباشر من نيالا مع الوزارة ترتيبات فتح المدارس حيث عقد اجتماعاً مع المعلمين بالوزارة.
وأوضح إن قوات الدعم السريع تسيطر على الولاية عسكرياً لكنها لا تتدخل في الجانب المدني وأضاف (لم نتشاور مع الدعم السريع لفتح المدارس).
وتسيطر قوات الدعم السريع على نيالا منذ أكتوبر الماضي، فيما اصدر البرهان قراراً بإنهاء تكليف والي جنوب دارفور وعدد من الولاية.
من جانبه قال الأستاذ حافظ احمد عمر وهو معلم بالوزارة لراديو دبنقا إنهم كعاملين في الخدمة المدنية لا علاقة لهم بالحرب وإنهم سيعملون على استئناف الدراسة في المدارس إلى أن يصدر قرار بمنعهم مبيناً إن استئناف الدارسة يمثل مطلباً للمجتمع والمدنيين، وأشار إلى استمرار العملية التعليمية في كثير من البلدان التي تشهد حرباً.
وبالمقابل أشار الناشط السياسي شمس الدين أحمد صالح لراديو دبنقا إلى تساؤلات حول مدى قانونية القرار وهل مدير التعليم يستمد شرعيته من حكومة بورتسودان ام من سلطة الأمر الواقع ” الدعم السريع”. مشيراً في الوقت ذاته إلى نهاية فترة خدمة مدير التعليم وفقاً لقانون الخدمة المدنية منذ أكتوبر الماضي وينبغي أن يكون في إجازة أخيرة للمعاش.
إجراءات وترتيبات
وأكد مدير عام وزارة التربية والتوجيه المكلف بولاية جنوب دارفور عمر آدم عمر لراديو دبنقا إن القرار جرى اتخاذه بعد دراسة وتشاور مشيراً لعدم وجود أي إشكاليات في جميع المحليات عدا نيالا ورهيد البردي بسبب وجود النازحين في المدارس، وأكد إن جميع النازحين هم من داخل الولاية وتوقع عودة بقية النازحين من خارج الولاية بعد فتح المدارس.
وبحسب تقارير منظمة الهجرة الدولية فإن عدد النازحين في البلاد جراء الحرب بلغ أكثر من 7 ملايين فيما لجأ أكثر من مليون ونصف إلى خارج البلاد.
وأوضح عمر إنهم يدرسون دمج المدارس في نيالا بسبب نزوح عدد كبير من الأسر والتلاميذ والمعلمين، وأشار إلى استقرار أوضاع المدارس في المحليات خارج نيالا وإن الدراسة استؤنفت فعلياً في عدد منها قبل أسبوعين.
مرتبات المعلمين
وبشأن مرتبات المعلمين، أكد مدير عام الوزارة إن الوالي المكلف يعمل من بورتسودان على توفير مرتبات شهر يونيو بعد صرف مرتبات ابريل ومايو بصورة جزئية. وأوضح إن الوالي المكلف أعرب عن ارتياحه لصدور قرار استئناف الدراسة ومن المقرر أن يصل إلى الولاية قريباً.
ولم يصرف معظم العاملون في الخدمة المدنية في معظم أرجاء البلاد مرتباتهم لأشهر بسبب الحرب الدائرة في البلاد. وأكدت لجنة المعلمين أن توقف الرواتب منذ 15 أبريل الماضي انعكس سلبا على المعلم اقتصاديا واجتماعيا، وهو ما أجبر المئات منهم على البحث عن مهن بديلة وهامشية.
و يرى الأستاذ عبد الله إسماعيل مدير تعليم المرحلة المتوسطة في محلية الملم في استطلاع أجراه راديو دبنقا صعوبة استمرارية العملية التعليمية في الولاية لأسباب كثيرة من بينها عدم صرف المعلمين سوى نصف مرتب شهر واحد منذ اندلاع الحرب.
من جانبه يصف الدكتور آدم أحمد القرار بأنه إيجابي، ولكنه أشار إلى صعوبات في تنفيذه في ظل عدم صرف سوى مرتب شهرين منذ اندلاع الحرب.
تعرض مباني وزارة التربية للتدمير والنهب – مايو 2023 – المصدر صفحة حكومة اقليم دارفور على فيسبوك
نهب المدارس
وأقر مدير عام وزارة التربية بولاية جنوب دارفور في مقابلة مع راديو دبنقا بوجود صعوبات تتعلق بتأثيث الفصول والمكاتب في المدراس التي فقدت الأثاث في نيالا مبيناً إن منظمة اليونسيف ساهمت بتوفير 50 منضدة و150 (كنبة ودرج) بجانب مساهمات من بقية المنظمات، وأشار إلى عدم تضرر مدارس بقية المحليات.
وأكد إن الولاية ستستفيد من تجاربها في استمرار التعليم خلال فترة الحرب التي شهدتها دارفور واستمرت ل20 عاماً الجلوس على الأرض وفي المباني غير الثابتة.ودعا جميع أبناء الولاية لتضافر الجهود من أجل توفير مستلزمات تسيير المدارس.
من جانبه يؤكد الأستاذ عبد الله إسماعيل مدير تعليم المرحلة المتوسطة في محلية الملم إن مدارس المحليات لم تتأثر بصورة كبيرة جراء الحرب.
من جهته قال الدكتور آدم أحمد إن بعض المدراس تعرضت لتدمير لبنيتها التحتية ولا يمكن أن تستأنف الدراسة فيها إلا في حالة دمجها مع المدارس التي لم تتضرر. فيما أشار الناشط شمس الدين أحمد صالح إلى عدم توفر الكتاب المدرسي بسبب تعرض مخازن وزارة التربية واليونسيف للنهب فى ظل الفوضى العارمة بجانب نهب أثاث وأسقف بعض المدارس. كما تعاني وزارة التربية من عدم توفر الأثاث المكتبي.
مخاوف من القصف الجوي
وأعرب الدكتور آدم أحمد عن مخاوفه من تعرض المدارس للقصف الجوي .
وظلت مدينة نيالا تتعرض للقصف بواسطة الطيران الحربي بصورة متكررة مما أدى لسقوط ضحايا مدنيين
وقال الناشط السياسي شمس الدين أحمد صالح إن بعض أولياء الأمور مازالوا يتوجسون من العامل الأمني وخاصة طلعات الجوية للطيران الحربي التي قال إنها تستهدف مؤسسات الخدمة وربما تقصف المدارس أثناء وجود التلاميذ.
معالجات وحلول
ويصف الأستاذ حافظ احمد عمر في مقابلة مع راديو دبنقا قرار استئناف الدراسة بأنه إيجابي خاصة بعد مرور 6 اشهر على العام الدراسي وتبقى ثلاثة أشهر من نهايته وأعرب عن مخاوفه من فقدان التلاميذ أبجديات التعليم وأسس التربية.
وأوضح إن كل المواطنين ميسوري الحال سافروا إلى خارج السودان لتعليم أطفالهم والذين بقوا في الولايات يحتاجون إلى استئناف الدراسة لحماية أطفالهم وقال يجب أن نوفر جواً تعليمياً وانشطة مدرسية للأطفال.
وأقر بوجود صعوبات وعقبات تتمثل في نزوح عدد كبير المعلمين، وعدم توفر مبالغ لتسيير المدارس ، وتعرض بعض المدارس للنهب .
وقال إن الحلول المقترحة تتمثل في تجميع الطلاب ودمج المدارس، والتباحث مع أولياء الأمور للوصول إلى الحلول بشأن توفير مبالغ التسيير ، بجانب إخلاء بعض النازحين من المدارس في نيالا . وأكد عدم وجود إشكاليات في بقية المحليات عدا محلية رهيد البردي.
صعب التنفيذ
من جانبه أكد الناشط السياسي شمس الدين احمد صالح صعوبة تنفيذ القرار في الوقت الحالي بسبب عدم صرف المرتبات سوى 60 في المائة من مرتب ابريل. ونزوح ولجوء عدد كبير من المعلمين مما يتسبب في نقص في الكثير من التخصصات
وقال لراديو دبنقا إن ارتفاع تعرفة الموصلات في المدينة إلى ٥٠٠ جنيه يمثل أحد أوجه المعاناة بالنسبة لأولياء أمور التلاميذ في توفير متطلبات التعليم. ودعا للاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي خرجت من الحرب بتوفير نوع خاص من التعليم وهو التعليم الطارئ المجاني المدعوم من الدولة أو المنظمات.